بارت ٤٧

17.9K 322 44
                                    

« قصـر ذيـاب »
لأول مرة بحياته ، بتاريخه كله يـلازم السرير يوم بأكمله " تعب " ما ودّه يتحرك من محله ، ما يبي أبسط النور وقليله ، ما يبي الحر يبي شديد البرد لأن داخله يحترق للآن مهما حاول يطفيه ، ما يطفي ودخلت الغرفة على أقل من مهلها تقفّل نور جوالها بهمس : بترجع تنام ذياب؟
هز راسه بإيه وهو ساكن تماماً ، يقوم يصليّ من كثر عجزه بجنب سريره ما قدر يروح للمسجد ، ومشيت بالظلام تتحسّس مكانه لين وصلت ليده الممدودة لها : ذياب
هز راسه بالنفي بهدوء يشدّ يدها ، يسحبها تجاهه بتأكيد : ما بي شيء قصيد ، بس برتاح
عضّت شفايفها لثواني تدخل بحضنه : ترتاح ، حاضر
كان منه الإثبات يقبّل كتفها بالظلام فقط ، ياخذ نفس من أعماق قلبه يسألها : ودك بشيء إنتِ ؟ تبين شيء ؟
مدّت يدها ليده اللي تحاوطها : لا ، ما ودي بنام معك
سكن داخله فقط يقرّ صدره ، يقرّ داخله بشكل غريب كل ما جات عنده وهو نام نومة أشبه بالميت بالضبط ، مثل الجثة بالضبط لو ما فقدها يمكن ما صحى من عمق نومه : تنامين معي ؟
هزت راسها بإيه : ناخذ بريك من الدنيا ، ننام يومين ليه لا
إبتسم بهدوء فقط يقبّل راسها ، ياخذ نفس من أعماق قلبه منها : طيب
رفعت حاجبها لثواني لأنه وافقها ، لأنه رجع راسه للخلف تهمس هي : وش تفكر فيه ذياب ؟
هو يفكّر بحاله ، بإنهياره اللي أكثر من يعرفه هو وهالمرة كان على وشك يتكرر بكل أوجاعه لو ما جات تنتشله من داخل الخيام اللي غرق فيها مرة شهر بأكمله ، ما زاره الطيف : ما أفكر بشيء قصيد
رفعت نظرها له ، رفعت راسها كله بإتجاهه تحس بإنحناءه يقبّلها بهدوء لكن يقطع سكونه ، وسكونها من صوت الجرس يهمس : تنتظرين أحد ؟
ما إستوعبت لوهلة ، ونطقت على ذات همسه : لا !
إستوعبت تعدّل نفسها لثواني : بروح أشـوف مين
لأنه مسك يدّها يوّقفها هي نطقت : بشوف من وراء الباب
هز راسه بالنفي : أنا بروّح ، هاتي لي تيشيرت بس
توجهت للدولاب تسحب له تيشيرت ، ومدّته له يلبسه يلف نظره لها : وش ؟ خلّك هنا مالك داعي تنزلين
ما كان منها الجواب من فتح الباب للخارج تتعقّد حواجبه مباشرة من النور رغم إنها طفّت كل الأنوار كان خافت لكن مع ذلك وَهج بعينه تعضّ شفايفها : شكرًا ذياب ، شكرًا على مفهومك للراحة ماشاءالله عليك
هز راسه بإيه ينزل أول الدرج فقط : عفوًا حبيبتي
نزلت خلفه ما وقّفت لأنها تتوقع من الطارق ، الأكيد أسامة ، عمها ، محمد ، أي مصيبة قادمة هي تعرف ولهالسبب هي وقفت بآخر الدرج ، وكمّل ذياب مشيه بإتجاه الباب تحت أنظاره يفتحه ودها تصرخ لأنه حتى ما سأل " مين " وسكنت ملامحها من الأشبال اللي دخلت بدون مقدمات : فهـد !
رفع ذياب حاجبه لأنه شاف الأشبال اللي فزّت تدخل بمجرد ما فتح الباب لكن ما لمح فهد ينطق : إنتبهـي ، فهـد ؟
جهورية صوته أرعبت فهد اللي مسح على حاجبه فقط يتقدم أول خطوة للدرج يرقى : سم
سكنت ملامح ذياب مباشرة من ملامح فهد ، والجرح اللي بشفايفه قبل ينطق هو بالسؤال نطق فهد : طقّني واحد هني يم بيتك بس شنو ؟ لا تشوف شسويت فيه أنا
نطق ذياب مباشرة تتقدم خطوته للخارج : وخلّيته يروّح !
ركضت قصيد مباشرة تمسك ذراع ذياب ، ووقف فهد بوجهه يبتسم بذهول : أتغشمر وياك يامعود شفيك !
ناظرته قصيد لثواني تعضّ شفايفها : تعزمه على هوشة مو غشمرة فهودي !
إبتسم لثواني لأنه يعرف : أعرفه راعي فزعة ، بس تفزع بشورت ذياب ؟
ناظره ذياب فقط لأنه بيتشمّت عليه ، وضحك فهد يبتسم لقصيد : ولهت عليج ، قلتي للبنات ما أقدر قلت أشوفج أنا شدعوه ما تمرينّا
هزت راسها بإيه ينطق ذياب : من لعب بملامحك ما قلت لي
لفت نظرها له لأنه مركّز على ملامح فهد للآن اللي هز راسه بالنفي : صارت هوشة شوي دشيّنا فيها طقينا وإنطقينا وخلصت الحمدلله ، لا تشوف شسوينا فيهم
هز ذياب راسه بإيه يتفحّص ملامحه : إيه واضح ، حيّاك
هز راسه بالنفي وهو يشوف بجامة قصيد ، ويشوف ذياب اللي بشورته وتيشيرته : لا بس جيت أشوف قصيد شفيها لأن البنات محتفلين بالكوفي وهي تقول ما أقدر
لف ذياب نظره لقصيد لثواني ، لأزرار قميصها المفتوحة من الأسفل لنصف بطنها يرجّعه لفهد : اقلط تقهوى ، دامك وصلت الباب ما بتعوّد ومنها تونّس قصيد ، حيّاك
هي توارت خلف ظهره جزئيًا تسكّر أزرارها ودخل فهد أولهم يتبعه ذياب اللي صعد للأعلى يهمس فهد مباشرة : الكلاون فهد
إبتسمت لثواني وهو ما يتخيّل راحتها بإنه هو مو غيره : وش صار لملامحك فهد ؟ بالكوفي تتضاربون مع مين
هز راسه بالنفي : سالفة طويلة ، عندكم برّد ؟
إبتسمت : يا خيبة أمل ذياب بيقلّطك تتقهوى وتبي برّد ؟
سكت لثواني يستوعب ، وإبتسمت قصيد فقط : إرتاح
هز راسه بإيه يتأمل ، وجلس على أول كنبة قابلته يعدل أكتافه وتوجّهت قصيد للمطبخ تدور له آيسكريم وبالفعل ، ورجعت له تمدّه له تنطق له بلُغتها المحببة بمعنى البيت بيتك وإبتسم يهز راسه بإيه فقط من رجعت ترقى للأعلى ولذياب اللي يفتح الدولاب : على وين !
