'
ما عاد يحس بقلبه من الوجع ، من حضن أبوه له وإنه يقبّل راسه للآن وشدّ ذياب ذراع أبوه اللي تحاوطه يقبّلها وما قدر ينطق بكلمة ، ما قدر ينطق بحرف من حرقة جوفه ياخذ حاكم نفس من أعماقه يتدارك نفسه ، يتمالك نفسه ومسح دموعه يوقف على حيله بالقوة يشدّه وشتت ذياب نظره بهدوء لأن نطق أبوه له " كسرت ظهري " مؤلم مايدري كيف يرّده ، ولا يدري كيف يقابله : لا تخاف علي أبوي .. لا تشيل همي طيّب وماعلي خلاف
لف حاكم نظره له لثواني ، لف نظره لولده اللي أمس ، بالأمس كان عمره ٧ سنين واليوم واقف قدامه بهالشكل ، بالثلاثين من عمره بشنبه ، بكامل رجُولته من عرض أكتافه لأقدامه بآثار قسوة الزمان ، وقسوته هو بوجهه يشتت ذياب نظره لبعيد : نروّح البيت ، ترتاح
هز حاكم راسه بإيه ينزل الدرج ، لكن بيد ذياب اللي تسند ذراعه وشتت نظره تكتمه عبرته مباشرة : يوم إنك ولد السبع سنين ، تجلس معي لين تشرق الشمس ولا تروّح وكلٍ يقول ياحاكم الولد عنده مدرسة ليه تصحيّه الفجر
سكت ذياب ، وشتت حاكم نظره : كنت أقول لهم الصلاة حق الله عليه ، لكن جلسته معي مالي بها كنت أبيك تروّح البيت بعد الصلاة وترجع تنام لين وقت مدرستك ، لكنّك تعنّد وبقعد معك لين تشرق الشمس ما أروح بدونك
إبتسم ذياب فقط ، وشاب قلب حاكم يتأمل ساحة المسجد الخارجية بكتمة : يوم رسلتك ، قلت هاك الفلوس روّح قل للعمال يحمّلون مويا للمسجد وإنتبه
هز ذياب راسه بإيه يشتت نظره : يومها جاء واحد ، مدّ لي بيده شيء قال وصّله لأبوك
ضحك حاكم لأن قلبه يوجعه ، قلبه يحرقه بهاللحظة : قلتله من إنت ، قال وصّله لأبوك وغلطان ، أشهد بالله غلطان يوم فكّر يتجبر عليك يقولك وصّله
ضحك ذياب لأنه يتذكر ، يتذكر سخريته منه : قلتله تبيه وصّله بنفسك ، من يكون يتأمر علي ؟
ضحك حاكم وسط حرقة قلبه اللامتناهية ، وسط ناره الغير طبيعية وسكت ذياب يشتت نظره لبعيد : كنت أدري لا شفته ما بتخلّيه وجيت له ، جيت هديّت له حيله من تكون تلمس ولدي ، وبأي حق تلمسه ، صارت بين الكبار وأنا ما كبرت ألوي ذراعه بنفسي بدل لا تلويها له
لف حاكم نظره لولده ، وهز ذياب راسه بإيه يشتت نظره لبعيد : كنت أدري أبوي من ، وأعرف من يكون أبوي وأشهد له قبل كل الناس وما ودي ، ما ودي يقولون ذياب ولد حاكم ما ربّاه حاكم ياخذ حقه بيمينه ..
_
« بيـت حـاكـم »
وقفت ملاذ على الشباك تنتظر ، تنتظر وتحس قلبها " يغلي " لأن حاكم طول الليل ما رفّ له جفن ، طول الوقت ساكت وساكن بشكل يتعبه هو تعرف هالشيء ورغم عديد محاولاتها فيه لكن ما منه تجاوب ، ما يطلع منه شيء كأنه بعالم آخر غير عالمهم تماماً وخرجت من الغرفة تسمع الهدوء ، والصمت الطويل تلف نظرها تجاه غرفة ذياب : وما أدري عن حالكم ، الله يهدي بالي
أخذت نفس من أعماق قلبها يسكن داخلها بلحظة من لمحت مجيء حاكم وذياب اللي يمشي بجنبه ، من لمحت السكون بخطوتهم تشوف إن ذياب وقف على العتبة الخارجية ويده خلف ظهر أبوه الواضح إنه ما بيدخل البيت لكن إلتفات حاكم له " ما تصدقه " ..
-
هز ذياب راسه بإيه يشد ظهر أبوه يحاول يطمّنه : باخذ كم شيء من البيت وأعوّد ، ماني مطول
ناظره حاكم وداخله ينهش نفسه من القلق ، من السخط الغير طبيعي وده يدخله قدامه وما يبعده عن عينه لحظة ونطق ذياب بتأكيد : ماني مطول .. البيت قريّب
هز حاكم راسه بالنفي : ماهو قريّب ، لا تسرع يا ذياب
أشّر على خشمه فقط يناظره حاكم لثواني وللآن ، لهاللحظة ما فهم هو ليه قفّل الباب على قصيد : قصيد
نطق ذياب بهدوء يمسح على أنفه : نايمة
هز حاكم راسه بإيه : إيه نايمة ، وراك قفلت عليها الباب ؟
سكت لثواني يشتت نظره بهدوء وهو قفّله لأسباب كثيرة ، لأنها نايمة أولها ، ولأنها بترتاح لو الباب مقّفل ما بتقلق بعدم وجوده ، ولأن حالها ووضعها ما يسمح لأي أحد يدخل قاصد أو غلطان ولأنه ما تعوّد يكونون عند أحد نهائياً وفهم حاكم يهز راسه بإيه : لا تطول
هز ذياب راسه بإيه يركب سيارته ، يلف نظره لأبوه الواقف على الباب للآن يضرب البوري - بخفة - لمجرد إنه يطلبه يروح للبيت ويرتاح وإنتبهت ملاذ على هالحركة ومن رفع حاكم يده له ، من بقى بوقوفه لين ما غابت سيارة ذياب عن نظره تشوف إنه لف يدخل للداخل ونزلت مباشرة : حاكم
دخل ينزع شماغه بتعب ، بإرهاق شديد ياخذ نفس : مانمتي
هزت ملاذ راسها بالنفي تمشي له ، تمد يدها لصدره مباشرة : وين أنام وما لقيتك ، وين راح ذياب حاكم ؟
حاكـم : بيته ، راح ياخذ أغراض ويرجع ماهو مطول
إبتسمت لأنه مرتاح تحس هالشيء ، وجلس على أقرب كنبة ياخذ نفس من أعماق قلبه : أمي ما صحت ؟
جلست ملاذ بجنبه تمد يدها ليده : صحت ، أمي عندها لا تشيل هم صلّت ورجعت نامت على طول
هز راسه بإيه يتأمل ساعته تنطق ملاذ : توه راح ياحاكم
_
_
« قصـر ذيـاب »
بمجرد دخوله إرتخت أكتافه مباشرة ، إرتخت ولا فيه وقت للإنهيار يمسح على أنفه يركض للأعلى ولا ودّه يطول أكثر ، ما وده يستوعب حتى بيته يفتح دولابهم ، ملابسها بهمس : وش المناسب تلبسينه لهم
مدّ يده يتأمل فساتينها لوهلة ، كلها تلبسها " له " فقط وشتت نظره يطلع جواله من جيبه يشوف إنها ما رسلت له شيء يحتار ، بين كل ملابسها يحتار وما وده يتصل عليها وتصحى : تزهينها إنتِ ، ما يهم وش أجيب لك أنا
حاول يقنع نفسه من طلع لها جينز ، وتيشيرت أبيض يفكّر هي تلبسهم مع بعض أو لا : لا ، ما تحبينها
رجع يطلع بنطلون أسود ، وتيشيرت رمادي يتأمل لثواني وعضّ شفايفه : وش تلبسين حبيبتي ، وش تلبسين؟
هو لف نظره لملابسها لوهلة يحاول يركّز لأنه يعرف دقتها بموضوع الملابس وإنهم حالياً ببيت أهله مو منطقي تلبس شيء ما تبيه : إذا ماعجبك ، أرجع آخذ لك غيره
طلع شنطتها يترك لها الملابس اللي طلعها ، وأخذ تيشيرت من تيشيرتاته لها في حال ماودها تلبس أي واحد منها ونزل نظره لباقي الأمور اللي ممكن تحتاجها ياخذ لها ، كل تفصيل ماغفل عنه يسكّر الشنطة بعد ما دخل لنفسه معاها ملابس ، ومد يده ياخذ ثوب من ثيابه وشماغ لكن سكنت ملامحه من لمح عباياتها جنب ثيابه : أكيد ما تبين عباية غير اللي معك ؟
هو سكت يفكر فعلياً ، وجدياً يفكر لكنه شتت نظره بذهول : بترجع تاخذ لها ، بترجع لا تفكر الحين عوّد ..
نزل الدرج بأسرع ما يمكن يركب سيارته ، ياخذ نفس من أعماق قلبه ويحمد ربه على إنشغاله بهاللحظة وماوده تجيه لحظات الإدراك بأي موضوع غير وقت يختلي ، وقت يصير لحاله وبس وحرّك مايحس الخط إلا بوصوله أمام بيت أبوه ياخذ الشنطة بيده ، وثوبه بيده ينزل على أقل من مهله للداخل وفتحت له ملاذ قبل يدق الباب تسكن ملامحه : أمي
أشّرت له بالسكون يدخل خلفها وسكنت ملامحه ، فعلاً سكنت من لمح أبوه " نايم " بجلوسه تهمس : عجز ينام ، أقول له تعال الغرفة ترتاح يقول ما جاء ذياب للحين
سكت يترك ثوبه على الكنب والشنطة ، وتوجه لأبوه ينحني قدامه بهمس : أبـوي
فز حاكم مباشرة يستوعب مكانه ، وشد ذياب على ركبة أبوه : تروّح ترتاح ؟ ما نمت من البارح أبوي
ناظره حاكم لثواني ، وإبتسمت ملاذ : جاء ذياب ، كنت تنتظره وجاء تقدر تنام وترتاح مابينك وبينه إلا كم جدار
سكت لأنه صار " مفضوح " بضعيف الحال تجاه ذياب اللي هز راسه بإيه فقط : ولاني مروح لين ترتاح ، ماعليك
إبتسمت ملاذ يوقف حاكم اللي ضرب على كتف ذياب فقط ، وطلع معاها للأعلى ياخذ ذياب ثوبه ، وشنطة ملابسهم يصعد للأعلى يسمع صوت باب أمه وأبوه اللي تقفل يطلع المفتاح من جيبه لكنه سمع أصوات قريبة منه ينطق مباشرة : يـابنـت
سكتت جود مباشرة توقف توق ، وفتح باب الغرفة يدخل وقفّل مباشرة خلفه تكشّر توق : ما نتكلم يعني صح ؟ ومقّفل والمفتاح معه يعني مدري وش أقول صراحة
ضحكت جود : مو متعود ، خايف نطلع بوجهه بالغلط
كشّرت توق تشد الجلال عليها : لأننا نتمشى بدون جلالات طبعاً
ناظرتها درة لثواني : ممكن تقولين لي وش يدريه عنا ووش نتمشى فيه ؟ سمع أصواتنا قال يابنت عشان ننتبه
ناظرتها توق بذهول : طيب وش فيكم علي الحين مافهمت ؟ وش النظرات ذي وش التبرير هذا يعني ؟
ضحكت جود بذهول : محد كلمك روحي نامي بس روحي
-
« غرفـة ذيـاب »
قلق ، كل نومتها كانت قلق بشكل ما يتصّوره أحد لدرجة إنها فزّت وقت نطق " يابنت " كأنه ينطقها لها : ذياب
سكّر الباب خلفه يقفله ، يعلّق ثوبه ولف نظره لها : أبوي
ناظرته لثواني تاخذ نفس ، تجلس : مين يابنت ؟
توجه يغسّل يديه : درب عشان ما يطلع أحد ومايدري بي
قصيـد : بس قلتها قريب هنا ، كأنك تقولها لي
لف نظره لها لأنها " دايخة " تماماً ، ونفض يديه يمشي لها : هنا سمعت صوت ، صحّيتك يوم قلتها ؟
هزت راسها بالنفي من جلس على طرف السرير بجنبها تأشر له يقرب ، وسكنت ملامحه لأنه بمجرد ما قرّب هي إرتكت تسند راسها بين كتفه ، وعنقه ينطق مباشرة : فيك شيء قصيد ؟ يوجعك شيء ؟
مافيها شيء ، لكنها مرهقة لدرجة تفز كل شوي لغيابه ومجيئه ومد يده لعاري ظهرها يمسكها : قصيد أبوي
أخذت نفس من أعماق قلبها : ما صلّيت للآن ، عجزت
ناظرها لثواني ولو ماكانت الصلاة " حق " كان شالها عنها ، ولفت نظرها له تعاتبه يبتسم بهدوء : آسف
إبتسمت فقط تاخذ نفس ، ترجع جسدها للخلف ووقف هو بدوره : تقومين الحين ؟
هزت راسها بإيه يفتح الشنطة ، ومد لها تيشيرته تبتسم بهدوء : جاي ومعاك حلول يعني
إبتسم بهدوء يتأملها : ما قلتي مو عدل تسبب وماتحل ؟
حسّته غير ، أو حسته يحاول يكون غير تلبس تيشيرته وهي بالليل ، من عدم إحساسه بشيء وإن كل رغباته هي ينُولها إستغربته لكن تحوّل إستغرابها لتفهّم شديد لأنها تعرفه ونبض عنقها خجل من إنه يتأملها : وش يعني
هز راسه بالنفي : قومي ، عشان تصلين وننام
إبتسمت لثواني تهز راسها بالنفي : تتوقع بنام معاك يعني
لف نظره يتأمل الغرفة : ووين ترّوحين عني ؟
وقفت تعدل تيشيرته عليها : حدنا هالغرفة مو ببيتنا ، أروح لورد هنا وما تردّني تعرف هالشيء ؟
وقف يقابلها بهدوء : ما يمديك لا هنا ، ولا ببيتنا ماتروّحين
يعرفها ، يعرف كيف تحبّه ويعرفها بشكل يريّحه تجاه كل شيء بدون مبالغة وإبتسمت فقط تتوجه للحمام - الله يكرمكم - ياخذ نفس من أعماق قلبه ، كثير اللي بداخله ، وكثير اللي على ظهره ، وكثيرة مشاعره ما يستوعبها وما يدري ، ما يدري كيف لو ماكانت قصيد بحياته ينشغل بوجودها ، يتلهّف لرجعته لها ، يفكّر فيها كل ما شدت عليه وكل ماحُرق قلبه يتذكرّها برد للهيبه ، ما تسأله ، ما تردّه ومكانه للأبد بين أحضانها : لا تطولين
هو نطقها بعدم ادراك منه ياخذ جواله ، يجلس على طرف السرير بإنتظار لخروجها يتأمل كم المحادثات ، كم الناس اللي تعزيّه يرد ، وأخذه الوقت بالرد يرفع نظره لها من خروجها وإنها تحاوط جسدها بالمنشفة يأشر لها : جبت لك ملابس
هزت راسها بإيه يوقف : مافيه مويه ؟
لفت نظرها لثواني تدّور : لا ما أعتقد ، كانت فيه بالليل مسح على جبينه يجلس : بشوف ورد إن كانت صاحية
إبتسمت لثواني فقط : ليه قفلت المكيف طيب
رفع نظره لها وهذا " موضوع جدال " أبدي بينهم ، هي تقفل المكيف وقت يتحمم لكن ياويله ، ياويله يقفّل المكيف وقت هي تخرج من الشاور : لأن ماهو على كيفك
ما جادلته تبتسم للملابس ، تضحك وغرقت بالخجل مباشرة من إستوعبت إنه جايب كل شيء وكل التفاصيل من الخارج للداخل : ما قصرت
هز راسه بإيه يشوفها تتأمل الملابس : مدري تلبسينها وإلا ما تلبسينها إن بغيتي غيرها أجيب لك
هزت راسها بالنفي تاخذ بجامتها بإنبهار ، ورجع جسده للخلف بهدوء : كان أسهل شيء أجيبه اللي تلبسينه عندي ، ما ردت ورد للحين لكن بطلع أجيب لك
قصيـد : يمكن فيه أحد بالمطبخ طيب !
ميّل شفايفه وهو أكيد فيه أحد : وش يعني تطلعين إنتِ؟
هزت راسها بإيه لكن كان منه النفي مباشرة : لا
قصيد بتعجب : مافي بالبيت إلا نهيّان وأكيد ما بيخرج الحين ، أخرج أنا آخذ لي ولك وبلبس عبايتي تمام ؟
ما وافق نهائياً ، وتوجهت تبعد عن عينه تلبس بجامتها اللي جابها لها شورت وقميص دايماً ما تسكر أزراره وتركت مبلول شعرها على حريته تلبس عبايتها : ذياب
هز راسه بالنفي يوقف بهدوء : نروّح سوا
قصيد : لأن المويا ثقيلة ما يقدر واحد فينا يشيلها لوحده
ما رد عليها لأنها تطقطق عليه ، وما حطت الطرحة على راسها لأنه طلع قبلها يتنحنح وما رد الصُوت عليه أحد تمشي قصيد قبله للمطبخ : شفت إن مافي أحد ؟
دخل خلفها يوقف على طرف الباب ، وتوجهت تاخذ لنفسها وله مويا لكنه نطق : ما ودك تفطرين ؟ ما أكلتي
قصيـد: لأنك أكلت بدوني ، صح
رفع حاجبه لثواني : ليه تكلميني كذا ؟ من الغرفة وجاي
ميّلت شفايفها تمشي بإتجاهه : لأنك ما تفكر بنفسك ، تفكر بقصيد وبس لازم العدل
هي تكلّمت بعادية تخطف قلبه لأن نظرها له ينطق بهدوء : وإنتِ أعدل الناس بي يعني ، تقولينها ؟
إبتسمت فقط لأنها تعرف أحواله ، تحفظه عن ظهر غيب ورجعت للغرفة معاه تصلي على ما بدّل هو يتمدد ، وتوجهت لجنبه بعد ما إنتهت من صلاتها تدخل بحضنه وأخذ نفس من أعماق قلبه يقبّل راسها ، ياخذ ريحتها لأعماقه وهمست لثواني : ما بتقول لي شيء؟
كان منه هادي النفي ترفع نظرها لها ، تشوف إن الإرهاق صار واضح على ملامحه ما يقاومه ولا يقاوم النعاس نهائياً وللأبد ، تحب هالحال منه ما يعترف بإرهاقه ، وتعبه ، وهلاكه إلا لو تمدد بحضنها أو هي بحضنه " بالهدوء " وبهالحال فقط يبيّن عليه تنزل نظرها ليده اللي تحاوط خصرها وهي تحس بالنعاس أكثر منه وما طالت صحوتها تغفى هي معاه بعد ما سكّرت خافت النور اللي جنبهم ..
_
« الظهـر »
وسط ضجيج آل سليمان ، وصحوة الأغلب وتجهيزات الغداء ما كان الشعور ثقيل مثل ما كان بالأمس بعد الفجعة وإن الكل تلقّى الخبر لوحده أو ما حوله كثير وهذا اللي يقوّي عزمهم ، إنهم مجتمعين ودائماً مجتمعين بالأفراح والأحزان ولفت ملاذ نظرها للبنات : يلا يابنات يجون الرجال من الصلاة والغداء جاهز ، ورد
سكّرت ورد جوالها تشوف نصار اللي صوّر لها بالمسجد معاهم : جاهز المقلط وكل شيء جاهز روحي إرتاحي
دخلت قصيد للمطبخ تدخل جوالها بجيبها : أساعدكم؟
إبتسمت ورد تهز راسها بالنفي : أمي علياء كيفها ؟
لأن نظراتهم كلهم لفّت لقصيد ملهوفة هي هزت راسها بإيه : أحسن الحمدلله ، قالت وين القهوة
رفضت ملاذ مباشرة : ما أكلت شيء قولي لها الغداء جاهز بعدين القهوة يا أمي ، من أمس ما أكلت شيء على القهوة والتمر ما يصلح لها
هزت قصيد راسها بإيه : قلت لها عمتي ، قالت سوي لي
ورد : لا ماعليك بعد الغداء نقهويها ، ذياب معاهم قصيد
لفت ملاذ نظرها تنتظر الجواب ، وهزت قصيد راسها بإيه بإستغراب : ذياب من قبل الظهر مع عمي ليه ؟
ضحكت ورد لأن ملامح قصيد خطفت : أكيد معاه ، لأن نصار توه صوّر لي شفت نهيان بس ما شفت ذياب
دخلت ديم تشيل الصينية ، ومدّت قصيد يدها تاخذ عنها لأنها بتتركها : ديم تعبتي مرة روحي إجلسي
تنهّدت ملاذ تشتت نظرها : ديم عنيدة ديم ، ماشاءالله البيت مليان يا أمي روحي إجلسي وإرتاحي ليه ما تجلسين
جلست على الكرسي تاخذ نفس ويدها على بطنها : أتوتر إذا جلست ما أعرف ، عالأقل أغيّر جو لا تحركت
دخلت درة : عمي حاكم معصّب عليك ، سمعنا وإحنا نهاوش نقولك لا تشيلين قال جلّسوها وإلا جيتها أنا
إبتسمت ورد : تعرفين وش يعني جيتها أنا صح ؟
ناظرت ديم أختها لثواني : أصلاً جاني النوم بروح أنام
دخلت شدن تركض لقصيد بذهول : حتى إنتِ عندنا !
إبتسمت قصيد تهز راسها بإيه : حتى أنا
ناظرتها شدن بإعجاب ، بإنبهار تبتسم درّة بشبه حزن : ليتني بزر زيك ياشدن
لأن ملاذ فهمت هي نطقت مباشرة بهدوء : درة !
عضّت درة شفايفها لثواني من مشيت شدن : صدق والله أتمنى ، يعني عالأقل هي الحين تفكر هالإجتماع واللمة لأننا مبسوطين والدنيا وردية ما تدري
_
« عنـد الرجـال »
جلس ذيـاب بجنب أبوه بالمجلس اللي يضج برجال آل سليمان وعيالهم وأحفادهم ، بأصحابهم المقربين اللي كلهم لاقوهم بالمسجد وعزّموا عليهم إلا يرجعون للغداء معاهم وبالفعل ، يضج بالرجال ، بالثياب ، الأحاديث عن كل المواضيع لأن الكل وده يخفف وقع الموت ولا يدرون كيف وجاء أعز أصحاب أبوه لأقدامه : أبوذياب
إستوعب إنه بوسط مجموعة رجال بمجلس بيته مو لوحده ينزل نظره لصاحبه : هذام ، تعال يمي تعال
ما تكلّم ذياب اللي يراقب تصرفات أبوه فقط ، يشوف إنه يغيب عن عالمهم وقت طويل وما يستوعب شيء ووقت يرجع يستوعب ، يكون ساكن تماماً ووقف هو يفز داخل حاكم مباشرة : وين
إنحنى يقبل راس أبوه بهدوء : نقّلطهم للغداء ، استريح
هز راسه بإيه فقط ينتبه له صاحبه ، ينتبه له هذام اللي نطق : حاكم وش جاك ؟ وش فيك علّمني
لف نظره له لثواني ، ونطق هذام يهمس : قل لا إله إلا الله ما نعرفك كذا ياحاكم !
-
وقف على عتبة باب المجلس ينطق نهيّان بقلق : ذياب ، وضع أبوي مو مريّحني ذياب قالك شيء ؟ كلّمك ؟
هز راسه بالنفي يلف نظره لأبوه فقط ، وطلع فزّاع من المجلس بالمثل يتوجه لذياب : ذياب ، قلّط الرجال وخذ أبوك ودّه يمشي وإلا طلّعه يرتاح وإلا سو شيء ياذياب
لف نصّار نظره لذياب اللي عينه على أبوه أساساً : ذياب
هز راسه بالنفي يضغط على عيونه : نصّار تأكد من المقلط ، تعال معي نهيّان وروّح ارتاح ياعمي ، روّح ارتاح أبوي طيب ماعليه خلاف لا تكلّمونه
ناظره فزاع بذهول : وش طيّب تشوف اللي نشوفه ياذياب
طلع عناد من المجلس لأنه كان الأقرب بذهول : فزّاع ؟
رفع فزّاع أكتافه بقلق ، بعدم معرفة : عناد تشوف حاكم طبيعي ؟ البارح كان حاكم اليوم ما أعرفه هذا من ياعناد
سكت نهيّان أخوه يحس بالضغط ، يحس بالرعب لأن عمه مرعوب وأكثر من نطق يوجه نُطقه لذياب : روح كلّمه ياذياب أنا ماني متعوّد يكون هذا حال أخوي
سكت ذياب لثواني يشتت نظره ، يحاول يبتر لسانه لكنه يعجز تماماً من نطق بهدوء : ماهو ولد متعب ياعمي؟
رجف صدر نهيّان مباشرة يصد بنظره ،وسكت نصّار لأنها الحقيقة كافية من ذياب حتى حاكم ، ذات حاكم فقد أبوه كيف يبونه يتعامل بعادية وأمور طبيعية ويشيلهم فوق ظهره ومحد يدري بجروحه ، محد يدري عن حرقة قلبه الحقيقة إلا ذياب نفسه اللي أشّر لنصار يروح ، وأشر لنهيّان يتبعه فقط وشتت نهيّان نظره : ذياب
بينفجر قلبه من الضيِّق لأن الكل يعاتبه من وقت الصلاة للآن كأنه ما يدري بنفسه عن حال أبوه ، كأنه " يشوفه عادي " وهو يتقّطع أكثر منهم كلهم يمد يده لراس أخوه يبعثر شعره : الأمور طيبة ، وأبوي طيّب يانهيان ما به شيء waiah99_
1402
'
-
'
أخذ نهيّان نفس من أعماقه من حارق الشمس يشيل مع أخوه صحون الغداء اللي تفوح حرارتها وعلى ما يشوف من أخوه ، هو ما يحسّها نهائياً ودخل للمقلط يشوف ورد الواقفة مع نصّار واللي بخاطرها سؤال لكن الواضح نصّار رده ينفض ذياب يديه بإستغراب من ملامحها : ورد
غرقت عيونها بالدموع مباشرة لأنها سمعت عمّها ، وسمعت نهيّان وسمعتهم كلهم يهز راسه بالنفي برجاء : لا تبكين مابه شيء ، والله ياخوك طيّب وبحيله ومابه شيء
هز نصار راسه بإيه من نبرة اليأس بصوت ذياب يلف نظره لورد : خلاص ورد ، ما قلتلك ؟
ناظرت نهيان تشوف قلق عينه مثلها ، وأخذت نفس من أعماق قلبها تهز راسها بإيه فقط بإنها بتتراجع وتمشي لأنها حتى هي لمست نبرة ذياب وقبل تخرج ، قبل تخطي هو نطق يخضّع نبرته مباشرة : تعالي
شتت نظرها مباشرة لأنها بتبكي ، وخطى لها هو ياخذ نصّار نفس من أعماق قلبه من وقف قدام ورد ياخذ بدقنها مثل حركته المعتادة مع نصّار ذاته وإن ورد ضمّته مباشرة تعتذر بهمس : آسفه
هز راسه بالنفي يقبّل راسها ، يمسح دموعها بطرف يده وإبتسم لها بهدوء : روّحي
توجهت للخارج تاخذ نفس من أعماق قلبها ، ولف ذياب نظره لنهيّان : قل لهم يقلطون
توجه نهيّان لمجلس الرجال يخرج ذياب مع نصار اللي وقف بجنب صاحبه على عتبة الباب الخارجي : مثل هالأوقات تتمنى إنك تدخن ، صح ؟
لف ذياب نظره له ، وهز نصار راسه بإيه : أو تتمنى تضرب أحد وهذا أنا بعد ما جبت طاري الدخان ، سم كيف تبي
ما تكلم كان يناظره ، وتنحنح نصار : أو شدّت وتبي تدفن أحد وهذا أنا بعد ، أنا نصار زوج أختك ورد وأبوعيالها مستقبلاً
كانت نظرته تقول " الحمدلله والشكر " فعلياً ، وضحك نصار ياخذ نفس من أعماقه : ياخي ذياب ، أخوي حبيبي
هز ذياب راسه بالنفي يضرب على كتفه : طيبين ، طيبين الحمدلله والأمور طيبة إنت علومك ، عساك طيب ؟
هز نصار راسه بالنفي مباشرة : تعرف شلون أصير طيب ؟
ناظره ذياب لثواني ، وضحك من فتح نصار ذراعه يبي " حضن " فعلياً يضمه ذياب وشدّ نصار على كتفه مباشرة يهمس : شايل حمل الجبال أشوفك بس أنا موجود ذياب ، أنا موجود ياخوك عطني تكفى
ضرب ذياب على كتف صاحبه يبتسم بهدوء : أخو دنيا
أنت تقرأ
انت الهوى ، كل الهوى برد ولهيب🤎
Romance- للكاتبة : ريم الاوطان🇸🇦 " عندما تصبح القيُود حناناً وتمرّ السُنون مثل الثواني .. عندها ، تصبح القيود إنعتاقاً وإنطلاقاً ، إلى عزيز الأماني .." يُقال إن للجديد دائماً وقعه ، وأقول إن كل الحكايا والسنين معاكم لها وقعها ورغم كثر النوايا...