الحكيم

7.3K 614 43
                                    

"مرحباً بك في مقر الباحثيين"قال السيد فاراقوس بفخر و اكمل:"حسناً لن تحتاجي في الوقت الراهن ان تعرفي الكثير من الأشخاص هنا فهم غير جديريين بالذكر ، اذا كان هناك احد مهم سأعرفكِ به، مهمتكِ الأولى بسيطة ، اريد كأساً من الشاي بسرعه"
كأساً من الشاي؟! لم اعرف في ماذا كان يفكر؟!كنت اتوقع المريد من الأعمال الصعبه و الشاقه، و لكن!!.
لقد بدى على واضحاً على ملامحي المنعقدة مدى استيائي ،وجدته ينظر الي من طرف علي و اكمل :"هيا ايتها المدربه اي كأشي؟! هل ستبدئين بالتقاعس عن العمل و انت لم تستلمي مهامكِ بعد؟!"
كنت اريد ان اترك انطلاعاً جيداً ، و لذلك جريت بسرعه لأحضر كوب الشاي،و بالطبع علمت بأنني سأكون مضحكة نساء المطبخ و لكن كان يجب ان اكمل مهمتي على أكمل وجه، رحت احضر الشاي دون ان انطق بكلمه ، كنت استمع لهمس النساء من حولي و لكن كان بالي مشغولاً فلم اهتم ، اخذت كوب الشاي و عدت به الى المعلم فاراقوس،و قدمت له الشاي بأدب:"الشاي يا معلم"
"اوه كان هذا سريعاً" قال بابتسامه و اكمل "ما الذي تنتظرينه ؟! سيبرد الشاي ان لم تشربيه"
"ماذا!؟" قلت ببلاهه
"هيا اشربيه انه لكِ" قال باصرار
رحت اشرب و انا لا افهم ما الذي يجري، بالطبع كانت ترك الرشفه مريحة للأعصاب تماماً .
"هل هدأتي الآن؟! "قال المعلم بهدوء
"ماذا!؟" قلت ببلاهة مجدداً
"لقد كنت متحمسة جداً ، انتِ تحتاجين للهدوء التام ، انتِ باخث و لستِ جندي ، فالحماس الزائد ليس مفيداً للباحثيين" قال بهدوءه المعتاد
نظرت اليه لفتره احاول ان افهم كيف يعمل عقل هذا الرجل ؟! فأنا لم أفهم ما الذي يريد ان يصل إليه .
"حسناً انهي شايُكِ لنبدأ أعمالنا "
انهيتِ شايي بسرعه او بالاحرى تخليت عنه، بالرغم من انه اراد مني ان اتخلص من حماسي و لكني فقط لم استطع كان صعباً جداً.
وصلنا لمجموعة من الرجال  و كلهم كانوا كباراً بالسن، لقد بدى شكلي تافهاً و انا اقف بينهم الفتاة الوحيدة و ربما اصغر شخص في القاعة.
وجدت الجميع ينحني بأدب . و راحوا بعدها يحدقون بي بفظاظه و بعضهم لم تعجبني نظراتهم لي لقد كانت مقززه جداً اشعرتي بشعور سئ تماماً، و لكن كان هناك واحد منهم على وجه الخصوص كانت نظراته مختلفة عن الباقي لم تكن نظراته شاذه انما حاقدة تماماً .
"مرحباً أيها القوم ، رحبوا بمتدربي الجديد "قال فاراقوس بثقه
رأيت نظرات الإستهجان و الرفض التي تجلت على وجوههم بل و نبرات السخريه ، لم يتجرأ أحدهم على الضحك ،فلقد كان من يقف امامهم المعلم فاراقوس كبيرهم و الذي كان يحظى بإحترام كبير و الكثيرين كانوا يحترمون آراؤه و ايضاً الكثيرين انظموا لجماعة الباحثيين بسببه فلقد كان مصداً للإلهام بالنسبك للكثير من الشبان الطموحيين .
"اذاً كانت الشائعات صحيحه "قال الرجل ذو النظرات الحاقدة.
"هل تشكك في اختياراتي يا دودلر ؟!" قال المعلم فاراقوس بجدية تامة
"لا أقصد ان استنقص من حكمتك و خبرتك يا سيدي، و لكن فتاة ؟!انها عديمة خبرة ستحكم قلبها قبل عقلها، كما انها صغيرة في السن و متأكد تماماً انها عذراء و هذا يجعل الأمور أسوأ" قال بغضب.
لقد ذلك مهيناً ، كنت اتمنى لو استطيع ان ادافع عن كرامتي المهدورة و لكني بالطبع فضلت ترك الأمور لمعلمي.
"اني ارى بأنها ستكون ذات أفكار تجديدية، اخبرني يا سيد دادلر ما الذي احرذه متدربينك الشباب في مهمة النهر!؟" قال فاراقوس بخبث
"معلمي ان تلك المهمة مستحيلة و انت تعرف..." و هنا قاطعه المعلم و قال:"و هذه الفتاة وجدت خطه عبقرية ، قد تكون صعبة التطبيق و تحتاج للمزيد من الدراسة و لكن نستطيع ان نعمل عليها أكثر"
"ماذا؟! هذا مستحيل" قال دادلر بصدمة
"يبدو ان متدربينك قد لعب بهم الزمن فأنت لا زلت مقتنع بأنهم شباب مع ان كلن منهم قد يكاد يصل عمره للأربعين و انت لم تعطهم بعد شهادة الباحثيين"
وجدت المدعو دادلر قد غرق قي صمت و حرج ، و اكمل المعلم:"حسناً اريدكم الآن ان تعاودوا العمل على مهمة النهر، ابحثوا اكثر في تقنيات قبائل التلك و ربط الأحجار أسفل الأخشاب" قال بنبرة آمرة.
و وجدته يترك المكان فلحقت به ، وجدت يلتفت إلي:"حسناً اولاً سنجد لكِ زياً كالجميع ، فلن تستطعي ان تعملي بهذا الفستان و مع نظرات هؤلاء الرجال .. "
لقد فهمت من حديثه بأن نظرة هؤلاء الرجال لي لم تكن سوية بل كانت شاذه ، و لكن بسبب قلة خبرتي لم افهم و لكن بطبيعة فطرتي انزعجت كثيراً منهم .
لقد كان الباحثيين اشخاص مشغوليين كثيراً ، اغلبهم غير متزوجون كرسوا حياتهم و افنوا عمرهم من اجل تعليمهم و عملهم.
و ذهبنا لخياط القلعة، دخل السيد فاراغوس و انا من خلفه و كان هناك رجلاً متوتراً بين مجموعة كبيرة من الأقمشة .
"ما الأمر يا سيد فاراقوس فليس لدي وقت طويل لأضيعه؟!"قال الرجل بتوتر
"اريد زي باحثيين لهذه الفتاة" قال السيد فاراقوس و اظاف "على وجه السرعه"
"ماذا هل اصاب عقلك شئ يا سيد فاراقوس ، هل تراني متفرغاً لهذه الدرجه ، لا يوجد لدي زي جاهز بقياس فتاة ،هل سينتهي زي كامل في الحال؟!" قال الرجل بعصبيه
"و لماذا اسمك خياط ؟! قم بعملك " قال السيد فاراقوس
"حسناً حسناً ، تعالي يا فتاة بعد ساعه سأكون قد صغرت لكِ الزي" قال بقلة حلية
"حاضر"
"و الآن اتبعيني يا فتاة" قال المعلم فاراقوس
تبعته ، فوجدته يخرج من القلعه،و كنا قد دخلنا قليلاً في الغابة، في مكان واسع قليلاً قلت فيه الأشجار.
اخرج السيد فاراقوس سيفيين و اعطاني احدهم،و قال بهدوء"اريد ان ارى مهاراتكِ في استخدام السيف " وقف أمامي و رمى سيفه على الأرض و أكمل:" هيا هاجميني".
حملت السيف بتردد لقد ارتعدت قليلاً في بادئ لقد كان السيف ثقيلاً غير مناسب لحجمي، و ايضاً لم يكن مسلحاً لقد كان ينوي ان يقاتلني بلا سلاح!!
حملت السيف و رحت افرغ عقلي تماماً من كل الأفكار السلبيه، أغلقت عيني مجدداً و سمحت للطبيعة لأن ترشدني، حدث هذا سابقاً ، كانت تدريبات ابي اجل ! ، رحت أقدم رقصتي القتاليه ، ظننت بأنني نسيت كيف استخدم السيف و لكن كنت أشعر بأنني حره مجدداً شعور منعش بأن اسمح للريح بأن تحركني و تن ارقص على نغمات اوراق الشجر.
و لكن مع الوقت وجدت كل محاولاتي بائت بالفشل لم أحرك شعره من الرجل الكهل، انما بقي ثاباً كالصخر ، تفادى كل ضرباتي بسرعه عجيبه .و بعد مرور عشرين دقيقه توقفنا خصوصاً انني شعرت و كأنني بذلت كل طاقتي ،كنت أشعر بالإنهاك خصوصاً ان سيفي كان ثقيلاً جداً .
"اسلوب قتال جيد، سيساعدكِ على الإسترخاء ايضاً و لكن لا زال أمامنا عمل طويل ، اولاً هذا السيف كبير على حجمكِ الصغير"
"في الحقيقة لدي سيف استخدمتهفي الماضي حينما كان ابي يدربني سابقاً" قلت بثقه
ابتسم بهدوء و قال:"اذاً هذا جيد، سنبدأ بالتدريبات و العمل الحاد منذ الغد و الآن اريدكِ ان تذهبي لترتاحِ و بعدها تأكدي من استلام زيكِ"
"حاضر يا معلم" قلت بأدب
"يمكنك ان تنصرف يا متدرب"
عدت للقلعة و تحديداً لغرفتي لأستلقي بعد التدريب الشاق ، و بعدها ذهبت للخياط و الذي كنت اتوقع انه انهى زيي.
"عفواً سيدي هل زيي جاهز؟!"
"اوه الفتاة الباحث ، هناك على الرف الرابع الزي الأزرق بالحزام البني" قال و هو يعمل بجد
"شكراً سيدي" قلت و انا اهم للمغادرة، عدت لغرفتي و انا اشعر بحماس شديد ، عدت لغرفتي و رحت ارمق زيي منذ الغد و رسمياً انا باحث تحت التدريب .
استيقظت في الصباح الباكر و رحت ارتدي زيي الجديد و انا اغني تلك الأغاني الوطنيه الحماسية، حملت سيفي على خصري و من دون ان ارفع شعري كعادتي .
خرجت بسرعه لمكان عملي و ذهبت لمقر الباحثيين ، المكتبه البعية المليئة بالخرائط و الكتب.
و هناك كان يجلس معلمي و هو يراجع بعض الخرائط، وقفت امامه بينما راح يرمقني بطرف عينه ، و قال :" ما رأيكِ يا أيتها المتدربه بهذه الخريطه، لو كانت هناك مواجهة حاسمه في هذه الارض المفتوحة بين جيشيين متوازيان بالقوة،ما الخطه التي من الممكن ان نتبعها؟!"
رحت انظر للخريطه و انا ارفع شعري عن وجهي ، و قلت بشئ من التردد:"حسناً ربما لو اعتمدنا على قوة الفرسان على الأحصنه في المقدمة لبث الخوف و لكن زرع بعض الجنود على الأقدام بينهم و استغلال قوة هؤلاء ليركزوا على أحصنة العدو و يهاجمون الأحصنه من الأسفل فيقع الفرسان و يصبح جيشنا بفرسانهم متقدمين  "
وجبته ينظر الي بإنبهار:"ان خيالكِ واسع جداً و هذا يجعلكِ ذات أفكار متجدده بالنسبة لنا" و اكمل "حسناً أول مهمة لليوم ستكون اريدكِ ان ترفعي شعركِ انه يعيق نظركِ، و الآن هيا بنا إلى قاعة الطعام لنتناول الإفطار"
و بسرعه قمت بلم شعري على شكل جديله بإحراج، و مشيت خلفه بطاعه نحن في طريقنا لقاعة الطعام استوقفنا احد الغلمان و بسرعه و هو يصرخ:" ان السيد رولف يستدعيكِ يا آنسة مارسي ، هناك أخبار جيده"
"هيا اذهبي سأكون بإنتظاركِ في قاعة الطعام" قال المعلم بحكمة
"حاضر معلمي " قلت بأدب و أنا أحاول كبح سعادتي المفرطه ، كنت أحاول أن امنع نفسي من الإبتسام في وجهه فلقد شعر بأنها وقاحة مني، و لكن الأخبار الجيدة ستكون متعلقة بإيليوس بالتأكيد ، و اخيراً اخياراً جيدة عن اخي أنا متأكدة ، لو سمعت بأخباره سيرتاح بالي تماماً .

النار التي لا تنطفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن