"متى تريدين بدء العمل إذا؟" سؤال عمي جعلني أرسم إبتسامة خافتة على شفاهي، أنطق بينما عقلي يسبح في مكان آخر، بصوت شارد تحدثتُ أجيبه "ربما غدا، أحتاج لأخذ إستراحة اليوم"الصمت. كان ذلك كل ما حصلت عليه عند إنهائي لكلماتي، عمي كان يطالعني بترقب وعينيه تدرسان تعابيري جيدا خلف نظاراته، اتخذ لحظات من ذلك الصمت قبل أن ينظف حلقه، عقد يديه معا على سطح مكتبه ونطق بهدوء "كل شيء بخير؟"
ماذا؟
رمشتُ أطالعه، أصنع إبتسامتي المعتادة وأحرك رأسي للجانب "بالطبع" وقفتُ بعد ذلك من فوق مقعدي أحمل حقيبتي على كتفي وأضيف "حسنا نيكولاي أراك غدا" حركت أصابعي بتلويحة خفيفة أغمزه "اهتم بنفسك أيها العجوز" أنهيتُ كلماتي ورأيتُ أنه كان يطالعني بنفس النظرة المليئة بالشك، كان يعلم أن هناك شيء ما على غير ما يرام، لذلك لم أقم بتضييع ثانية وإلتفتّ أسير لمغادرة مكتبه، فتحتُ الباب ألقي نظرة أخيرة عليه ثم غادرت بعد ذلك أغلقه ورائي برفق شديد.
الرواق كان هادئا، لا يوجد به الكثير من الناس، كنتُ أسير شاردة أكتب الرد على رسالة ماركوس التي جاءتني قبل دقائق فحسب عندما كنت أتحدث مع عمي في مكتبه.
[أنا في المصحة، سأراك في وقت لاحق]
ضغطت زر الإرسال، ثم أطلقت نفسا وباغتني شعور بالتوجه ناحية المتنزة التابع للمصحة، إبتسمت بخفة على الفكرة وقدتُ خطاي أنزل السلالم إلى المكان.
أفكاري كانت مشوشة بالفعل، لم أعد أعلم ما عليّ فعله، لكن لا بأس بعد كل شيء! عمي صنع لي فرصة جديدة وأعلم أن كل شيء سيتغير بعد ذلك.
عندما اصبحت في الخارج الهواء المنعش صفعني بخفة، في الواقع كان أشبه بعناق؛ وعيناي وقعتا على الأشخاص القليلين المتوزعين في المكان، يحاولون كعادتهم الحظوّ بذلك الوقت الهادئ بعيدا عن الأطباء النفسيين وتفاهاتهم.
اجل تفاهاتهم.
آدم.
تذكرتُه فجأة؛ كلماته ورأيه في العلاج، ابتسمت بحزن حينما وقعت عيناي على المقعد الذي جلسنا فيه لأول مرة وتعرفتُ عليه حينها، إلهي! كل شيء يبدو مثل حلم الآن، حلم جميل عبر بسرعة.
تبا جاك! توقفي عن هذا، توقفي عن التفكير به.
بطريقة لا إرادية وجدت نفسي أسير لأجلس على نفس المقعد، وضعت حقيبتي بجانبي واطلقت نفسا أعود بظهري للوراء وأطالع السماء؛ لونها كان صافيا وتوزعت بعض الغيوم الناصعة على صفحتها الزرقاء، أحببتُ ذلك الوقت من الصباح، احببته للغاية.
"لقد عدتِ" الصوت المفاجئ أفزعني وإلتفتّ بسرعة إلى مصدره، حاجباي ارتفعا بإستغراب حينما رأيتها---الفتاة المراهقة التي لا تتوقف عن التدوين في الدفتر؛ تقف أمامي بفستان مشمشي يصل لأسفل ركبتها ولديه أكمام قصيرة وحذاء رياضي ابيض بسيط، شعرها الأسود الحالك منسدل على كتفيها، كانت تحمل دفترا وقلما، تماما مثلما عهدتها.
أنت تقرأ
آدم
Romance"نحن ننتمي لبعضنا فحسب، لا حاجة ليحتوينا العالم" __________________ انقلبت حياة آدم بين ليلة وضحاها عندما انتحرت والدته ورحلت تاركة خلفها فوضى كبيرة كان عليه تنظيفها لوحده. جاكلين سكارتر خريجة طب النفس الحديثة التي يتم تعيينها كَطبيبة نفسية مختصة بم...