بارت ١

82.8K 666 106
                                    


" عندما تصبح القيُود حناناً
وتمرّ السُنون مثل الثواني ..
عندها ، تصبح القيود إنعتاقاً
وإنطلاقاً ، إلى عزيز الأماني .."

يُقال إن للجديد دائماً وقعه ، وأقول إن كل الحكايا والسنين معاكم لها وقعها ورغم كثر النوايا ، كان الإنتصار من نصيب الشوق ، ونصيب العودة بالجديد ..
كان الإنتصار نصيّب رجفة اليدين ، وحُكم القلوب ..
نصيب السهّل بكف المحال ، ونصيب الجدي وسهيل بصدر السماء ، نصيب عزيز الأماني عندي وعندكم ، نصيب الهوى كلّه ، وكل الهوى برد ولهيب 🤎 ..
_____________________________________

دخل بيته بعد يوم مُتعب تماماً وهو يترك مفاتيحه على الطاولة وتأكد إن عياله نايمين من سكون البيت الشديد . نايمين بعد يوم عاصف يوضّحه منظر الصالة يلي ترتمي الألعاب بكل الأطراف فيها وتقّدم بخطواته لجل يصعد الدرج وينتهي يومه المُهلك مثلهم بنومة هنيّة ، وقف بمكانه من حس بشيء ينكسر تحت رجله وعضّ شفايفه وهو ينحني ياخذ اللعبة يلي صارت أجزاء بإيده ويتمتم بالإستغفار ، إبتسمت بهدوء وهي سمعت صوت دخوله ، صوت مفاتيحه على الطاولة وصوت كسر اللعبة وتمتماته بالإستغفار : ما بغيت تنورنا ! طوّلت الغيبة
إبتسم وهو يشوفها رفعت نفسها من عالكنبة وتو ينتبه لها ولوجودها : ما نمتي !
هزت راسها بالنفي وهي تتعدل ، وتعدل الوشاح على جسدها من البرد : ما نمت ، قلت بترجع وإنتظرتك
إبتسم بهدوء وهو يجلس بجنبها بعد ما نزع بلوزته العسكرية ، وبقى بالتيشيرت ورجع جسده للخلف وهو يبعد الألعاب يلي ضايقت ظهره : ما تعلّمينهم يشيلون أغراضهم ؟ بالأرض وبالكنب شلون نجلس يعني !
ضحكت لثواني بذهول وهي تناظره : توّهم صغار وش تبيهم يسوون ، يلعبون بمكان محدد ما يبعثرون ؟
هز راسه بالنفي وهو يناظرها ، وإبتسمت بخفيف من نظراته وإبتسامته الخفية وهي تعدل أكتافها : قال لي نهيّان شوي عن جلستكم بالأمس ، ورد إستحّلت حضن المحامي ؟
إبتسم من أعماق قلبه وهو ياخذ نفس : ورد تنفر من ناس وتحبّ ناس وكله حسب معادنهم ، عرفت إن معدنه أصيل ما بالدنيا مثله وما ألومها يا بنتي ..
إبتسمت وهي تشوف إبتسامته بهالتوسع الشديد لمجرد إنها جابت طاري تركي : لأول مرة ، يتمكّن منك شخص بفترة بسيطة وتصير إبتسامتك بهالعرض لجله ولجل طاريه ، وش مسوي هالتركي ما ودك تحكيني ؟
ضحك وهو ياخذ نفس من أعماقه : رجّال تركي ، رجّال يوقفون الرجال من بعده ، بخطاه وصوابه رجّال ..
إبتسمت بتساؤل : نقول صار بالأماكن الأولى بقلبك ؟
هز راسه بإيه بهدوء : الأول مكررّ
ضحكت بذهول وهي تناظره : الأول مكررّ مع نهيان يعني ؟ وإحنا مالنا رب ؟ نرجع وراء دايم ما نرتفع ؟
ضحك وهو ياخذ نفس من أعماقه : تدرين بمقامك عندي الله يعزّه ، محد صار له حكم على حاكم وقلبه غيرك ما يليق فيك التواضع الحين ..
ضحكت وهي تهز راسها بالنفي وترجع جسدها للخلف أكلت طيب ؟ وإلا تبي قهوة هز راسه بإيه وهو يتعدل : قهوة من يدينك ما تنرد
‎توجّهت للمطبخ وهي تاخذ نفس من أعماقها وإبتسمت لثواني من دخل وهي تترك دلة القهوة من إيدها وتصبّ كل إهتمامها له : مانمت ؟
‎هز راسه بالنفي وهو ياخذ مويا من الثلاجة ويناظر أُمه ، إبتسمت ملاذ بخفوت وهي تجلس : تعال ..
‎هز ذيّاب راسه بالنفي بهدوء وهو يشد على كأس المويا يلي بإيده وقبل دخوله للمطبخ كانت تقابله نظرة تمتلي بالشدة من أبوه : برجع لغرفتي ، عن إذنك ..
‎إختفت إبتسامتها وهي تاخذ نفس ، وعدّل أكتافه وهو يتوجه لها بهدوء يقبّل رأسها ويصعد للأعلى تحت أنظار أبوه يلي نطق بجملة وحدة فقط " بصحيك الفجر ".. ، زفّرت ملاذ من أعماقها وهي تجلس بجنبه وتترك الصينية عالطاولة : ليه هالقسوة عليه يا حاكم ؟
‎مد إيده بهدوء يصبّ له : لجل يتربّى ، يسترجل
‎ميّلت شفايفها بعدم إعجاب : توّه ولد السبع سنين ..
‎أخذ الفنجال يلي قدامه وهو يهمس بسخرية : والسبع سنين سنّ التمييز وإلا وش تقولين ؟ يعرف الصح من الغلط ويعرف يعدّل نفسه وحاله .
‎ناظرته لثواني وهي تترك الفنجال بهدوء : الحين قلتله بصحيك للفجر بس لازم مع هالنبرة يلي نطقت فيها ؟ لازم مع هالحدة كأنك تحاكي عسكري مو ولدك ؟
‎ما كان منه الرد على هالموضوع لأن ما وده يشتبك معاها أكثر ولا وده يكون حوار يومهم يلي دائماً ينتهي بزعل أحد الطرفين هو ذيّاب ، ذيّاب يلي أطباعه تشبه أبوه بنواحي لكنّها تختلف بنواحي كثيرة ومن كل النواحي هالموضوع صعب على حاكم ، صعب إنه يتعامل مع شخص يشبهه ويخالفه بالوقت ذاته ..
‎أخذ نفس من أعماقه ، ومدت إيدها على كتفه وهي تبي روقانه يلي إنتزع يرجع له : كيف نهيّان ؟ مع المحامي ؟
‎رد وهو يتأمل فنجال القهوة يلي بإيده : يحبه
‎رفعت حواجبها لثواني لأن الحب عند نهيّان دائماً لآل سليمان ونادراً يكون لشخص مالقاه بحياته إلا مرة .
‎رفع حاكم أنظاره عن الفنجال لملاذ وإبتسم بهدوء : لأول مرة ، يتمّنى يكون عنده حفيد غيري ودك تتخيلين ؟ يقول له ياتركي الرجال يوم إنه بيتعزوى يقول أنا نسل الشيوخ الليّ تهد الجموع وإنت لحالك شيخ يهد الجموع ، يومه مشى يقول لي دخّله فينا بأي طريقة أبيه حولي والأهم ، يقول لي لا يغيب عن عينك ياحاكم ..
‎إبتسمت وهي تمرر أناملها على كتفه ، شيب عوارضه وشعره ودخلت إيدها بذراعه تقبّل كتفه بهدوء وترتخي عليه تحت أنظار ذيّاب يلي طلع من غرفته لكن وقفت خُطاه لوهلة يناظر أُمه وأبوه وتضادّ الأكوان بينهم تضاد قسوة أبوه المؤلمة مع حنيّة أُمه وعواطفها لكن بهالصورة يلي تتشكّل قدامه ، عظم ظهر أبوه وأكتافه وهيبته ورقة أُمه ونعومتها بجنبه وإرتكائها عليه يُدرك إن الحياة غايتها هالعلاقة يلي بين أُمه وأبوه ، الضد مع ضده وترتسم صورة الكمال بعالمهم ..
‎صعد للأعلى ، لمرسم أُمه وهو يجلس بين لوحاتها كالعادة وما يملّ التأمل لكل إبداعاتها ، لوحات الورود ، لوحات الغزلان يلي تحبّها بشكل غير طبيعي ، لوحة المدخنة والحطب والنار يلي رسمتها أمُه بأبهى طريقة وتعبت تحكيهم إنها من ضمن حكايات سويسرا ، الكوخ يلي كانت تحلم فيه ويلي حققه لها أبوهم ، لوحات البحار وكل العوالم يلي تحس فيها أُمه وتحبها وتنثرها بطريقة خيالية بالألوان .
‎تجذبه لوحتيـن وتوقّف خُطاه عندها دائماً ، لوحة ترسم أبوه بشبابه ، ولوحة أُخرى توصف عجز شعور شخص يحترق ظهـره وهو جالس بوسط البحر ، ما يعرف صاحبها المقصود فيها لكنّها تجذبه ، تجذبه العظمة يلي فيها ووده يعرف بحال الشخص وش ممكن يصير له ، وش بيكون حلّه ، يرمي نفسه بالبحر يلي هو بوسطه وينتهي إحتراقه ، أو يكمّل بالإحتراق لحد ما تنثر الريح رمـاده .
‎إبتسمت وهي ما شافته بغُرفته وعرفت بتواجده بمرسمها ، حس بإيدها تحاوط أكتافه لكن ما كان منه الإلتفات . اللوحات تسرقه من نفسه ، تجبر عيونه يتأملها وإبتسمت بهدوء : ينّور مرسمي كل ما دخلته ، تدري ؟
‎إبتسم بهدوء وهو يتأمل الجهة الأخرى ، تغطّيها أُمه بالشراشف ويعرف إن خلفها لوحات أعظم وبالفعل إبتسمت ملاذ بخفوت : تعرف إن الخافي دايم أعظم ؟
‎هز راسه بإيه بثقة : متأكد
‎ضحكت وهي تشد على أكتافه ، وتوجهت للزاوية يلي يصيبها الغُبار من كثر حرصها عليها وإن محد يقربها نهائياً وحتى هي ما تقربها : فيها لوحة ، أخذت مني سنة ونص برسمها ويمكن أكثر وما سمحت لأحد يشوفها ، ولا يقربها أصلاً !
‎ما كان منه رد ، وإبتسمت ملاذ بخفوت وهي تنزع الستار عنها وسكنت ملامح ذياب مباشرة من العظمة يلي عيونه تتأملها ، إرتعش داخل ملاذ وهي ترجع للخلف وعضّت شفايفها لأنها من وقت ما أنهت تفاصيلها ، غطّتها وما عاد فتحتها والحين فتحتها قدام ذياب ورجعت تستوعب كل العظمة يلي فيها .
‎توجه لأمه وهو وده ينطق بحرف واحد لكن عجزت شفايفه وعرف إن الوقت يلي تقول أُمه إنه كان لهاللوحة فقط مو مبالغة ، مستحيل يكون مبالغة إنما حقها وحق هالعظمة تكون مرسومة بسنين طويلة لكن أُمه أعظم .. بعينه أعظم وكثير : ماشاءالله !
‎ضحكت وهي تاخذ نفس من المشاعر يلي داهمتها ، ومن ذيّاب يلي عجزت حروفه وإكتفى بـ ماشاءالله عن كل الحكي وكل الكلام رفعت أنظارها للسماء من المشاعر يلي تصاعدت من قلبها تغرق عيونها ، تغيّمها وإبتسمت بهمس وهي تشد على كتفه ، وتخلل إيدها بشعره وتحاول تزيل عنه شوي من قسوة حاكم بحكيها : تدري وش يزيد هاللوحة تميّز أكثر ؟ إنك أول من يشوفها وقبلهم كلهم ، لأنك ذيّابنـا ، عين أبوك وقلبي ..
‎خرجت وهي تترك ذيّاب بشعور أكبر من سنّه ، يتأمل فن أكثر من إستيعاب عقله وسكنت ملامحه وهو يتأمل اللوحة بكل شعور قلبه ، كل رهبة يحس فيها داخله ويعجز يوصفها ولا وده يسأل عن أي تفصيل .
‎وده يتأمل لحد ما تتعب عيونه ولا وده يدري بكل الحكايا وراها لحد ما يصير عقله ما ينسى ، ويصير قلبه أكبر يقدر يتحمل جمال اللوحة وجمال الحكايات وراها ..
‎سمع صوت خطوات أبوه ، وركض ياخذ الشراشف بإيده يغطيّها ويفتح الباب مباشرة لكن حاكم كان قدامه ، كان يشوف رجفة عينه ورفع حواجبه مباشرة : وش وراك
‎هز ذياب راسه بالنفي بتلعثم مباشر : سمعت الأذان ، بنزل أتوضى عشان نروح المسجد ..
‎هز حاكم راسه بزين وهو يسمع ملاذ تناديـه ، وتوجه ذيّاب لغرفته يسكر الباب خلفه ، يتوضى ويلبس ثوبه ونزل للأسفل مباشرة لجل ما يتأخر على أبوه ..
‎إبتسمت ملاذ بخفيف وهي تتأملهم ، وتسكّر باب البيت خلفهم وتتوجه للمطبخ تجهّز فطورهم ..
_
‎« المسـجـد »
‎أنهى صلاته وهو يتعدل بجلسته بجنب أبوه وعدل حاكم أكتافه وهو يتأمل قدامه ولف لذيّاب بهدوء : إرجع البيت
‎هز ذيّاب راسه بالنفي وهو يدري إن أبوه يجلس لوقت الشروق دائماً ثم يرجع للبيت : بجلس معك ..
‎هز حاكم راسه بزين لثواني وهو يتعدل ، وغيّر رأيه وهو يدخل إيده بجيبه يطّلع منه فلوس يدخلها بإيد ذياب من لمح ثلاجة المسجد ما فيها مويـا : روح البقالة القريبة عطها العامل خلّه يحمل كراتين ويجيبها هنا الحين ..
‎هز راسه بزين وهو يقوم ، وتعدّل حاكم وهو يشوف الأنظار صارت على ذياب يلي رجع يمد لأبوه سبحته يلي كانت معاه : إنتبه ..
‎إبتسم ذيّاب وهو يهز راسه بزين وتوجه لخارج المسجد بكل هدوء لحد ما إبتعد عن حدوده ، رفع ثوبه وهو يركض للبقالة لجل ما يتأخر ورجع للمسجد بإيده كيس يمتلي بالمويـا الباردة ، وخلفه العمّال يلي يحملون كراتين المويا لجل يدخلونها المسجد ..
‎رفع حواجبه من سمع صوت ينادي بإسمه ، ومد الكيس لولد جيرانهم يلي كان طالع من المسجد : ودّه لأبوي
‎رجع للشخص يلي يناديه وهو يناظره لثواني : سمّ ؟
‎إبتسم بهدوء وهو يطلع ظرف من جيبه : هذا لأبوك
‎كان بيمد يده وياخذه لكنه ناظره لثواني : من إنت ؟
‎هز راسه بالنفي بهدوء : مو لازم تعرفني هذا يوصل لأبوك
‎ضحك ذياب بسخرية لثواني : تبيه وصّله بنفسك صد عنه وهو كان بيمشي ، ووقف بذهول من حس فيه يسحبه مع ثوبه ويدخل الظرف بجيبه بغضب : يوصل لأبـوك ، سمـ
‎ما كمّل جملته من قطع كل كلامه صوت حاكم الغاضب يلي هز أركانه ، وهزّ ذيّاب نفسه من حدته وقوته وصرخته بكل إستنقاص وغضب : ورع !
‎كانت ثواني عدم إستيعاب من ذيّاب لكن رجعت خطاه للخلف بذهول من إيد أبوه يلي بدون مقدمات إمتدت لياقة هالشخص ، يسمع صراخه فيه وغضبه لكنه ما يفهم كلمة وما عاد يفهم من لكمة توسّطت أركان وجه هالشخص هدت كل حيله وراه ، نفض حاكم إيده بغضب وهو ما يدري كيف جاء صوب ذيّاب ولا يدري وش الشعور يلي إعترى صدره من سأل الولد وين ذيّاب وقال له ناداه رجّال بإسمه وراح له ، ما يدري كيف وقف بهالسرعة وطلع لباب المسجد يتطمن عليّه ووقت شاف هالشخص وكيف كان ماسكه غصب عنه جنّ جنونه ، بردت عظامه ولا يدري شلون إندفع بهالشكل ..
‎ضحك حاكم بسخرية وهو يناظره يحاول يوقف دم فمه : عرفت وش حق من يمسّ ولدي بشيء ؟ عرفت وش حقـه ؟
‎تفل الدم من فمه وهو يناظر حاكم : نتقابل !
‎عضّ حاكم شفايفه وهو يشوف الإمام جاء لعنده يهديه ، يسمع الهمسات عنه وعن الإنفعال يلي صار منه ، ترك إيد الإمام منه وهو يدور ذيّاب بعيونه وقبل لا ينادي بإسمه أو ينطق بشيء جاوبه الإمام : ذيّاب راح للبيت
‎تمتم بالإستغفار بغضب وهو يمشي لبيته بدون أي كلمة ، وأي إلتفاتة ..
_
‎دخل وهو يستغفر والغريب إن غضبه يزيد بكل دقيقة ما يهدأ ، أخذ نفس من أعماقه وهو ينادي : ذيّـاب !
‎غصّت بالمويا من صوته العالي ونداه وهي تمسح على شفايفها : ذيّاب مو معاك ؟
‎تغيرت ملامح حاكم وهو يدخل عندها : ما جاء البيت !
‎هزت راسها بالنفي بإستغراب وسرعان ما تغيّرت ملامحها هي من إرتعاب حاكم ومن طلع للخارج ركض ، سحبت جلالها وهي تخرج خلفه : حـاكم !!
‎وقفت خُطى حاكم وهو يشوف نهيّان نازل بمساعدة سواقه ، وبجنبه ذياب يلي توضح ملامحه السكون الشديد لكن إنتباه حاكم ما كان لسكونه ، نزل على ركبه وهو يبعد ياقة ثوبه عن عنقه المتجرح وإبتسم نهيّان من إنحناء حاكم ، فزته ، غضبه يلي ما يحبسه لجل عياله : حاكـم
‎عدل وقفته وهو يمسح على وجهه : راجع لك
‎سكنت ملامح ملاذ ، وبالمثل نهيّان من توجه لسيارته فقط وهو يحرك ويمشي ويعرفون إنه بكل جرح بعنق ذيّاب بيرجعه بجسد هالشخص عشر ..
‎إنحنت ملاذ عند ذيّاب الساكن تماماً وهي تناظره لثواني ، وإبتسمت : تحكيّني ؟
‎هز راسه بالنفي وهو يقبل إيدها : عن إذنك ..
‎هزت راسها بالنفي من تعدّاها بالمشي وتركها خلف ظهره : بجي أمسح لك الجرح لا تنام !
‎هز راسه بالنفي وهو يرفع ثوبه ويصعد للأعلى ، وضحك نهيّان : شبيه أبوه
‎تنهّدت بدون رد ، وجلس حاكم بجنب نهيّان يقبل راسه وإيده : سمّ الحين ، ناويها حكاوي ؟
‎هز نهيّان راسه بإيه : ناويها دام العمر محدود ياحاكم ، صـ
‎كان حاكم بيقاطعه ويقول عمره طويـل لكن شدّ نهيان عليه وإعتلى صوته بتكملة تنهي صوت حاكم : مصير الدنيا ياحاكم وأنا صارلي من العمر شيءٍ كثير أحمد ربي عليه وأشكره ، ما ترذّلت ، ولا صابني الخرف والتعب ، شفت عيالي ، وأحفادي ، وعيال أحفادي ..
‎تنهّد حاكم وهو يقبّل إيده : فيك شيء ؟
‎ضحك نهيّان وهو يهز راسه بالنفي : مافيني شيء يابوك ، جاي نرجّع الذكرى والسنين ..
‎ميّل حاكم شفايفه وهو يناظر ملاذ يلي تتأمل جدها ، وإبتسم يرجّع جسده للخلف : سم ، رجّعنا للي ودك فيه
‎ضحك نهيّان وهو يتنهد من أعماقه ، وإبتسم لملاذ إبتسامة تركت محاجرها تلمع من الحنان يلي بداخلها : تطري علي السنين الأوّله ، يوم كنت خاوي ولا عندي شيء غير إسمي يلي ماله صيت ولا عز إلا بديرتي ووسطهم ، تزوّجت فاطمة ولا كانت عن حب مثل بعض الحكايا لكنّها صارت من أعظم الحكايا لو ماكانت أعظمهم ، جابت لي أربع عيّال كلٍ له صيته الحين ومن هالأربع عيال صار لي حفيد ، حفيد سميّته بنفسي ، ربيّته بنفسي ، حكمت لجله وحبيّت السنين لجله ، حبيّت البشت الثقيل ومسبحي لجلّ إني سميته حاكم ، ولجل إنيّ جدٍ له لزوم ترافقني هيبة البشت حتى وسط ربعي ..
‎سكنت ملامح حاكم وإرتخت أكتافه ، وضحك نهيّان وهو ياخذ نفس من إهتزّت نبرته ويشد على إيد حاكم : من وقت ولادته لليوم كل ليلة قبل منامي وكل يومي كل ما إشتّدت علي وتذكرت السنين وإني بشر مفارق دعيت ، دعيت بحرم مكة ، ودعيت بحرم المدينة ولو بيدي رحت الأقصى دعيت تطول سنيني لجل أبقى معه ، لجل أشوفه بكل محطّات عمره وحياته ، دعيّت يصير له حق كبير ، منصب كبير ، صيت كبير يغطّي الرياض ويوصل لسماها ، صيت العزّ والخير ولا أذكر إني دعيت لنفسي كثر ما دعيت له ..
‎إبتسمت ملاذ وهي تشوف ملامح حاكم تميل للإحمرار ، وتجمّعت الدموع بمحاجرها من ضحك نهيّان : خفت عليه ينسرق ، تاخذه العواطف ويجرّب حلاوتها ويقارن بين حلاوة المشاعر وقسوتي ، أذكر إني ليلة هوجست باكر لا تزّوج وصارت له زوجة ما تفهم إني شايب حيله كله حاكم ، ما تفهم إنه ظهري وقلبي وكليّ لكن جاته يلي تستاهله ويستاهلها زادته فوق عزه عز ، أنا أخطائه كنت أشوفها صواب لكن هي صوّبته ، وهبته من عمرها وما جاته بالهين ، جاته تكمّله ويكملها ويزيد فرح الشايب فيهم ، يهدّون حيله بطفلٍ يضيع وسط أرضه ثم يرقّصون دياره فرح بذيب ، إسم على مسمى هالذيب تغنيّ لجله ديار آل سليمان طول الشهر وللحين نغني لجله ، فهمت مقصدي ؟ ما كان من حاكم الرد ونهيّان يهز قلبه ما يرحمه ، إبتسم نهيّان بحب : يالله لك الحمد على تمام النعمة والعافية والصحة وطول العمر ، العمر يلي تركني أشوف عيالي كلهم وأحفادهم ولا أنسى منهم شخص ..
‎قبّل حاكم يد جده للمرة ، والثنتين والثلاث وبكل مرة يزيد إحمرار وجهه وهو يدري وش بينطق نهيّان تالياً وبالفعل نطق : أوصيك بآل سليمان بعدي ياحاكم ..
‎ما كان من حاكم كلام لكن ملامحه وتقلّبها توضح ثقل كل شيء عليه وتعدلت ملاذ وهي تبتسم ، تفّض السيرة رغم لمع الدموع بعيونها : قلت ودك ترجّع السنين ، نرجّعها ؟ نسولف عن آل سليمان ؟
‎هز نهيّان راسه بإيه ، وإبتسمت ملاذ وهي تسمع سواليفه لهم عن فاطمة ، عن عياله وزوجاتهم متعب وعلياء ، فارس ونهى وبتّال ولدهم يلي صار دكتور ينشهد له ، سامي وشيماء ، عن أحفاده فزاع ونادين وبناتهم الثنتين ، ريف ولؤي يلي صار لهم من الذرية ولد ، جابر وحنين وبنتهم وسن أول حفيدة كانت من أحفاده وأخوها الصغير ، عن هتان وهذام وبنتهم وولدهم ، عن السبع السنين الأخيرة يلي مرّت وش سوت بحياتهم وكيف صارت حياتهم فيها طبيعية ما يشوبها شيء ، وش سوت بحياة ولده عنـاد يلي صارت له زوجـة وبنت وما تغيّرت شخصيته للآن باقي المرح المُحب فيهم وكان إرتياح نهيّان الأخير زواج عناد يلي كان رافض الفكرة تماماً لكنّه رضخ بالنهاية وصار له النصيب الأجمل ..
‎كانت ضحكات نهيّان هي الأساس وحكاياته هي سبب بهجتهم بهالوقت ، حكاياته يلي كان يسمعها ذيّاب بأعلى الدرج ويبتسم من إبتساماته ، ويقشعر جسده يضم يديه بكل موقف مهيب يطريه ، يقشعر جسده من كان آخر حوار نهيّان لهم وآخر حكاية عنه " ذيّاب ، الذيب يلي جمع قسوة الحاكم ورقّة ملاذه ، الذيّب يلي الحين أصدقكم القول فيه ودي يطول عمري أكثر وأكثر لجله ، لجل أشوف حكاياته وأمنع عنه أشياء كثير "..
‎كان سؤال حاكم مُتعجّب : وش بتمنع عنه ؟
‎ضحك نهيّان ، وتنهدت ملاذ من عرفت إن نهيّان وده يمنع غضب حاكم وقسوته تنفرض على ذيّاب وقبل لا تنطق إبتسم نهيّان لها : لكن تمنعه بكر فارس ، العظيمة هزّت حاكم لجل ذيب مره وتهزّه لجل الذيب مرتين ..
‎إبتسم حاكم وهو يناظرها ، وبالمثل كانت إبتسامة ذيّاب يلي يدري إن سبب تسميته بذيّاب هو ليلة الذيب يلي كانت سبب علاقة أُمه وأبوه بالبداية ، خوف أمه من الذيب كان سبب إنهيار حصون الجليد بقلب أبوه وكان سبب كل الحكايات وراه وهي حكايته المفضلة ، يروونها له أجداده وترويها له أمه وما سمعها من شخص واحد فقط ، ما سمعها من أبوه ..
‎إبتسم نهيّان وهو يفض السيرة تماماً : والحين نقول عن إذن مقامكم صار الوقت للشايب يرجع بيـته ..
‎« مكـان آخر ، أمام وزارة العدل »
‎دخل بهدوء تام بدون أحفاده ، عياله ، بدون حاكم بنفسه وبدون سواقه أو أي مساعد آخر معاه ، دخل يحرّك عكازه قبله ويرد السلام على كل من يعرفه ، يجاوب سؤالهم المستغرب عن سبب مجيئه لهنا " جاي أشوف لي غالي " ويكمّل طريقه ، يكمّل تاركهم ينتظرون المكتب يلي يدخله لجل يعرفون من الغالي عند نهيّان وتوضّح لهم من وقوفه قدام المكتب يلي بصدر المكان من يكون الغالي عنده ومن ممكن يكون غيـره ..
‎إبتسم نهيّان وهو يدق الباب ، وسمع صوته يسمح له بالدخول ودخل يلقي السـلام : السلام عليكم أبوعذبـي
‎رد تركي السلام بعدم إنتباه لكن سكنت ملامحه من إستوعب الصوت وهو يبعد أنظاره عن الملفات يلي كانت بيديه ، ضحك نهيّان وهو يسكر باب المكتب خلفـه : مبروك ما جاك ويتربى بعزّك ، والحمدلله على سلامة الدنيا عندك ياتركي ياولـدي !
‎إبتسم تركي وهو يوقف له : يبارك فيك ويسلّمك ويطول بعمرك ، لو دعيتني جيت لعندك ما تتعنّى بالوزارة !
‎إبتسم نهيّان من صافحه تركي وقبّل راسه وهو ياخذ بإيده بدال عكازه يجّلسه ، وإبتسم نهيّان برضا : أخوحاكم نتعنى له ياتركي ، نتعنّى ويستاهل العنوة
‎إبتسم تركي وهو يجلس قدامه ، وضحك نهيّان وهو يشوف ملامح الفرحة بوجه تركي كبيرة وتريّحه : الله يريح خاطرك وبالك دايم ياتركي ، جاي آخذ أخبارك طمّني
‎إبتسم تركي وهو يعدل أكتافه : أخباري تسرّك ياطويل العمر وظني تدري بها ، ما غبت عنك وإلا وش يقولون ؟
‎ضحك نهيّان : تشبه حاكم لكنك شديد الغرور !
‎هز تركي راسه بالنفي بإبتسامة ، وتعالت ضحكات نهيّان لأن تركي يدري بمقامه بقلب نهيّان وكثير لأن حتى وهم ما يتواصلون ، نهيّان كان يوصله ويسأل عن أحواله ويدري تركي إنه إستثناء شديد من شيخ آل سليمان له ، من الجد يلي عينه كلها حاكم ودنيته كلها حاكم يصير عنده شخص آخر مُفضّل ومستثنى : الله يطوّل بعمرك .
‎دخل القهوجي يترك الشاي قدام نهيّان ، وكانت ثواني لحد ما دخل حاكم مع الباب بدون لا يدقه وتعالت ضحكات تركي وبالمثل نهيّان ، إبتسم حاكم وهو يسكر الباب وراه : نهيّان ظنك تجي للمحامي ويخفى عليّ ؟
‎هز نهيّان راسه بالنفي : ياحاكم الباب وراك ما تدقه !
‎ضحك تركي وهو يوقف يسلم عليه ، يضمّه بالأصح ويضرب على كتفه : يدري بجده وراه ليه يدقه
‎إبتسم حاكم : وأدري إنه مرحّب بي دامه مكان تركي !
‎إبتسم نهيّان وهو يناظرهم : تاخذ من غرور المحامي ياحاكم ، ما عندك دوام ما عندك شيء ؟
‎هز راسه بالنفي وهو يجلس : ما عندي شيء كنت جاي بيتك ولقيتهم ما يدرون عنك وين قلت أنا أدري
‎ميل تركي شفايفه وهو يناظر حاكم : وإنت شلون تدري ؟
‎هز راسه بالنفي وهو يجلس : ما عندي شيء كنت جاي بيتك ولقيتهم ما يدرون عنك وين قلت أنا أدري
‎ميل تركي شفايفه وهو يناظر حاكم : وإنت شلون تدري ؟ رفع حاكم حواجبه وهو يناظر نهيّان : له يومين يهوجس بباله أبوعذبي لكنّه ما يقول لي ، قلت جاي عنده أكيد
‎هز تركي راسه بالنفي وهو يميّل شفايفه بهمس لنهيّان ومسموع لحاكم : يغار ؟
‎هز نهيّان راسه بإيه وهو يهمس له بالمثل : يغار يغار
‎مثّل حاكم إنه ما يسمع ، ولف أنظاره لتركي وجده يلي يناظرونه بنفس الإبتسامة ينتظرون ضحكته ورغم مقاومته ضحك وهو يمسح على وجهه : خلاص قلنا
‎تكى تركي للخلف وهو يبتسم : خايف على ثقله حضرة الفريق بس تراك شفاف بالحيل ياخوك ، إنبسط
‎إبتسم حاكم : ثقلي عند الغريب ، ماهو عندك ياتركي ولا هو قدام نهيّان أكيد ..
‎إبتسم نهيّان وهو يشوف جوال حاكم ينوّر : جوالك
‎ميّل حاكم شفايفه وهو يمد إيده لجوال ، وتعقّدت حواجبه مباشرة من كانت رسالة من مدرسة ذياب توضح إنه تهاوش مع أحد ومباشرة إتصل عليهم : وش صار له
‎تغيّرت ملامح نهيّان ، وبالمثل تركي وهو يتعدل وسكنت ملامح حاكم لأن يلي تضارب معاه ذيّاب بمرحلة أكبر منه بكثير ، بالمتوسط وذيّاب توه بالابتدائي : جاي
‎مد نهيّان إيده مباشرة لحاكم : ذيّـاب ! وش صار له
‎هز حاكم راسه بالنفي وهو يوقف : بروح لمدرسته وأجيك
‎مسك نهيّان عكازه وهو كان بيوقف معاه لكن حاكم سبقه مباشرة يطلع للخارج ، وقف تركي وهو شاف ملامح حاكم تحتقن باللون الأحمر ولو كان يدري بشيء عن حاكم ، يدري إنه بينفجر ولازم ما يكون لحاله : مشينا ..
_
‎« مـدرسـة ذيّـاب »
‎عـدل ثوبه وهو ما يكلم لا مدير ولا أي شخص يحاول يحاكيه كان يكتفي بنظرات تتقّد بالغضب حتى وهو مجروح ويتألم لكنه يحبس بكاه كأنه شخص كبير بعمره ما كأنه طفل السبع سنين ، كانت عيونه تحترق من الإحمرار لكنه يحبس دموعه بكل قوته لحد ما سمع تعالي الأصوات بالخارج ويعرف من خلفها ، فز المدير مباشرة من دخل حاكم بغضب وهو يرمق أبو الطالب الآخر بنظرات مرعبة وتكتّف يناظر المدير : وش بتقول لي الحين ؟ علّمني وش بتقول لي الغلط على من ؟
‎دخل تركي خلفه ومعاه نهيّان ، وناظره المدير بهدوء : الغلط على ذيّاب ولدك ياحاكم ، هذا الغلط كانك تبيه
‎ضحك حاكم بسخرية وهو يناظر ذيّاب يلي وقف بهدوء وسمع تمتمات أبوالطالب يلي خلفه عن ذيّاب " غصب ما يشوف أحد وعدواني دام هذا أبوه " : وش قلت ؟
‎فضّ تركي الموضوع كله وهو يناظر المدير : وش صار
‎رفع المدير أكتافه بعدم معرفة وهو كان بيتكلم لكن عصّب حاكم مباشرة : الحين ترفع لي كتوفك ما تدري وتو أسألك الغلط على من تقول ذيّاب ؟ تستهبل إنت ؟
‎نهيّان بهدوء : نسمع من ذيّاب حنا ما نسمع من أحد ، ذيّاب أبوي وش صار علمنا إنت وخلّ راعين الهرج .. إمتنع عن الرد وهو يناظر أبوه ، وعض حاكم شفايفه وهو ينتظر منه كلام وبالفعل نطق ذيّاب بهدوء : أنا بديـت
‎قبل لا يتكلم حاكم حسّ تركي إن ذيّاب يروي الحكاية ناقصة ونطق مباشرة قبل لا يندفع حاكم أو أي أحد : إنت بديت ، لكن ليش بديت ياذيّاب عطنا هالسبب
‎ناظره ذيّاب مباشرة ، وهز تركي راسه بإيه ينتظر إجابته ونطق بهدوء : لأنه تكلّم ، أنا بديت
‎عضّ حاكم شفايفه وهو يناظر المدير ثم ذيّاب : نتفاهم
‎طلع ذيّاب قبل أبوه ، وبقى تركي مع نهيّان يلي كان يناقشهم لحد ما تدخل أبوالولد الآخر يوجه نقاشه لنهيّان : إنت ربيت حاكم إن الدنيا تمشي بهواه ، أنا بربي ولده إنه يبطي ما تمشي الدنيا بكيفه عرفت الحين ؟
‎ناظره نهيّان بذهول : من ولده إنت يومك تحاكيني كذا
‎ناظره بسخرية لثواني ونطق تركي من إستفزته نظرات هالشخص لنهيّان : عدّل نظراتك ما ودك أعدلها لك
‎ناظره لثواني : إنت من بعد ؟ تهبّون لجل الورع قبيلة ؟
‎ضحك تركي وهو يهز راسه بالنفي : نهبّ لجله قبيلة ولو إنه ما يحتاج هد حيل ولدك وإنت مالك غير النظر
‎إبتسم نهيّان غصب عنه وهو يشد على ذراع تركي يخرجون من المكتب : الله يعزّك يابوعذبي ، الله يعزّك ..
‎إبتسم تركي وهو يشد على إيده ويناظر حاكم : بوذيّاب ترى غداكم عندي ولا أقبل الرفض ، باخذ الشيخ قبلك
‎ضحك نهيّان وهو يهز راسه بإيه : ما نرد الكريم ، وتبي الصدق ؟ ودي أشوف الغالي ولد الغالي
‎إبتسم حاكم بقلّ حيلة من جده وحبه الكبير والطاغي لتركي ومدحه له بكل جملة ، ولا ردّه إنما دخل سيارته مع ذيّاب لجل يلحقونهم لبيت تركي وما يرفضون دعوته ..
_
‎« بيـت تركـي »
‎نزل نهيّان من السيارة بمساعدة تركي وهو يذكر الله من أول ما طاحت عيونه على أسوار بيت تركـي وأشجاره : ماشاءالله ، الله يديم عزّك وخيرك ياولدي
‎إبتسم تركي وهو يشد على إيده : توّ ما نورت الدار
‎ضحك نهيّان وهو يدخل معاه للمجلس ، وإبتسم من كمية الكمال والإحساس يلي إرتمى بداخله بإنه بمجلس له مو مجلس ببيت آخر : حاكم أول يقول ليه أدّق دامه مكان تركي وأدري إنه مرحّب بي ، صابني الإحساس نفسه الحين والله إني ما أحس هالمجلس إلا مجلسي !
‎إبتسم تركي وهو يناظره : طيّب الأصل له المجالس كلها
‎هز نهيّان راسه بالنفي بإبتسامة : الطيّب ياولدي إنت ومنك الطيب كله مكتب ومجلس وبيت وإلا ما كان جانا هالإحساس ، ما كان حسيّنا إن محلك هو محلنا ..
‎إبتسم له تركي وهو يسمع صوت حاكم يستأذن بالدخول : الدرب دربك حيّـاك أبوذيّـاب ، البيت بيـتك
‎إبتسم حاكم وهو يذكر الله ، وتنهّد من أعماقه : تكلّف على نفسك أبوعذبي جايين نشوف الشيخ حنا ! هز تركي راسه بالنفي : ما يجي أعز منكم ياحاكم ما يجي
‎إبتسم نهيّان وهو يتمتم له بالدعوات ، وجلس ذيّاب بجنب نهيان وإبتسم حاكم بهدوء : تحبـّه يانهيان ..
‎إبتسم نهيّان من أعماقه وهو يخلل إيده بشعر ذياب : هالمحامي ؟ والله قليل ياحاكم إنه قطعة من قلبي ..
‎إبتسم حاكم وهو يجلس ، وتأمل ذياب لثواني : ذيّاب
‎لف ذياب لأبوه مباشرة : سم
‎سكت حاكم لثواني ، وعرف نهيّان إنه كان وده يقول لها " ما قصّرت ورجال دامك أخذت حقك " لكن جات صعبة عليه ولا قدر ينطقها ، إبتسم وهو يشد على كتفه : إدخل داخل شوف المحامي يمكن وده تساعده بشيء وقل له لا يطوّل علينا حنا أهل مب أغراب ..
-
‎وبالداخل ، توجه للأعلى ركض و وتغيّرت ملامحه لوهلة من كانت أخته نيّارا وبحضنها عذبي الصغير قدامه ، والبنات كلهم بالصالة إلا سلاف : وين سلاف !
‎ضحكت نيّارا بذهول : شدعوه إنزين سلّم علي بالأول !
‎إستوعب لثواني وهو يقبّل راسها ولا زالت عيونه تدور سلاف ، وإبتسمت لتين وهي تشوف إنه نهائياً ماهو يمهم : سلاف بالمطبخ أتوقع إحنا مرتاحين هنا ولا يهمك ونسلم عليك ، والعيال بعد يسلمون عليك ..
‎إبتسم وهو ياخذ عذبي بحضنه : الله يسلمك ويسلمهم
‎خرج للمطبخ يدور سلاف ، وإبتسم من كانت جاية لناحيته وإبتسمت : ياناس عالإبتسامة اللذيذة !
‎لف أنظاره لعذبي وهو يشوفه يبتسم ، وتنهّد من أعماقه لأنها تقصد عذبي ما تقصده وما طالت تنهيدته من إبتسمت له : محامينا ، كيف دوامك وكيف ضيوفك ؟
‎ما رد من رفعت إيدها تعدل له ياقته وتترك إيدها على صدره : الحين كل الدنيا بخير ، ما ودك تحافظين عالمراتب ؟ بالأول لي التحية ثم لعذبي ؟
‎ميّلت شفايفها بتفكير ، وكشر مباشرة وهو يناظر عذبي يلي يبتسم لأمه وهمس بشكل مسموع لسلاف : ندري إنها حلوة بس يكفيّ يابوك فضحتنا !
‎ضحكت سلاف وهي تهز راسها بالنفي : يدري أبوه صاير بخيل كل وقته دوامه ، هو يعطيني وجه بهالإبتسامات
‎إبتسم وهو يناظرها لثواني ، ودخلت يديها بجيب بنطلونها الخلفي : لا تتأخر على ضيوفك ، وما بتأخر على البنات أنا والعيال بالكوفي لو تبي شيء كلمهم ويجون ..
‎لمح تركي ذياب يلي واقف بعيد وأنظاره بالأرض : ذيّاب؟
‎تنحنح ذياب بتوتر وإحراج لأنه شاف سلاف بالغلط : جدي يقول يمكن تحتاج شيء وأساعدك فيه
‎إبتسمت سلاف بإعجاب وهمس من إحمرّت آذانه ووجهه بأكمله من الإحراج : ماشاءالله !
‎إبتسم تركي وهو يناظره : ذيب الله يحفظك ، مابه شيء تساعدني فيه يابوك ما تقصّر جاي المجلس أنا ..
‎رجع ذيّاب للمجلس ، وإبتسمت سلاف : ماشاءالله على الخجل والإحترام يلي فيه وهو بهالعمر ! ولد الفريق ؟
‎هز تركي راسه بإيه :...هز تركي راسه بإيه : ذيّاب الكبير ، رجّال الله يحفظه ..
‎هزت راسها بإيه بحب ، وتنحنح تركي وهو يمشي مع عذبي ويهمس له " أمك صاير قلبها كبير ؟ هو كان لي لحالي وراكم تزاحموني عليه الله يحفظكم " ..
‎توجه للداخل لعند نهيّان وحاكم ، وإبتسم من وقف نهيّان ياخذ عذبي بين إيديه ويسميّ عليه ولمح إبتسامة حاكم يلي وقف بالمثل من وقوف جده وهو يحاوط كتف ذياب يلي بجنبه ، ذياب يلي تعلّقت عيونه بذراع أبوه الكبيرة يلي تحاوطه وإبتسم بإحراج يخفض عيونه ونظره للأرض تحت أنظار تركي يلي إبتسم فقط وكمّل حواره مع نهيّان وحاكم ، نهيّان يلي ما نزّل عذبي من حضنه نهائياً ، ولا أبعد ذيّاب من جنبه يحاوط كتفه : الله يديم المحبة والصلة ياتركي ، القطاعة ما تصير بين الأهل تسمعني ؟
‎ضحك تركي وهو يهز راسه بإيه : ما تصير بين الأهل لكنيّ دايم الترحال يا طويل العمر ، ما بعد أستقرّ بالرياض
‎رفع نهيّان حواجبه :وراه ياولدي ! الرياض من يدوّر غيرها
‎إبتسم تركي : الرياض أخذت من عمري عمر ، ودنا نعوض سنين الضياع ثم نرجع للرياض ، مالنا غنى عنها ..
‎إبتسم حاكم بهدوء : يلي يريّحك سوه وأنا أخوك ، بالرياض وإلا بأقصى الأرض واصلينك واصلينك ..
‎إبتسم تركي بالمثل لأنه بيوصلهم وين ماكان وكيف يقدر يقطعهم وهم بمثابة أهله الأقرب والأحب لكن السنين الجاية ، موعُود بالبعد عن الرياض وتنحنح : واصليني وواصلكم أنا ، ودامني موعود بالبعد ووراي ديار بعيدة اليوم تراكم عندي ما بتمشون ، حضرة الفريق إنت فاضي الله يطوّل بعمرك ولا عندك دوام غداكم وعشاكم عندي ولا أقبل الإعتراض ولا تحاوله معي ..
‎تنحنح حاكم وهو يعدل ثوبه : ياتركي وراك ما تعطينا الكلمة ! قلنا محامي بس لنا حق الرفض ياخوك
‎ضحك تركي وهو يهز راسه بالنفي ، وإبتسم نهيّان بسرور :وترفض للمحامي طلب ياحاكم ؟ ماهي علومنا
‎ضحك حاكم وهو يناظر جده ، والسرور يلي بنظرته وطريقة شيله لعذبي : اللهّ يديم سرورك يا نهيّان
‎إبتسم ذيّاب وهو يناظر عذبي ، ووجه سؤاله لتركي : عمي تركي ليه سمّيته عذبي ؟
‎إبتسم تركي : سميّته على ولد عمي وصاحبي وأخوي
‎هز نهيّان راسه بإيه وهو سمع حكايات كثيرة عن عذبي : والنعم فيه عذبي بن فهد ، إن كانه بالرياض ترى ودنا بشوفه ندري به غاليّ عندك وسميّت ولدنا عليه يعني غالي علينا ، ودّنا بآل نائل جميع بعد ياتركي ..
‎أشّر تركي على خشمه مباشرة : لو تبي أجمع لك جاهة الرياض كلهم جبتهم عندك إنت بس قول تبي
‎إبتسم حاكم وهو يناظر تركي ، وضحك تركي : لا تغار ياحاكم لا تغار ماهو لسنك الغيرة ، ذياب يابوك تعال
‎توجه ذياب مع تركي للخارج يفتح باقي المجالس وبيت الشعر وإبتسم نهيّان وهو يتأمل عذبي ولد تركي وإنحنى يحصّنه ، يتمتم بأذنه وسط تأملات حاكم يلي بدون شعور منه ما غابت بسمته ، وقف وهو يمسك سبحته بإيده : بطلع أشوف المحامي أنا
‎إبتسم نهيّان من مشى حاكم للخارج يتبعهم ولف أنظاره لعذبي بهمس : لو تدري وش أشوف يا عذبي ، أيامٍ عظيمة بتعيشها إنت معاهم بإذن الله ، تمنيّت كثير يابوك ويضحكّني التمني ويضحكك إنت معي ، تمنيّت وقلت ليتك جيت بأول العمر بدري ياتركي ..
‎إبتسم له عذبي ، وتعالت ضحكات نهيّان بالمجلس وهو يحس بسرور بأعماق قلبه ماهو هيّن عليه نهائياً ولا قليل
-
‎إبتسم تركي من ذيّاب يلي يساعده ، يشغل أنوار بيت الشعر ويرجع المراكي لمكانها وما يضطر تركي يقول له كلمة هو يعرف كل شيء يسويه ، إبتسم وهو يشوف حاكم طلع من جهة المجالس : بوذيّاب ، تعال
‎إبتسم حاكم وهو يمشي لجهتهم : ما تمزح ياتركي
‎إبتسم تركي بخفوت : ودك أمشي من الرياض ولا ألبيّ رغبة نهيان يومه يبي العوائل تقرب ؟ يومه يبيني يمّه ؟
‎إبتسم حاكم وهو يناظر ذيّاب : حقّ العيون ياذياب
‎إبتسم ذياب وهو يشوف جده خرج من المجلس وبحضنه عذبي الصغير ، وبإيده عكازه : حق العيون السود السمع والطاعه !
‎توجه ذياب مباشرة له ياخذ بإيده بدل العكاز ، وإبتسم تركي : الله يحفظ لك هالذيب ياحاكم نعم التربية
‎إبتسم حاكم وهو ياخذ عذبي من حضن جده ويشتت أنظاره للبوابة من أصوات السيارات وكانت ثواني بسيطة فقط لحد ما كان دخول عيال آل نائل ورجالهم ويتبعونهم رجال آل سليمان يلي جوّ ملبين من كلمة نهيّان ، كان المنظر مُريح بشكل ما يوصف وكأنهم عائله وحدة مو عوائل متفرقة سبب معرفتهم الوحيد تركي وحاكم وإنجذاب حاكم لقصة تركي وحياته ، كان وقوفهم مُهيب بالنسبة لآل نائل ولآل سليمان سواء ، بالنسبة لأهل تركي ، وبالنسبة لأهل حاكم وعائلة نهيّان العظيمة .. كان يتوسطهم نهيّان وبجنبه ذيّاب يلي يمسك إيد جده يسنده وبإيده الأخرى يمسك عكاز جده ، حاكم يلي شايل عذبي الصغير بحضنه ، وتركي يلي يحييّهم ويرحّب فيهم ، من محسن جد تركي لسيف أصغر شخص بآل نائل حاضرين ، ومن متعب أكبر عيال نهيّان لأصغر حفيد بينهم موجودين وهذا الإجتماع مستحيل يكون عادي ..
‎مستحيل يكون عادي دامه ترك بصمة بمحسن جد تركي إن هالصورة يلي قدامه لتركي بين نهيّان وحاكم هي صورة ضيعها بنفسه ، صورة المفروض يكون هو موجود فيها يرحّب معاه بضيوفه ما يكون الضيف ونهيّان وحاكم من أهل بيته ، إبتسم عذبي وهو يسلم عليهم ، ويتمسّك بإيد نهيّان يلي شد عليه ما فك إيده وإبتسم بهدوء : بيني وبينك كلمة رأس
‎إبتسم عذبي وهو يأشر على خشمه : ما طلبت شيء آمر إبتسم نهيّان وهو يناظره بفخر عظيم ، وطول الوقت أنظاره على تركي من بينهم كلهم ..
‎إبتسم حاكم وهو يضم يديه خلف ظهره بهدوء : سقى الله أيامٍ كان نظرك كله ليّ بين الجموع
‎إبتسم نهيّان وهو يناظره : أشوفك فيه ياحاكم ما تغيّرت
‎دخلوا الرجـال للمجالس ، العيال لبيت الشعر لكن تركي غيّر رأيه وهو يتوجه لبيت الشعر : تميم وسعود ورياض ، القهوجيّة ما بعد جو روحوا خذوا القهاوي من عند أم عذبي وإجلسوا بالمجلس يمّهم

- للكاتبة : ريم الاوطان🇸🇦

انت الهوى ، كل الهوى برد ولهيب🤎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن