رحت أقاوم بشده و اضرب قدمي و احاول ان احرك يدي لأفك وثاقي و لكن عبثاً حاولت. بقيت هناك موثقه متجهمه أحترق في الغضب.
و رحت ألعن و أسب بغيض ، هذه المره لم أيأس او احزن و لكني بالمقابل غضبت و صرخت ، و اخيراً بينما انا مقيده عزمت بأني لن اصمت لن يكون هذا العزم كسابقه بل سيكون وعد و سأقطعه و على نفسي و سألتزم به مهما كلف الأمر.
بدأ الغروب يشق طريقه إلى الغابه و بدأت الدنيا تظلم و انا هناك و قد تملكني التعب و نال مني الارهاق و الجوع.
و فقط هناك وجدت شخصاً يلوح من البعيد، ذا هيئه ضخمه يغطي نفسه بجلود حيوانات سوداء، اقترب و استطعت ان اراه عن قرب ، فلقد كانت بنيته ضخمه بشعر أسود طويل فاحم كان قد ربطه بطريقه معينه و لحية غزيرة نوعاً ما ، بشرة حنطيه ملامح جامده انف مستقيم عينان حادتان رماديتان تميل للخضار خاليتان من البريق. و كان هذا الوصف يقع على أهل الجبال و بالتحديد قبيلة "كرووتلان" . شعرت بخوف شديد و اتسعت عيناي من شدة الخوف فالمعروف عن أهل هذه القبيله انهم متوحشوون خاليين من الرحمة يقتلون اي شخص يعترض طريقهم، متمردون يرفضون الحكم الحالي يعيشون بشكل مستقل في الجبال ، و احياناً يقومون ببعض اعمال الشغب ضد المملكة و التي يعتبرون بأنها أكلت حقوقهم.
اقترب الرجل مني و رمقني بجمود و سأل بصوت أجش:"هل هذه لعبة جديدة!؟"
لم أجب و لكني أشحت بنظري للجانب الآخر ، فلقد خفت من الإجابه فلقد شعرت بأنني إن أجبت فأنا لا محاله هالكه.
"حسناً لا تجيبي و لكن سأعمل بأصلي و افك عنكِ هذه الوثاق" قال بهدوء
اخرج سكينه و التي بدت مهترئة بفعل الزمن و لكن جيدة الصنع، قطع الحبل عني ، و بمجرد ان تحررت اطلقت زفرة راحة، نظرت للرجل لأشكره و لكنه كان قد ابتعد منذ زمن طويل.
عدت أدراجي للمنزل جائعه و متعبه و مليئة بالجروح و مغطاة بالطين. و لكن بمجرد التفكير ان فرداً من كرووتلان ساعدني هذا اشعرني بالرهبة ظننت بأنني سأتباهى بالأمر، و لكن هذا سيغضب ابي بالتأكيد فعدلت عن هذه الفكرة .اذكر بأن أخي حينما اخبرني عنهم قال بأن أبي يكرههم و يعتبرهم مجموعة من المتمردين .
رأني ابي على تلك الشاكله و قد كان مصدوماً لم اترك المجال له بأن يسأل فأجبت:"لا تقلق مجرد حادثه تافهة"
جلسنا على طاولة العشاء، تلك الليلة تناولت عشائي بنهم شديد على غير العاده و اخيراً قررت قراري في تلك اللحظه، ما دام هؤلاء الأطفال الحمقى لن ينفع معهم الكلام فأنا سأبدأ بالتطبيق فبلعت لقمتي و سألت ابي بحماس:"ابي سأشتري سكيناً من ورشة الحداده"
نظر الي ابي بإستغراب و لكنه اجاب بجملته المعتاده:"افعلي ما تشائين"
بالطبع لم يكلف الى نفسه و يسألني ما حاجتي لهذا السكين ،و لكن لا يهم فآن أوان الإنتقام الفعلي .
استيقظت في الصباح الباكر رحت انظف الورشة و اجهز النار و عدت لإعداد الفطور تناولت فطوري على عجالة و و هرعت الى المعمل ، و رحت اشرع بالعمل فصناعة السكين الصغير يتطلب يوميين لنصل لأفضل النتائج، شرعت بالعمل و انغمست فيه بشكل غير طبيعي لدرجة انني بقيت طول اليوم اعمل عليه دون راحة .
لم اتناول عشائي انما ذهبت للنوم على الفور و في اليوم الثاني حدث الأمر مجدداً انغمست في العمل، كنت اريد ان انتهي من صناعته سريعاً . و في منتصف الظهيره صار سكيني البهي جاهزاً ، لم يكن بديع الصنع فأنا لا زلت مبتدئه، و لكن بالنسبة لي كان يفي بالغرض.
استيقظت في اليوم التالي و قد حملت سكيني معي ، و فكرت بأنني سأذهب إلى تلك البحيرة الكئيبة الباردة اتناول طعامي هناك ، فحملت طعامي في سله.
لقد كان دخولي للغابة السوداء في المرة الأولى من ناحية منزلنا لمجازفه كبيرة، كان هناك احتمالية ان اضيع او ان يصيبني اي مكروه لظلمة الغابه و كثافة اشجارها، و لكن بسبب ذاكرتي القوية و التي تجعلني اتذكر الشئ مجرد رؤيتي له جعلني احفظ الطريق ، في هذه المرة كنت قد أخذت شعلتي الصغيرة . و تقدمت نحو الغابه و رحت اتوغل فيها، كانت بهية غامضه تحمل الكثير من السحر ، و هذا مالم يلاحظه أهل القرية الذين نبذوها و لم يدخلوها الا للضرورة.
و اخيراً وصلت إلى حيث البحرية التي لا تزال غامضه حزينة مليئة بالاوجاع خائنه. كنت لا زلت أبحث عن من أعادني لوعيي من أعطاني دافعاً لأعيش، هل يا ترى هناك حوريات تعشن في هذه البحرية ؟! هل احداهن أنقذت حياتي!؟
لا أعلم و لكني وقفت و اخرجت سكيني و قمت بغز اصبعي بالسكين حتى خرجت الدماء بشكل بسيط وضعت اصبعي على سطح الماء و رحت أتعهد لهذه البحيرة و هذه البقعه:"اتعهد ان لا اصمت مجدداً اتعهد انني سأرد اعتباري و سأنتقم ، اسمعي ندائي أيتها البحرية سأثبت لكِ أيتها الخائنة اللطيفه اني لن اخذلك "
وقفت مجدداً و امسكت مشعلي و عدت ادراجي للمنزل ، هناك وجدت ابي محتاراً في الورشه.
سألته و هلى غير العاده:"ما الأمر!؟"
رد علي بشئ من الحيرة و هو يفكر :"لقد انتهت مؤونة الفحم يجب ان اذهب للقرية المجاورة و اشتري المزيد و لكن لدي طلبيه مهمة لأحد النبلاء يجب ان تنتهي مساء الغد"
"ما رأيكَ ان اطلب من للعمده ماركيوس قد يبعيني بعضاً من فحمه" قلت بإستفسار
"حسناً خذي سلتكِ و املئيها بما يكفينا لسيف فاخر" قال
و كان هذا أول تعاون طبيعي بيننا كان حواراً مسالماً فكلن منا يريد مصلحة الآخر .
اخذت سلتي و حملت المال معي و ذهبت للقرية و بينما انا متوجهة للقرية ظهر امامي الخبثاء صبيان القرية المزعجون الثلاثي المزعج ماتي و رودي و لو ،نظرت لهم بإنزعاج و قلت:"ابتعدوا عن طريقي فأنا مشغوله"
لقد كان هذا تهديد من قبل ان انفذ انتقامي ، نظر لي ماتي بخبث و قال :"في الحقيقه نحن نريد ان نرى انتقامكِ"
رمقته بغضب و اخرجت على الفور سكيني الصغير بلع لو ريقه و قال بخوف:"ماتي توقف هذه مجنونه قد تقتلنا"
"هاهاها لا تستطيع ان تفعل شئ كهذا الجبانه"
راح يضحك و قلده رودي كذلك اما لو فقد هوب و تركهم ، و هنا قمت اشهر بسكيني و الوح به بوجههم و هذا جعلهم يتراجعون و يهربون كالخرفان . اكملت طريقي لمنزل العمده و الذي اعطاني الفحم بكل سعاده و اعتبره مجاني على حسابه و كان قد طلب مني ان آتي الي متى نقصنا اي شئ ، لقد كان العمده رجل كبير بالسن بدين و أصلع سوى من بعض الشعيرات ذا وجه بشوش ، لقد كانت زوجته لطيفتاً مثله تماماً، لقد كان من القله الذين يعاملوني بشكل جيد، فلقد كان العمده يحب عائلتي ، و ذهاب اخي للحرب جعله يفتخر بنا اكثر فهو راح يناديني منذ سفر اخي للحرب بأخت البطل و بأخت الفارس الباسل، حملت سلتي بعدما شكرته و ودعته كنت قد رفضت ان يرسل معي احد ليحمل السله عني. لقد كانت سلتي ثقيلة بعض الشئ و لكنني تحاملت على نفسي و حملتها ، و مشيت بدربي و انا اترقب ردة فعل ابي هل سيثني علي ام انه سيبتسم بوجهي، وفجأة من دون سابق انذار قفز في وجهي الخبيث ماتي و مجدداً خذرته:"ابتعد عني و الا خربشتك بسكيني أيها المزعج"
"هاها الحمقى لو و رودي جبانان و لكن انا لا اخاف ما الذي ستفعلينه بسكينكِ السخيف هذا"
و من دون سابق انذار اخرجت سكيني و بكل برود خربشت وجهه بالسكين و ذلك رسم له جرحاً على خده كنت منصدمة من شجاعتي تلك و برودي الماجئ.
"اقترب خطوة اخرى ستتحول الخربشة لطعنه لم اعد اخشى شيئاً "قلت بلا وعي
نظر الي بصدمه و راح يتحسس وجهه نظر ليده ووجد ان هناك دم على يده بفعل سكيني، جحضت عيناه و راح يصرخ و يبكي بهستيريا ، هرب بعيداً و هو يبكي.
أنت تقرأ
النار التي لا تنطفئ
Historical Fictionاللحظات الحلوة تمضي سريعاً ، و هذا درس قاسي تعلمته من الماضي ، ماضيي لم يكن الأفضل ، و لكني كنت احمل الأمل دائماً كالعقد في عنقي ، كان لي أخ كان هو كل عائلتي ، اصبح لي مستقبل و لكن لا احب ان اتحدث عن مستقبلي من دون ان اذكر ماضيي . #مسابقة_أفضل_كاتب_...