الفصل العاشر

5.7K 121 4
                                    

الفصل العاشر

تنظر من النافذة بتركيز كبير، من يراها قد يظنّ أنّها تتملّى شوارع عمّان الواسعة شوقا أو إعجابا، أو أنّها تستعيد فيها بعض الذكريات، ولكنّها في الحقيقة لا ترى منها شيئا، كلّ ما تراه هو الكاسر بنظراته المحتدّة الغاضبة بينما يلقي ما يشبه أمرا للجميع موجّها كلامه لأخيها محمّد بأن يغادر بهم جميعا وهو سيلحق بهم لاحقا لأنّه هناك أمر ملحّ عليه إنهاءه حالا

وقد كان بأن غادر بهم محمّد فعلا مباشرة وكأنّه بحسّه العالي قد استشعر بنبرة الكاسر أمرا، ولأنّها لا تمتلك ذات الحسّ الذي يمتلكه أخوها لم تمتلك إلّا أن تشعر بالريبة وتعاود إلقاء نظرة أخيرة إلى الخلف بينما هي تغادر بوابّة المطار فتلمحه في زحمة المتواجدين يمسك ذراع امرأة ما، ويجرّها خلفه نحو منطقة المرافق والحمّامات

تنهّدت لميس بضيق بينما تتساءل في نفسها عن هويّتها، هي لم ترها تماما، لم تر ملامحها ولكن كلّ ما شاهدته جسدها المكشوف فجّ التفاصيل تحت ملابسها المبهرجة، و.... يد الكاسر فوق ذراعها

مسّدت بضيق جبينها تُرى ما الذي يضايقها في الأمر لتلك الدرجة فهي لم تكن متملّكة يوما، دوما كان إياد يتعامل مع الإناث بأريحيّة وهذا لم يكن يضايقها أبدا طالما أنّ الأمر ليس إلّا ضمن صداقة أو عمل وأن لا شبهة حبّ في الأمر

ولكنّها قد تغيّرت الآن، نظرتها للأمور تغيّرت وهي ما عادت تقبل شبهة حرام على نفسها ولا على... زوجها، هذا هو إذا كلّ ما في الأمر، ضيق من حرام، أليس ملامسته لامرأة أخرى حراما!

بجانبها تعبث بجهازها النقّال، تترجّى رسالة من زوجها الذي قد فارقها منذ أكثر من أسبوع في رحلة عمل إلى الصين، رحلة ليس وقتها أبدا لا سيّما وقد دخلت في شهرها التاسع من الحمل، وأنّ زواج لميس قد بات قريبا... بل قريبا جدّا إذ سيكون بعد غد في والواقع

انقباضة ريبة في قلبها ترافقت مع ركلة قويّة في أسفل بطنها جعلتها تتململ في جلستها غير المريحة في سيّارتها المحشورة بهم جميعا والتي سلّمت قيادتها لعمّها، والسبب في ذلك هو هذا الكاسر زوج أختها الذي ما إن اقتربت للتعرّف به حتّى لمح شيئا ما خلفها فانتفض جسده كالملدوغ وتركهم متجاهلا إيّاها بعد أن ألقى عليهم أمرا بالمغادرة!

قطّبت زاكية حاجبيها في ريبة، تُرى أين من الممكن أن تكون قد رأته قبل ذلك؟ هي واثقة أنّه قد فعلت، ربّما هي لم تميّز هذا الأمر أوّل ما رأته مشغولة بضخامة جسده وهيبة وجوده عن ملامح وجهه، ولكنّها ما إن قابلته وجها لوجه، ما إن اقتربت منه ونظرت إلى عينيه حتّى أجفلتها ذكرى لوجوده يوما ضمن محيطها بمناسبة تشعر بأنّها غير سعيدة ، ربّما لو كانت كلّمته، لو سمعت صوته، لو لم يتجاهل وجودها بكلّ تلك الوقاحة ربّما لكانت عرفت

تُرى أين قابلته؟ تساءلت زاكية من جديد وبقلب غير مرتاح، فماذا لو أنّ لقاءهم فعلا قد كان أمرا غير سعيد، فهل سيؤثّر على علاقته بلميس فيأخذها بجريرتها لا سيّما وهو بهذه الطباع النزقة والأعصاب المنفلتة!

بين عينيك ذنبي وتوبتي(الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن