"ماذا تقصد اذاً؟!" قلت بحذر و انا ادعي الهدوء
بينما كانت الكثير من الهواجس تدور بداخلي ، لا أعلم لما أقلقتني نبرته.
"سوف يأذونكِ " قال بجدية
نظرت له بتعجب كبير و راحت الأفكار تتطاير. من عساه يرغب بأذيتي ؟! من قد يتعب نفسه و يرسم الخطط ليؤذيني!؟ فأنا لست عدوتاً لأحد
"ماذا تقصد!؟ هل تحاول التلاعب بي!؟" قلت بشئ من الإنفعال
" أنا فقط أحاول تحذيركِ من الخطر الذي قد يقع عليكِ، الأمور ليست كما تبدو و المؤامرات قد تحاك في أي لحظة، و بالمناسبة أين أبيكِ ؟ "
لم أفهم شيئاً من تحذيره المزعوم و قررت تجاهله تماماً.
"لا شأن لك" أجبت بحدة، و هربت سريعاً عنه. لم أكن اريده ان يزعزع ثقتي بنفسي و ما أنا عازمتٌ عليه. إلتقطت أنفاسي اخيراً و هناك وجدت معلمي يتجه ناحيتي.
" أيتها الصغيرة تعالي معي اريد ان اريكِ شيئاً" قال معلمي بهدوء
"أجل" قلت بإنصياع و لحقت به
وجدته يجلس على حجرة في الزاوية ، اخرج الخريطة أمامي ، لقد كنت أنا من رسم أغلب تفاصيلها و الملاحظات كانت أغلبها تخصني، و هنا وجدت معلمي بوجهة مكتئب على غير العادة يقول:" دراقون سنغير الخطة قليلاً "
" و لكن لماذا يامعلمي هل حدث طارئ؟!"قلت بقلق
"لا و لكن قد يحدث " قال و هو يشيح بنظره بنظرة جادة
"ماذا تقصد يا معلمي؟!" قلت بذعر و انا اشعر بالقلق الشديد
"دراقون هدئي من روعكِ، تنفسي و استمعي الي جيداً، سنغير طريقنا و بذل ان نسلك طريق الغابة سندفع بأنفسنا للجبال" قال معلمي بحكمته المعتادة
تمعنت بالخريطة، فعلاً فكرة الجبال ليست بسيئة ، فلقد كان هناك طريقٌ مختصر يدخلنا بشكل مفاجئ للجبال و عن طريق الغابة و لكن مشكلة الجبال كانت انها وعرة و صعبة المرور فلقد كانت أغلبها صخرية و هذا الأمر كان قد يرهق الجنود و يجعل طريقنا أطول. فالجنود لم يكونوا معتادين على مثل هذه البيئة بإستثناء الكروتلانديين بالطبع.
أكمل معلمي:"اشك ان تتم مقاطعتنا بالطريق، باتت بعض فصائل العدو تعرف بطريقنا و لذلك يجب ان نغيره"
"و لكن كيف عــ......."
" الخيانة" قال معلمي بوجه مكفهر جاد
الخيانة! الخيانة!؟ ، للخيانة معاني كثيرة و لكني لم أعرف منها سوى المرة التي قام فيها أطفال القرية بخداعي والتي قد لا تعني الخيانة بالمفهوم العام، و لكن لماذا؟! كنت اعتقد ان الجميع هنا جاؤوا للإصلاح ، كلنا نرغب بحياة جديدة ينتهي فيها الجشع و الطمع و السيطرة.
"ولكن من؟! ..... لماذا؟! "قلت بتوتر و انا على شفير الإنهيار ومن شدة الموقف، وقفت و رحت اتحرك يمنتاً و يسرى علّ بالي يهدأ ، كان معلمي يراقب تحركاتي العشوائية بهدوء ، رحت ابدأ بقضم اظافري من التوتر لم تكن حركة اعتدت عليها سابقاً و لكنها وليدة الموقف. كنت افكر هل فعلاً معلمي يتصرف بشكل غريب بسبب كبر سنه كما قال لي السيد رولف؟! كنت افكر بشكل جدي ان انقل ما يحدث لمعلمي للسيد رولف و بالدروف .
"دراقون مارسي" نهرني معلمي بغضب
كانت نبرته هذه غريبة جداً ، لم يكن من شيم معلمي الإنفعال بهذه الطريقة الشديدة، التفت إليه بقلق وجدته ينظر الي و الشرر يتطاير من عينيه، و كانت هناك حزن غريب صبغ ملامحه .
" انه ليس وقت الهلع يا دراقون، ان الهلع في الشدائد هو من شيم الجبناء ، ان هلعتي الآن ستدمرين كل شئ" قال معلمي بجدية و الهم ارتسمتا على وجهه بعنف.
نظرت له لفترة جلست على الأرض بهدوء و رحت أطالع الخريطة.
"هل تفهمين يا دراقون لا تهلعي لا تهلعي ابداً بل قفي في وجه المصائب شامخة ، ابكي و اصرخي و لكن لا تهلعي ابداً" قال معلمي
كنت انظر اليه كمن يتمتم بكلماته الأخيرة لم افهم ما الذي كان برغب بأن يحققه و لكن كنت خائفة خائفة جداً هلعة هلعة لأقصى حد ، كنت أعلم ان معلمي يلقي علي وصيته ، انه يموت ، هذا ما فهمته من كلامه، انها نهاية الطريق كلنا سنموت.و لكن يجب ان اتصرف .
"معلمي لا تقلق سأفعل ما تطلبه مني" قلت بإبتسامة ضغطت فيها على وجهي و تحاملت حتى ارتسمت.
تركت معلمي و انا في حيرة باغتني شعور قديم، شعور لم أعايشه منذ زمن بعيد، كانت الرغبة بعدم الإستمرار، حاوطني يأس شديد، اردت الموت ، اردت ان اكون بجانب ابي ، اردت ان ارى ايليوس للمرة الأخيرة، إيليوس؟! صحيح هو في مكان ما الآن يحارب من اجل حياة كريمة، و انا ايضاً هنا اعيش و احارب من اجل حياة كريمة لإيليوس و لي و للجميع، يجب ان استمر و اقف من اجل ايليوس و لكن عجز معلمي و الذي وجدته مهزوزاً اعاد لي حيرتي!
انه فعلاً كما قالوا يتصرف بعدم حكمة، فحتى أحكم الحكماء من الوارد ان يرتكب الأخطاء.
جلست أسفل شجرتي المنشودة تذكرت غابتي السوداء، أغلقت عيني لأنام ، فرحت في سبات عميق عميق جداً.
ايقظني صوت العصافير في الصباح الباكر وجدت معلمي يقف امامي بصمت و و في عيناه وجدت بقايا دموع ، لا أفهم ما الذي يجري!!
كانت الشمس لم تشرق جيداً بعد، تحرك معلمي دون ان ينطق بكلمة .
"معلمي" قلت بصوت متعب ، وجدته يتجاهلني بصمت.
قررت ان اتنشط اولاً و بعدها اعود اليه، فلقد كنا سنتحرك اليوم لنصل لنهرنا المنشود. فاتجهت للبحيرة و غسلت وجهي جيداً، شعرت بخطوات من خلفي وقفت بسرعة امسكت بياقة الشخص الذي امامي انوي رميه في الماء، ظننته قد يكون أحد الحمقى الذين يحاولون مضايقتي، و لكن وجدت هذا الشخص يرفعني في الهواء قليلاً و يوثق حركتي، ثبتني في الأرض بعدما أمسك بذارعي بشدة. و لكن ما أثار انزعاجي هو الإبتسامة الساخرة التي علت وجهة.
"صدقيني أيتها الصغيرة انه ليس مكانكِ يجب ان تبتعدي من هنا في الحال"
لقد كان الشاب الكرووتلاندي مجدداً
"من تكون و ماذا تريد ؟!" قلت بحدة و انا احاول ان افك وثاقي من يديه، و لكن عبثاً حاولت.
" لا تقلقي فأنا لا أرغب بأذيتكِ" قال و هو ينظر في عيني مباشرتاً ، فقد كان ينظر في عيني بثبات حتى شعرت بأنني سأغرق في عينيه الزرقاوتين.
"توقف... اتركني " صرخت و انا اقاومه
"اني ارى النار تشتعل في عينيك" قال بغموض و هو يزال ينظر في عيني بثبات ، فأكمل بغموض أكبر"يجب ان تتوقفي فهذه القضية خاسرة "
لم تكن عيناي يوماً لهما علاقة بالنار ، فلقد كانتا رماديتين تماماً كالزجاج، فقد كانتا تعكسان الألوان المحيطة ، لم أفهم جملته في ذلك الوقت فربطتها بإنعكاس لون شعري على عيني.
ولكن في تلك اللحظة ما أغضبني هو سخريته من قضيتي و حماسي للحركة التي انتمي لها.
" بلاكسون... بلاكسون... بلاك"
لقد كان هذا صوت الكروتلاندي الأكبر في العمر الذي انقذني مرتاً حينما قام أطفال القرية بربطي بالشجرة.
و اخيراً شعرت و كأنني استطيع ان اتنفس مجدداً ، فقد فك ذراعي و اجاب على نداء الرجل"أجل يا عم كالدويل، قادم"
ابتعد عني و تركني في حيرتي و رحل دون ان يتفوه بالمزيد ، و لكن حيرتي من تصرفات معلمي كانت اكبر، فبالأمس كنت يائسة و لكن اليوم قررت ان اترك حيرتي و هلعي و ان انقذ معلمي من نفسه، فلقد شعرت بأنه سيلقي بيديه في الخطر ان لم اوقفه، كنت خائفة من ان افقده.
رحت ابحث عنه هنا و هناك ، وجدته يغفى بجانب الشلال بهدوء، شعرت بالطمأنينة و انا اراه مرتاح البال هكذا ، تنفست الصعداء، ربت على شعره بلطف. و عقدت عزمي و اتخذت قراري فمنظر معلمي النائم بسلام جعلني افكر بجدية بطريقة لحمايته، فإخترت ان اذهب للسيد واتكن و اخبره بخطة معلمي.
مع ان معلمي طلب مني ان لا افصح بالخطة الجديدة و لكن كان يجب ان اتصرف هكذا فلقد كان طلب السيد رولف اولاً و كنت اراه في صالح معلمي ثانياً، فلقد خفت ان يفشل فيشار اليه بمهلك النصر و بالفاشل ، فتسقط سمعته بسبب غلطة بسيطة ،فلقد كان كلام معلمي عن الخيانة التي ستحصل مجرد افتراض ، و قد شككت في الكروتلانديين ان تكون الخيانة من جانبهم ، فلقد انضم الكروتلانديين كحلفاء ليسترجعوا اراضيهم و حقوقهم المهدورة، و لكن تحققت من قبل الحكومة فهم سيصمتون فالكروتلانديين حليف مهم لا يستهان فيه، فلقد كان وجودهم في البلاد كوجود دويلة تخصهم . و ما جعلني اشك بالكروتلانديين اكثر هو وجود ذاك الكرووتلاندي المدعو بلاكستون.فكلامة اوضح لي ان هم من سيقومون بالخيانة و مرورنا بالجبال سيكون من صالحهم لا من صالحنا. و لذلك قررت أن اخبر السيد واتكن بالمستجد بان معلمي سيغير الخطة و بأن الكروتلانديين قد يكونون رأس الخيانة الجديدة. اتجهت ناحية خيمة السيد واتكن وقفت بتوتر و انا اجر قدمي جر لأقوم بذلك. وقفت بتوتر و ......
--------------------------
هل ستخبر دارقون السيد واتكن بخطة معلمها الجديدة!؟
ما الذي يجري للحكيم فاراقوس، يا ترى؟! هل فعلاً فقد عقله!؟
و هي هناك خونة و من قد يكونون هؤلاء الخونة!؟
و ما الذي يريده بلاكستون كروتلان من دراقون!؟، و لماذا يحذرها!؟
اتمنى ان ينال الفصل على استحسانكم،و شكراً لإعطائي الوقت الكافي لإكمال هذا الفصل، و ترقبوا البقية .و اود ان انوه على شئ:: لا تنسوا ان تقوموا بضغط زر المتابعة،و ذلك ليصلكم ما اكتبه لكم في قسم المناقشات في ملفي، فأحياناً اود ان اتواصل معكم و لا اعرف اين يجب ان افعل ذلك، فلا اود ان يكون تواصلنا عن طريق القصة . و شكراً
أنت تقرأ
النار التي لا تنطفئ
Ficción históricaاللحظات الحلوة تمضي سريعاً ، و هذا درس قاسي تعلمته من الماضي ، ماضيي لم يكن الأفضل ، و لكني كنت احمل الأمل دائماً كالعقد في عنقي ، كان لي أخ كان هو كل عائلتي ، اصبح لي مستقبل و لكن لا احب ان اتحدث عن مستقبلي من دون ان اذكر ماضيي . #مسابقة_أفضل_كاتب_...