آدم

26- حين يكون الرحيل مؤلما

البارت به مشاعر حزينة...ليست مشكلة لكن وجب التنبيه فحسب.

--

انجوي.

°°°

آدم

صوت إنفتاح القفل تردد يكسر الصّمت الميت في الزنزانة الباردة التي كنت فيها؛ عيناي كانتا تؤلمانني بشدة، أجلس على الأرض الباردة وأستند بظهري إلى الجدار الصلب الميت، أحد ساقاي ممدة بينما الأخرى مثنية للأعلى، أطالع يداي الملطخة بالدماء؛....دماء فين ووالده.

لم أنم الليلة بطولها، لا أستطيع النوم، كيف سأنام؟

"يمكنك الخروج" لم أكلف نفسي عناء النظر إلى صاحب الصوت، أعلم أنه فابيان والكر، لم أقم بأية حركة، كل شيء كان متوقفا بالنسبة لي، خاليا من الحياة.

هو كان يقف يراقبني للحظات، أطلق تنهيدة طويلة ثم سمعتُ صوت حذائه يطرق الأرض ويتجه ناحيتي، انحنى ناحيتي يثني ساقيه وينظر إليّ، يده امتدت يضعها على كتفي "أعلم ما تمرّ به ريدكاي، لكن عليكَ النهوض الآن" كلماته جعلت فكّي يشتد أرمش في محاولة لردّ الدموع للخلف، ابتلعت اشعر بالكتلة القاسية في حلقي، أرفع عيناي ببطئ ناحيته، نظراته كانت هادئة يضغط على كتفي بخفة "أصدقاءك في الخارج ينتظرونك" ابتسم يقف ويلتفت دون النظر إليّ يسير مغادرا "أعلم أنك لستَ بهذا الضعف ريدكاي" رمى كلماته ورحل يترك باب الزنزانة مفتوحا خلفه.

راقبتُ المكان لدقائق أخرى، أهز رأسي بقرف، فجأة أصبح كل شيء لا يعني أي شيء، كل شيء بدون مذاق، بدون حياة.

جسدي كله آلمني حين وقفتُ، كل عضلة وعظمة كانت تصرخ بالألم، وذكريات الليلة الماضية كلها تدافعت في عقلي تضرب جدران جمجمتي وتؤلم رأسي كله.

ضغطت على أسناني أسير للأمام وأخرج من الزنزانة، خطواتي إتجهت لمغادرة المكان حينما ناداني والكر مرة أخرى، يتقدم ناحيتي ويمد لي ممتلكاتي الشخصية، رخصتي كانت من بينها؛ أخذتُ كل شيء أضعه في جيوبي ثم هززت رأسي دون إضافة أية كلمة، أشعر أن لا شيء لأقوله على أية حال.

كنت أغادر مركز الشرطة وأشعر بالعيون مسلّطة عليّ، لم أهتم، كنت أشعر بصداع رهيب في رأسي، عيناي منخفضة للأسفل لا أشعر أني أستطيع التنفس حتى، كل شيء حولي بدأ يتلاشى، لا استطيع التفكير سوى في الدموع العالقة في عينيه حين كان يطلق آخر أنفاسه.

الرعب والذعر الذي تملكاه حين أرادني أن أنقذه، كان ينادي بإسمي في أسوء وآخر لحظات حياته، كان يتألم بشدة، عظامه كانت متكسرة وهو ينظر إليّ، ينتظرني ان أنتشله، لكني لم أفعل....أنا لم أفعل.

لم يمكنني فعل أي شيء وهو مات، هو غادر دون أن يعود.

بئسا! نحن حتى لم نودّع بعضنا بطريقة لائقة.