مهمة كبيرة

7.2K 599 44
                                    

و هنا عقدت عزمي ودخلت إلى الإصطبل ، و رحت ارمق بيتر بثقه
"جاء الوقت لنحسم أمورنا و نضع النقاط على الحروف أيها الحصان المدلل " قلت بإنفعال.
ابتدأت حكاياتي مع المدعو بيتر ، فلقد كنت في لحظة قوة فوق ظهرة و من دون أن اشعر و في ثواني وجدته يلقيني على الأرض. و اعدت الكره و كان في كل مرة يلقيني و يحطم جزئاً من كرامتي التافهة ، و كدت أيأس و لكن تذكرت كلمات معلمي ، ثقي به يثق بكِ، نظرت في عينيه المليئتين بالجموح و الغضب و التحدي و العناد ، لكن ما لاحظته أمر آخر لقد كان الإستعداد ، لقد كان مستعداً لتقبلي و لكن عناده و غروره يمنعانه، في هذه اللحظة فقط تذكرت أبي و الذي رحل عني دون أن أشعر بحنانه و الذي ضحى بنفسه لأجلي بالرغم من انه لم يعبر يوماً و بشكل صريح عن حبه لي .
أمسكت بوجهه و رحت اربت على رأسه ، وجدته يتفاعل ، حاولت ان اركب عليه وجدته متردد رحت اهدئه:"اهدأ يا صديقي اهدأ أنا لن اتركك كما فعل البقيه بل منذ اليوم نحن رفيقا درب واحد " لقد كنت أدرك شعور هذا الحصان الغريب تماماً كانت تصرفاته و كأنه بشري لا حيوان لا عقل له.
ركبت بهدوء رحت اربت عليه اغلقت عيني استنشقت بعض الهواء ، و قلت بحماس:" هيا أيها الحصان العنيد لنثبت لهم أننا أفضل منهم "
وجدته يتحرك بسرعه خرجت من الأصطبل و بسرعة جنونيه لوهلة شعرت أنني سأقع ، شعرت و كأنني لا أستطيع أن أتحكم و لكني شددت اللجام بقوة وجدته لا يمانع ، و مشيت به ببطئ نحو معلمي.
"جيد أراكما تتوافقان" قال معلمي بهدوء
"افضل من سابق عهدكِ يا دراقون " قال الشاب الذي وقف بجانب المعلم
لقد كان كاتشر روبرت و الذي لم اره منذ أن جئت لحركة حقوق الشعب، نزلت من فوق حصاني و رحت اصافحه بحرارة
"سيد روبرت لم ارك منذ دهر" قلت بحماس صبياني
"دهر!؟هذا كثير " قال كاتشر ممازحاً اياي
"و أين السيد واتكن !؟ لم أره منذ مده" قلت بإستفهام و انا اتذكر الرجلان اللذان انقذا حياتي في وقت سابق و اللذان ادين لها بحياتي.
"انه في مهمة سرية للغاية لا استطيع الإفصاح بمكنوناتها" قال مازحاً
"مهمة سرية " بشكل جاد
"امزح امزح " اجابني ضاحكاً و انا ارمقه بإستفهام و اكمل:" انه في زيارة عائليه"
"حقاً " قلت و قد اخذني التفكير بمن تبقى من عائلتي
"هيا يا دراقون لنعود لتدريبنا" قال معلمي بهدوءه المعتاد
"أجل سيدي" وقفت كجندي تحت التدريب
و عدنا لإكمال الدروس مع بيتر ، و مرت الأيام القليلة التالية و علاقتي ببيتر أصبحت فوق الممتازه فلقد أصبح جزء من روتيني اليومي ودروسي مع معلمي راحت تأخذ مجرى آخر، فلقد توقف عن تدريبي بالسيف او حتى ركوب الخيل، بل راح يرسلني لأعمال الأرشفه كثيراً ، لم أفهم في البداية الهدف و لكن فيما بعد فهمت كان يريدني أن أقرأ و أطلع أكثر، فلقد كان يسألني في نهاية كل يوم:"ما الذي حصدته اليوم!؟" . في بادئ الأمر كنت احدثه عن الأرشفه و كيف قمت بالعمل و لكن فيما بعد رحت احدثه عما اقرأه من كتب، فلم اكتفي بكتب الحرب و الخطط انما رحت اقرأ في كتب الجغرافيا و علوم الأرض و ايضاً كتب قصص الشعوب و عاداتهم و كتب الفلسفه ، فلقد كانت كل تلك الكتب مفيدة بشكل لا يصدق.
لم يكتفي المعلم بإرسالي للأرشفه بل راح يأخذني لإجتماعاتهم المصغرة و كان يقول لي :" راقبي المحيط" . و فهمت من جملته تلك انه آن الأوان ان الاحظ من حولي في جماعة الباحثيين، بالطبع لم تكن علاقتي بهم طيبة ابداً ففي حال غياب معلمي راحوا يرشقوني بعبارات عنصرية و بذيئة كوني فتاة وحيدة بينهم، و لكن أسؤهم كان ذاك المدعو دودلر ، و الذي بشكل خاص كان يكن لي كرهاً لم ارى احداً يكنه لي ، فلقد كانت نظراته فقط تخترقني كأنها سهم قاتل و في بادئ الأمر كنت أخاف منه و لكن فيما بعد صرت أشفق عليه و على كرهه لي و الذي كنت اراه بلا داعي . و من خلال ملاحظتي للمحيط كنت اجد بأن الجميع كان يعتبر دودلر هو كبيرهم لا معلمي، فلقد كانوا يظهرون الولاء لمعلمي في العلن و يضربونه بألسنتهم القذرة في الخفاء، كان معلمي يعلم بكل ما يجري و لكنه كان يريدني ان ارى بنفسي، لم اعلم في ماذا كان سيفيدني أمرٌ كهذا .
أما ما كان يهون علي تعب يومي هي ماريام و التي كانت تزورني كل يوم في غرفتي كل يوم و نتحدث لوقت طويل عن كل شئ، و لكني في الآونة الأخيرة كنت ألاحظ بطئ حركتها و امتلأها الذي راح يزيد يوماً بعد يوم .
و لكن كان هناك بإنتظارنا إجتماع سري للغاية ، لقد كان يظم هذا الإجتماع كل المؤيديين للحركة السريين منهم و العلنيين لم أفهم ما الذي كان يجري و لكن معلمي كان قد شرح لي " انه بخصوص خطة النهر يا دراقون الخطة التي وضعتيها "
"حقاً ، هل كانت تلك المهمة بتلك الأهمية!؟" قلت بإنبهار
"أجل انها كذلك يا دراقون ، خلف ذلك النهر سيكون هناك تبادل كبير للسلاح ، ان تواجهنا معهم هناك ستكون معركة حاسمه على تلك المنطقه"
"حقاً، و من ممن نعرفهم سيحظر يا معلمي"
"السيد رولف و السيد بالدروف و السيد واتكن و أنا و أنتِ" قال بإبتسامه
"حقاً هل سيكون السيد واتكن موجــ.." توقفت هناك ، لقد قال أنت! ، لم أفهم هل كان ذلك خطأ وارد أم اني لم اسمع جيداً "أنا!؟"
"أجل أنت يا دراقون، بصفتكِ واضعة الفكرة وممثلة مجموعة الباحثيين في هذه المهمة " قال بفخر
"و لكن من المفترض أن يكون السيد دودلر!؟" قلت بشك و قلق.
"هل وضع السيد دودلر الخطة!؟"
"لا!" قلت بتردد
"اذاً واضع الخطة سيكون هو ممثل جماعة الباحثيين في المهمة " قال بهدوء
"و لكن معلمي أنا حتى لا أعرف من هم الحلفاء!!" قلت بقلق بينما راحت معدتي تتقلب من الخوف.
" لا تحتاجين لتعرفينهم مسبقاً فقط راقبي و استعدي و هاجمي حينما تجدين الفرصة المناسبة" قال بهدوء.
حينما كان يتحدث جعل الأمر يبدو سهلاً جداً و كأنني جالسة في المطبخ أحادث مجموعة من النساء.
" واجبكِ لهذا الأسبوع ، ستراجعين حطتكِ تلك و تسألين من حولكِ ان استعصى عليكِ شيئاً ، و تعالي الي قبل الإجتماع بساعة لتريني ما توصلتي له ، أسلم ملف المهمة اليكِ الآن" قال و هو يقدم مجموعة من الأوراق ناحيتي .
"الآن اذهبي و اعملي عقلكِ جيداً" قال بتشجيع
لقد كان أسلوب معلمي فيه الكثير من التربية و تحمل المسؤولية قبل اكتساب الخبرة .
ذهبت على الفور الى غرفتي و فتحت الأوراق ، لم أذهب الى المكتبة لأنني كنت خائفه و متوترة كنت أشعر و كأنني مجرم مفضوح في ذلك المكان. كنت انتظر قدوم ماريام لأخبرها بما جد، ليس من المفترض ان اتناقش مع احد في مثل هذه المواضيع الحساسة و السرية، و لكن ماريام كانت اهلاً للثقة.
رحت اراجع الأوراق و التي كانت عبارة عن الخرائط و احداها الخريطة التي وضعتها  و حوت على الخطه ، و ايضاً بعض الحسابات و أمور اخرى و الأوضاع الجوية و المناخ في ذلك المكان. رحت اراجع الخطة آلاف المرات و اعيد اعليها و اضيف و اغير ، كنت اريد ان اعرف المزيد عن مناخ تلك المنطقة، كنت انوي الذهاب للمكتية و ابحث بهذا الخصوص و كنت سأسأل ماريام ربما تعرف شيئاً.
دخلت ماريام الغرفة فوجدتني غارقة في الفوضى و كأن عاصفة حطن و ضربت المكان.
"يا إلهي ماذا يحدث هنا يا دراقون!؟" قالت ماريام بصدمه
"انها نهايتي على ما يبدو " قلت بيأس رفعت رأسي إليها و قلت:"ماريام هل تذركين الإجتماع الكبير الذي تحدثو عنه؟"
"أجل " قالت و هي تراقبني بإستغراب
"أجل، سأكون من الحاضرين"
"ماذا؟!!!!" قالت الصدمة جعلت فهاها مفتوحاً
"ليس هذا فقط معلمي ينتظر مني استلام المهمة و ذلك لأنني انا من وضع الخطة!!، ان الجميع من الأساس يكرهونني و لكن الآن سيتمنون موتي، خصوصاً المدعو دودلر و الذي سيظن اني طفلة طموحة أكثر من اللازم انوي سرقة السيادة من تحت يديه" قلت بيأس.
راحت تنظر الي بإستغراب و بعدها وجدت ملامحها تتبدل لبرود غريب لم أعهده فيها يوماً و كأن الموت أحاط بها.
"ارفضي المهمة دراقون!" قالت بسرعة
"ماذا؟! و لكن لا استطيع ان المعلم يتوقع الكثير مني" قلت بتوتر
" ارجوكِ دراقون ، لأجلي ارفضي المهمة، سيقتلونكِ ستمومتين" قالت و تستعد للبكاء، راحت دموعها تنهمر و انا انظر اليها بصدمة لا أفهم ما تقوله.
"يقتلونني؟!!!، ماريام ما الذي يحدث ؟! " قلت بجدية وقلق على ماريام و التي يبدو انها تعرف شيئاً.
وجدتها فجأة تمسح دموعها بسرعه .
" قصدت ان خروج فتاة صغيرة مثلكِ لساحة القتال خطر جداً" قالت بإنزعاج
"لا تقلقي انا اجيد القتال " قلت لأطمئنها
وجدتها تنسحب من غرفتي بصمت ، حاولت اللحاق بها و لكن وجدت بأني من الأجدر تركها حالياً.في الأيام القليلة الماضية انغمس عقلي تماماً و ذاب و مع تلك المهمة ، لم يكن يعلم أحد بأنني سأستلم زمام الأمور، لقد كان دودلر يستعد تماماً للمهمة و البقية يحمسوونه و يشجعونه .
"انظروا لهذه الخطة اليست عبقرية" قال دودلر بفخر و غرور
" فعلاً فأنت عبقري انه مجالك تماماً" قال احدهم
"سنتبعك حتى النهاية ما دامت خططك بتلك الدهاء" قال آخر
بينما رحنا أنا و معلمي نراقبهم من بعيد ، لقد كان معلمي يضحك عليه في سره لغروره و هو لا يعلم انه لن يصل لذلك الإجتماع من الأساس، اما انا فرحت اتخيل كل الإحتمالات و اضعها في الحسبان لليوم الذي سيكتشف فيه انني سآخذ هذه المهمة ، كنت خائفةٌ كثيراً، لم تكن هناك ماريام لتهدئ من روعي فمنذ ذلك اليوم و لم اعد اراها كثيراً ، عردت ان احدثها و لكني وجدت رفضاً من ناحيتها .
و قد عرفت صدفتاً من أحاديث دودلر و جماعته بأسماع بعض الحاضرين للإجتماع، لقد كان على رأس القائمة قبيلة الكروتلانديين ، و ثلاثة أمراء مهمين من ثلاثة محافضات و أحد قادة الجيش المهمين و أخيراً أحد الوزراء.لم أكن ملمه بالتفاصيل و لكني عرفت على الأقل طبيعة الحاضرين.
و جاء يوم الإجتماع و كم كان قلقي كبيراً ، اقد كان اجتماعاً يمس الجميع على الوتر الحساس فلم يجتمع يوماً كل الحلفاء هكذا، لقد كانت دائماً اجتماعات منفصلة، و لكن لأهمية المهم تقرر انهم يجب ان يجتمعوا جميعاً مع بعضهم اليعض و يتواجهوا .

النار التي لا تنطفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن