بارت ٤٣

13.6K 230 52
                                    


-
'
ضحك ينزل ، يمسك الباب بيدّه : وش تبين نكهته ؟
كشّرت تصد عنه فقط ، وضحك يتوجه للمحل تاخذ نفس من أعماق قلبها تمدّ يدها لبطنها : مو طبيعي
كانت دقائق بسيطة لحد ما رجع بيده آيسكريم لها ، وله : وين نروح الحين ؟
أخذت الآيسكريم تكشر ، ونطق : طيب الزعلان ما ياخذ
هزت راسها بإيه : نهيان قد جربت تسوق ومطبوع بوجهك آيسكريم ملّون بكل النكهات ؟
هز راسه بالنفي بجدية : لا ، جربت وبوجهي آيسكريم نكهة وحدة توت بس
صرخت من غيضها منه بلحظة تتعالى ضحكاته لأنه يسوي إنه جدي وهو يستعبط ، كله على بعضه عبط وضحك من أعماق قلبه : تعجبيني ياخي أحب تعصبين
ناظرته ديم بذهول تنزل نظرها لبطنها فقط : لا حول ولا قوة إلا بالله ! لنا الجنة ياماما ، لنا الجنة لا تخاف
نهيّان بتعجب : ووش أنا من أهل النار يعني ؟ إن شاء الله إني من أهل الجنة معاكم بعد عمر طويل حبيبتي
ناظرته لثواني ، وضحك يوقف عند الملعب : ما تبيني ؟
هزت راسها بإيه تكشّر : مره ، رجعني البيت أصلاً
إبتسم ينزل من مكانه فقط ، وتوجه لبابها يفتح الباب لها : وش رجعني البيت يوم وصلنا ، تعالي
مدّ يده ينزلها تكشر له لكنها طاوعته وصولاً إلى المدرج تجلس هي ، وتوجه هو ياخذ أقرب كورة وصرخ بكلمة وحدة " مكتـوم " تشمّق هي بسخرية مباشرة : ما سمعت إلا ضحكاتك لو فيه أحد مكتوم هنا فهو أنا
إبتسم نهيّان فقط : بتخفف عني الكورة وش بيخفف عنك
كشّرت تشتت نظرها عنه ، من صار يلعب لوحده ، يتمرّن لوحده ، يشوت لوحده وسط ساخر تعليقاتها عليه وضحكاته لها وما إستوعبت إنها تضحك معاه ، تضحك عليه وحتى هي تغيّر جوها " يخفف عنها " كأنه صار فاصل تام بينهم وبين حالي الظروف والأوضاع ، كأن ما عاد بالكون إلا هالملعب ونزلت عبايتها تتركها عالمدرج تعدّل تيشيرتها ونزلت بإتجاهه يوقف لعب يتأملها ، لابسه تيشيرت كحلي ، وبنطلون رياضي رمادي تنزله لأسفل خصرها تماماً وبروز بطنها ياخذ منها " حتّة " تقتله وضحكت من نظراته الغريبة : وش ؟
هز راسه بالنفي : حلوة إنتِ ديم ، حلوة مرة
ضحكت لأن غير متوقع منه بهاللحظة ، وإبتسم لأن فعلاً الحمل أعطاها " وزن " قليل تشكّل كله ببطنها البارز وهزت راسها بالنفي : طيب ما ودك تشوت لي بالغلط ؟
ضحك نهيّان : تشوتين وتولدين ؟ ديم
كشّرت مباشرة يترك الكورة عند أقدامها بالضبط : على مهلك
إبتسمت لثواني : تتحداني أجيب هدف على مهلي ؟
رفع حاجبه لثواني ، وشاتت الكورة فعلاً على أقل من مهلها تمسك بطنها وصرخ نهيّان مباشرة : قووول !
هو راح يركض يمثّل الإحتفال لكنه بالحقيقة توجه للكورة يزيد دحرجتها بطرف رجله عشان توصل المرمى وتدخل هدف وضحكت ديم من جنونه من جاء يضمّها ويحتفل عند بطنها : ماما لعيّبة تاخذ المركز الثاني بعد أبوك
ضربت كتفه يقبّل خدها ، يبتسم بهمس : أو المركز الأول
_
« بيـت حـاكـم »
ما عرفت تتنفس بعد ما غابت الضجة ، بعد ما مرّ وقت كافي على نهاية العزاء ومرور ثقيل الأيام اللي ما فارقت فيها أمها ، وبيتهم نهائياً لأن وسط ضجة العزاء ما كان أحد يستوعب لكن بهاللحظة هم كلهم يستوعبون وعزاها الوحيد ، إن ذياب طول وقته مع أبوها ما يغيب عنه من يصحى لين ينام وما وعيت إلا على صوته : وردتي
شدت الوشاح على جسدها تبتسم : أهلاً ، متى جيت ؟
نصّار : من يوم ما لعبت بك الهواجيس
إبتسمت تهز راسها بالنفي : وتاركها تلعب بعقلي يعني ؟
هز راسه بإيه : مريّت سلمت على عمتي ، قالت لي ورد بالحديقة قلت يوه شلون أطلّعها من بين الورود يوم تحرّكتي عرفت وينك
ضحكت تهز راسها بالنفي : سخيف
إبتسم نصّار يشوف كم الشتلات الجديدة اللي مازُرعت وما إستقرت بأماكنها رغم إنها جاهزة : ليه ما زرعتيها ؟
إبتسمت ورد لثواني : شتلات ماما ، فقدت الشغف شكلها
قالتها بطريقة محزنة ، بطريقة تأكد إن العزاء أخذ من أمها شيء كثير وشمّر يديه : تزعل علينا لو زرعناها ؟
هزت راسها بالنفي : قالتلي ، وقت طلعت الحديقة هنا قالت جات الشتلات الجديدة ياورد لو ودك بس ماودي
تجاهل إنها قالت ما ودّها ياخذ شتلة بيده ، يتوجه لمكانها المفرّغ لها لكنه علّق بأول خطوة تضحك ورد : ما تعرف ليه تحاول ؟
هز راسه بالنفي : ترى كلها شتلة أكبر منك بشوي
جلست لأنه نطقها ، ولفت نظرها له لأنه يحاول وخايف على الشتلة لكن ما بتوقف له لين ينطق إستسلامه وبالفعل : ورد ، تعالي يميّ شوي
ضحكت تترك جلالها على الكرسي : إستسلمت يعني ؟
هز راسه بإيه ، ومدّت يدها تلمس التربة : تقول أمي ، لا تنزع الشتلة من ترابها لتراب ما تعرفه يتغيّر عليها المكان
رفع حاجبه لأنه ما يصدق هالأمور لكنه معاها يصدق ، وإبتسمت ورد تلمس أغصانها : ووقت تتفتح ، تطلع زهور بيضاء صغيرة لكن ريحتها خيالية ما قد شميتها ؟
هز راسه بالنفي ، ومدّت يدها لشتلة أخرى ترفعها لأنفه عشان توصله ريحتها : ماما تعشق الريحان والياسمين
إبتسم لأن مزاجها تغيّر ، لأن يديها تلطّخت بالتربة مثل يديه يساعدها بزرع أول شتلة ، وثاني شتلة ، والثالثة ، والرابعة بلا كلل ولا ملل وإبتسم : هذا وما كان ودك
ضحكت تستوعب ، تشوف التراب اللي بيده ، ويديها ، وملابسه ، وملابسها : تخفف عني مرة ما حسيّت الوقت
إبتسم لأنها ما شافت إندماجها ، ما شافت هي كيف تزرعها "بكل حب " فعلياً بتربتها الجديدة ، ما شافت كيف تمسح على أوراقها وما شافت كيف إرتوى قلبه هو مثل ما ترتوي الشتلات لكن الفرق هي تسقي الشتلات الماء ، وتسقي قلبه إبتسامتها وإلتفاتتها له بكل لحظة وكل ما مدّ يده يطلع لها شتلة وإنحنى يقبّل خدها لوقت طويل ما تكلّمت لثواني وشهقت : مو بأسبانيا إحنا !
هز نصّار راسه بإيه : ببيت حاكم ، بس ماهو موجود ورد !
_
« بيـت تركـي »
ما تـدري كيف سارت بهم الأيام وصولاً لهالمحطة ، وصولاً لهاللحظة بالأمس بخيالها هي كانت معاه تاركين كل الدنيا - حرفياً - وراهم برغبة وحيدة بس ودّهم يحسون الحياة ، يعيشون بعيد عن رعب الظروف ؟ بعيد عن شغله ، عن دراستها ، عن ضرب الوجع عليهم بكل لحظة سعيدة : الحمدلله على كل حال ، الحمدلله
عدلت خاتمها بيدها تنزل ، لأخوانها الجالسين بالصالة مع عذبي وتركي الكبار وتسمعهم يسولفون عن الأيام الماضية وتنهّد تركي : لكن حاكم الحمدلله كأنه شد حيله شوي وإرتاح وكلّمت فزاع وعناد وبتال كلهم ، قلتلهم دامه مرتاح وذياب معاه خلّوه
هز عذبي راسه بإيه ، ونطق فهد بتساؤل : وذياب كيف حاله ؟ يوم لقيناه بالعزاء ما كان واضح عليه شيء
هز تركي راسه بإيه يشوف قصيد اللي نازله مع الدرج : كيف حاله ذياب ياقصيد اليوم ؟
هزت راسها بإيه تشتت نظرها لبعيد : طيّب ، الحمدلله
جلست بجنب تركي وعذبي ، بينهم بالأصح وسأل فهد : تلقينه قصيد ؟ وإلا من ثالث يوم ما لقيتيه ؟
كان منها النفي فقط وهي ما لقيته فعلاً : مشغول مع أبوه
تنهّد تركي لأنه شايف حال حاكم " المتدهور "بشكل غير طبيعي تجاه ذياب مو تجاه غيره : الله يخليه له يارب
هزت راسها بإيه ، وإبتسمت لفهد : ما ورّيتني أشبالك
ضحك فهد ياخذ جواله : الحين أدق على رشود نشوفهم
إبتسم عذبي أبوها : قصيد ، متى تزورين الكويت؟
رفع تركي حاجبه : وش تبي ببنتي ؟
عذبي : أبيها تسيّر علينا ، يسألون عنها إنت وش تبي ؟
كشّر تركي ، وضحك عذبي الصغير : زعل ليش ما قلتله هو متى تجي الكويت لا تتعداه يالسمي
تركي : تشوف ؟ لا كلّمني ولا كلّمك راح لقصيد متى تجين
إبتسمت قصيد يرق قلب تركي لأنه يشوف ببنته أحوال ، ونطق سميّه : شدن قالت لي شيءّ عن إنك خفتي بالعزاء وبكيتي وش صار ؟
قصيـد : ما صار شيء ، كنت مع أمي علياء وإختلف حالها
رفع عذبي حاجبه : شلون يعني ؟
هي من وقتها للآن ما رجعت تدرك الموقف من جديد : يعني اليوم كله كانت تعرفني وتقول لي سوي قهوة بنتقهوى
رنّ الجرس يوقف فهد : دقيقة لا تكمّلين
رفع عذبي الكبير حاجبه : ماعليج منه ليش محد قاليّ ؟
قصيد : كانت تعرفني ، وتقول قصيد وتقول حرم ذياب ومرته طول الوقت
هز تركي راسه بإيه بإنصات لكنه فزّ من الداخل خلف فهد : يامرحبـا !
'
أشّر ذياب لعمه بالجلوس مباشرة : والله ما تقوم !
كان مسمعه لنطقها هي " حرم ذياب ومرتـه " تهز ضلوعه مثل ما خَفق قلبها بهاللحظة لدخوله بدون مقدمات تشوف حرارة سلام أبوها عليه وكيف شدّ كتفه : ولدي جايني وما أقوم ! عساك طيب يابوك طمّني عنك
هز ذياب راسه بإيه : طيّب الله يسلمك ويخليّك ، علومك إبتسم تركي : بخير وأفضل حال دام شفناك ، ما جاء أبوك معاك ؟
هز راسه بالنفي : لا وديّته البيت يرتاح من البارح صاحي
جلس فهد بجنبها : يسمع بشيء إسمه نوم قصيد ؟
سلّم على أبوها ، وعذبي ، وأخوانها وسلّم عليها يشد يدها بهدوء فقط لكنه خطف قلبها لأن بينهم كلهم ، هو إنحنى يقبّل خدها بسلامه لكن هي تعرف قُبلاته ومعانيها تشعّ ملامحها من شعورها اللي صار كله ببطنها وبعّد عذبي يترك لذياب مكانه بجنب قصيـد وشدّ ذياب كتفه يجلس ، وبعد سؤال الأحوال اللي إنتهى بشكل سريع رجع عذبي لذات الموضوع : إيه قصيد ؟
توترت ، توترت لأنه غريب ماتعرفه بجنبها وعدلت جلوسها فقط وهي تحس يده اللي على ظهرها ، وتشوف يمينه اللي مُدت تاخذ الفنجال من فهد يمسكه على ركبته بكل هدوء : بس
ناظرها عذبي الكبير لثواني : وش بس ؟ يعني قالت لج سوي قهوة وزعلتي خفتي ؟
ناظرها فهد لثواني : لو صج يبه قولي ما أعرف ليه تزعلين
هز ذياب راسه بالنفي يلف نظره لها ، ونطق عذبي أخوها بهمس : ذياب يدري إنك ما تعرفين تسوين قهوة ؟
ناظرته لثواني فقط وإنتبه عذبي إن ذياب يسمعه ، ويتأمله على نطّته لها ونطق مباشرة : حبيبي الذيب
هزت راسها بالنفي تكمّل : ضيّعتني ، فجأة تغير حالها تقول كلام وصارت ما تعرفني وعصّبت ، علينا كلنا وعلي وما قد جرّبت أحد يختلف ويتغيّر فجأة
نطق تركي يهز راسه بإيه : ما صدّقت الله يكون بعونها
لاحظ إنها تقصّ الكلام عشان خاطره بشكل يحرقه ، وهز راسه بإيه يشرب فنجاله اللي يفُوح من حرارته : ضيّعتنا تقول لقصيد قومي سوي القهوة متعب جاي ، بنتقهوى سوا ببيت ذياب قالها أبوي يمه هذا بيتي ، قالت هذا وين
رجف داخلها من نطق أبوها وعذبي الكبير " لا حول ولا قوة إلا بالله " وسأل تركي جونيور : كنت معها إنت يعني؟
هز ذياب راسه بإيه : وزين إني كنت ، يوم ضيّعت هي شدّت على يد قصيـد تنفضها ولو عصبت أكثر هي ما تدري بعمرها ولا بحالها ولا تدري إن قصيد اللي يمّها
ناظر تركي بنته اللي تحفّظت على الكلام بشكل يبيّن بملامحها ، تحفّظت على الحوار كله وقام فهد يقهوي ذياب : يعني مو عشان ما تعرفين تسوين قهوة
عضّت شفايفها لثواني بشبه حنق : فهودي ليه تكررها ؟
ناظره ذياب ، وإبتسم فهد : أبيه يقول شيء ما يقول
إبتسم ذياب بهدوء : عيالك وينهم

انت الهوى ، كل الهوى برد ولهيب🤎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن