حركة "حقوق الشعب"

11.1K 777 28
                                    

تحركنا ناحية القريه بدا أخي مستمتعاً بزيارته، كان هناك الكثيريين يحيوونه . اما بعودته فلقد كان اكثرهم صدمه فهو العمده. ولكنه رحب بأخي بصدمه و من البعيد كانوا الأطفال يلعبون حينما وجهوا انظراهم الي تعلقت بأخي كصغار القطط و كأنني أحتمي به، وجدتهم يهربون كالفئران بإستثناء جولي لورز و ناني قريفن. توجهتا ناحيتنا و وجدت جولي تحيينا بطريقة راقيه فلقد انحنت و قدمت قدمها للأمام و رفعت طرف من ثوبها و قلدتها ناني.
"كيف كان يومكِ يا آنسة دراقون ؟! لم يتوقع أحد عودتك يا سيد إيليوس" قالت جولي بتهذيب.
اما انا فرحت انظر إليها بإستغراب ! فلقد كانت هادئه و مهذبه على غير العاده و كانت وجنتيها قد احمرتا بشكل ملحوظ ، في ذلك الوقت كنت قد خمنت ان الأمر بفعل الشمس و لكن اليوم فهمت بأنه لم يكن لقد كان الجو خريفي و السماء ملبدة بالغيوم .
لقد كانت في نظري غريبه و مضحكة في نفس الوقت، لأنها حاولت ان تظهر بشكل لا يناسبها ، رمقت أخي فوجدته يقف هناك بصدمه و كأنه كان يحاول أن يحبس ضحكته و لكني وجدته يجاريها في لعبتها الجديده الغريبه بلطف .
"أنا بخير يا آنسه لورز، اتمنى ان يكون يومكِ سعيداً يا آنسه قريفن"
رفعت رأسي الى اخي بإستغراب متى إكتسب هذه اللباقه و التي لا يتفوه بها إلا النبلاء.
اكملنا طريقنا كانت تلك الرحله منعشه للأخي، كنت قد جاريته في رحلته هذه، عدنا إلى البيت و هناك طلب أخي ان يتحدث معنا بشكل خاص، لقد بدا موضوعه جاد تماماً.وجدت في وجهه صرامة و جمود غربيين لم اعهدهما في اخي بدا وجهه قريباً من ابي.راح يسحب بعض الهواء و بدأ حديثه.
" ابي في الحقيقه سأحدثكم في موضوع مهم لا اريدكم ان تقاطعوني ، انه موضوع حساس جداً "
"تحدث يا بني" قال ابي بلطف
"دراقون قد يكون هذا الموضوع أكبر من عمركِ و لكن لكونكِ تهمينني كثيراً و كونكِ أعز أصدقائي أريدكِ ان تكوني معي في هذا"
نظرت له و انا اشجعه على الكلام، شعرت بأن ما كان سيقوله يفوق حجمي و عمري و حتى مكانتي الإجتماعيه بل و يفوق قريتي البسيطه بكثير.
"تعلمون بأنني تركت القرية منذ سنتيين على أمل أنني سأذهب للجبهة و أقاتل أعداء بلادنا و أرد شرهم عنا، و لكن الحقيقه كانت مروعه في مهمتنا الأولى اخذونا بالقرب من احدى القرى على الحدود طلبوا منا أن نحرق القرية عن بكرة ابيها قالوا بأن كل من فيها من الجنود ، ظننت بأنه فعل قاسي و قذر حتى لو كان من فيها من الجنود و لكني قررت ان اطيع الأوامر فالحرب قاسيه في ناهية الأمر و بالفعل تسللنا ليلاً و رحنا نلقي النيران على المنازل ، و لكن ذلك صدمني في رأسي و اوقعني في الهاوية، سمعت صوت بكاء طفل ينبعث بكل وضوح من احد المنازل، لم اكن اريد ان اصدق بهذه الحقيقه لقد احرقنا أناس أبرياء" اخفض أخي رأسه بحزن
وقف ابي مصدوماً و راحت الكلمات تتبعثر من فمه بعشوائيه
"كيف!!!!!؟؟؟؟ ... هذه!!... هذه لم تكن يوماً سياسة بلدتنا ليست على حياة ملكنا أوغست"
أكمل أخي بضيق واضح و عيناه راحتا تبرقان بحزن تحت ضوء الشموع:" أجل الملك أوغست ولكن ليس الملك مور ، لقد كان فيلقنا مصدوماً مما حدث جميعنا بلا إسثناء كنا مجموعه من المستجديين في الجيش، اتذكر جيداً حينما حيانا قائدنا و هنئنا لنجاح مهمتنا و قال بالحرف الواحد لقد تخلصنا من الخونه و أهاليهم، فهمنا فيما بعد أن هذه القرية تحفضت على أحد المتمردين الهاربيين و لذلك كان هذا عقابهم، مهما كان ما فعلوه لم يستحق كل ذلك ، فيما بعد راحوا يطلبون منا بشكل علني ان نقبض على اناس بتهمة الخيانه و التحريض و ان نعذبهم و نعذب ابنائهم حتى انهم طلبوا منا ان نتعدى على شرفهم و ندمس شرف زوجاتهم و بناتهم ، لم اشارك في تلك الأعمال القذرة، في البداية كل من الفيلق رفض و لكنهم فيما بعد وجدوا انفسهم يقومون بتلك الأفعال لم يتبقى سوى القليل منا أنا و جان و ثلاث شبان غيرنا ، لقد عذبونا بل و هددونا بالموت و لكننا لم نرضخ لهذا"
نظر أبي لأخي بصدمه خارت قواه أمام هذه الحقائق المخجله، مملكتنا العظيمه و سلطتنا النبيله تقتل الشعب لمجرد انهم طلبوا شيئاً بسيطاً من حقوقهم كشعب، اما انا فلم افهم الكثير و لكن حزن اخي جعلني انفعل.
اكمل اخي:"و من هنا قررنا الهرب و الإنضمام لأحد الاحزاب المتمرده ،لم نفعل شيئاً بعد لا زلنا ندعي اننا مع الجيش، الحقيقة يا ابي ليس هنالك حرب انما الحرب هي كذبه اخرعتها السلطه لتغطي على اعمالها القذرة"
صرخ ابي بإنفعال:"هل جننت أيها الشاب تخون يلدك"
"أبي لا يوجد هناك بلد انما هناك ملك خائف على كرسيه من الزوال، لن الوث يدي بالدماء و القذارة و الإنحطاط كما فعل لوكي " رد أخي بإنفعال و ضرب الطاولة بقبضته ، لقد كانت المرة الأولى التي أرى فيها أخي و ابي يصرخان في بعضهما هكذا ، توتر جو الغرفة و راحت النظرات تتشتت و تحت ضوء الشموع ، و كان البرد قد أكل عظامنا بالفعل.
"لوكي هل انغمس بالأمر!؟"سأل ابي بعدما هدأ قليلاً
"أجل ، حتى أنه راح يستمتع بالقتل و اللعب بأعراض الناس بكل دنائه فلقد رقاه قائدنا على شجاعته كما يقول"قال اخي بغضب
لقد كان الأمر فعلاً أكبر مني ، لم أفهم نصف ما يقال و لكن فهمت بأن أخي يريد أن يترك الجيش الأشرار و ينضم للمتمردين.
"ان الحركة التمرديه التي ننوي ان ننضم لها هي جديده تسمى بحركة حقوق الشعب ، ان قبيلة كرووتيلان تساعد هذه الحركة وتمولها ، اعمالها سرية تماما و جواسيسها في كل مكان ، ارجوك يا ابي افهمني، لو رأيت ما رأيته انا لفعلت مثلي ارجوك لا تغضب مني ان الأمر كالجحيم بالخارج الناس يموتون من الجوع و المرض و السلطه تنوي ان تزيد الضرائب ايضاً" قال اخي بإنفال.
نظر له أبي بتفحص ، راح يتنهد و يمسح على وجهه بضيق و هو يفكر، و قال بضيق و تعب:"افعل ما تراه صواباً فأنت رأيت الجحيم على ما يبدو ، انتبه لنفسك و لا ترخص بروحك لأحد، اعلم انك ستفعل هذا من أجل بلادك "
ابتسم اخي بحماس .
"متى ستنطم لتلك الحركة!؟"سأل ابي بقلق
"بعد يومان سنغادر أنا و جان"
نظرت لأخي بحزن و عتاب ها هو سيغادرنا مجدداً سألته بضيق:"ألا تعجبك قريتنا ؟!ما لبثت ان جئت و ها انت ستغادرنا مجدداً"
ربت أخي على رأسي و قال:"تنينتي لا تغضبي مني ارجوكِ فأنا سأفعل هذا من اجل بلدنا لتصبح افضل"
رمقته بضيق:"و ما الذي قدمته لك هذه البلاد سوى العذاب ، هل يستحقون هؤلاء الناس كل هذا!؟"
نظر الي بجدية:"تنينتي..." استوقفته بانفعال:"ماذا ان مُت ، هل سيذكرونك هؤلاء الناس هل سيبكون عليك هل سيقولون مات بطلاً ، انهم جبناء و اكبر مثال اهل قريتنا بالتأكيد سيقولون مات خائناً، ارجوك لا تذهب ابق هنا معنا نحن نريدك بقربنا ارجوك ، ان حياتي مملة من دونك !"
و عند هذه النقطة راحت دموعي تهمر فلقد حبستها عبثاً ، نظر الي اخي بصدمه لم يتوقع ان تتفوه اخته الصغرى بكلام يفوق حجمها، لقد كان كلامي واقعي تماماً سحبه بقسوة من خيالات المجد و الشباب و القوة و التمرد الى الواقع المرير المهين و الخوف و الخذلان و القهر .
خفض رأسه و غاص في خيالاته و قلب تفكيره، وجدت الحيرة في وجهه لا يريد ان يتركنا و لكنه يريد ان ينفع هذا البلد الميؤوس من حاله ، و لكن لا اريد ان افقده لست انانيه انه اخي الوحيد و صديقي المقرب و بل و صديقي الوحيد الذي عرفته في ذلك الوقت . اما لم يفتح فمه بكلمه كنت اعلم انه يتمنى لو ان اخي يعدل عن فكرته الإنتحاريه و لكن حمية ابي في حب الوطن و كونه جندي سابق جعله يتردد ، فلقد وجد قضية أخي سامية . اما انا فلم اهتم لا بوطن و لا بشعب و لا بسلطه. لم أتحمل وقوفي هناك بصعف و قلة حيله و انا ابكي ، خرجت للباحة الخلفيه حيث أطلقت العنان لنفسي و رحت ابكي بهدوء و بلا صوت ، تلك كانت طريقة بكائي ، فقط انظر للأمام و كأن السواد امامي و ابكي، لقد كان السواد فعلياً امامي فلقد كانت الغابه امامي مباشرة. بعدها بوقت قليل وجدت اخي يجلس بجانبي و ينظر للغابه تذكرت عادتنا تلك الجلوس في هذا المكان و الحديث، كيف سأحتمل رحيله مجدداً ؟! اخي العزيز و صديقي الوحيد، الشخص الوحيد الذي يفهمني ! . مسحت وجهي بيدي
"هل دخلت القصور؟!" سألت بصوت متقطع بفعل البكاء
"أجل لقد فعلت"اجاب بهدوء
"كيف تبدو!؟ هل هي جميله ؟! "
"أجل جميله جدا. أكثر مما تتخيليين الغرفه الواحدة فيها بحجم منزلنا مجموعاً مع الورشه"
"هذا مذهل!! ، اذا غادرت سوف تعود صحيح"
"لا أستطيع ان اعدكِ و لكن تمني لي التوفيق "
تنهدت بضيق :"لماذا تود ان تفعل هذا؟!"
"هل تعرفين يا دراقون ، ما رأيته لم يكن بالأمر الهين، لقد شاركت في مجزرة ، الليل لا انامه كلما غفت عيني راودني بكاء الطفل ذاك ، يراودني في كل مكان ، ضميري يقتلني ، روحي لن ترتاح الا اذا ساهمت و لو بالقليل، صحيح قد لا يذكر اسمي الآن او يعتبرني بطلاً و لكن ربما غداً يخلد اسمي و ربما لا يحدث ابداً و لكن اكون قد حققت شيئاً لنفسي و أطفأت بعض نيران قلبي"
"حسناً ما دمت مصراً ، اذهب و لكن اعتني بنفسك ، و لا تنسى اسرتك هنا تنتظرك بفارغ الصبر"
وجدت وجهه المجروح قد امتلأ بإبتسامة مشرقه ، لم يعجبني مغادرته مجدداً و لكن ما دام الأمر سيسعده ماذا كان في يبدي فعله ، ابتسامته تلك جعلتني اعتقد بأن ما اقوم به هو الصواب عدم منعي له بالذهاب لمجموعة حركة "حقوق الشعب".

النار التي لا تنطفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن