ليته يبقى....!

10.1K 722 22
                                    

وجدت وجهه المجروح قد امتلأ بإبتسامة مشرقه ، لم يعجبني مغادرته مجدداً و لكن ما دام الأمر سيسعده ماذا كان في يدي فعله ، ابتسامته تلك جعلتني اعتقد بأن ما اقوم به هو الصواب عدم منعي له بالذهاب لمجموعة حركة "حقوق الشعب".
كنت انظر اليه و احاول ان احفظ ابتسامته ، لا اريد افقتدها ، كنت في داخلي ادعوا ان تفشل خطة الانظمام للحركة التمردية و لكن ما باليد حيله، في اليوم الثاني تشبثت بأخي و لم اسمح له بالتحرك من مكانه ، لقد تحدثنا كثيراً ، لم اخبره بشئ من الذي استجد و لكن كنت اشك بأنه لاحظ التغير بشخيصتي ، و لعبنا بالسيوف كعادتنا ، بالطبع بفعل تطور مهارته لم يكن امامي اي فرصه للفوز عليه ، اما ابي فلقد اوقف العمل قليلاً و كان دائماً ما يجلس في زاويته يراقبنا كنت اعلم انه كما فعلت انا كان يدعوا ان يبقى اخي . بعد اللعب جلسنا نرتاح و نلتقط انفاسنا و من البعيد رأيت جولي لورز و ناني قريفن تقبلان ناحيتنا ، وجدت جولي تلوح لي تعجبت كثيراً و لكن لم اتخلى عن حذري و تأهبت للمعركة ، كنت متأكدتاً مئة بالمئة انها تنوي امراً ،اقبلت ناحيتها
"ما الأمر؟!"سألتها بملل
وجدتهما تبتسمان بوجهي و ذلك ذكرني باليوم المشؤوم و بذلك تأهبت تماما ً
"كيف حالكِ يا دراقون ، تبدين جميلة اليوم"قالت جولي بإبتسامه
لقد كانت جملتها الغبية تلك بعيدة كل البعد عن الصحة كذب نقي، لقد كنت قد انهيت لعبي للتو و لذلك كنت متأكدتاً ان شكلي كان مبعثراً و غجري و قررت ان انهي الموضوع بسرعه.
"حقاً، لم تخبريني ما الأمر!!"
"في الحقيقة....." قالت بتردد
"نحن نود ان نفتح صفحة جديده معكِ و نريد ان نعتذر منكِ، و لذلك لنصبح صديقات"اكملت ناني عنها
نظرت لهم برييبه كنت اشعر بأنهم ينوون شراً لن اقع في الفخ مجدداً.
"توقفن عن الاعيبكن ، انا ذاهبة "قلت بغضب
"انتظري .... نحن جادات تماماً"قالت جولي
و هنا وجدت نفسي انقاد و اشعر بالفضول و بهذا قررت مجاراتها
"لقد قلت سابقاً بأنني لا اريد اي علاقة معكم لا من بعيد و لا من قريب ، ان كان لديكِ موضوعٌ مهم تحدثي به الآن "
"انا.... انا....."قالت جولي
"انها تريد ان تستفسر عن احوال اخيكِ إيليوس"ردت ناني عنها
لقد بدوتا مضحكتين لقد كانت ناني كالمتحدث الرسمي عن جولي ، و لكن لم اعلم ما الذي ارادتاه من اخي!! ، لماذا هذا الإهتمام المفاجئ الغير مبرر .
"انه بخير،يبدو انكن حصلتن على اجابتكن و الآن اتركنني و شأني"قلت بجفاف
"انتظري سأخبركِ بالحقيقه"قالت جولي بارتباك
تنهدت "ما هي ؟! "قلت
"في الحقيقه انا مهتمتاً بأخيكِ" قالت بإرتباك و وجنتاها راحتا تشتعلان
"هذا طبيعي لأن اخي إنسان رائع الكل مهتم به "قلت بغرور و فخر
"كلا انها لا تقصد بتلك الطريقه"قالت ناني بتبرير
"ماذا اذاً!؟"سألت بإستغراب
"انا .... انا ... انا احب إيليوس"قالت و وجنتاها كانتا قد احترقتا خجلاً و حيائاً.
"و لماذا هذا الأرتباك؟! أعلم الجميع يحب أخي كما قلت سابقاً انه رائع " قلت بغرورو فخر مجدداً
"لم تفهمي، انها تقصد انها تحبه و تريد ان تتزوجه"قالت ناني
نظرت لهن بإستغراب و وجهي كان قد امتلأ بالتعجب، لأنهن كن قد ذكرنا امراً لم افكر به يوماً ، موضوعاً استكثرته على نفسي و ذلك بسبب تحطيمي لذاتي ، عقلي ذا ال ١٢ لم يستوعب الفكرة ،حبٌ و زواج و إعجاب كلها كانت مصطلحات غريبة جديدة علي ، لم افكر بها و لم اجعلها بإعتباري .
"تتزوجه؟! "قلت بتعجب و الخجل كان قد تملكني قليلاً من نطق الكلمه.
"أجل، هل هو مهتمٌ بفتاة ما او لديه عشيقه!؟"سألت ناني
نظرت لها مجدداً فلقد طرحتا موضوعاً جديداً آخر انطوائيتي و عزلتي جعلتني اجهل الكثير و اتناسى الكثير، اخي يحب؟! لم افتح معه مثل هذه المواضيع من قبل!! ، و لماذا لا يحب انه في ال١٧ من  عمره ، هذا طبيعي ان يحب و يتزوج .و لكن فكرة ان تكون جولي زوجتاً لأخي جعلتني استنفر بل شعرت بالضحك ، و لم استطع كبت ضحكتي و رحت اضحك بصوت عال.وجدتهن انزعجن مني .
"ابتعدن من هنا و لا تعدن هنا و لا تحلمن مجرد الحلم ان يكون اخي من نصيب احداكن "قلت و انا اضحك .
وجدت وجوههن قد اسودت و خطواتهن سرعت و هربن ، و ذلك لحفظ كرامتهن المهدورة . لم يكن تصرفي لبقاً و لكن كنت سعيده شعرت بنشوة الإنتصار .
لقد كان موضوع اخي و جان سرياً تماماً لم يعلم به سوى انا و ابي و ام جان ، لأنهم خافوا من الخيانه، اما انا فلقد كنت استغل كل لحظة لأقضيها مع اخي في اليوم الذي جاء جان لزيارته قمت بطرده.
"إيليوس ما رأيك ان تأتي معي لنتجول في القرية و نودعها"قال جان بمرح
نظرت لهما بإنزعاج و مططت شفتي بغضب
"ما بالكِ يا دراقون ما الذي يزعجكِ "قال جان بإبتسامه
رمقته بغضب و قلت:"جان اترك عنك تفاهات توديع القرية و اذهب لتقضي بعض الأوقات مع امك و اخوتك قبل رحيلك ، اما إيليوس فهو لن يتحرك من المنزل فأنت ستكون معه دائماً اما انا فلن اراه لمدة طويله"
"اوه تشعرين بالغيره مني"قال بمزاح
"هيا اخرج من هنا و اذهب الى امك هي بالتأكيد ستفتقدك اما القريه فلن تسأل فيك" قلت و انا ادفعه خارج المنزل
وجدت اخي و جان يضحكان و من بين ضحكاتهم وجدت اخي يقول:"جان انصحك ان تذهب بكرامتك قبل يتم طردك فعلياً"
"لا تقلقي انا ذاهب ايتها الغيورة"قال بضحك و خرج و هو يودعنا.
في ذلك الوقت كنت كلما نظرت الى أخي كنت اقول في نفسي "ليته يبقى ليته لا يرحل"
نمت في الليلة الأخيرة قبل رحيل أخي و انا ارى انواع الكوابيس ، الظلال كانت قد عادت لحياتي ، ذلك الشعور المؤذي ، الملل الفراغ ، و تمني الموت كله عاد و انا اتقلب على فراشي .
جاء الصباح كئيباً امتلأ بالسواد ، لم اذهب الى الورشه او حتى أعد الطعام انما بقيت مستلقية في فراشي ، انظر للسقف ، و أفكار الموت تلوح أمامي و تشعرني بشعور غريب من الراحة، سمعت أخي يناديني و فقط في تلك اللحظة إختفت تلك الأفكار في لحظه و كأنها لم تلح لي منذ البارحة.
"ماذا هل اتخذتي اليوم اجازه!؟ ابي قلق عليكِ "قال بمرح
نظرت له ، لماذا يجب أن يدعي القوة!؟ و كأن الأمر سهل جداً!، اعلم انه ليس كذلك ، و لكن ما استغربته هو سؤال ابي عني ، لم يفعل هذا سابقاً.
"هل فعل حقاً!؟" سألت بإستغراب
"حسناً ليس تماماً قال لي ان آتي لتفقدكِ للعمل"قال
أعلم ان ابي يعجز عن التعبير عن مشاعره لي ، و لكن مشاعره الطيبه وصلتني و جعلتني اقف على طولي ، كان على اخي ان يغادر بعد عدة ساعات.
ذهبت الى الورشة و بدأت اجهز كل شئ ، رأيت ابي يرمقني .
"اين كنتِ لماذا تركتِ مهامكِ اليوم؟!" قال بنبره حملت شئ من الضيق
لم يكن غاضباً انما كان قلقاً ،فرحت بهذا التطور . اجبت ببرود:"لقد كنت نائمة"
وجدته ينظر بقلق أكثر، لقد كنت أعرف الي من نظرته، فلقد كان يعبر لي عن طريق عيناه دون ان يشعر،اجابني :"انتبهي في المرة القادمه"
عدت للعمل ، و انا اشعربضيق شديد ، غزتني الوحدة و المشاعر القديمه ذات الذكريات المؤلمه، و جاء وقت راحتي و لأنه حان رحيل اخي، راح يودعنا و ابي ينصحه و يوصيه ، اما انا فحتى آخر لحظة تمسكت بذلك الأمل التافه، امسكت بطرف قميصه ، و سألت بخزن:"الا يمكنكِ ان تعدل عن رأيك و تبقى ؟!"
"دراقون"قال بنبرة معاتبه امتلأت بتأنيب الضمير
"حسناً فقط عدني انك ستعود إلينا سالماً معافاً " قلت بتهديد
"فقط تنمي لي التوفيق"قال بشئ من الغموض.
لم أعلم لماذا كان يرفض فكرة الحياة تلك و كأن الموت يترقب وصوله، تنميت لو أعلم مدى خطورة ما يخوضه و لكن عقلي الصغير ابى الاستيعاب، تمسكت به حتى آخر نقطة أمل لدي و لكن عبثاً .رحل ، رحل و تركنا ، ليته يبقى هذا ما كنت اردده حتى آخر لحظه ليته لا يرحل. و لكن تمسكت بالأمل مجدداً متمنيتاً عودتاً سليماً معافاً .
اتخذ الشابان طريقاً مختلفاً من الغابه طريقاً لا يمر به الناس العاديين، و ذلك لوجود الأخطار و وعورة الطريق ، و وجود قصص قديمة تحكي عن وجود ارواح شريرة تحوم في المكان.
رحل الشابان و خلفا خلفهما ارواح تائهاً، لحقوا بما سموه يوماً و صوت الشعب و حقوق الشعب.

النار التي لا تنطفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن