60

222 18 0
                                    

تعالي أحكِ لكِ ما لم أجرو على الاعتراف به يومًا :

'حاولت عدة مرات النجاة من حُبك ،
والهروب بعيدًا عنكِ ،
ولكن عينيكِ دائماً كانتا أقوى ،
كلما حاولت الخلاص منها ،
كانتا تجذبانني بقوة نحو الأسفل،

كنت في حضرتهما مثل الغريق
الذي يفعل ما بوسعه كي ينجو ،
ولكنه يستسلم أخيرًا للغرق ،
لأنه لمح زعانف القرش تقترب نحوه'

في الغياب لم أفقدكِ يومًا ،
وكيف عسانا نفقد أولئك الذين
نحملهم في قلوبنا ،
كتعويذة ، كلعنة ، كوشم ، كشيء لا يقدر عليه النسيان !
حين أقرأ كتابًا ، أسمع صوتكِ يتردد داخلي
يقرأ الكلمات عني.

حين أكتب
أشعر بكِ تقفين خلفي ، تراقبين كتاباتي ،
حين أسمع نكتة أسمعك تضحكين ،
حين أسمع لغزًا أسمعكِ تخمنين الإجابة ،
حين أستمع إلى شاعر ما ، أسمعك ترددين آخر كلمة في بيت
قصيدته ،
حين أسمع حديثًا شريفًا أسمعكِ تستغفرين ،
وفي كل يوم جمعة أسمعكِ ترتلين سورة الكهف بداخلي.

وكأننا ما افترقنا إلا كي تسكنيني ،
البارحة سأل اخي ابنه الأصغر :

'كم أركان الإسلام؟'

سمعتكِ في داخلي وأنتِ تهمسين له :  خمسة!
التفت ابن أخي نحوي ، وأرسل إلى نظرة  ذات معنى ،
ثم التفت إلى والده ، وقال بصوت يقلب فيه حرف السين إلى حرف الشين : خمسة!
حين نجا ابن أخي من عقاب والده الذي كان يترصد أخطاءه
بالعصاة.

سمعتكِ تصفقين له وكأنك تهنئينه بالنجاة ،
فابتسمت بحزن وآمنت أخيرًا أنني رجل مسكون بفتاة !

مدينة الحب لا يسكنها العقلاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن