ما عزمت عليه ، ما لم يحدث...

12K 844 66
                                    

بقيت هناك مستلقيه أفكر ربما كنت مخطئه لم أكن يجب أن اصل لتلك المرحلة ، لن أسمح لأبي أو لغيره بأن يتحكموا بحياتي، عزمت على أمر جديد كان بمثابة أمل جديد.
تحركت من مكاني ، وجدت بأن المكان راح يظلم ، فتحركت بسرعه، فأنا لم اتعمق كثيراً في الغابة، رحت اسرع خطاي و انا اشعر و كأني ولدت من جديد ، لم تعد نظرتي كما هي، سألقن أبي درساً و لكن بأسلوب آخر.
لقد كنت أعرف نقطة ضعف أبي و لذلك قررت أن اعذبه كما فعل معي .
عدت مع المغيب و حينما دخلت للمنزل وجدت ابي يرتاح ، من بعد يومٌ شاق.
"أين كنتِ أيتها الضفدعه القبيحة؟! ستعاقبين على إهمالكِ ، هل تعتقدين بأنني سأمرر الأمر فقط بضربكِ و الآن أجيبي أين كنتِ!؟"
قال بصراخ، و لكن هذه المرة لم أشعر بالخوف لقد كنت غاضبه فأنا لا استحق مثل هذا التعامل القاسي.
"لقد كنت ذاهبة إلى أمي "نظر إلى بصدمة لقد كانت بالنسبة له كما هو واضح صدمة اخرسته، و اكملت:"لا تقلق فهذه الدنيا كانت أفضل منك ، تمسكت بي حتى آخر رمق".
"ماذا قلتي أيتها المجنونه!!!!"قال بغضب رفع يده يريد ان يضربني مجدداً.
"اتخيل امي هنا تراك و انت تحاول ضربي"قلت بإبتسامة خبيثه، لم اره بحياتي في هذا الضعف لقد تراجع بضعف و حزن عاد لمكانه ، و كأن كل الذكريات عادت له ، بهت وجههة بشدة. اكملت "ما المطلوب مني الآن"
رمقني بشئ من الإنكسار ، كانت هناك دمعه غامضه ابت ان تستسلم و تشبثت بعناد بعينيه، احزن قلبي رؤيته هكذا، لم أعلم بالسبب الذي جعلني في نهاية اليوم أشفق على ابي !؟ في النهاية يبقى ابي ربما اغضب منه و لكن كل تلك الفتره لم اكرهه لم استطع ان افغل ذلك ابداً!.
"اذهبي الآن لا احتاج شيئاً منكِ"قال بهدوء
علمت في تلك اللحظه بأن إنتقامي الذي بدأ بدأت بذوره تثمر بسرعه، لم يكن انتقامي شريراً ، كنت اريد ان ارد اعتباري هذا كل ما في الأمر ، لم اكن انوي شيئاً سوى ان ارد حقي كلما حاول احدهم ان يسلبه مني، يقولون بأنني تنين سأريهم التنين الحقيقي.
قررت بالفعل أن أكتفي بهذا القدر و اذهب للنوم، لقد كان موتي و عودتي للحياة هكذا بلمحة عين كالدرس القاسي الذي جعلني اقدر نفسي أكثر ، نمت تلك الليلة كالقتيله نومة لم احضى بها من قبل .
و في الصباح الباكر استيقظت قبل شروق الشمس ، و لا أصدق بأني عدت لروتيني هكذا و كأني بالأمس لم أحاول الإنتحار .
و كعادتي فتحت المشغل و رحت انظف و اشعل النار و عدت للبيت لأعد طعام الإفطار ، و الذي كان عبارة عن شوربة ذرة و خبز أسمر بالقمح .
دخل أبي للمطبخ و ذهل لرؤتي في بادئ الأمر رأيت ذلك في عينيه ، و لكنه سرعان ما عاد لبروده ، و جلسنا نتاول فطورنا و كعادتنا بهدوءٍ شديد، يبدو انه الشئ الوحيد الذي ورثته عن ابي الصمت.
عدنا للمعمل لنكمل العمل، شرعت بسن بعض السكاكين ، و دون قصد اوقعت بعض السكاكين ، رمقني ابي و اتجه إلي بغضبه المعتاد ، نظرت إليه بالمقابل لن اسكت هذه المرة
"ليت أمي كانت هنا تراني أنا أعمل في مصنع الحداده كالرجال"
مجدداً وجدته يتراجع بإنكسار و راح يضرب السيف بالمطرقه بقوة شديده متعمداً ، حتى سمعت صوت انكسار السيف، و بالطبع لم يكن هذا من طبع والدي فلقد كان ماهر بالحداده ، فقد شغف بالسيوف و صنعها .
لا أصدق بأنني قلت بأنني سأتغير و لكن لم أبدي أي تحسن سوى من ناحية أبي و الذي بات يتحاشاني ، سمحت له بأن يقسو علي بالعمل لأن العمل كان يشغل تفكيري و يبعدني عن كل تلك السوداوية التي التي اتخذتها ثوباً يغطيني.أما أطفال القرية فبقوا كما هم فكلما ضايقوني صرخت بهم فزاد ازعاجهم ، و فيما بعد قررت ان اتجاهلهم و لكن بقوا يزعجوني لم ينفع معهم شئ ، مرت عدة شهور حتى بلغت ال ١١ من عمري ، و في يوم ميلادي كان اخي دائماً يبعدني عن المنزل لأنه بالنسبة لأبي أسوأ أيام حياته و لو وقع نظره علي بالتأكيد سيهينني .
و لذلك في هذا العام قررت ان احترم حزن ابي و اترك العمل و المنزل و اتجول بالأرجاء، اذكر في اليوم الذي سبقه دار بيني و بين ابي اول حديث طبيعي من دون شجار او اهانة .
"ابي في يوم الغد سوف آخذ يوم إجازه"قلت بهدوء و انا اتناول عشائي
رمقني ابي و رأيت في عينيه حزن مجنون ،كيف يستطيع الإنسان ان يعيش بشكل طبيعي و هو يحمل هذا الكم من الحزن!؟
"افعلي ما تشائين" تناول لقمة خبز و اكمل"خذي معكِ بعض المال "قالها بنبرة اقرب من الهمس.
ذاب قلبي في تلك اللحظه ، لم يكن يهمني المال و لكن بمجرد التفكير بأنه فكر بي لو بشكل بسيط هذا اشعرني بقيمتي، اخذ المال منه ، نظرت له كما لو انه كنز ، لم ارد ان اصرفه و لذلك قررت ان اصرف جزء و اخبأ جزء .
نمت تلك الليله هذه المرة نمت كالطفله رحت أحلم بأجمل الأحلام الوردية ، حلمت بأنني أميرة و ارتدي الثياب الجميله ، كنت سعيده في ذلك الحلم ، عشت في ذلك الحلم طفولة سعيده مع عائله طبيعيه كان اخي هناك و ابي و امي ايضاً و التي الى اليوم لا أعلم كيف تبدو سوى من وصف اخي و الذي بالكاد يتذكر ملامحها.
استقيظت صباحياً كعادتي ، رحت اقوم بتنظيف المعمل و اشعال النار كعادتي، و بعدها رحت اعد الفطور و اخذت حصتي من الفطور لأتناوله خارجاً .
و حينما خرجت من منزلي وجدت أحد أطفال القريه يقف امامي بإبتسامه، ارتبت من الأمر فتلك الإبتسامه لا تأتي هكذا.
"ماذا تريد؟!"قلت بشك و غضب.
"في الحقيقة ، لقد علمنا بأن اليوم هو يوم ميلادك و نحن نريد ان نحتفل به معك "قال بإبتسامه
رأيت ابتسامته تلك و ظننت ربما هم صادقيين ، ربما تعاملي معهم الذي تغير جعلهم يتغيروون للأفضل و اعتبرت الأمر كالهدنه و ربما يكون الصلح.
اكمل" ان الجميع ينتظركِ في الغابة السوداء من الناحية الجنوبية "تلك كانت مكان لعب الأطفال فالناحية الجنوبيه كانت مشرقه بالمقارنة ببقية الغابة كان أهل القرية يطلقون عليها إسم الجانب المشرق .كانت الطريق لعبور المسافريين .
نظرت له لفترة و بعدها اجبته "حسناً"
لحقت به إلى حيث الناحية الجنوبيه، اما هو فراح يتحدث عن تحضيراتهم لعيد ميلادي.
"لقد قمنا بتزيين المكان بالزهور البريه، و صنعت والدة رودي الخبز المحلى من أجل هذه المناسبة"
شعرت بسعادة شديدة بهذه التحضيرات و ابتسمت بسعاده:"حقاً هل قمتم بصنع كل ذلك من اجلي؟!"
"اجل اجل فقط انتظري حتى تري"قال بمرح
ابتسمت بفرح كان قلبي يطير فرحاً كالفراشات و اخيراً جزئاً من احلامي الورديه سيتحقق!
وصلنا إلى حيث الجانب المشرق ، و هناك طلب مني الصبي ان اغلق عيني لكي لا تتلف المفاجئه ، اغلقت عيني بكل استسلام و تشبثت بالصبي لكي لا أقع او اصطدم بشئ.
كنت امشي و افكاري السعيده تداعب مخيلتي برقه، و حتى توقفنا عند نقطعه معينه سمعت ضحكات بقية الأطفال، كنت سأفتح عيني و لكن شعرت بشئ لزج يلامس وجهي.
فتحت عيني ، و لمست الشئ اللزج لقد كان طين !!!!
صرخت صرخة قصيرة كردة فعل مفاجأة، راح الخبثاء يضحكون بفرح و ينادون :"عيد ميلاد تعيس أيها التنين القذر المغطى بالطين "
اردت ان اهرب سريعاً و لكن الصدمة اخرستني فلقد كنت كمن صعد القمه و فجأتاً تعثر بحجر و وقع للهاوية، امسك بي صبيان و راحت احدى الفتيات تربطني بالشجرة ، لقد كان حبلاً ثخيناً لم استطع ان افك نفسي ، و راحوا يضحكون و يطلقون تعليقاتهم التافهه المعتاده . و اخيراً قرروا ان يمارسوا لعبتهم ،صرخت احدى الفتيات و التي تدعى جولي:"هيا نعاقب التنين ، هيا اهجموا"
و كان عقابهم ان يقوموا برشقي بالحجارة ، جرح جسدي بشكل بشع لقد تسلل الألم الي و لكن المي الروحي كان اسوأ بكثير .
صرخت فيهم بغضب:" أيها المهرجون فكوا وثاقي ... تباً لكم"
توقفوا فجأة و لكن سرعان ما عادوا للضحك .
"ماذا تريدون مني؟!"سألت بيأس و انا احاول جاهدة ان احبس دموعي
نظر الي ماتي و هو كان الذي جاء بي الى هذه المهزله  :" ماذا نريد؟! حسناً في الحقيقة نحن نشعر بالملل و مثلما اليوم هو عيد ميلادك فهو عيد ميلاد جولي و اردنا ان نكافئها بهذه الهديه "
نظرت لهم بصدمه ، فلقد بدأ الامر بأنهم كانوا يرهبوني و اعتبروني كالنحس و ثم كانوا يضايقوني و يتجاهلوني و لكن الآن هم يعتبروني كالتسليه ، انا تسليتهم البشريه!!
كيف وصل الأمر لهذا الأمر ؟! حينها ادركت انني انا من سمح لهم بأن يعاملونني هكذا منذ البدايه اردت ان اصبح صديقتهم و كان هذا مستحيل فأنا دراقون المجنونه ابنة الحداد المرعب و لست جولي اللطيفه ابنة التاجر الغني .
رمقتهم و راح الغضب يتراقص من عيني:"من الآن فصاعداً سترون ، ستحل عليكم لعنتي أيتها الحشرات القذرة "
بسبب نظرتي الغاضبة و نبرتي المرعبه شعروا بشئ من الخوف و تراجعوا فسمعتي بأنني نحس جعلتهم يهربون كهروب كالفئران إلى جحورها.
ابقوني الحمقى مقيدة على الشجرة، و هذا الطريق مكان نادراً من المارة فلقد كان طريق سفر و لا يرتاده سوى الشخص الشجاع و اهل القريه الذي اعتادوه.
رحت أقام بشده و اضرب قدمي و احاول ان احرك يدي لأفك وثاقي و لكن عبثاً حاولت. بقيت هناك موثقه متجهمه أحترق في الغضب.

النار التي لا تنطفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن