31- نقطة ضعف

48.1K 3.2K 3.1K
                                    

أطلقتُ تنهيدة ثقيلة ألقي نظرة على آدم المستلقي نائما على الفراش بغرفة المشفى، ملامحه تبدو متعبة لكن رغم ما يزال يظهر القوة، وهذا شيء يدعو للفخر.

دايف كان يجلس على الكرسي ذو الظهر بقرب النافذة يرمي بصره للخارج، نظرات عميقة وذات مغزى تصدر عنه، أما مايسون فكان واقفا يستند على الجدار خلفي واضعا ذراعيه على صدره ويراقب آدم، نظراته لم تكن تدعو للخير أبدا، عيونه تشعّ بخليط من الغضب والحقد والثورة، وهذا يثير قلقي––وقلق الجميع.

كانت ردّة فعله حادة للغاية عندما حصل ما حصل، والآن أعلم––ويعلم الجميع أنه يغلي من الداخل، واضح للغاية من نظراته وطريقة زمه لشفاهه، شده لشعره من حين لآخر وتضييقه لعينيه، نيران تشتعل في داخله وأعتقد أني قد كونتُ فكرة أن ما حدث لفين قد خلق بداخله هذا الشعور، وكوّن به كتلة من الغضب، الغضب الشديد من كون الأشياء السيئة تحصل لرفاقه.

هو يريد الإنتقام لهما، ولا يعلم كيف ولا من أين يبدأ. لأننا لا نعرف مالذي حصل مع آدم بالأساس.

مايسون لم يكن هكذا، وفجأة تغير.

"سأكون في الخارج" نطق بهدوء يدفع بجسده بعيدا عن الجدار، يفتح عقدة ذراعيه ويلقي نظرة أخيرة على آدم قبل أن يوجّه خطواته ناحية الباب، يفتحه ويغادر.

دايف أطلق تنهيدة طويلة يراقبه وهو يخرج، ألقيتُ نظرة عليه أرى علامات القلق على وجهه التي يجيد إخفاءها، إلا أني أستطيع ملاحظتها، أستطيع معرفة أن دايف لديه الكثير ليقوله وليفعله لكنه فقط يختار إلتزام الصمت ومراقبة العاصفة وهي تمرّ.

أعتقد أنه الأهدأ والأكثر حكمة من بينهم جميعا.

سقطت ملامحي ترتخي تدريجيا بإنكسار، أرى صدر آدم يعلو ويهبط في إيقاع منتظم، قضمت شفتي أتذكر الحالة التي كان عليها حينما هرعنا إليه أنا ومايسون، مرمي على الشارع بإهمال وجسده مملوء بالكدمات، لكن ما أثار فزعنا هو الدماء التي تنزف من خصره، وللأسف كانت معنا نايومي في تلك اللحظة.

هذا مؤلم.

آدم لا يستحق هذا.

"لا أعلم من الذي يمكنه فعل هذا، أي قسوة يمتلكها الفاعل؟" نطقتُ كلماتي بصوت مسموع أجذب نظر دايف إتجاهي، يرمقني بنظرة عميقة مملوءة بالحيرة، ثم يهز رأسه برفق "أعرف جميع الشباب الذين يتعامل معهم آدم، جميع السيئين وأنا متأكد أنه إن كان أي أحد منهم كنتُ لأعرف مباشرة، لكن هذا––" توقف عن الكلام يطلق تنهيدة خافتة ويمرر أصابعه في خصلاته، ثم يتابع بصوت أكثر هدوءا "هذا شيء مختلف"

صوت الباب وهو يفتح جعل أعيننا تتجه ناحيته، عندما رأيتُ دايتو يتقدم للداخل بملامح جامدة، يحمل صينية صغيرة بها أربعة أكواب قهوة كرتونية، هو سار للأمام يغلق الباب وراءه ويسير بإتجاهي أولا يقدم لي أحد الأكواب أخذته ووجهت له 'شكرا' خافتة، قبل أن يتجه ناحية دايف ويقدم له واحدا آخرا "قهوة مرة مثلما تحبها دايفي" دايتو مزح بنبرة ميتة وخالية من روح الدعابة، يسير ناحية المنضدة القريبة من السرير ويضع الصينية التي تبقى بها آخر كأس، خاصة مايسون.

آدمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن