54- أسرق لحظات من الحياة

31.7K 2.4K 1.6K
                                    

هواء الصباح المبكر المنعش داعب وجهي في حين أترجل من السيارة، أصفع الباب ورائي وأسير للمقعد الخلفي أخرج نايومي من السيارة هي أيضا.

ضحكاتها رنّت في أذناي تجعل إبتسامة خافتة ترتسم على شفاهي فيما أحملها بين ذراعاي، أدفع الباب بساقي وأتأكد من أن مفاتيحي في جيبي.

بهدوء إلتفتّ للخلف أطالع البوابة أمامي، عيوني رمشت تتأمل المكان، بشفاه مغلقة وفِكر سارح، أنا طالعت قضبان المدخل——مدخل المقبرة.

أخذتُ نفسا بهدوء ثم أعدت إطلاقه أسير للأمام وأتقدم فيما تقوم نايومي باللعب بخصلاتي، تصفع وجهي عدة مرات وتصفق أمامي، تجعلني بذلك أشعر بالرّاحة أكثر في داخلي.

عيوني وقعت على الواقف عند المدخل في ملابس سوداء من أعلى لأسفل، خصلاته السوداء تتحرك بفعل الهواء الطلق.

عيونه الزرقاء قابلت خاصتي وشعرتُ بشيء في داخلي ينمو ويلمع.....لم أكن لأقدر على شرح الشعور الذي احتلني فجأة، لكن كلمة يلمع هي الأمثل....يلمع ويومض مثل نجم، لأنه أيضا كان يحرقني.

تقدمتُ ناحيته وهو بدأ بإبتسامة صغيرة يمدّ ذراعه لي "أهلا"

رمشتُ أنظر إلي يده ومن ثم أمسكتها أصافحه، قابلتُ نظراته ولم أستطع تفويت تلك اللمعة بداخل عينيه، قبل أن يبعد بصره ناحية نايومي بين ذراعاي، يفصل المصافحة ويقرص وجنتها بخفة "تبدين بحالة جيدة يا فتاة"

كلماته المازحة جعلت ضحكاتها ترتفع، تصفق وقد استحبّته.

هذا جعل إبتسامة تتشكل على شفاهي، قبل أن أقربها منه، وهو رمى لي نظرة مستغربة قبل أن ترتخي ملامحه برِضا، يفتح ذراعيه ويحملها يجذبها أقرب إليه.

نايومي تشبثت بدانيال تبدو سعيدة بوجوده معها وقهقه هو بخفة عليها تشدّ شعره وتلمسه مثلما تفعل معي.

"تعال" قلتُ بهدوء أسير للأمام إلى المقبرة أرى من زاوية عيني الكدمة على وجهه بسبب اللكمة التي وجهتها له منذ أسبوع.

عضضتُ شفتي أطرد الأفكار التي تعود إلى تلك الليلة، أحاول التركيز على الوقت الحالي فحسب.

الوقت الحالي آدم.

دانيال كان يسير بجواري وعيوني تجولت بين شواهد القبور أشعر بإنقباضة صدري، تعود لي صور جميع الموتى هنا.

كل من فقدته تحت هذا التراب.

وبعضهم هو فقط في عمق البحر تبعثرت حبات رماده.

توقفت أخيرا يخفق قلبي حينما وقع بصري على الإسم، أقرأه وأستحضر صورتها في ذاكرتي، الإبتسامة والعيون الضاحكة، تلك الكلمات وذلك الصوت الخاص بها.

الأنثى الأولى في حياتي بأكملها التي وقعتُ في حبها  لأول مرة.

هنا ترقد فيرونيكا ريدكاي، أم وإبنة.

آدمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن