"ان هذا للأفضل ، أنا لا أكرهكِ دراقون"قال بشئ من الغموض
وجدت نفسي اهوى من ارتفاع عالي حتى استقر جسدي على ارضية القبو الحجريه ، لقد كان الم جسدي عظيماً و لكنه لم يكن يشبه الم قلبي في شدته ، انا لم افهم شيئاً ، فلا اعرف ما الذي اصاب ابي و لكن كل ما وجدته انه اغلق باب القبو و اقفله و اختفى .
ركضت بسرعه ناحية الباب و انا اطرقه بشده و بعنف و اصرخ بيأس
"تباً اخرجني، لماذا تفعل هذا معي !؟" قلت بيأس و الدموع كانت قد اخذت مجراها
و بعد فترة من طرق الباب جلست بيأس ، شعرت بالوحده و بالخوف ،و ببساطة بكيت، بكيت كثيراً ، كنت اشعر كما لو ان ابي خانني ، كان شعوراً مؤلماً. كان ذلك بالإضافة لألم جسدي فنتيجة السقطة كانت قدمي قد التوت.
بقيت هناك لفتره جالسة احتضن قدمي بحزن ، و انا في غمرة احزاني تذكرت ان هذا القبو يحمل بعض الأسلحة المهترئه ، بسرعه وقفت و هرعت ناحيتها بصعوبه رحت ابحث بينها كانت مجرد سكاكين، رحت ابحث بيأس لدرجة ان يدي كانت قد خدشت بسبب السكاكين ، و بالصدفه وجدت ظالتي فأسٌ قديمه مهترئه و لكنها تفي بالغرض.
هرعت ناحية الباب الخشبي و رحت اضربه بعنف ، كنت اضعط على الم قدمي و اضرب.
و في نهاية الأمر وجدت نفسي قد توصلت لهدفي ، خرجت بسرعه من القبو ، و اول ما استقبلني كانت الشمس بلطفها و دفئها، و بسرعه هرعت للورشة و لكن لم اجد ابي، و بعدها للمنزل ، كانت العربه موجوده يعني انه لم يغادر القريه، و هنا هرعت بسرعه ناحية القريه ،كان الطريق صعباً مع الم قدمي ، و لكني تحاملت على نفسي ، و هناك ذهبت بسرعه ناحية اول شخص اواجهه
"هل رأيت الحداد" قلت بسرعه
وجدت الرجل يرمقني بإشمئزاز ،و صرخ فيني "ابتعدي ايتها القذرة"
"ماذا؟!"اجبته بصدمه
"هناك ستجدينه حيث نال جزاءه" اشار بيده
ركضت ناحية المكان الذي اشار اليه، لقد كان في وسط القريه، الصدمه اكلت قلبي و اخرستني، وجدت جثتان ممدتان مذبوحتان بشكل قبيح كان عنقهما قد شق بشكل وحشي، لقد كانت احداها لوالدة جان صديق إيليوس، و الأخرى كانت و التي الجمتني كانت لأبي.
أن ارى ابي القاسي، أبي العنيد كالجبل ، أبي القوي كالصخر ، ممداً هناك كالخرقة الباليه فارقت الروح جسده . جلست بالقرب من الجثتين و انا اريد ان اكذب ما اراه ، كلا ليس ابي!!!، لا أبي لا يستحق مثل هذا المصير .
" ايها المتوحشون من هذا ضعيف القلب الذي فعل هذا بأبي"صرخت بيأس و الدموع راحت تنهمر .
احتضنت جثة ابي، كانت المرة الأولى و الأخيرة التي احتضنه فيها.
رفعت رأسي وجدت القوم تجمعوا من حولي ،و راحوا كعادتهم القذرة يهمسون ،التقطت من بين الكلام كلمة "خائن".
خائن!!!، والدها خائن؟! ، ان هذا المستحيل بعينه!!، بالرغم من انه وقف مع إيليوس في مهمته و لكن كان أبي وفي لوطنه و كان يعز عليه ان يكره الناس هذا البلد و هذه الحكومة و هو الذي خدمها بوفاء،و فداها بروحه ، و نال شرف البطوله و اصبح بطلاً في زمن ما.
"لقد باع وطنه و خان الأرض،لأنه لم يستطع ان يربي ابنه بالشكل اللائق ، الجنود كانوا هنا و لقنوه هو و هذه المراة درس قاسي " قال احد رجال القرية
"خائن؟! تقولون خائن أيها الجبناء، أيها الجبناء"رحت أصرخ فيهم و انا ابكي.
وجدت في وجوههم كل الإشمئزاز و في نظراتهم الإستصغارو هذا جعلني اغضب فوق غضبي و حزني ، كنت غاضبة من كل شئ من الموقف، من اهل القرية الفاشلون، من ابي الذي لم يطلعني على التفاصيل و حتى من اخي الذي اختفى و لم نسمع عنه.
"تقولون خائن من فيكم تجرأ بشجاعة و رفع سلاحاً و فدى وطنكم ؟! اخبروني؟! لقد كان ابي لقد رفع من شأنكم و شأن قريتكم البائسه المجهولة، هلموا لندفنه دفنة تليق بمقامه"
لم يتحرك احدهم، لم يفكروا ابنة قريتهم التي تربت بينهم في محنة! لا بل بجبنهم اتهموا ابي بالخيانه، استنتجت من كلامهم ان اخي قد كشف امره، لم اعلم اذا كان قد تم القبض عليه و لكن و انا هنا مصيبتي كانت اكبر ، كنت وحيدة تماماً لا شئ في يدي افعله. وجدتهم يتفرقون و كلن يعود ليومه بينما أنا جلست هناك بين الجثتين بيأس لساعاتٍ طوال. حتى وصلت لمرحلة من البؤس رحت اترجى الماريين بأن يساعدوني بدفنهم .
"ارجوك يا سيدي ساعدني بدفنهم"رحت اترجاه و انا امسكه من قدمه.
و لكنه ركلني و اكمل طريقه. استوقفت احدى السيدات الكبيرات بالسن.
"ارجوكِ يا عمه اعتبريني ابنتكِ و ساعديني في دفنهم"
و لكنها ضربتني بعصاها و رحلت.
بقيت هناك حتى حلول الليل كنت كارهتاً لنفسي من الذل الذي وقع بي ، تمنيت في تلك اللحظه ان يقع على بناتهم اسوأ من ما وقع بي.كان الناس قد عادوا لبيوتهم و ناموا قريرين العين في اسرتهم في تلك اللحظات راح جسدي يتخدر شيئاً فشئ ليدخل في مرحلة النوم، رحت اكافح لأبقى مستيقضه، شعرت بيد تمسك كتفي، رفعت رأسي بخوف ، اذا به العمده! ، العمده ذلك الرجل الحنون و الذي هو بمقام والدي ، كان ينظر الي بشفقه، راح يعزيني و هو يربت على يدي.
"أنا آسف لكل ما جرى، أنا آسف لأنني لم استطع مساعدتكِ في تلك اللحظه، اتمنى ان تتفهمي يا ابنتي"
نظرت له و رحت ابكي بشده، راح يربت على كتفي بحنان، حتى اكتفيت.
"هيا يجب ان ندفنهم اولاً يا ابنتي"قال بلطف.
حمل العمده الجثتين بعدما قام بتنظيفهما و تطهيرهما من الدماء التي أحاطت بهم و.بلفهما بقماش أبيض و عطرهما بعطر الزنبق، لقد كانت هذه مراسم الدفن في مدينتنا. وضعناهم في عربة ، جلست بجانب الجثتين و أنا أفكر بحزن، ما الذي حل بإخوة إيليوس، دعوت في خاطري أن لا يكون قد أصابهما مكروه ما !، انهم مجرد أطفال صغار. و أنا أيضاً لا زلت طفلاً مسكينه ! بحاجةٍ لأبي و أخي. و فور ما تذكرت أخي رحت أجهش بالبكاء.
"اللعنة عليك يا إيليوس ، اللعنة عليك ، هل كان يجب أن تقوم بأعمالك البطولية الغبيه لأجل ناس لا تستحق!!!" صرخت و هذيت، كانت تلك من المرة الوحيدة التي كرهت فيها أخي و تمنيت موته!!!
رحت أمسح دموعي، وصلنا لوسط الغابه و بجانب شجرة قيقب عملاقه قمنا بدفنهم.
لقد كانت الأسطورة تحكي أنه من يموت مذبوحاً يجب أن يدفن بجانب شجرة القيقب لترتاح روحه و تثير الشغب، لم أعلم ما سبب أسطورة شجرة القيقب هذه !؟ ربما بسبب شكل أوراقها العجيب و او لإنقلاب لونها ألى الألوان الناريه في فصل الخريف، لا أعلم و لكني حينما سألت العمده بذلك قال:"لأن فيها سحرٌ حكيم"
بالرغم من أن شجرة التفاح في قريتنا تبدو مهيبة و جميله و لكن شجرة القيقب قي فصل الخريف تصبح ساحرة و فاتنه كالعروس.
بعدما قمنا بدفهنم ، جلسنا تعبين من الحمل الجسدي، اما انا فحمل قلبي كان اثقل.
رفعت رأسي للسماء بحزن و رأيت أجمل منظر في حياتي ، لقد كان كالخيال ، لقد كانت الليلة بلا قمر و النجوم قد ملأت السماء و كأنها ألماساتٌ براقه.
هدأت روحي قليلاً ، و خف الألم فيني، فسألت العمده و أنا أراقب السماء"ما الذي حدث!؟"
شعرت بنبرته بعضٌ من الصدمه و لكنه أجابني:"كان الجنود قبل ساعات في القرية يا ابنتي "
"حقاً؟!" قلت بهدوء
"لقد كان أبيكِ يعلم بمجئ الجنود لقد أخبرته و طلبت منه أن يهرب معكِ و لكن لم يكن هناك الكافي للهرب"
فهمت من كلامه سبب رمي أبي لي بالقبو و حبسه لي، شعرت بالعار و أنا اتذكر كيف حقدت على تصرفه و لكني ابتسمت بإمتنان.و لكني سألت:"لماذا جاؤوا!؟"
نظر إلي بطريقه غامضه و أجاب بنبره جاده و حذره:" لقد عرفت الحكومه... لقد عرفت بأمر أخيكِ و إيليوس"
نظرت له بصدمه ، لا أعلم ما الذي صدمي تماماً كان امراً واضحاً و متوقعاً و لكن كان هناك شئ مجهول يزعجني.
"ماذا؟! و ماذا عن أخي هل حدث له مكروه" قلت بصعوبه
تذكرت
"لا أعلم تماماً و لكن الجنود لم يذكروا امراً كهذا"
تنفست براحة بعدما قال ذلك بالرغم من القلق الذي صار يساورني، في تلك اللحظه قررت أن اعتذر من اخي حينما اقابله لغضبي من موقفه.
أكمل "لقد جاؤوا و طلبوا الخونه و جاء ابيكِ و والدة جان طواعيتاً و بكل استسلام كان اعداماً هادئ تماماً، لقد كان الأمر قذراً ، حاولت ان ادافع عنهم و لكن لا احد من القرية تحدث بل حتى لم يستنكروا بل صمتوا و البعض منهم شجع الجنود"
كنت أعتقد بأن العمده جبان و لكني عرفت بأنه ليس جبانٌ ابداً بل هو شجاع، لقد ساعدني بالرغم من كل شئ، شعرت بالإمتنان من ناحيته اردت ان ارد له الجميل.
"اتمنى ان ترتاح ارواح المذبوحين اسفل شجرة القيقب" قلت بشئ من اليأس و تقبل الواقع.
" دراقون يجب ان تهربي" قال العمده و هو يمسك كتفي و ينظر في عيني بصرامه.
أنت تقرأ
النار التي لا تنطفئ
Historical Fictionاللحظات الحلوة تمضي سريعاً ، و هذا درس قاسي تعلمته من الماضي ، ماضيي لم يكن الأفضل ، و لكني كنت احمل الأمل دائماً كالعقد في عنقي ، كان لي أخ كان هو كل عائلتي ، اصبح لي مستقبل و لكن لا احب ان اتحدث عن مستقبلي من دون ان اذكر ماضيي . #مسابقة_أفضل_كاتب_...