لف نظره لها لأنه الأكيد بيلبس ثوب بما إن فهد جاء ، وإبتسمت لثواني بإستغراب : بس ليه يعني فهد مو غريب ولا ضيف عشان تقابله بثوب
هز راسه بالنفي : ليه ما قلتي لي إنهم طالعين يحتفلون ويبونك
رفعت أكتافها بعدم معرفة : مدري
'
لف نظره لها لثواني ، وهزّت راسها بالنفي بجدية : صدق ذياب الحين بتغيّر عشان فهد ؟ يعني حتى بجامة ما تعتبر لابس كلها شورت وتيشيرت ليش التغيير
هز راسه بالنفي : ماني متعوّد ، من ما كان الجاي ببدّل
ناظرته لثواني فقط : جرّب هالمرة طيب ، بتقهوي فهد تدري فهد دخل وش يدّور ؟ يدّور برّد حبيبي آيسكريم
ناظرها لثواني ، وإبتسمت فقط : هيّن فهد وما يسوى عليك تبدّل الحين ، ما يسوى علينا أساساً كلنا
هز راسه بالنفي ينزل نظره لبجامتها ونطقت هي : أعرف فهد ، بيحسّ إنه ثقيل وبيمشي على طول ما بيطول لو عاملته كذا وحسسته إنه ضيف وغريب
إختار الصّمت وكملت هي : وما شاف الأزرار لأنك ماشاءالله يعني تغطّي البيت وراك ، ما بالك أنا ؟
هز راسه بإيه يشتت نظره لثواني لأن بجامتها طبيعية أساساً ، حرير أسود بأزرار كانت مفتوحة لكن وقت تقفّلت صارت عادية تماماً ومع ذلك هي أخذت وشاحها تحاوط أكتافها فيه : ما ودّك تروحين يمهم؟
كان منها النفي لعينه فقط ترجع شعرها للخلف : لا
نزلت يتبعها هو ، وإبتسم فهد لأنه كان متوتر بشكل غير طبيعي لكن وقت كانت ملامحهم طبيعية ، ونزولهم طبيعي ، وتفشّل من مداهمته لهم بهالوقت ببجاماتهم وهو ما يعرف طبع ذياب لكنه تنفّس بهاللحظة : هلا والله
رفع ذياب حاجبه ، وضحكت قصيد تحاول تمسك نفسها : هذا أكثر منظر بائس شفته بحياتي ! فهد شفيك
إبتسم بشبه حزن : أحزّن صح ؟ مكسور خاطري قصيد
ضحكت لأنها ما تصدقه ، وجلس ذيّاب : من كسره
إبتسم فقط يطقطق : أكيد مو اللي طقّني
جلست قصيد بجنب ذياب : ووش سالفة الطق كله أصلاً
عدّل أكتافه فهد يسولف وعينه بالآيسكريم : واحد تافه بالكوفي شاف عذبي يسولف مع خطيبته حسباله يتحرش فيهم من الخبله أسيل قالت يامتحرش وطقّ الصدر هو يعنني فزيّع شنو يتحرش فيكم إنتو حسبة أهلي هذا الشنب مو على ريّال إذا يتحرش فيكم وطقّ عذبي وعذبي طقّه ودشينا طقيناه وفزعوا ربعه طقينا بعض وانحاشوا
ضحكت قصيد تحاول تمسك نفسها عشان تتطمن عليهم لكن ما قدرت تمسك ضحكها يضحك فهد بنفسه : على مهلج لا تغصّين !
ضحك حتى ذياب اللي حاول يمسك ضحكته لكن من إنهيار قصيد ما قدر ، ضحكة وحيدة طلعت منه يمسك نبرته لكن ما قدر ما يطقطق نهائياً : وطقيّتوهم المهم ؟
إنهارت قصيد ضحك لأن حتى ذياب يضحك على سرعة فهد بالكلام بين طقّني وطقيته ، إنهارت تغطّي ملامحها خلف كتف ذياب اللي ضحك : تسلم يمينك فهد
هز راسه بإيه : ذياب سكّت مرتك لا أقوم أطقها الحين
جاء الشبل ينط بحضن ذياب وضحكت قصيد تاخذ نفس : ما كفّاك اللي بوجهك يعني فهد تحارشه علي ؟
هز راسه بالنفي يغيّر الموضوع مباشرة : شنو حيوانج المفضل قصيد
ضحكت قصيد لأنه من العدم ، وإستوعب فهد : محشوم ذياب يعني إنت على الذيب ، وأنا على الفهد بس صج شنو قصيد ولا تغلطين علينا تقولين إنتم احترمي نفسج
هزت راسها بالنفي تضحك : فهد لا تسولف بسرعة طيب
كان مستمتع ، فعلاً مستمتع وإبتسم فهد : ان شاء الله
ضحكت تاخذ نفس من أعماق قلبها ، وسأل : سؤالي انزين
ناظرته لثواني بذهول : يعني منجدك تسأل ما تصرّف ؟
هز راسه بالنفي ، ورفعت أكتافها بعدم معرفة : أحب كل شيء ، الخيول ، الصقور ، أشبالك طبعاً اللي مو حيوانات
لف ذياب نظره لها بتساؤل : والبل ؟ ماهم حيوانات بعد
ضحكت تهز راسها بالنفي : ما أحبها ، يعني ما أحس بحبها بشيء ما أقدر أقرب منها بالنهاية ما أحسها تفهمني وأخاف منها ، يعني اللي قبل كانت لطيفة لونها مريح اللي عندك الحين أحسها كذا
هي غرقت بالسوالف لذياب تعبّر له بملامحها عن " التجهّم " وإن مجاهيمه الحين دائماً غاضبه ، وهز فهد راسه بإيه يوقف : إيه توصون شيء تآمرون على شيء ؟
ضحكت قصيد تستوعب : عن العباطة فهد
جلس بمكانه يبتسم ، وتنحنح ذياب يرجع علومه اللي ضاعت كلها يكمّل فهد : طيب البل ما تحبينها ، غيرها
رفعت أكتافها بعدم معرفة : ما أحس فيه شيء أكثر
ناظرها فهد ، وتذكّرت : لا ، يعجبوني الغزلان إذا ما تدرون
رفع ذياب حاجبه مباشرة : الغزلان ؟
هزت راسها بإيه لكن فهد نطق مباشرة يكّلم جواله : ألو ، محمد ، دوّر لي غزال لو بعشرة مليون الآن وإلا قصيت راسك
ما إستوعبت قصيد ، وما إستوعب ذياب لين ضحكت قصيد بذهول : يا متخلف يافهد !
ضحك فهد يهز راسه بالنفي : يعني إحساس بس ، ذياب
نطق ذياب مباشرة : من كسر خاطرك فهد
سكت فهد لأنه ما نسى رغم كل التهريج اللي سوّاه ، وإبتسم يهز راسه بالنفي : هذا كله ويقولون ما تعشقني
رنّ الجرس مرة ثانية يوقف ذياب اللي كانت منه نظرة لفهد اللي ضحك : الله يسلمك حبيبي بس واضح عليك
توجه ذياب للباب ، وإنتبهت قصيد رغم قلقها على ذياب لسكون فهد المباشر تسأله : فهد صدق وش زعّلك؟
نطق بهدوء : لأنها شبّتها زعلت هي وقعدت لحالها
رفعت حاجبها لثواني تحاول تفهم : أسيل ؟
هز راسه بإيه ، ورفعت حاجبها بإستغراب : و ؟
رفع أكتافه بعدم معرفة : سألتها ، بتبكي هي أصلاً قلتلها شفيج وخرّبتها معي ويوم خرّبتها
نطقت قصيد تقاطعه مباشرة : عصّبت عليها وخربتها ؟
هز راسه بالنفي يعدل أكتافه : ما سويت لها شيء
سكتت مباشرة تستوعب لأنها تعرف إنفعالات فهد وقت أحد يخرّبها معه ، سكوته مع أسيل غريب ورفع أكتافه بعدم معرفة فقط يرجع ذياب الهادي تماماً يجاوب نظرة قصيد فقط : أسامة
'
هزت راسها بإيه وتنحنح فهد يوقف : كثّر الله خيركم
رفع ذياب حاجبه مباشرة : وين عشاك عندنا !
إبتسم فهد يهز راسه بالنفي : لا والله بروح للعيال الديوانية ، بس قلت أسيّر عليكم إشتقتوا لي أكيد
إبتسم ذياب فقط : إذا عرفت دربه دلّني عليه
ضحك فهد بإعجاب مباشر لأنه يقصد اللي جرّح له وجهه : راعي فزعة ؟ أزهلك يعني ؟
إبتسم ذياب بهدوء يهز راسه بإيه : عطني صوت بس
كشّرت قصيد مباشرة : شكرًا لا تعطيه ولا يعطيك ولا تكلّمون بعض أساساً هوشات ما نبي لا إنت ولا إنت ، بليز
إبتسم فهد فقط يصفّر لأشباله ، وأخذ ذياب واحد منهم يرفعه للأعلى لأن فهد ما عجبه : تحبينهم تقولين ؟
شهق فهد مباشرة : شنو وإذا تحبهم بتاخذهم مني ؟ لها سوابق البنت معي والله أطقها وأطقك ما أتغشمر إنتبه
رفع ذياب حاجبه ، وهز فهد راسه بإيه : يوم كنّا صغار ، إذا معي شيء تبيه ياخذونه مني عشان قصيد تبيه وتقول لي ، فهودي نلعب مع بعض ؟ وهو حقي أصلاً بس هي
ناظرته لأنه إنتثر بدون مقدمات ، وضحكت : فهد !
هز ذياب راسه بإيه يحلل الجملة : يوم كنتوا صغار
لفت قصيد نظرها له لأنها تعرف نبرته ، ونطق فهد مباشرة : بسوي نفسي ما سمعت لأنك بتفزع لي تقول
ضحك ذياب فقط ينزّل الشبل عن حضنه بعد ما مسحت عليه قصيد ، يودّع فهد معاها وإبتسمت يسكّرون الباب خلفه : ما قلت لك حسّاس أكثر من كل شيء فهد ؟
هز راسه بإيه : صغيّر توه ، لكن يعجبني هالولد
إبتسمت تهز راسها بإيه ، وتذكّرت : وش يبي أسامة ؟
هز راسه بالنفي : يتطمّن ، ما رديت عليه من البارح ..
وافقت بدون سؤال أكثر تتوجه للأعلى معاه ، من رجع يرمي نفسه على السرير مباشرة ولف نظره لها من كانت تنزّل الوشاح عنها ، من توجّهت له تجلس على طرف السرير بجنب راسه : تفكّر بشيء أشوفك
هز راسه بالنفي فقط وأسامة جاء معاه أخبار كثيرة ، أخبار أعطاه موجزها لكن ما ودّه حتى يطريها بباله ومدّ يده لأزرار بلوزتها ، أسفل واحد فيها : أفكر بأشياء كثيرة قصيد
هزت راسها بإيه من فتح أول زرّ : قول لي وش طيب
نطق بكل هدوء : أفكر بالبارح ، وقبل سنين ، وبالجاي
ما تكلّمت لأنها تعرفه وقت يجمّع كلامه ، وهز راسه بإيه بإثبات بهدوء : أفكر بالحدود ، والقيود .. وبك
فتح آخر زر بالأعلى تزامنًا مع نطقه " وبـك " ينبض عنقها مباشرة بالخجل ، بالإستغراب لأنها ما كانت تستوعب كانت مركزة بكلامه : بي أنا ؟
هز راسه بإيه بهدوء ينطق لعينها بالذات : وبي ، معك
شتت نظرها لثواني تستوعب ، تحس حرارة الجو - أكثر - لكن ما ودها يختار الطريق الأسهل وقت تداهمه أفكاره ويختار قربها ، ودّها يختار الكلام ولهالسبب هي همست مباشرة : ل
'
مدّت يدها ليده تمسكها بإصرار رغم إنها تعرفه ، تعرف أطباعه وتعرف إن كل تمنّع سابق منه بسبب الحدود تلاشى من بعد ما صارت حلاله : لا ، ما أمزح أول نتكلم
كان يتأملها بطريقة تخلّي ملامحها تشعّ خجل ، تشعّ فعلاً ويدري وقت تخجل هي تختار الصمت لكنها نطقت بإصرار : يعني ؟
هز راسه بالنفي هو يفكر بشيء آخر تماماً : تحبين الغزلان
عضّت شفايفها : ذياب والله العظيم بعضّك آخر شيء ! لا نركّز علي لا نركز نبي نركز عليك ممكن ؟ نشوفك إنت بس
إبتسم فقط يتأملها ، يتأملها بطريقة " تجننّها " لأنه غريب بهالحال معها وإستسلمت تماماً تتأمله بالمثل ، تمدّ يدها لصدره لثواني وإنحنت تقرب من شفايفه فقط : ذياب
ما ردّ عليها لأنه ينتظر متى تقبّله وتنهي الكلام هو بيكمّل بعدها ، ونطقت تهمس بهدوء تعرف إنها توتّر روحه وقت تقرب منه بهالشكل : ما بتقرّبني تعرف ؟
هو قيدّ يدها ، وقيّدها كلها على نفس إنحناءها لأنها كانت على وشك توقف وتبعد وضحك ، فعلاً من أعماقه ضحك : صادقة بها يعني ؟
هزت راسها بإيه : وإترك يدي لو سمحت هذا إعلان للحرب وبيني وبينك حدّ ياويلك تجرب تتعداه
هز راسه بالنفي : فيه مجال للتفاوض طال عمرك ؟
كتمت إبتسامتها لأنه يهلكها وقت يسولف بهالطريقة ، وهزت راسها بالنفي : مافي مجال للنقاش حتى ، أبداً
ذياب : وإن فاوضتك بالليّ تبينه ؟
قصيد : لا ، لو سمحت تترك يدي الآن لأن هذا حد بعد
هز راسه بالنفي لأنه ما بيتركها ، لأنه مستحيل يبعدّ عنها وإبتسمت لأنها تشوف من عينه : مافي لا تحاول حتى
أخذ يدها يقبّلها لثواني طويلة ، يجمّع كلامه براسه ونطق بهدوء : والله بالليّ تبينه ، واللي تسألين عنه ، واللي تحسينه خافي ، والباقي كله بيصير براحة يدينك قصيد
ناظرته لثواني تاخذ نفس : لكن ؟ لأن أكيد بعدها لكن
هز راسه بإيه : لكن أبي وقت ، وقت بس أثبّت به الدنيا وأدري ما يزعل خاطرك بعده ثم ذياب ، ودنيا ذياب ، وخافي ذياب كله لك باللي تبينه قصيد ، باللي تبينه
عضّت شفايفها لثواني : ليه أحس بخوف من كلامك ؟
هو حاول يغلّف كلامه بالطمأنينة ، بالوعود المستقبلية ويلغي حاضر الأيام لأنها ترعبه حتى هو لكنها فهمته ، عرفته ، وحسّته : قصيد أنا
هزّت راسها بالنفي تقاطعه مباشرة : لا ذياب ، ما أبي وقت وما بعطيك وقت أبي الحين تقول لي كل شيء ، تسولف لي عن كل شيء لأن
ما تدري كيف مسكت حروفها عن الإعتراف بلحظة لأنها تدري هو كل حيله هي ، لو قالت له إنها تعرف بكل شيءّ يمكن يتوه ، يمكن يضيع وعضّت شفايفها لثواني ودّها تصرخ بإنها سمعت أسامة وكل كلامه ونطق بهدوء من حسّ بشيء مريب : به شيء بعينه تبين تسمعينه مني
'
هزّت راسها بالنفي تشد يده بإثبات : لأنك تهمني ذياب ، يهمني كل شيء عنك كل شيء يخصّك كل سالفة كل حكاية كل جرح ذياب
شتت نظره : والظاهر إني مليان جروح لكن كانت طيّبة ، كانت مستورة ماتعرّت إلا معك
عضّت شفايفها لأنها تفهمه هو حتى على إرهاقه ساخط : تدري وش يخوّفني ذياب ؟ أخاف من إنك تداريني لا أعرف بشيء ، لا أسمع بشيء ، لا أحس بشيء وأخاف من إني أداريك بنفس القدر ، يمكن أكثر وأخاف من السكوت ، أخاف وقت تسكت ذياب
رفع حاجبه لثواني : ليه تخافين ؟ ماهي محبة ذي يوم تنتهي الظروف كلها قبل لا تاخذ من خاطرك شيء ؟
إبتسمت تلمع عيونها : محبة ، محبّة ما شفت مثلها بس تخوّفني يمكن لو زلة ، لو غلطة ، لو سالفة مخفية ثانية تهدم محبتي ومحبتك علينا ذياب ما أدري لكن شوف إنت كيف تحبّني ، شوف أنا كيف أحبك
ما كان يستوعب لثواني إلى أن خرست حروفه تماماً يفهم ، ونطقت هي : أخاف لأن لو كثرت الأسرار ، كثرت الجروح ولو دخل بيننا شيء حنّا ما نتحمله لأن ما
هز راسه بالنفي بذهول يعدل جلسته مباشرة : قصيد !
أخذت نفس لثواني وهي كانت متماسكة طول وقت تعبه لكن وقت لمحت إنه رجع يصحصح ، هي ما عاد قدرت تمسك نفسها ودّها تتخفف من شعورها معه وتعترف له وضمّته مباشرة من جلس يقابلها : أخاف ذياب
هز راسه بالنفي بهدوء : يخسى الخوف قصيد ، يخسى
عدّلت نفسها لثواني تشتت نظرها فقط ، تعلّقت نظرتها بعينه من مدّ يده لخدها تحس الدفء كله بيدّه اللي تحاوط ملامحها لكنها هزّت راسها بالنفي : لا ، للآن على كلمتي ما تغيّر شيء مو لأني قرّبتك يعني بتقربني
لأنه كان يتأملها ، ولأن يدّه من خدها لامست طرف شفايفها مثل إرتكاز نظراته عليها تنطق بالتهديد : ذياب ! ما بتقّربني لا تتحلم حتى بهالشيء لأن ما قلنا ترتاح ؟
ضحك بذهول مباشرة : على كيفك متى وقت الراحة ومتى وقت العذاب ؟ يوم تبين السوالف إيه ريّحت يا ذياب بنسولف غصب يوم قضيتي صار وقت الراحة ؟
إبتسمت تهز راسها بإيه بذهول : يعني بس ليه المعارضة لهالدرجة سلامات ؟ هديّ شوي طلباتك مرفوضة بس
إبتسم يهز راسه بإيه : أنا طلباتي مرفوضة قصيد ؟
هي تعرف تحرق دمه ، تعرف تهلكه لآخر نفس وإبتسمت : مرفوضة جدًا غير قابلة للنقاش ، سألتني قبل شوي تحبين الغزلان نرجع للموضوع ممكن ؟ أحس ودي بابا دايماً يقول مثل الغزال الفازع ودي أشوف كيف
لأنه يعرفها هو ما كان قادر يخفي إبتسامته نهائياً : أجيب لك على ودّك بس تدرين وش ودي أنا
رفعت حاجبها لثواني : وش ودّك ؟ بغار أكثر لو ودك بـ
هز راسه بالنفي يقطع كلامها ، ينطق اللي بخاطره مباشرة : ودي أجيب لي منك غزال صغيّرة قصيد
'
سكنت ملامحها لوهلة لأنها ما استوعبت : مو شجاع ؟ يعني مو ولد ليه صارت بنـ
ضحك لأن ملامحها شعّت بذهول على كلامه ، وعلى إنها تستفسر ليه وصرخت بذهول تمسك يدّه : ذياب !
ضحك من أعماق قلبه يسحبها لإتجاهه لأنها خجلت ، لأنها إنتهت من خجلها : أموت بك قصيد ، أموت بك
-
« بيـت حـاكـم »
جلس يتأمل ساعة جواله ، بين الصواب والخطأ ، بين الإعتدال والطغيان كثيرة أحواله لكن الخلل ، وين الخلل للآن عجز يعرف موطنه الفعلي ، موطنه الحقيقي وأساسه وجلست ملاذ بقهوتها تبتسم لسعود ، ولديم ونهيّان الجالسين من رنّ الجرس : هذا أكيد ذياب
هز حاكم راسه بإيه يوقف ، وأخذت ديم سعود يأشر لها حاكم بالجلوس : إرتاحي ما بيدخل يابوك ، إرتاحي
توجه للخارج فعلاً يفتح الباب لذياب الواقف بكل هدوء ونظره للحديقة فقط : يعجبك بعدك يا ذياب
رفع حاجبه لثواني يمد يده لأبوه ، يقبّل رأسه : سم ؟
هز حاكم راسه بإيه يسكر الباب خلفه : يعجبك إن هالبيت مو بيتك ، توقف على بابه مثل الغريب
نطق ذياب بهدوء مباشر : من غرّبني عنه أبوي
لف حاكم نظره له مباشرة لأن ذياب دايماً يختار الصمت هالمرة نطق بكل هدوء ، وسكت حاكم فقط يرجع ذياب يديه للخلف : كيف حاله سعود وأبوه وأهله ، طيبيّن ؟
هز حاكم راسه بإيه : طيبين ، الحمدلله طيبين
توجه يمشي مع أبوه لسيارته ودخل حاكم مكان المعاون يدخل ذياب بمكانه هو لكنه نطق : لي طلب منك أبوي
رفع حاكم حاجبه لثواني يلف نظره له ، ومسح ذياب على حاجبه فقط : إكتفيت ، من الوزارة ، من البشوت ، من الدنيا كلها وقد قلت الهرج لأبونايف ولاصدّقني به لكن أدري بك إنت تصدقّني ، إكتفيت منها كلها
ناظره حاكم لثواني ، وهز راسه بإيه بإثبات : وإكتفيت عن الغضب ، عن الظنون كلها أبوي لكن لي طلب ، رجاء ، اللي ودّك تسميه أبوي
سكت حاكم ، وكمّل ذياب : بنت صلاح ، وغير بنت صلاح اللي يحاول يقرّبني ، يحاول يضّرني ، يحاول ما يحاول لا تردّني عنه إنت أبوي ، والفريق حاكم والنعم على عيني وراسي لكن به أمور ، به أشياء خلّني أشيلها أنا أبوي ، أنا أدرى بها والله ولاني هيّن ، ولاني طاغي بالوقت نفسه
حاكم : وأشوفك تحرق نفسك ؟
هز ذياب راسه بالنفي بهدوء : ماني ضعيّف أبوي ، ولاني مستغني ولا بايعٍ عمري
عضّ حاكم شفايفه : ولا إنت بايع عمرك لكن الغضب اللي شفته منك يا ذياب ؟ وش كان الغضب لو ما ردّيتك عنها ما كنت بتقتلها ؟ ما كنت بتقبرها ما أعرف يمينك أنا ؟
شتت نظره بهمس : مابها حيل يميني ، الورق هنا
ما سمع أول نطقه لكن سمع قوله بالورق ، وفتح ذياب الباب ينزل يمد حاكم يده للدرج يطلّع الورق من داخله ، أكوام الورق الكثيرة كلها بذات المحتوى اللي نفض صدر حاكم بلحظة ، نفضه بشكل بيّن لو ما نزل ذياب من السيارة يمكن ما غاب عنه ولهالسبب هو نزل أساساً وسكنت ملامح حاكم اللي يشوف صور لكل عمره ، أغلى غالي عنده ، سبب حياته ، ورغبة الحياة عنده من وقت كان أقسى قاسي لين دخّل بحياته ملاذ ، ورد ، لون ، ورجف صدره مباشرة لأنها صور فقيده اللي تركت لسانه يهتّز مباشرة : لا إله إلا الله يانهيّان ، لا إله إلا الله
مسح ذياب على جبينه يتزايد الضيق بصدره لكن لابُد ، من هالوضع لابُد لأن أبوه يشره عليه ، ويعتب عليه ، ويتدخلّ بشكل يحرق أبوه بنفسه هو تعوّد الإحتراق من مدة ، تعود سوء الظن به من مدة طويلة وشتت نظره فقط يشوف إرتجاف يدّ أبوه الثابتة طول عمره على ملامح نهيّان اللي بالصور ، تأمله الطويل له ونزل حاكم بعد وقت طويل يسأل فقط : من حطّها لك ؟
ناظره ذياب لثواني ينتفض داخل حاكم فقط لأنه شاف الجواب من عينه ، من قبل لا ينطق ومع ذلك نطق ذياب بهدوء : هي ، بنت صلاح اللي على عينك أبوي هي عاثت بي وبقصيد بأرضي ، بخيامي ، على عينك وقفت تحّداني ، وعلى عينك يومها روّح لزام بسببها هي وعلى عينك هي قالت السالفة ومن وراك ، من وراك ما قصّرت بي لا من ناحية نهيّان وطاريّه ، ولا من ناحية إنها تقرّبني بقصيد وماهو مرة ، ولا مرّتين
كان حاكم يتأمله ، وكمّل ذياب بهدوء : وتهددني بشيء أنا ما أرضاه لو على موتي وقطعت دربها ، قطعت جيّتها على الرياض كلها ولويت ذراعها مثل ما كانت تبي تلوي ذراعي لكن عوّدت ، عودّت وإنت وأبونايف لمصلحتي أنا سهّلتوا دربها ، وجبتوها لين بابي أبوي
نطق حاكم مباشرة يقاطعه : لأن البلاء اللي بك منها يا ذيـ
رفع يدّه اللي ترجف فقط يشوفها أبوه : ماهو منها ، منّي أنا الظاهر
لأنه أشّر على عقله ، على راسه فقط سكتت ملامح حاكم كلها وشتت ذياب نظره : وإن كان منها ، بيطيب بموتها
عصّب حاكم مباشرة بذهول : وعادي لا سوّت لك شيء بيطيب بموتها ! بيروّح بموتها !
هز راسه بإيه فقط يناظر أبوه ، وسكت حاكم اللي يتأمل ملامح ولده لثواني خطفته بطريقة ما من البرود اللي بملامحه ، السكون ، الإنتفاخات تحت عينه ، بدايات الشيب فيه وإنه يشوف نفسه قبل 30 سنة بالضبط وشتت نظره بهدوء يهز ذياب راسه بإيه : تم أبوي ؟
طلعت ملاذ من الداخل تبتسم : كنت بزعل لو جيت للباب ولخاطر أبوك وتعدّيتني يا ذياب !
قيّد حاكم ذراع ذياب قبل يتعدّاه ، قبل يكمّل دربه لأمه ينطق لعينه : أبوي اللي تقولها وتكررها ، تذكّر بها نفسك إنك ولدي ، وإلا تذكرني بها أني أبوك يا ذياب ؟
قبّل رأس أبوه يتوجه لأمه ، يبتسم لها : ماعاش من يتعدّاك ولا كان ، أم ذياب
طلع نهيّان من الداخل يشيل سعود : تراي راعي شرهة وش يعني تجي للباب وما تمرّني ياعمي ؟ وش تقصد ؟
ضحك ذياب ياخذ بدقن سعود الصغير : ماشاءالله الله يحفظه ، نمرّه طال عمره ما نصبر عنه ، ماشاءالله
إبتسم نهيّان : وين مستعجل ؟ ماودك تدخل القهوة ؟
هز راسه بالنفي ، وإبتسمت ملاذ فقط : الله يحفظك
توجه لسيارته يشوف نظرات أبوه له فقط ومع ذلك هو حنى راسه إحتراماً له يركب سيارته وإنتبهت ملاذ على وقوف حاكم بمحلّه تنزل للأسفل ، له بإستغراب : حاكم ؟
ما تكلّم ، كان منه السكوت اللي تشوف ملاذ معه إختلاف ملامحه الشديد ونزّل يدها من على صدره فقط : خلاص
لمح ذياب المشهد كله وسط المرايا من إبتعاده ينتفض صدره كله ، ينتفض داخله كله يدري إن كل الدنيا ما تجبر حطام قلبه ، وداخله ، وحتى أبوه لو رجعت المياه لمجاريها ما بيقدر يجبره لأن داخل صدر ذياب ، داخله بأعماقه كُسر شيء بشع ، بشع مايتخيّل أحد بشاعته ولو ماكانت إبتسامتها ، ملامحها اللي شعّت لوداعه قبل ساعات رغم نومها يمكن ما إختار الا طريق الخيام لكنه غيّر لقصره ، لبيته ياخذ نفس من أعماق قلبه : يارب
-
بدّلت ملابسها تنتظر رجوعه ، تفكّر بكلامه ، بأفعاله ويخجل قلبها بشكل طاغي كل ما تذكّرت الأمس تاخذ نفس من أعماقها : يارب
رجعت شعرها للخلف تمسك نصفه ، وتترك الباقي بحريته تعدل فستانها تنتظر رجوعه وبالفعل وصلتها رسالة منه " أنا تحت " تستغرب لأنها ما سمعت صوت الباب ونزلت للأسفل : جوانا ، ذياب جاء ؟
هزت جوانا راسها بإيه تسكر الستائر بالأسفل : بالحديقة
رفعت قصيد حاجبها لثواني بإستغراب ، وهزت راسها بإيه تأخذ الأوراق اللي جابتها لها جوانا من أبوها : تمام
توجهت للخارج بيدها الأوراق تشوف جلوسه الساكن بالجلسة تماماً وكان منها السؤال : بنجلس هنا ذياب ؟
هز راسه بإيه تلف نظرها لجوانا تأشّر لها بإيه ، إن القهوة هنا وتوجّهت من خلفه تقبّل راسه لثواني : فيك شيء؟
كان منه النفي تمشي لداخل الجلسة ، تجلس جنبه ومدّت له الأوراق تعض شفايفها لثواني : رسلها بابا مع جوانا ، وإتصل يسأل وقت عرف إني نايمة قال إذا صحصحتي شوفيها وقولي لذياب يشوفها معك وبجيكم
فتح الأوراق يشوف سيرة قصيد الذاتية كاملة ، عمرها ، مؤهلاتها ، شهاداتها ، دوراتها ، لُغاتها ولف للورقة الأخرى ينتبه على إسم المكتب ونطقت قصيد : يقول ، الأفضل تتقيّدين عند أحد غيري بالتدريب ، سوالف سمعة وعشان ما أحد يقول لأن أبوها ، وبسبب أبوها بس هي كذا
ذياب بهدوء : معه حق بس الدنيا تعرف ذياب يعني من قبل أتخرج حتى أغلبهم يرسلون لي لو لي رغبة بالتقييد عندهم أو التدريب أو أي شيء يعني مين بيخاطر يطلب أحد لمكتبه وهو يدري إنه مايعرف شيء وبس بسبب أبوه
هز راسه بالنفي يرجع أكتافه للخلف : يحنّك الشاعر ، ما يبي توصلك الكلمة ومعه حق لكن إنتِ وش تقولين
جات جوانا تترك القهوة أمامهم ، وتقدّمت قصيد تصب له فنجال ، ولها ترجع لجلوسها : ما أعرف ، منها معاه حق ومنها وش علينا من الناس طيب وش يسوي كلامهم
إنتبهت إن ملامحه تغيّرت عن قبل خروجه كثير ، إن فيه أشياء كثيرة تبدّلت ونطقت : ذياب صار شيء ؟
هز راسه بالنفي ياخذ نفس من أعماق قلبه ، بداخله شعور - فراغ - تامّ ما يدري حتى وش يحس تجاهه : صار شيءّ شين ؟ لا ما صار الا الخير الحمدلله
كانت تنتظره يكمّل ، وشرب فنجاله ينطق بكل هدوء بعده : أنهيت كل شيء قصيد
شهقت من حرارة الفنجال : حار طيب ! مليون مرة أقول
هز راسه بالنفي : مايحرق شيء ، سمعتي وش قلت ؟
قصيد بعدم إستيعاب : أنهيت كل شيء ، وش يعني كل شيء ذياب ما فهمت
رفع يده لطرف حاجبه فقط ما يقدر يتعمّق بالشرح لها ، ما قدر يعبّر بالشكل الكامل : الظروف ، يوم قلتلك القيود والحدود والوقت اللي أبيه ، كله قضى اليوم خلاص
ضحكت تاخذ نفس من أعماق قلبها : نلعب الأسئلة يعني
رفع حاجبه لثواني ، ونطقت بهدوء تام : قضى الخوف اللي كان من شهور بدون أي سبب ؟ أو بسبب تخبيّه عني ؟
هز راسه بإيه يكتفي لكن نظراتها أجبرته يتكلّم ، أجبرته ينطق بهدوء : قضى ، لأن كان به حدٍ ناقص اليوم حطيته ولا تشغلين بالك بالتفاصيل قصيد ، لا تفكّرين بها أبوي
هزت راسها بالنفي تثبّت رأيها إن ودها تعرف ، وأخذ نفس من أعماق قلبه : تذكرين بنت صلاح ؟
سكن خاطرها مباشرة قبل يكمّل حتى تستوعب : اللي جـ
قاطعها مباشرة قبل تحرق قلبه وتتذكر أفعالها : هي ، بعينها من مدّة قد لعنت سابعها وعوّدت ولا كان لي علم بها لكن اليوم إنتهت ، قضت ماعاد هي حولنا
هزت راسها بالنفي برجاء : بالقلم نشرح حبيبي ، أرجوك
مسح على راسه لثواني تشوف إن هذا أصعب حوار ممكن يمرّ فيه بحياته وودّها تحنه ، تتراجع عن السؤال بس بنفس الوقت ماودها تبي له الراحة كلها وأخذ نفس من أعماق قلبه يسولف لها ، يراقب عينها بكل الحكاية وهو يسولف وتسمع له بكل حوّاسها لكن فصل عقلها ، علّق عقلها بالنهاية : يعني لحظة ، إنت ما كنت تعرف إنها موجودة هنا ورجعت بس كنت خايف طول الوقـ
عضّت شفايفها من نظرته لثواني حتى هي ما تحسّ حرارة القهوة بهاللحظة : أقصد القلق ، وقصيد ماتجلسين بالبيت لحالك وكل الحال اللي قبل كان بسبب إنك حتى مو متأكد إنها موجودة وهي فعلاً موجودة يعني !
مد يده ينزّل الفنجال من يدها لأنه حار جداً وهي تمسكه غلط : لكن قضت ، هذا المهم قصيد
هزّت راسها بالنفي تعض شفايفها : ما يهمني ! يهمني وش أخذت منك ذياب وش صار فيك لا تقول قضت !
لأنه كان يعرف إن هذا بيكون ردّها هو هُز داخله مباشرة : قصيد
هزت راسها بالنفي داخلها يضجّ ، يضجّ وتدري باقي خافي ما قاله لها حكاية وحدة نطقها لها شيّبت راسها ، شيّبت عقلها كله وحاولت تمسك دموعها لثواني تستفسر : يعني هي ضرّتك ، وضرّتني بهالشكل وحتى عمي حاكم يعرف لكن لأن هم حريصين ماشاءالله وفكّروا بدون سؤال إنها هي تكون سوّت لك شيء مثلاً ، يجيبونها للرياض مرة ثانية عشان تكون قريبة منهم لكن ما يصير عندك خبر بسبب إنّ !
سكتت تحاول تهضم السالفة بعقلها عجزت ، عجزت ونطقت من جديد : قريبة لدرجة تقدر تسوي شيء مرة ثانية لكن إنت ما عندك خبر لأن هم عندهم خبر وكفاية
عدل جلسته ينطق بنبرة شبه أحدّ يوقّف عقلها : قصيد !
سكتت ، إختارت السكوت فقط تشتت نظرها لثواني وتعرف لو طوّل سكوتها بينهلك ، بيموت بمحلّه ولهالسبب هي مدّت يدها تبعد ذراعه ، تدخل بحضنه وإنحنى يقبل راسها مباشرة : آسف ، وقضت هذا المهم
قصيد بهدوء : هي السبب باللي صار بالخيام ؟ هي اللي حطّت الصور بسيارتك وهي طبعاً ، تحت مراقبتهم
كانت تصرخ اللي فخاطره من مدّة تساؤل ، تنطقه بدون ما تفكّر فيه حتى ولا تهمسه ورجعت تحاول تركّز : يعني بعد كل شيء ، وإنت عارف نيتها أساساً بعّدتها عننا وعنك بالحُسنى وإنتهت السالفة صح ؟ كيف إنتهت ذياب كيف وقّفتها عند حدها أساساً هي وش كانت تبي منـ
سكتت بذهول تبعدّ يده ، ترجع السالفة كلها لعقلها بلحظة وحدة بدايات حكي ذياب كان يشرح لها عنها ، عن إنها من حريم البدو وكانت تبي نهيّان يتزوجها ، ياخذها لو بالإسم بس ورجف صدرها بدون مقدمات : هي كانت تبيك تاخذ بنتـ
مدّ يده يقاطعها مباشرة لأنها تستوعب من كل النواحي بشكل صعب عليها هي وإلا هو تخطى من مدّة ، من وقت طويل ونطق تركي اللي دخل الحديقة : وش تسوي ببنتي يا ذياب ؟
سكنت ملامح قصيد مباشرة ، سكنت تشعّ لأن يد ذياب على شفايفها يسكتها ويدّه الأخرى تمسكها وتركها ذياب يبتسم تركي : قصيد ، غلط عليك شيء أكسّر راسه ؟
-
'
إبتسمت لأن أبوها يضحك أساساً لكنها تذوب خجل ، وإبتسم ذياب يوقف يسلّم عليه لكن تركي ضحك يشدّ يده بشبه تهديد : لا عاد أشوفك تسكّت بنتي يا ذياب !
إبتسم ذياب بهدوء : لو تدري ليه أسكتها بتعذرني ياعمي
ضحك يضرب على كتفه بذهول : يعني مستحقة تقيّدها كذا ؟ معقول يا قصيد ؟
شعّت ملامحها خجل مباشرة يضحك ، يمد يده لقصيد اللي رفعت نفسها تقبّل راس أبوها اللي نطق بهمس : خفّي على الولد صدعتي راسه ! أول مرة أشوفه يسكّت أحد وش سويتي له وبالدموع بعد ! ، كايدة صدق
لأن ذياب سمع ، وكتم ضحكته هي ضحكت بذهول تتلاشى الدموع اللي كانت تغرّق عيونها : إنت معاه عنده ومعاي عندي ؟ ليه كذا يعني مافهمت ؟
إبتسم تركي : أكسبكم الإثنين ، سياسة يسمونها والذيب أدرى بها
إبتسم ذياب فقط ، وجلس تركي يشوف الأوراق : وش تتجادلون عليه لأن قصيد ما تكشّر أنيابها إلا لا كان بالموضوع كلمة لا ، وش قايل لها لا عليه يا ذياب ؟
نطقت هي كالعادة ، تنسى نفسها : بس ذياب ما يقولي لا
إبتسم أبوها اللي لمح نظرة ذياب لها يضحك ، ياخذ الفنجال من يدّها : الله يديمه لك ، ويديمك له ويديمكم لنا .. كيف حالكم أبوي عساكم طيبين ؟
ذياب : بخير وأفضل حال الحمدلله ياعمي ، إنت علومك عساك طيب ؟ عمتي وعذبي طيبين ؟
إبتسم يهز راسه بإيه : طيّبين يسلمون عليك ، الوالد والوالدة علومهم ؟
إبتسم ذياب بهدوء : الحمدلله ، الله يسلمك ويسلمهم
إبتسمت قصيد ترجع جسدها للخلف فقط ، تحس بأبوها شيء مختلف تماماً : عندك موضوع بعيونك أقدر أشوف
ضحك تركي يقفّل الأوراق اللي بيده : إي والله ، بس قبلها وش قلتي ؟ خلاص نعتمد التدريب بهالمكتب ماهو عندي
هزت راسها بالنفي : بعدين بابا ، بعد العيد نشوف ان شاء الله ونقرر ينفع ؟ لأن ما أحس منطقي عشان إسمك بس وأحس ظلم بنفس الوقت ، يمكن رغبتي الخاصة أتدرب عند أفضل محامي فيك يادنيا ليه تحرمني ؟
ناظرها لثواني تفجّرت ملامحه حب تشوف هالشيء وبالفعل ضحك ، ضحك من أعماقه يبتسم ذياب لأن طريقتها بالكلام " تحوف محبة " دائماً ونطق تركي : ياليتك هنا يا سلاف وإلا هالحكي شلون نردّ عليه ؟
ضحكت تعرف قصده بعضّ أمها لأصباعها ، وهز راسه بإيه بكمّل : أكيد ينفع بس وش عندك إلى بعد العيد ؟
هزت راسها بالنفي : برتاح
ضحك تركي بذهول أكبر ، بذهول أكثر : ترتاحين ؟
حتى ذياب كان مصدوم : وش متعبك ؟
هزت راسها بالنفي : لا أقصد برتاح شوي بعد التخرج يعني
ناظرها أبوها لثواني يمد فنجاله : إيه ، ماشاءالله تعبتي معك حق .. تدري من مرّني المكتب اليوم يا ذياب ؟
'
هز راسه بالنفي يكمّل تركي : المستشار عبدالرحمن وأخوه عبدالرحيم ، أبوبندر اللي رسلته لي بدايات شغلك
تذكّر ذياب يهز راسه بإيه فقط ، وكانت قصيد تسمع بإنصات من كمّل أبوها يسولف : كيف الحال وش العلوم وش الأخبار والدنيا ومن هنا ومن هنا لين وصلت السالفة عندك ، قال نسيبك ذياب كيف حاله قلت طيب ماعليه قال تخيّل ياتركي ، هذا المستشار عبدالرحمن يقول جاتني الأوراق لذياب من جديد وفرحت ، قلت عرف إن مكانه هنا والحمدلله بيرجع وترجع الأمور طيبة وشوي يومين إلاّ يجيني العلم من أبونايف قال اصرف نظر ترى ذياب ماوده
قبل يتكّلم حتى ذياب نطقت قصيد : مين كلهم أصلاً ؟
إبتسم تركي فقط لكنه رجّع نظره لذياب : أرّقني الموضوع ياذياب إن كنت تبي الصدق ، يوم دريت والله ماهان علي أول ، وشغلك أول بالمكتب إيه ماكنت راضي عنه لكن الوزارة دامها رجعت لك ليه تردّها ياذياب ؟ مارجعت لك بالواسطات وإلا كلامهم الفاضي إنت دخلتها تستاهلها وبعرق جبينك ، واللي صار ظلم والحين بترجع لها لأنهم يدرون بإنه ظلم ورفعوه عنك ، ليه ترفض يابوك ؟
هز راسه بالنفي ياخذ نفس من أعماق قلبه : إكتفيت ياعمي ، إكتفيت من الوزارة ومن مكتب سموه ومن كل الدنيا ذي ماعاد لي فيها شيء
سكتت قصيد لأنه يتكلّم بالصريح ، وسكت حتى تركي يهز راسه بإيه : أذكر وصايا نهيّان لك أول ، بس دامك مرتاح يابوك ألزم ماعليك راحتك أجل
يكذب لو يقول إنه مرتاح لكنه إكتفى ، فعلاً إكتفى ووقت قُطع من الوزارة تماماً وقطع الأمل برجوعه ، ووقطع الوجود مع سموّه وبإختصار - عاطل - تماماً بدون شغل هو شدّه حنين رهيب لشغله بالوزارة ، لأول تعيينه ، لأيام كثيرة يتذكّرها بحنين صارخ لكن بنفس الوقت ماعنده قدرة ، ولا طاقة ، ولا إحتمال : الحمدلله
لمح تركي إنه مو هاين عليه ، ولمحت حتى قصيد ولهالسبب هو تكلّم : وين بتروح الحين يا ذياب ؟ وش بتسوي إن كنت ما تبي مكتب سموه ، ولا الوزارة ؟ وش بتسوي
رفع أكتافه بعدم معرفة يمسح على جبينه ، وتنهّد تركي فقط يعرف هالحال : الله يزينها يابوك ، الله يزينها
سكتت قصيد فقط تشتت نظرها : أسوي لكم شاهي ؟
هز تركي راسه بإيه يكح : جوانا ، تسوي شاهي
إبتسم ذياب اللي يتأمل باطن يدّه فقط ، وتنحنحت قصيد : ليه يعني الشاهي حقي ماينفع ؟ ما تبي ؟
هز راسه بالنفي يفكّر : لا بس الدرب من هنا للمطبخ ماشاءالله سفر ، يمديك تفكّرين فيه وش الشيء اللي تعّبك بترتاحين ، يمكن من الغياب
ضحك ذياب اللي شتت نظره وهز تركي راسه بالنفي بعتاب : ولك جزء من العتاب يا ذياب ، أجي أشدّ عليها من هنا ترخي إنت وراك ما تصحيها من نومها تخلّيها تداوم ؟

انت الهوى ، كل الهوى برد ولهيب🤎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن