و قبل رحيل أخي كان ابي قد ابعد ناظريه عني ، و راح يهتم بأخي و يسأله ما اذا كان مستعداً. أنا فقد تصنعت القوة و ادعيت و كأن الأمر لا يعنيني، كنا كل يوم سبت نجلس أنا و أخي خلف البيت أمامنا الغابة السوداء، كعادتها محاطة بظلام ساحر، كان الجميع يخاف الغابه ولا أعرف بشأن أخي بالنسبة لي كنت أحبها أجدها ذات سحر خاص ، كنت في الليل احب ان اقضي وقتي هناك و انا انظر اليها و استمع الى الاصوات الغريبه التي تصدر منها ، فلقد كانت الحيوانات تصدر كل الأصوات ،كنا انا و اخي نجلس هناك في الظهيرة، و نتحادث بشتى الأمور و قبيل رحيل اخي بثلاثة اسابيع اذكر جلسنا هناك .
"هل انت خائف"سألت أخي إيليوس بترقب و انا احاول ان انظر في عينيه
"لا ... في الحقيقه قليلاً و لكني متحمس، هل تعرفين ماذا يعني ان يطلبوني في الجبهة ربما سيتتسنى لي الفرصه لأصبح كأبي فارساً شجاعاً " قال بحماس و و عيناه راحتا تلمعان بقوة و ضغط على يده
"حقاً!؟و لكن أنا خائفتاً عليك" قلت بقلق
"و لماذا !؟ هل تعرفين سواء ان مت او حييت سيناديكِ الجميع بإسم أخت البطل ، لن يتجرأ أحد بأن يناديكِ بإسم ابنة الحداد المرعب"قال و هو يربت على رأسي
"انت غريب ، سوف يتجرأوون دائماً على ذلك انهم لا ينادوني فقط بابنة الحداد المرعب في الحقيقه هناك القاب جديدة انظمت للقائمه" قلت بإنزعاج و أنا أمط شفتي بطفولية
"يا لهم من حمقى من تجرأ و تحدث عن أميرتي بسوء؟!"قال اخي بدفاع مسرحي
"انهم ينادوني بدراقون المتصابيه ، و يقولون بأنني سأحرقهم بشعري، و حتى انهم قالوا بانني استطيع ان انفث النار من فمي و ان الدخان يخرج من اذني اذا غضبت، احياناً اشعر و كأنني صبي بشع و لست فتاة" قلت بإنفعال
"اوه تنينتي الجميله، انت فتاة و اجمل فتاة ، لا تستمعي لهم ، و لا تدعينهم يتحكمون بحياتكِ ، و حتى ان قالوا ذلك هل اصبحتِ بالفعل تنفثين النار من فمكِ !؟ فليقولوا ما يشاؤون فالكلام لا يغير و لكن الفعل اثبتي لهم العكس اثبتي انكِ اكبر و اسمى من تفاهتهم الطفوليه" قال إيليوس بتشجيع
"وماذا عن ابي؟!" قلت بتردد
"و ماذا عنه!؟ ابي يظل ابي ، فليقل ما يريد فأنت تبقيين أنتِ، كما انتي يتصرف هكذا لضعفه و انتي تعلمين انه لا يكرهكِ و لكنه غاضب منكِ لسبب انت لا يد لكِ فيه و لكن سيدرك أهميتكِ يوماً و اتمنى ان لا يكون قبل فوات الأوان " قال أخي مواسياً
اشاح كل واحد منا نظره عن الآخر و رحنا نراقب الغابة بهدوء ، ربما راح كل اخي ايليوس ينسج أحلام المجد ، و لكن بالنسبة لي رحت اتمنى ان يكون مزاج ابي رائقاً في يوم الغد لكي لا يقسوا علي .
كان هذا جل همي ، كان مزاج ابي هو الذي يحدد يومي ، انتهى اسبوع بهدوء تام فكما ذكرت كان ابي مشغولاً بأخي و خروجه للجبهة ، بالرغم من ان الحرب على نهايتها و النتائج تكاد تكون متوقعه و لا أحد يدري متى تنقلب الموازين . كان هناك اكثر من فتى سيخرج من قريتنا ليشارك في هذه الحرب ، و لذلك كانت القرية ستقيم إحتفالاً لتوديع الفتيان، و كانت هذه عادة غريبه في قريتنا، بينما كن النساء في العاصمه او المدن و القرى القريبه يودعن أبنائهم بالبكاء كانت النساء في قريتي تودعن ابنائهن بالغناء.
دخل اخي في احد الأيام الى المشغل و بينما كنت المع احد السيوف ،امسك بي بحماسه و قال:"ابي سآخذ دراقون معي قليلاً"
"افعل ما شئت"قال ابي بتجهم و هو يطرق الحديد بتركيز
امسك بي و ركض بي الى المنزل ، و امامي اخرج ثوباً ، لقد كان بسيطاً و لكن بالنسبة لي كان أجمل شئ ، كان ذا لون أخضر كلون الشجر ، كانت سعادتي لا توصف لم المس بحياتي ثوباً بهذا الجمال، كنت كل ما ارتديه ملابس اخي ايليوس القديمه ، كان ابي لا يسمح لي بشراء الثياب ،طلب مني ايليوس ان اجربه، ارتديته و رحت ارمق نفسي في المرآة ، كان اللون الأخضر يبدوا شاذاً نوعاً ما مع شعري الأحمر و عيني الرماديتين ، و ما يزيد حمار شعري كانت بشرتي البيضاء و التي اكاد اكون كالشبح لولا شعري الأحمر و بعض الإحمرار على خدودي و على ارنبة انفي .
خرجت الى أخي و الذي كان مبهوراً و قال بسعادة :"انكِ تشبهينها تماماً"
"من؟؟"تسألت
"أمنا" اجاب بسعاده
شعرت بسعاده و لأنه حينما شبهني بها كان بالنسبة لي و كأنه شبهني بأجمل حوريات الأرض ، بالطبع لم تكن امي أجمل حوريات الأرض كانت ذات جمال هادئ و لكن لم تكن الأجمل و لكن بالنسبة لي كانت كالأسطورة التي اسمع بها و لكن لم ارها في حياتي و احلم بلقياها .
"و لكن ما مناسبة هذا الثوب!؟ و من اين لكَ المال!؟"سألت بشك
"اما الفستان بلا مناسبه ، اما المال فلا تهتمي"
"هل استخدمت المال الذي اعطاك ابي اياه من اجل رحلتك للجبهة!؟"
"انا ذاهب الى الحرب و لست ذاهب للأستمتع "قال بإبتسامه
نظرت له بصدمه ، لماذا يفعل هذا معي!؟انني لا اعرف كيف سأرد له كل هذا الجميل ، ضاعت الكلمات مني و انا مطرقتاً افكر في امور شتى .
جاء يوم الإحتفال و التي تزينت فيها القرية النائية بالقدر المستطاع ، لم يكن هناك زهور ، فاستخدموا الزهور البرية و التي بالكاد تشبه الزهور التي تنزع بإهمال في الجانب الآخر من القرية قرب التل العريق كما يسمى لمرور الأبطال الفاتحيين من تلك المنطقه في زمن سابق، استخدموا هذه الزهور للزينه بالإضافه لبعض اوراق الشجر ، و كانت الساحة الصغيرة هي مكان الإحتفال و التي يتزين وسطها بشجرة تفاح و الجميع يقول بأنها فخر القريه فهذي الشجرة قديمة جداً، و تدور حولها العديد من الأساطير ، مثل ما يرويه كبار السن عن كون الأقزام يعيشون بداخل هذه الشجرة .
استعد أخي إيليوس جيداً لهذا اليوم فلقد كان يريد ان يُشَّرف هذه القريه على حد قوله ،اما ابي فقرر ان يبقى في قصره البهي ! اقصد مشغل الحداده، و انا فلم أكن متشوقه للأمر كثيراً كأبي تماماً، كنت أفضل أن ابقى في قصر ابي البهي على ان اقابل هؤلاء المهرجين أطفال القرية، و لكن حماس أخي جعلني ألين و أقبل لأجله ، و بالطبع حماس اخي ايضاً جعلني ارتدي الثوب الأخضر الجميل .
أنت تقرأ
النار التي لا تنطفئ
Historical Fictionاللحظات الحلوة تمضي سريعاً ، و هذا درس قاسي تعلمته من الماضي ، ماضيي لم يكن الأفضل ، و لكني كنت احمل الأمل دائماً كالعقد في عنقي ، كان لي أخ كان هو كل عائلتي ، اصبح لي مستقبل و لكن لا احب ان اتحدث عن مستقبلي من دون ان اذكر ماضيي . #مسابقة_أفضل_كاتب_...