-
'
وقفت حتى هي تلحقه مباشرة من سمعت جداله مع أبوه اللي وقف بصدره بالصالة لا ينزل ونطق ذياب يخضّع نبرته بالقوة : أبوي ، ما بسوي شيء
حاكم بغضب : بس بتحرق الدنيا ما بتسوي شيء !
نطق ذياب بنفس الغضب مباشرة : ما قلت له إمّا يرد بنته وإلا رديتها أنا ؟ ما قلت له
حس بيدها تسحب ذراعه ومافيها حتى حيل الكلام تحس هالوضع كله ، كابوس من الآخر : يكفي ذيـاب
لف نظره لها لأنها تعبت ، لأنها أُرهقت وبهاللحظة يحسّ قلبه يحترق لأنها ما تبي المشاكل دائماً ، وتبي تفرح وحتى وقت فرحت نكدّت عليها توق بهالشكل وهز راسه بإيه فقط يلف نظره لأبوه بحرقة ، بهمس : تصرّف ، تصرّف لأني لو تصرفت أنا بحرق الدنيا أبوي ولا أمزح بها
هز حاكم راسه بإيه : أبشر ، أبشر يابوك بس أرتاح
نفض نفسه من أبوه يحاول يمسك أعصابه ، يحاول يمسك لهيبه ونطق بهدوء : وش سوّت قصيد ؟
ناظرته ملاذ لثواني بهدوء : بعد ما ثرت ، وعصفت ، وثوّرت تسأل وش صار ذياب ؟ هذا طبعك ؟
نطق حاكم بهدوء : ما ينلام ، ماهي أول مرة ياملاذ
سكتت لثواني تحس قصيد إنها " تختنق " لأن كل الحكاية صارت " كبيرة " ويعرفون بها كثير بشكل يكتمها ، سكتت ما تتحمل حتى الكلام وجات سلاف اللي لبست عبايتها لأن حاكم موجود لكن ما يهمها بهاللحظة تنطق بهدوء : ملاذ ، تركي بيطلع
نُفض داخل قصيد تحس بالوضع " يكبر " ، وشتت نظرها لثواني تغرق عيونها بالدموع من لمحت أمها وأبوها بالدرج ، ذياب أمام حاكم وملاذ خلف عمها : وش تسوون إنتم ؟
لأن يديها كلها صارت على بطنها من القلق ، من شعورها الفضيع تجاه هالوقوف قدامها ولأنها تبي تتنفس بس : يكفي ذياب ، وما فيني شيء وما صار شيء مهم تطاولت هي ، أخذت نصيبها هي ، وعرفت حدّها وحدودها هي إذا كنت أنا موجودة هي مالها وجود حولي ولا بأي مكان عندي وإنتهى الكل صار يعرف والكل يفهم يكفي
هز ذياب راسه بالنفي يحس كلامها يحرقه : وبنقعد حنّا ؟ بنقعد كل ما ضحكتي يجي .... ينكّد عليك وحنا سكوت ؟
إبتسمت تحاول تمسك دموعها بهمس : تحبوني ، بس مو لهالدرجة تكبر عشانها وهي ما تستاهل ، ما تستاهل ولو سوّت شيء أنا باخذ حقي من عينها لا تكبر بينكم !
ناظرها حاكم يستوعب إنها قلقت من وجودهم ، قلقت إنها تشب بين آل نائل كلهم ، وبين آل سليمان ونطق أبوها بهدوء : لكن الغلط والخطأ ، ينادي العقوبة ياقصيد واللي ماله حد ، ينحط له حد
هزت راسها بالنفي : عليها هي ومني أنا ، لا تكبر أكثر دام ما صار شيء حدّه كلام تكلّمت هي وتكلّمت أنا وإنتهى
ناظرها ذياب لثواني : وأنتظر لين يصير شيء قصيد ؟
'
مهما تكلّمت عبث ، مهما حاولت تخففّ وقع الحادثة عبث ومسحت على عيونها لثواني فقط : ما بيصير
شدّ حاكم على كتف ذياب فقط ، وأخذت ملاذ نفس من أعماقها يتنحنح حاكم : إرتاحي إنتِ يابوك
هزت راسها بالنفي : برتاح لو إنتهى الموضوع هنا عمي ما يسوى أكثر ما كان يسوى قبل ولا يسوى الحين
شتت ذياب نظره يبي ياخذ " نفس " فقط لأنها ما تتوب من طبعها اللي يبي الأمور تمشي طبيعية والمفروض تنحرق الدنيا عشانها ، لأن نفس الحادثة بالخيام تكررّت عليه بهاللحظة تشب وتحترق الدنيا لكن أهم شيء عندها ، الناس حولها لا يتضررون ولا يزعلون ولا يدرون حتى ومسح على ملامحه فقط : إرتاحي !
هزت راسها بإيه تلف نظرها لهم فقط تتأكد إن الكل فهم رغبتها ، فهم ودّها وشد حاكم على ذراع ذياب فقط لكن قصيد سألت تخطف قلبه : الأمور طيبة ذياب ؟
هز راسه بإيه ، وتوجهت للغرفة يتبعها هو يسكر الباب فقط يبي يفصل عن الحاصل كله وينتبه لها : بك شيء ؟
هزت راسها بالنفي تمشي للسرير فقط ، تجلس وتركت ظهرها على ظهر السرير يمد يده لها تنطق هي : الرجال
هز راسه بالنفي يشدّ يدها الدافية بيده : ينتظرون الرجال ، يدك حارة
-
شهقت أسيل من لمحت يدهّ بيد قصيد ، من نطق " ينتظرون الرجال " وكمّلها بحرارة يدها بطريقة خلّت شهقتها مسموعة تلتفت قصيد للدولاب ، ونطقت ودّ برعب تتدارك : قصيد ؟
ما إلتفت ذياب لكن قصيد لفّت تستوعب هي سمعت صوت فعلاً وسرعان ما تذكّرت البنات اللي بالدولاب : ما طلعتوا ؟
سكتت حتى ودّ من الوهقة رغم توقّع قصيد لأنهم طلعوا من وقت خروج الكل للصالة ، وإبتسمت بهدوء فقط يوقف ذياب للجانب الآخر من الغرفة : قولي لهم يروّحون
هزت راسها بإيه : روحوا مو حولكم ذياب ، ومافي أحد برا
طلعت أسيل ، وطلعت ودّ يركضون للخارج مباشرة تصرخ أسيل بمجرد خروجهم من الغرفة : شفت تواصل بصري أكثر من كل تواصل شفته بحياتي ليه محد يقطع النظرة !
ضحكت ودّ من أعماق قلبها لأن أسيل مفجوعة ، لأنها توتّرت بشدة من الموقف على عينها ورجعت تصرخ أسيل مرة ثانية من هدوء ودّ : مستحيل ود !
لأن نظرات ودّ كانت تبين إن النظرة ما تقطع بين المحبين شهقت أسيل اللي راح عقلها لبعيد تماماً تضربها : يع ! يع يع يع
ضحكت ود تنزل للأسفل ، تشوف الجو شبه المشحون والحوار الطويل اللي بين سلاف وملاذ بأحد زوايا الصالة ولفت نظرها لأسيل : وش تتوقعين بيصير الحين ؟ كبرت السالفة مرة
هزت أسيل راسها بالنفي : وتكبر ، إذا بسبب توق وقلة أدبها تكبر ليه ما تكبر لازم تعرف حدها بس الشيء الوحيد اللي يهمني الحين إن قصيد زعلت ، تمنيت إني ما تكلّمت ولا سويت مع .... توق شيء
-
'
ملاذ : سلاف فجأة البنات دخلوا ببعض وقصيد تكلّم توق بتعالي غريب عليها ما عرفت شخصيتها ثم جاء ذياب ثاير على توق وبدون مايعرف؟
هزت سلاف راسها بالنفي تتنهد : أستحي أقول لك ياملاذ والله لكن يكفي لو ودك تعرفين إن قصيد ما تغلط ولا هي منزهه لا والله لكنها تحشّم ، تحشّم حتى لو على حساب نفسها ولأنها تشوف توق طفلة للآن ما تستوعب إن الموضوع به عوائل ، به ناس كبار وماهو تعالي غريب قد ماهو تردّ على قلة أدب توق والحشمة لك
ملاذ بذهول : ليه ما أدري عن شيء سلاف ؟ أنا يوم شفت ذياب ثاير قلت ماهو منطقي ثم حاكم يقول ماهي أول مرة
سلاف بهدوء : منطقي ملاذ ، منطقي وبالحيل توق قد شبّتها لين وصلت لذياب وعناد ويدري بها عناد وترى بكل هالمرات ، لخاطر قصيد وطلب قصيد حنّا نقول معليش وطفلة وسوالف بنات بسيطة لكن وصلت للأكبر ملاذ ، من عرس ورد وهي كبيرة واليوم ؟ اليوم أنا ما أصدق إن
ناظرتها ملاذ تنتظرها تكمّل الحوار ، وإبتسمت سلاف بهدوء : ما يهم الموضوع ياملاذ ، إنتهى بأرضه خلاص
ناظرتها ملاذ من رفضت سلاف الشرح ، ورفضت حتى تسولف لها عن سوايا توق تمسح ملاذ على جبينها : الله يكون بالعون
-
« بالأعـلى »
ما أثّر فيها الموقف ، ولا أثّرت فيها توق غير إن حقدها غير مُبرر لكن بهاللحظة تأثرها كله من نظرات ذياب اللي يتأملها : وش ذياب ؟ ترى كل الدنيا تشوفك وتقول وش هالحب لقصيد ماله مبرر ؟
ناظرها لثواني لأن مشاعره " تلتهب " بقلبه يمسح على جبينه : ما طلبت من الدنيا تعذرني ولا تدور لي تبرير
رقّ قلبها بسكون من رفع يدّها لشفايفه يقبّلها بالهدوء لوقت طويل وسكنت هي : ذياب ؟ ما فيني شيء طيب ما فينا شيء !
شتت نظره لبعيد فقط ما يتحمّل فكرة إنها قبل أمس كانت بالمستشفى ، واليوم كل غاياته فرحها وجاء شيء مو بقدرته ولا إستطاعته يخرّب عليها ووقت تمدّ يدها لبطنها " ترعبه " لأن ماعنده فكرة حسنة من وقت ما عرفت بحملها بالنزيف ، كل مدّة منها يحس إنها تتألم : أخاف يتعبك شيء وأنا ماني حولك قصيد
قصيـد : ذياب ! من متى الخوف للذيب يعني ما فهمت ! من متى يخاف الذيب !
هز راسه بالنفي : لا كنتي إنتِ الموضوع ، يخاف
ما يتعامل بالمداراة ، وما يتعامل بالتخفيف وقت يكون ودها ما يقول بالصريح هو ينطق بأصرح ما عنده وإبتسمت بهدوء لكنّه تكلم : أخاف يصير لكم شيء قصيد تسولفين وتمدين يدك لبطنك أنا يضرب مخي قصيد ما
إبتسمت بهدوء تاخذ يدّه لبطنها : طيب تلقائي الموضوع ! مستوعب إن هنا ذيب صغيّر ؟ أو غزالة صغيرة ؟ يعني يا بابا ماما بتسولف عادي بس هي تحب تمد يدها عندنا عشان تحس إننا موجودين ما تصدق للحين !
'
لوهلة حسّ الكون وقف فيه على يده اللي على بطنها ، كلمتها ، ونداها بإن صغيره اللي بداخلها يوماً ما بيناديه بهالطريقة وضحك تتبدل ملامحه كلها ، تبرد نيران غضبه ، تسكن لهايب خوفه من كلمتها له بهالشكل ومن وجود يدّه بيدها ، على بطنها ضحك تضحك قصيد هي من ضحكته ، من ضغط على عيونه : وش ؟
ما كان منه الرد ، ما كان منه إلا ينحني يقبّل بطنها يفيض داخل قصيد كلّه من إنحناءه ، من سكن كله بعد قُبلة طويلة يبقى بحضنها ومدّت يدها لشعره : ذياب
-
« بيـت حـاكـم »
للآن بعقلها نهاية العزيمة ، كسرة السكون والخجل اللي حلّت على الجميع بسبب توق والهدوء عقب صارخ الأفراح تمسح على وجهها بعدم تصديق لأن رغم إن الوداع كان هادي ، لكن اللي ضميره حيّ يحس بالخجل وجداً حتى لو ماله دخل : نهيّان ، الغيرة منطقية ؟
رفع حاجبه لثواني بإستغراب يترك سعود بسريره : وش ؟
هزت راسها بإيه : يعني تغار على شيء ماهو لك أصلاً ، تغار من شيء إنت بعالم ثاني عنه تحس منطقي ؟
نهيـان : ماني فاهم شيء ديم مين يغار من مين ؟
عضت شفايفها لأن أصلاً شلون تقول ، هي بنفسها ما تصدق إنها غيرة لأنها تراكمت فُجرت بوقت " خاطئ " وبشع لأن تفكير توق للآن ، هي ما غلطت من وقت كف قصيد لها ، وزواج ورد ، ولا بهاللحظة حتى غلطت هي بعينها فعلاً قصيد مجرد دخيلة على عائلتهم بشكل " مُتحكم " ولأشياء مو ملكها وتنهّدت : مدري ، صارت أحداث غبية اليوم توق سببت ضجة مو طبيعية لقصيد كأنها تقول لها ترى إحنا الداخلين وإنتِ الطالعة ويفشّل ، يفشل نهيان إستحيت وأنا مالي دخل
وقف عقله يستوعب : شلون ؟ وش دخلها هي تكلّمها ؟ عشان كذا ذياب وأبوي وتركي طلعوا من المجلس ؟
تنهّدت تتوجه للسرير تهز راسها بإيه : مدري ، بس أحسها خرّبت شيء مستحيل يرجع يتصلح من جديد لو تشوف بنات آل نائل كيف كشّوا عليها لأنها تكلمت على قصيد بهالأسلوب
ضحك لثواني : عوافي بعدين توق ؟ الورع توق بنت عناد ؟ وش تخرّب ووش تصلح وش بيدها هي ديم ؟
رفعت أكتافها تجلس قدامه ، وهز راسه بالنفي : حنا وآل نائل ترى من قبل لا تجي توق أصلاً ، والحين ذياب ماخذ منهم بعد وبيجي له ولد أمه منهم ، ماهو شيء بسيط عشان تهدّه توق بكم كلمة عادي الدنيا شد ورخاء
ضحكت لثواني تتنهد : ليه كل المواضيع بسيطة عندك؟
إبتسم : لأن حدث العاقل بما يُعقل ، هوشة اليوم تنمحي بكرة وكلام الليل يمحيه النهار وما صار بالدنيا شيء
ناظرته لثواني ، وهز راسه بإيه بإثبات : والله
إبتسمت تنحني له فقط ، تقبّله بهدوء : منطقي
ضحك بذهول من بكى سعود تبعد هي : تخرّب على أبوك يا سعود !
'
إبتسمت ديم تتوجه له ، تاخذه بحضنها : معليش هو أولى بأُمه بعد ، حبيبي اللي بيجي له ولد عم
إبتسم نهيّان من ضحك له سعود يقبّله ، ياكله بالقُبل وسط ضحكات سعود ، وضحكات ديم اللي نالت نصيبها من قُبله المستمرة تتعالى أصواتهم بالضحك ، واللعب وصولاً لمرحلة السكون من ريّحت نفسها على صدره بحضنها سعود ، من قبّل راسها بهدوء : أحبك ديم
-
« الخـارج »
لف نصّار نظره لها لأن بين بهجتها بداية العزيمة ، ووسطها ، وحالها بهاللحظة هو يحتار : وش زعّلك ورد ؟
هزت راسها بالنفي تشيّك على جوالها ، لآخر لحظة تبي تتطمن على قصيد وتتأكد إن فعلاً مافيها شيء : ما زعلني شيء نصّار
هز راسه بإيه : شوي وتحرقين الشارع من نظرتك ورد وش فيه ؟ أحد قال لك شيء أحد كلمك ؟ صار شيء ؟
هزت راسها بالنفي تاخذ نفس من أعماق قلبها : أكره الناس اللي تخرّب على الناس فرحتها نصار ، وأكره لما أكون بعيدة لدرجة ما أعرف عن المواضيع من بدري عشان أوقفها عند حدّها ولا توصل لهالدرجة !
نصّار بعدم فهم : تبين نرجع الرياض ما تبين أسبانيا ؟
لفت نظرها له تشوف تساؤله الجدي بعينه ، إلتفاته لها وإنه ما فهم شيء لكن ركزّ على نقطة البعد وضحكت بإرهاق تمسح على جبينها : مو قصدي بعد المسافة ، ماعليه راح الموضوع كيف لقيت ذياب اليوم ؟
هز راسه بالنفي : ما راح الموضوع وش صار ورد ؟
تنهّدت من أعماق قلبها : صارت حركة غبية من وحدة من البنات لقصيد ، طلع بينهم تتش من مدة ووقت وما دريت أنا ووقت دريت جات الأشياء وراء بعض ، ما يهمك
هز راسه بإيه : فعلاً مايهمني ، سواليف بنات يعني ؟
هزت راسها بإيه فقط ، وإبتسم : طاير من الفرح ذياب ،جاء يقول لنا فيك الشدة تصير عم ؟ يقصدنا أنا ونهيّان وأسامة وجاك أكبر غباء ولا واحد فينا فهم
ضحكت : عرفنا من أمي علياء إحنا ، وقت شافت سلاف منهارة تبكي قالت لها إنتِ ما تبكين عشان التخرج بس ، إنت تبكين لأن الذيب بيجي له ولد
إبتسم نصّار : يبي بنت ذياب ، يقول كلهم خير وبركة بس قلبه يميل للبنت عسى الله ينوّله ويتمم لهم على خير
إبتسمت ورد : حنون ذياب مره ، تعبت قصيد بعد الخيام وحسيت بتأنيب ضمير مرة بسبب إصراري عليها تركب معي ، قال لي وش له الدموع ورد على طول ؟
لمح إن عيونها تلمع : ليه بتبكين طيب ؟
عضّت شفايفها تفيض مشاعرها : مدري ، أحس أول مرة أشوف ذياب مبسوط بهالشكل ، وقصيد بعد وجاء شيء خرّب عليها هي ، وكنت أنا بخرّب عليهم وقت أصريّت عليها تركب معي وهي ماتدري وتعبت وراحت للمستشفى يعني لو ما كان لطف الله ، كان ممكن يروح البيبي لا سمح الله قبل حتى يفرحون فيه نصّار -
'
ناظرها لثواني بذهول يشدّ يدها : وش هالتفكير ورد !
أخذت نفس من أعماق قلبها تهفّ على عيونها : مشاعري مو طبيعية اليوم ياليت الدباب هنا بالرياض
ضحك نصّار يشد يدها : تبين الفريق يعلّق راسي على مدخل الرياض يعني ؟ بايعتني ورد ما تحبيني حبيبتي ؟
ضحكت تشدّ يده ، وإبتسم نصّار يوصل لبيت أهلها : ما جو أمك وأبوك للحين ؟
هزت راسها بالنفي : عند بيت ذياب للحين ، تنزل ؟
ميّل شفايفه لثواني لكنه نزل ، قفّل السيارة ونزل يبتسم بهدوء من مرّت بعينه الذكريات بين كل زياراته لهالبيت خوي لذياب ، أول شوفه منه لورد ، حادثة الدباب وحبل فُستانها الأصفر وبهاللحظة هي تمشي قدامه ، يحرّك عبايتها الهواء يكشف فستانها الأصفر اللي يُرسم على جسدها بأكمله ومن دخلت للمجلس تنحني لكعبها تفتحه وضحكت لثواني من إنه يتأملها : وش هالنظرات؟
هز راسه بالنفي يمشي لجنبها ، يجلس بجنبها وإبتسمت : وش ؟
هز راسه بالنفي : مدري ياخي فيني شعور غريب اليوم ، أول بعد العزايم أرجع البيت وحداني .. الحين أرجع وإنتِ معي أصفر ، وأشقر ، وزينٍ ما بعده
ضحكت تتورد ملامحها بذهول لأن شطحاته مالها حل ، ولأن ما عندها ردّ هي قربت منه تقبّله فقط يرُد بالقبل اللي ما وده تنتهي ، ولا وده تخلص ..
_
« بيـت تركـي »
مسحت على يدها تنتبه على إحمرارها وجروح متفرقة من آثار توق هذا الأكيد : مسعورة
رفع حاجبه مباشرة : شسالفتج إنتِ تغلطين على عيالي ؟
لفت نظرها له بإستغراب وتو تنتبه إن الأشبال بالمطبخ ترفع الجلال عليها : شتبي إنت وعيالك أحد كلمك ؟
إنتبه لأحمرار يدها يرفع حاجبه : منهم ؟ شنو جرحوك ؟
ناظرت يدها لثواني بذهول : فهد شفيك ؟ قليل أدب ؟
نزل ياخذ أحد الأشبال بحضنه : سؤال حرام نسأل بعد ؟
كشّرت مباشرة : لا مو من عيالك ارتاح
سكت لثواني لكن لسانه تكلّم : من منو ؟
ناظرته بذهول ولو ماكان هو مذهول من نفسه وإنه سأل بصوت عالي يمكن كانت بتتهاوش معه ، وكشّرت تجلس : مو من شيء مهم ، فهد دق على عذبي يحسبوني معاهم بالفطور راح يشتري لودّ
دخل عذبي بيده الأكياس : ليه ما تكلمتي من أول أسيل ؟
كشّرت مباشرة : ما كنت أبي أول خلاص مو لازم
توجه عذبي للأعلى ، ومسح فهد على حاجبه : وش تبين ؟
ناظرته لثواني ، وهز راسه بإيه : مو عشانج أكيد بشتري لي ولعيالي مخلص أكلهم
ناظرته لثواني : فهد فيك شيء متغير ؟ ليه تعاملني كذا ؟
كشّر بملامحها مباشرة : روحي زين ، على اللي بيسوي فيج خير
ضحكت لأنه طلع من المطبخ : جيب لي معاك خلاص عرفت إنك ما تغيرت ، أبي عصير بعد فهد -
'
كشّر ياخذ مفتاح سيارته ولف نظره لها ، وإبتسمت تأشر له " بالرجاء " بإنها تبي فطور يكشّر فقط ويخرج للخارج تضحك أسيل اللي تشوفه من طلع بحضنه أحد الأشبال يمشي لسيارته إلى أن حرّك : غبي ، بس رهيب
-
تكّت على طرف الباب يسمعها عذبي اللي علّق يرجع جوالها لها : رهيبة كل الصور
هزت راسها بإيه بإعجاب : مرة ، مقهورة إني ما قدرت أصورها مع ذياب بس ماشاءالله على محبوبي ماقصر
ضحك لأنه المقصود ، وهز راسه بإيه يلبس نظارته يمد جواله لها : ما قصرتي إنتِ عيب أقصر أنا وبعدين ، لي غاية ثانية عشان لا جاء وقتنا حنّا قصيد تعلّق الجوال برقبتها ياويلها يفوتها شيء ما تصّوره
ضحكت ودّ : إستغلالي ! شفت الغزلان عذبي ؟
ضحك عذبي يهز راسه بإيه : الأثول فهد ، اليوم كله نافش ريشه علينا أنا اللي أدري بسالفة الغزلان وإنتم ما تدرون ، أنا لي الميزة عليكم كلكم ومسوي تخفّي ما بعلمكم السر لين قال السالفة كلها ، يقول كنا نسولف أنا وذياب وقصيد عن الحيوانات من قلّ المواضيع وسألنا قصيد وش تحبين ومن ضمنها قالت الغزلان ، تبي تشوف مشيها اللي أبوي دايم يوصفه بالغزال الفازع
ضحكت ودّ تسمع بإنصات " قتّال " لأن طريقته بالسالفة رائعة ، رهيبة وإبتسم عذبي : مبهور فهد ، يقول هي بس قالت تبي تشوف مشيهم وجابه لها على طول
هزت ودّ راسها بإيه : حلوة الغزلان ، حتى أنا أحبها مره
لف نظره لها مباشرة : يارب ما ودك تشوفينها
نطقت سلاف اللي شايله بيدها كوبين قهوة : يا بخيل ياعذبي ، تقولك تحبها تقول يارب ما ودك تشوفينها ؟
ضحك عذبي : أمد رجلي على قد لحافي حالياً أمي
إبتسم : قصيد صوّرت شيء
توجهت سلاف بجنبه ، وطلّعت ود نفسها من خلف الباب تشد جلالها عشان يشوفون معه وما توقّعت سلاف تفيض مشاعرها من صورة عادية تماماً من خلف شفاف الستائر لشاهق نخيل حديقتهم الخلفية المزينة بالأنوار اللي يختفي ضوّها مع ضوء النهار وتعليق واحد كان من قصيد " مشهد ختام " بالقلب البُني تبتسم ودّ : ماشاءالله
أخذت سلاف نفس من أعماق قلبها : أكيد رسلتها لنا بوريها أبوك ، لا تطولون واقفين بالسوالف خلاص !
ضحك عذبي يهز راسه بإيه ، وضحكت ودّ تتوجه سلاف للغرفة وهي كانت ماشية من وقت لكن منظر عذبي المتكيّ على الجدار وأنظاره للأمام ، ودّ اللي بجلالها خلف طرف الباب المفتوح ويسولفون إستوقفوها للحظات طويلة وتوجهت تدخل الغرفة خافتة النور تتأمل تركي المتمدد على السرير : أبو عذبي
إبتسم يعدل وضعيته من جات له بالقهوة : تسهريني يا أم عذبي ، وقت فطور وش لها داعي القهوة ؟
هزت راسها بالنفي تدور جوالها : راسي مصدع ، لازم تتقهوى معي -
'
هز راسه بإيه ياخذ الكوب منها ، وأخذت نفس من أعماق قلبها تفتح جوالها : لطيف اليوم ، حتى بعد السالفة اللي صارت لطيف الحمدلله إرتحت وقت شفت قصيد مبسوطه
هز راسه بإيه بهدوء : جاء عناد ، وأنا جالس مع العيال وهو بيمشي باس راسي ومشى
سكتت لثواني تناظره ، وشتت تركي نظره : اللي صار عيب ، عيب بالحيل ياسلاف والرجال ماله ذنب بسوايا بنته الله يصلح قلبها لأبوها ما يستاهل والله
شتت سلاف نظرها فقط : حاكم كلمه ؟
هز راسه بإيه : راحوا هو وحاكم سوا وقت طويل عن المجلس ، والبنت أصلاً راحت مع ورد يقول حاكم ورد تعرف لها ما ترضى بالغلط قلت لا تكبّرونها ، دام قصيد تكلّمت لا تكبرونها قال شايله حفيدي قصيد ، لا تتعب
لمعت عيون سلاف مباشرة : يحب قصيد بالحيل حاكم لاحظت
ضغط على عيونه : ماكلته الحسايف حاكم ، من بعد ما توفّى أبوه الله يرحمه وهو أحواله مختلفة على ذياب ، علاقته مع ذياب ويوم قال له ذياب أبوي ترى جايني ولد ، كأنه عطاه الدنيا بيديه الله يخليه له ، ويحفظهم لبعضهم ويحننّه ويديم عليهم الودّ
هزت سلاف راسها بإيه : فيه خافي إحنا ما نعرفه ، بس قصيد تعرفه كل ما قلت لها ذياب مستغني عن كل شيء ليه يا قصيد ، بس تسكت ولا تلومه على ولا شيء
هز تركي راسه بإيه يمسح على جبينه بهدوء : عشان أبوه
ناظرته سلاف لثواني ، وهز تركي راسه بإيه : أعرف ذياب ، ذياب يا سلاف توه ماله كم سنة له بالوزارة قلب الدنيا فوق تحت ، من صيته هو ، من طبعه هو ، من سياسته هو حاربوه بالوزارة راح لمكتب طويل العمر لأنه ماهو فاسد مثل ما وصفوه ، ولا هو مختلس مثل ما دبّسوه ، راح يثبت لهم إن لو كان فيه ويخطيه من اللي بيرضى ياخذه لمكتبه الخاص ولأنها دنيته بعد ، وما يغترّ بها مثل ما يقول حاكم ومن بالدنيا ينجح وما يحاربه أحد ؟
هزت سلاف راسها بإيه ما تفهم ، وهز تركي راسه بإيه : ذياب فجأة ترك كل شيء سلاف ، ومو من حروبهم ولا من الكلام اللي يوصله ولا من اللي يصير له كله ، تركها عشان أبوه
ناظرته سلاف لثواني ، وهز تركي راسه بالنفي : الأمل بحاكم يردّه لها ، تركها ماهو راضي لكن يبي السلم ياسلاف وأعرف وش يعني تترك شيءّ تحبه بس لأنك تبي السلامة
ناظرته سلاف ما تربط الخيوط ، ما تستوعب لوهلة : السلم من أبوه ؟ على حساب مستقبله ؟
شرب من كوبه يشتت نظره فقط وإبتسم : تحبه قصيد
ضحكت سلاف حتى هي تشتت عقلها عن تعقيد موضوع علاقة ذياب وحاكم : تحبه وبس ؟ تعشقه ولا تنلام والله وغير قصيد ، شايف عذبي ؟ ولد الشاعر ؟ يسولف لمحبوبته من وراء الباب وأفكر ، متى كبروا ؟ '
ضحك تركي يضغط على عيونه : والله كبروا ، كبروا قصيد تنتظر لها ولد ، وتخرّجت ، وخطّت دنياها مع الذيب
ضحكت سلاف تشد كتفه : بأحلى شكل وأبهى حُلة صوّرت مشهد الختام بعد ، لقطة ختام ..
هي مدّت له جوالها يشوف صورة بنتها للنخيل وإبتسم بهدوء : مثل النخيل خلقت أنا وهامتي فوق
ناظرته لثواني ، وضحك يمسح على ملامحه : مشهد ختام مثل ما قالت بنتي ، عز الختام دامهم حول بعضهم وبخير
_
« قصـر ذيـاب »
إبتسمت تتأمل كم الهدايا وعينها على هدية تركي أخوها : مستحيل تركي !
كانت تعليقة على شكل " ناقة " إختصرت كل الحكاية من تعلّقت على شنطتها تجمع حضارتين فعلاً ، تجمع عالمين مختلفة وأخذت نفس من أعماق قلبها : نعتذر للحلال شوي لأن صار فيه شيء أكثر يجمعنا ؟
هي سولفت لبطنها تبتسم لثواني ، وأخذت نفس تستحضر كل الحكاية ، من أول حطةّ لشجاع على يدها ، لإثباته " إنتِ بنت أصول وأنا ماني ردي " اللي ما سمعت جملة بعذوبتها ، وبشدّتها وبإثباتها تتأكد اليوم صحة إختيارها لذياب ولو رجعت فيها الدنيا ألف مرة ، هي بترجع تختاره بكل مرة ولكل الحكاية ، من شد ورخاء ، من أخذ وعطاء ، من برد ولهيب ، ومن صيف وشتاء ، هي بتختار ذياب بكل الأحوال ، بكل الفصول وإبتسمت من فتحت دولاب ملابسهم تتذكر مكالمته لها بليلة زواجهم ، وقت عزّم الجية وردّته بإن " ممكن تروح بيتنا أول ؟ " تجمع نفسها ونفسه ببيتهم ، سقف يضمّهم تحته ووقت وافق طلبها ، هي طلبته يفتح لها كام لأنها عرفت وش بيكون إحساسه وقت يدخل البيت ، يتأمل أغراضها بكل زاوية ونطقت هي تعمداً " ما ودّك تغير عن الثوب ؟ " يبتسم لأنها تبيه يفتح الدولاب وبالفعل وقت فتح الدولاب كانت فساتينها ، بجنب ثيابه وعلى عكس كل ردة فعل توقّعتها هي كان منه السكون التام ، سولفت عينه وقتها وإنتبهت إنها تغرق بالذكريات بذهول : قصيـد ! الناس تحت قصيد مو وقت الذكريات الحين
لفت نظرها لثواني تتأمّل جناحهم ومدّت يدها لجيب ثوبه ، ثوب زواجهم المعلق بجنب فستانها بدولاب آخر تماماً تاخذ منه صورة ، بحجم كفّها ودخلتها بجيب بنطلونها تنزل للأسفل : بنحط نقاط كثيرة عالحروف ، أحس
-
هز راسه بالنفي وعينه تتأمل اللوحة اللي ترتكي على كرسيين من حجمها ، باقية بتغليفها للآن لأنها بتفُتح وقت تجي قصيد وناظرته ملاذ : كل شيء كامل ، عز الكمال تبارك الرحمن بس تحصّنوا يمه حتى نادين تقول لي كلٍ مايعرف شخصية ذياب الحين وين كان من أول
إبتسم حاكم : غيّرته بنت الشاعر ذياب ، نعرف التغيير ذا
ما كان منه الرد غير بالإبتسام ، وضحكت ملاذ : تعرفه؟
هز حاكم راسه بإيه : أعرفها ، أنا غيّرتني ليلة ذيب يا ملاذ '
لأول مرة ينطقها أمام ذياب بالصريح لكن ذياب ما كانت منه ردة فعل هو يمسح على باطن يدّه فقط ، ورفع نظره بالإبتسام بعد ثواني : تستاهل أمي اللي يتغيّر عشانها ، بكر فارس تستاهل حنان الفريق ويستاهلها هو
سكت حاكم ينتبه إن ولده به شيء " ناقص " ، به شيء باهت وحتى سالفة ليلة الذيب ، حكايته هو وجمعهم هو وسبب تسميته ، ما هزّوه بالشكل اللي كان يتخيله بعقله وإبتسمت ملاذ لقصيد اللي تمشي لهم : تدرين ليه سمينا ذياب بهالإسم قصيد ؟
إبتسمت تجلس بجنب ذياب المبتسم : أسمع حكايات ، قال لي ذياب عنها شوي
إبتسم حاكم بإستغراب : وش قال لك ذياب ؟
لفت نظرها لذياب الساكن ، المبتسم بهدوء فقط : سماه جده نهيّان ، بسبب ذيب كان السبب بإنكم تجتمعون
إبتسم حاكم يهز راسه بإيه : عمك كان طاغي ياقصيد ، بالحيل طاغي كانت كل حياتي بالعسكرية ومع نهيّان الله يرحمه ، عمتك ما عرفتها إلا بالبر ومن سبة الذيب وهي بنت عمي ومن وقتها تغيّرت الموازين ونهيّان ، يعرفني نهيّان أدرى الناس بي كان يبي لنفسه سمي ، عرف إني بفقده يوم ، وإني لا فقدته وش يثبّتني بعده الله يرحمه قال أبو ذياب ، وحكمها من وقتها نسميّ الذيب ، بذياب أتذكر أنا متى لنت ، ومتى تغيّر الفريق حاكم
هو نطقها بإختصار شديد لكن كان قتّال على صدر ذياب اللي نُفض يخفيه لكن ما خفى عن قصيد اللي شدّت كتفه وإبتسم ذياب بهدوء يهز راسه بإيه : الله يرحمه ، ويغفر له
نطق حاكم بهدوء : تفقده ذياب ؟
رقّ قلب قصيد كلها لأنها تشوف تغيّرات ذياب ، تعرف داخله وصراعاته كلها وإبتسم ذياب يرفع نظره للوحة أمه فقط ووجه نظره لعين حاكم بالضبط : تفقده أبوي ؟
شتت ملاذ نظرها فقط لأنها إنتبهت للنظرات ، إنتبهت لسكون حاكم اللي حسّ ، وتأكد بإنه ضيّع ولده من وقت طويل هالحال بهاللحظة هو داعي البر ، والمحبة اللي ما كملت ووقفت : نشوف اللوحة طيب لا يروح الحوار لمكان يهيّض المشاعر لأن قصيد بتبكي أنا علّمتكم
لف ذياب نظره لقصيد اللي خلف ظهره ويدها ترتكي على كتفه ، اللي إبتسمت له بحنان " فيّاض " يبين إنها ما بتبكي وضحك حاكم يرجع جسده للخلف فقط ياخذ نفس : ما تبكي أم الحفيد ، ما نبكيّها إن شاء الله وش بتسمونه يا ذياب لا كان ولد ؟ سمّوه صقر
لفت قصيد نظرها لعمها بذهول ، وإبتسم حاكم بهدوء : ماهو بس إحنا اللي جمعتنا الذيابه ولنا سالفة ، الطير اللي عند ذياب أغلى عليه من روحه أدري به وطرفه يمسّك إنت يابوك ، واضحٍ عليه من متى وإلا ما باعهم كلهم وخلاه هو بس
لفت ملاذ نظرها لثواني تبتسم وهي تفتح اللوحة : شجاع ؟
ضحك ذياب يضغط على عيونه : شجاع ، مايفوت الفريق شيء ماشاءا الله
إبتسمت ملاذ تنزع الستار ، والغلاف عن لوحتها اللي شافها ذياب بعمر السبع سنين ، بس ما شافها بعد ما عدّلت عليها تضيف شيءّ بيسرق نفسه ، بيخطفه كله وبالفعل خُطف من عظمة الرسمة أمامه ينطق مباشرة : ماشاءالله
داهمته الذكريات ، والغربة بنفس الوقت وسكنت قصيد ترجع جسدها للخلف تتأمل معه والأكيد ، ما تشوف الرسمة بنفس منظور ذياب اللي سكنت عينه ، سكنت روحه لها لأن خيال أُمه العذب أساس اللوحة يلي تختصر حكايا سنينهم ، خيال أُمه يلي يجمّع أماكنهم ، أشكالهم .. وبدايات حكايته وكل حياته بلوحة عريضة أكبر من أي لوحة قد شافها ، لوحة لها النصيب الأكبر من المكان والمساحة والشعور لأنها تجمع كل أفراد آل سليمان اللي يعنونه ، من نهيّان أكبرهم ، إلى أصغر أخوانه ورد
وإرتخت أكتافه ياخذ نفس من أعماقه ، يتأمل اللوحة بهدوء خارجي لكن فوضى شعور عظيمة كيف خيال أُمه يجمع كل هالأمور بلوحة وحدة ، كيف الإتقان والدقة المستحيلة في تفاصيلها وفي إختيارها لأحجامهم ، لتفاصيلهم ، لدرجات بشراتهم لدرجة إنه يميّزهم حتى وهي إختارت رسمهم بدون ملامح ، إختارت رسمهم بشكل بسيط يناسب اللوحة لكن مُهيب بالجمال ، بالإتقان ، وبالدقة العظيمة ، والشعور يلي تخلّفه ..
لوحة ياخذ طرفها اليسار فيّاض الإبل بين وضح ومجاهيم ، ولزام مع باقي الخيول ، وصقور تحوم بالسماء وهذا عالمه ، عالمه الأحب ودنيته وياخذ طرفها اليمين وخلفيتها خيام آل سليمان الشامخة ، خيامه بهالوقت وبيوت شَعرهم ويصفّ أمامها كل شخص منهم ، يتوسّطهم نهيان بثوبه الأبيض وبشته البني ، عقاله المُقصب وشماغ رأسه وإيده يلي تحاوط عكازه .
نهيّان صاحب الهيبة ، صاحب الوقار ، عمادهم والركن الثابت فيهم يلي خلّف العز والفخر يلي يذيع صيته بكل مكان ، إبتسم ذيّاب من أعماق قلبه وهو يتأمله ويرسم خياله ملامح نهيّان بدون لا يشوفها باللوحة من كثر حبّه له ، من كثر شوقه له تلمع عيونه وضغط لوهلة على عينه ينتبه حاكم إن كل نظره على نهيان فقط ونطق ذياب : ماشاءالله
تأمله لوقت طويل قبل لا ينتقل بأنظاره ليسار نهيان ، لفرعهم الثابت الرقيق ، سند نهيّان وسندهم بعد الله ، فاطمة يلي يغطّي شعرها الأبيض مقدمة رأسها وتحاوط الطرحة السوداء باقي شعرها ، ضحك ، ورقّ قلبه وهو يذكر ضحكها بطفولته كل ما طالت أنظاره على شيب رأسها بكُره شديد له ، إستحيائها وجوابها الدائم : " هذا ماهو شيب ياذّياب ، هذا بياض قلبي صار وده يبان للقاصي وللداني " ، إبتسم وهو يتأملها من كل قلبه ويذكر مسحتها على صدره للآن ، مسكته بحضنها
'
مسحت على صدره وعلى قلبه وإبتسمت رغم تعبها الشديد لكنّها حصّنت قلبه ، ودعيت له ، أخذ نفس وهو يكمّل بأنظاره على متعب ، جدّه يلي يرخص الدنيا لجلهم ولا يغلي عليهم شيء ، جدّه يلي قدراته على التعبير محدودة لكن حُبه عظيم ، عظيم مثل عظم حكاياته لهم عن كل شيء بطفولتهم ، كان يجمّعهم بطفولتهم بجنبه ، ذيّاب عن يمينه ، ونهيّان بيساره ، وورد بحضنه ويحكيّهم عن كل شيء ، يحكيّهم حكايا كانت بوقتهم مجرد حكايا لكن ذيّاب يدري إنها دروس لحياته ، ذيّاب كان شديد الإنصات بعكس نهيّان يلي يحبّ المرح وكثر السؤال ، وورد يلي تحب الدلال بكل جملة تُذكر وما يقصّر متعب بدلالها .
إبتسم من أعماقه وهو يشوف جدّته علياء رفيقة طفولته وأيامه ، كان يرجع من مدرسته لأحضانها ، يرجع من مدرسته ويذكر للآن إنتظارها اليومي له ، توقف على عتبة الباب وتضم جلال الصلاة عليها ، تتلثّم به ولو طالت جيّته تطلع للشارع لجل تاخذه من السيارة للبيت ، يذكر حنانها الشديد ويذكر ريحة جلّالها يلي يحبه ، مزيج المسك وعود الصباح يلي تشعله دائماً وقت تجلس على قهوتها ، يذكر كيف كانت تضمه بوسط جلالها وقت يغفى ولا يحس بنفسه ويصحى يلاقي نفسه نايم على سريرها ، الحين صار بعُمر يعرف إنّها كانت تمنحه الحنان يلي ما قدرت تمنحه أبوه ولا كانت لها فرصة معاه ..
رفع كأس الماء لشفايفه يرتشف منه ، ويمشي بأنظاره ليسار جدته علياء ، كانت جدّته نُهى بجنبها وتباعاً جدها فارس وخاله بتّال ، يمين جدّه نهيان كان أبوه ، بهيئة تشبه هيئته هو حالياً ، الفريق حاكم اللي يحبه ذياب أكثر من كل شيء والكل يدري ، حاكم بنفسه يدري ، يترك الغالي النفيس لأجله لكن بين الشد ، والجرح ، والتشكيك ، والظنون ، والغضب ، والعواصف ، فُقد شيء جوهري ، ضاع شيءّ حطامه جرّحهم إثنينهم من وقت مات نهيّان بحضن ذياب ، من وقت بقى ذياب شهر بأكمله بالخيام من فجعة الموت وريح الموت اللي تخللت بأعماقه ومع ذلك ، نسى وجاور أبوه بصلاة يذكرها للآن ، ويذكر إنه للآن ، ما بكى نهيّان عند أبوه بشكل " حارق " لأن أبوه أكثر من بيفهمه ، وما فهمه بهالموضوع ولا حاوله وشتت نظره من حس بالضيق ينتبه حاكم إن نظره على رسمته ، على هيئته وسكت لأن ملامح ولده تبيّن إنه يتذكر كثير أشياء ، كثيرة طاغية على روحه من فتح أزرار ثوبه العليا يرجي النفس فقط وكمّل بنظرته لأمه ، أمه اللي بكل الأحوال بينه وبين أبوه تضيع ويطلبها هو ما تتدخل بينهم لأنها تقسى على أبوه لو تدخّلت وهو أكثر من يدري إن ملاذ إسم على مسمى لحاكم ، لأنه يدري بإنه يُسمى على الذيب اللي جمّعهم ، كيف يصير الذيب اللي يفرّقهم ما يقدر
'
ما يقدر ولا يسطي يطلب من أمه بس تصحح صورته عند أبوه إنه ماهو مغترّ ، ولا هو ظالم ، وإنه بكر حاكم بالنهاية وكل إفتخاره حاكم بدون ما تبكيه أمه ، بدون ما تحترق عليه أمه وتشّب دنياهم كلها وشتت نظره لعمته ريف ، ولعمه فزاع اللي يذكر لعبهم معاه للآن بصغره ، نهيّان أخوه واقف أمام أُمه بهيئته الصغيرة ، بثوبه ، بلعبه بيده كالعادة وورد اللي تجلس أمامه تلعب بالتُراب ، رجف الإبتسام بشفته ورجع يُخطف كله من إنتبه لنفسه باللوحة ، ذياب الصغيـر أمام حاكم اللي يمسك أكتافه ، يستند على أكتافه ونزلت دموع ملاذ تحاول توقّف عيونها لكنها ما قدرت من ثبتت نظرة ذياب على هالجزء من اللوحة ، من تبدًلت ملامحه بشكل واضح ولو قدر يسترجع ثباته بسرعة لكنه هلك ، هلكت روحه من هالمنظر بالذات حاكم بشبابه ، وذياب بصغره والآن حاكم بمشيبه ، وذياب بشبابه ينفض صدره ولو ما حسّ بقبلة خفية من قصيد على كتفه ، من قصيد اللي غطّت ملامحها بكتفه لأنها ساكتة ، وتتأمل بجنبه ، لكنها بطريقة ما تحسّ بكل الأعاصير بداخله وتقلب داخلها ونزّل نظره ليد صغيرة باللوحة تمسك يده ضحك ، من كثر ما إختنق من شعوره هو ضحك من أعماقه يضغط على عيونه : قصيـد
ضحكت قصيد تشد كتفه ، تنطق " بعفوية " : أكيد قصيد مين يمسكك غيري يعني طال عمرك !
هزت ملاذ راسها بإيه تلمع عيونها : من البداية وهي منّنا وفينا ولك ، من أول الدنيا وقصيد حولك يا ذياب الله يخليها لك ، ويخليك لها ، ويخليكم لنا ويبلّغنا بولدنا ، أو بنتنا ، بخير وسلامة كامل الخلقة والخلق يارب
هو مدّ يده لبطنها تلقائي لأن شعوره يفيض تجاه رسمها ، هي أمام نهيّان ذاته ، وبجنبه هو تمسك يدّه ، هيئة طفولتها ، فُستانها الوردي المشع وبُني شعرها وهمس : طلعت علينا شمسّ تزيد النور ، شمس وهّاجة
كان يقصدها وإنتبهت للذكرى ، وهمس من فيّاض شعوره مباشرة : ياكثر جمايلك علي يانهيّان ، ياكثر جمايلك علي
سكت حاكم ، ولف ذياب نظره لقصيد اللي ملامحها تحتقن بالإحمرار ، عيونها تفجّرت داخلها عروق دقيقة وتلمع من فيّاض شعورها يهمس بإبتسامة تخفف شعورها هي : تحسين بي إنت ؟
هزت راسها بإيه يعتذر ، وأخذت ملاذ نفس من أعماقها تشوف شرود حاكم : حاكم ؟
كان يتأمل اللوحة ، ويتأمل ولده بوقت واحد ويستوعب أشياء كثيرة أرهقته يبتسم بهدوء : لو جلست سنين أتخيّل وش فيها ما قدرت أتخيلها ، تعرفين وش يعجبه يا أم ذياب
إبتسمت ملاذ لثواني ، وإبتسم ذياب يوقف ، يقبّل رأس أمه لوقت طويل وترك راس أمه يقبل رأس أبوه بالمثل بهدوء : الله يديمكم ويخليكم
أنت تقرأ
انت الهوى ، كل الهوى برد ولهيب🤎
Romance- للكاتبة : ريم الاوطان🇸🇦 " عندما تصبح القيُود حناناً وتمرّ السُنون مثل الثواني .. عندها ، تصبح القيود إنعتاقاً وإنطلاقاً ، إلى عزيز الأماني .." يُقال إن للجديد دائماً وقعه ، وأقول إن كل الحكايا والسنين معاكم لها وقعها ورغم كثر النوايا...