قطاع الطرق

6K 518 49
                                    

مرت عدة شهور و في هذه الفترة بلغت عامي السابع عشر، كان الجو في كرووتيلان ابرد مئة مرة، كنت اعاني فقد كان علينا الخروج في المدينة و مساعدة الناس في هذا البرد القارس ، كانت في تلك الفترة الأمور هادئة و مستقرة بعض الشئ، لم يكن يعكر صفوي سوى ماك و ازعاجاته المعتادة و تورا الخرف الذي كلما رأى وجهي في المدينة اثار جلبة. في تلك الفترة اصبحت اكثر قرباً من جماعة غربان الليل و لا سيما بلاكسوون فقد كان الأقرب لي، فقد كنت لا زلت لا أثق كثيراً بمن حولي فكان بلاكسون الوحيد الذي  استطعت ان اثق به.
"هذا يكفي انا متعب و اشعر بالبرد الشديد" صرخ لونان بإنزعاج
" توقف عن التذمر يا لونان" قال روبارت هو يحمل قطعة خشب
"هنا هذا الحساء يمكنكما ان ترتاحا قليلاً تقول السيدة باني" قلت و انا اقدم لهم الحساء الدافئ
وجدت وجه لونان قد ارتسمت عليه اوسع ابتسامة قد يراها المرء في حياته
كنا نساعد السيدة باني احدى ارامل المدينة، في اعادة بناء منزلها التي دمرته العواصف الثلجية.
"انت ايتها الشيطان في الشعر الأحمر ارحلي من هنا"
كان هذا صراخ السيد تورا المعتاد، ابتسمت له و انا اقدم له بعض الحساء
"مرحباً يا عم تورا ما رأيك ببعض الحساء ان الجو بارد جداً" قلت و انا اقدم له الحساء، وجدت الرجل الكهل يركض بجنون و يصرخ موبخاً:" ابتعدي عني أيتها الساحرة لا تلمسيني لا تصيبيني بلعنتك"
لم اكن اتضايق كثيراً من تصرفات تورا انما كنت اشفق عليه و على ابنته اخيه و التي كانت يجب ان تتحمل جنونه.
"هل انهيتم العمل هنا!؟" قال بريندان و هو يتجه نحونا
"انظروا لقد حظر على رائحة الطعام" قال لونان و هو يتناول حسائه بنهم
"اصمت ! لست هنا لأتسلى ان بلاك ينادينا جميعاً يجب ان نحمي طريق الجبل لقد كان ريجينالد هناك و لاحظ تردد قطاع الطرق على ذاك الطريق " قال بريندان بجدية
لقد باتت هجمات قطاع الطرق في الآونة الأخيرة متكرره و مزعجة ، كان علي ان استخدم سيفي في قتالنا ضدهم ، فقد كانت اعمالهم اقرب للشعب لا لقطع الطرق فقط فقد تأذى منهم الكرووتلانديين و غير الكرووتلانديين الذين كانوا يعبروون الطريق
"انظروا اليه ، هل رأيت يا روبارت هل رأيتي يا دراقون، لقد تكبر علينا،  لأنك ستتزوج قريباً لا يعني انك اصبحت ملكاً" قال لونان
احمر وجه بريندان خجلاً و قال بسرعه:" هل تشعر بالغيرة!؟، ربما يجب ان اسأل ميلي ان تساعدك و ترتب لك زواجاً مع احدى صديقاتها العازبات!؟"
"ماذا؟!"قال لونان ساخراً و اكمل:" انا لو فتحت فمي بكلمة الزواج لرأيت الفتيات يرتمين امام منزلنا"
"لو كان روبارت قائل هذه العبارة لصدقتك او على الأقل بلاك و لكن انت انك تحلم " قال بريندان ساخراً
لقد كان هذا مزاحهما المعتاد، اما بريندان فقد كان العريس المرتقب فقد كان سيتزوج قريباً من ميلي التي كانت منذ الطفولة عشق حياته.فقد كانت هذه المناسبة التي يترقبها الجميع بشغف في كرووتيلان.فقد كانت مناسبات الزواج في كرووتيلان هي مناسبات جماعية يشارك فيها كل أعيان القبيلة بكل سعادة و شغف.
"لقد انهيت طعامي هيا لنذهب" قال لونان بأمر ممازحاً
حملنا متاعنا و ذهبنا مباشرتاً للبوابة، لنخرج للطريق الجبلي، كان في انتظارنا كل من بلاكسون و ريجينالد.
"ما الأمر؟!"سأل روبارت
"انهم قطاع الطرق مجدداً" قال ريجينالد بإنزعاج
"لقد زاد نشاطهم في الآونة الأخيرة و في الحقيقة ارى ان نحاول ان نبحث عن وكرهم هذه المرة، اكاد ان اجزم انهم يختبؤون في الغابة او على الأقل في احدى القرى القريبة" قال بلاكسون
"ان رأيي من رأي بلاك، يجب ان نقصي على الشجرة الفاسدة من جذورها" قال روبارت
"حسناً انه حل حكيم و لكن كيف سنقوم بذلك!؟" سأل ريجينالد
"لماذا لا نخدعهم؟!" قلت بهدوء
"كيف ذلك !؟" سأل ريجينالد
"فكرة جيدة يا دراقون ، ما رأيكم ان يتنكر احدنا بزي تاجر بسيط و يخرج من الطرف الآخر سيأخذ الطريق نصف ساعةو لكن لكي لا يشعروا انه من كروتيلان و بعدها قد يحاولوون ان يقطعوا طريقه ما دام لوحده " قال لونان بجماس
" و لكن هل يحالفنا الحظ!؟" قال بريندان و هو يفكر
"لن نخسر شئ ان حاولنا " قلت مؤيدتاً فكرة لونان
"و لكن من سيقوم بدور الطعم!؟" قال ريجينالد و هو يفكر
و في لحظة وجدت كل الأعين تتوجه الي، فقد كانوا محقيين كوني لا اشيه الكرووتلانديين و كوني فتاة قد يطمع قطاع الطرق في محاولة قطع طريقي و سرقتي.
"لا لا اجدها فكرة جيدة" قال بلاكسون بإنزعاج
"فكر فيها جيداً با بلاك انها تبدو مختلفة عنا" قال ريجينالد
"ان كان كذلك استطيع ان اقوم بالأمر بنفسي فأنا ايضاً ابدوا مختلفاً" قال بلاكسون
"و لكنها فتاة هذا سيثير طمع قطاع الطرق" اجابه ريجينالد
"اجل يا بلاك فكر بالأمر اجد نفسي الأنسب لهذه المهمة" قلت بحماس
"كما اننا سنكون مختبئين و سنلحق بهم"قال بريندان
"حسناً و لكن دعونا نحكم الخطة" قال بلاكسون و هو يزفر بضيق
"جيد، حسناً لا نستطيع ان نستخدم اية عربة فكل عرباتنا كرووتلاندية" قال ريجينالد بإنزعاج
"ماذا عن حصاني!؟ " قلت بتساؤل
"صحيح ان وجود بيتر افضل، كما ستحملين عليه كيسيين من القمح ، نستطيع ان نزور ختم المملكة بكل سهولة ليكون على الأكياس" قال بلاك و هو يفكر
فتم الأمر كان علي ان ارتدي ملابس عادية، و مع بيتر اخرج من الطريق الخلفي لكي لا يشك قطاع الطرق انني خارجتاً من كرووتيلان و سيسبقني إلى هناك كلن من ريجينالد و لونان و بريندان، بينما سأسبق كل من روبارت و بلاكسون و الذين سيكونون خلفي مباشرتاً .
رحت لأغير ملابسي فإرتديت ثوب أزرقاً بسيطاً مناسباً ليكون ملابس فلاحة مع وشاح طويل بني اللون، قمت بتخبئة سيفي أسفل الوشاح، و ذهبت مباشرة الى الإصبطل الى بيتر، كان بلاكسون هناك يقوم بالتربيت على وجه بيتر.
"هل تعرف كم من الوقت اخذت ليعتاد علي هذا الحصان العنيد؟! و تأتي انت و في يوميين تجعله صديقاً لك" قلت بإعتراض
"هذا لأنكِ مبتدئة تماماً في ترويض الأحصنة" قال بلاكسون بإبتسامة جانبية
"حسناً الآن ابتعد عنه" قلت و انا ادفع بلاكسون جانباً " اني اشعر بالغيرة " قلت ممازحة
"عل تشعرين بالغيرة من حصان!؟" قال بلاكسون بإستغراب مصطنع
"بل أشعر بالغيرة منك ، انه صديقي انا فقط " قلت
" هنا لقد وصل القمح" قال روبارت و هو يحمل كيساً بدى ثقيلاً على كتفه
"انه بالفعل يشبه الختم الملكي كيف استطعتم تزويره" قلت بحماس و انا انظر للختم على الكيس
"اننا نمتلك أفضل الحداديين هنا يستطيعون تزوير اي ختم تريديين" قال روبارت بحماس
قمنا بوضع الكيسيين على بيتر
"تحمل يا صديقي اعلم انه ثقل كبير عليك و لكنها كلها ساعات و ينقصي الأمر" قلت و انا اربت على بيتر
و توجهنا مباشرة ناحية البوابة كان كلن من ريجينالد و لونان و بريندان قد سبقونا ، وقفت امام الطريق، امسكت بعقدي الزمردي و انا اتذكر كالدويل و انتظر عودته بفارغ الصبر.
"اهتمي بنفسكِ" قال بلاكسون و هو يتوجه الي، وجدته يرفع الوشاح على رأسي ليغطي شعري و اكمل:"هكذا أفضل، كل ما اطلبه منكِ ان لا تتهوري و لا تعرضي نفسكِ للمشاكل و انتظري اشارتنا"
كان قريباً مني و هو يقول لي هذا الكلام لدرجة انني كنت استطيع ان اغرق في عينيه الزرقاوتين ، كنت اشعر بشئ من الربكة لقربه مني هكذا. فقد بقي طويلاً هو ينظر الي بصمت.
"ماذا الآن!؟" قلت قاطعتاً الصمت بإرتباك
وجدته ينتنحنح بسرعة و قال:"يجب ان تذهبي الآن"
"اعتني بنفسكِ"قال روبارت و هو يودعني، امسكت بلجام بيتر فلقد كان يحمل اكياس القمح فلم اكن امتطيه، و رحت اشق طريقي بحذر شديد، كنت استطيع بوضوح ان استمع لأصوات من خلف الأشجار و لكن لن اكن استطيع ان اميز ان كان هؤلاء هم قطاع الطرق ام احد غربان الليل، كل ما اعرفه انها كانت اصوات بشرية، بقيت لربع ساعة امشي بهدوء و انا اراقب الطريق من حولي بتوجس و من دون سابق انذار ازدادت الأصوات ، و شعرت بأقدام تقترب من خلفي كانت هذه الأصوات تصم آذاني و لكن الخطة كانت ان لا التفت، و اخيراً شعرت باليد التي تطوقني و النصل الحاد الذي لامس ظهري بخفة
"توقفي و لا تحاولي ان تلتفتي او تتحركي"قال الشخص الذي طوقني
و اخيراً وجدت نفسي محاصرة من ثلاثة أشخاص آخرون كانوا ملثمين و لذلك لم استطع ان ارى وجوههم.
قمت بسحب نفسي من الرجل الذي خلفي ، وجدته ينظر الي بإستغراب، بعدها جلست على الأرض و قلت بتوسل كاذب:"ارجوك يا سيدي اتركني ارحل في طريقي انا مجرد فلاحة بسيطة، كل ما معي هو هم قمح احتاج ان اوصلها لأبي المريض"
"ماذا!؟، من المستحيل ان نترككِ الآن" قال الرجل بشدة
"سيدي اعتقد انه من الأفضل ان نتركها و نأخذ متاعنا انظرالى حصانها انه يبدو اصيلاً" قال احد رجالهم
"ارجوك ارجوك انني من يعول اسرتنا الآن ارجوك ان اخوتي الصغار في المنزل جائعون ينتظرونني ان اعود" قلت بترجي كاذب
"اصمتي يا فتاة " صرخ الرجل و هو يحاول رفعي و اكمل "هيا خذوها" قال و هو يدفعني، سقط الوشاح الذي كان يغطي شعري.
"انظر لشعرها!" صرخ احد الرجال
"هيا خذوها نستطيع ان نبيعها هي ايضاً" صرخ الرجل و الذي بدى انه زعيمهم، بالطبع ذهبت معهم بعدما و ثقوا يدي، فقد كان هذا جزء من الخطة، حينما حاولوا سحب بيتر قاومهم قليلاً و لكنه فيما بعد خضع لهم بهدوء.
مشينا قرابة النصف ساعة حتى وصلنا لجدول ماء من بين الأشجار، هناك كانت توجد خيام و بعض المتاع و نار مشتعلة، علمت ان هذا وكرهم او احد اوكارهم فقد بدى صغيراً جداً ليكون وكر قطاع طرق بهذا النشاط المستمر المتكرر. قاموا بربطي على أحد الأشجار، بالطبع لم تكن تلك المرة الأولى فقد فعلها أطفال القرية سابقاً ،و لكن اليوم انا اقف هنا بكامل ارادتي، و جدتهم جلسوا أمام النار بعضهم راح يستلقي.
انا زعيمهم تقدم مني، و صرخ فيتي بتهديد:" استمعي الي يا فتاة ستكونين مطيعة هل هذا مفهموم!؟"
"أجل" قلت بخوف متصنع
"اذا قمنا ببيعكِ سترضخين لنا فلا حل أمامكِ، لا تفكري بالهرب ان مصيركِ بين يدينا الآن"
"حاضر" قلت بنفس الخوف المصطنع
مر بعض الوقت و كان مجموعة قطاع الطرق و الذين يصل عددهم لعشرة أشخاص تقريباً، قد استراحوا امام التارالمشتعلة بل اخذوا راحتهم خلعو اقنعتهم و بعضهم كان قد ثمل بعدما شرب عدة كاسات.
فجأة صرخ احدهم و هو ثمل:" يا زعيم الى متى سنبقى هنا بدأت أشعر بالملل"
"عندما يُذأن لنا" قال الزعيم بهدوء
"و لكن لا ارى ان للأمر جدوى ان عملنا هذا لا يزعج الملك و لو واحد بالمئة"
"من قال بأننا هنا نحاول ازعاج الملك!؟ اننا نحاول ان نزعج همج الجبل" قال الزعيم بهدوء
"و لكن لماذا؟! انهم يساعدوننا و يدفعون لنا المال "
"لأنك أحمق و لا تفهم بشئ، عد لشرابك" قال الزعيم بتهكم
كنت قد سمعت حديثهم و فهمت الكثير فقد تحدث عن همج الجبل اي الكرووتلانديين، احد الكرووتلانديين هو من يمول قاع الطرق هؤلاء بل ان اخد من يعمل صد الملك ايضاً يمولهم. لم يكن امراً مستغرباً و لكن من يريد ايذاء الكرووتلانديين!؟ تذكرت حادثة الإغتيال هل كان احدهم الفاعل!؟ و لكن كيف دخل لكرووتيلان!؟
في ذلك الوقت كنت قد فككت وثاقي، و لكني بقيت هناك و ادعيت انني لا زلت موثقة، كنت استطيع ان اسمع لتحركات جماعة غربان الليل من خلف الأشجار.
و اخيراً هجموا من خلف الأشجار بينما قطاع الطرق كانوا غافليين عن أمر كهذا، حررت نفسي من وثاقي و حملت سيفي، لم نقاتلهم طويلاً لأنهم بالرغم من انهم كانوا غافلون و ثملون الا انهم كانوا بارعون جداً فقد استاطعوا ان يهربوا سريعاً كانت المهمة قد فشلت تقريباً ، فهذا لم يكن وكرهم الأساسي انما مجرد وكر مؤقت، قمنا بإتلاف الوكر لكي لا يعودوا ، فهم سيختفوون لفترة من الزمن عن هذا المكان.
"تباً لهم لقد هربوا" قال ريجينالد بإنزعاج
"كانت خطتنا محكمة و لكن عددهم كان اكبر و مهارتهم عالية" قال بلاكسون
"و لكننا ضيعنا وقتنا" قال لونان بانزعاج
"ليس تماماً" قلت انا انظر اليهم و اكملت:" قد لا تكون معلومة قيمة و لكنني سمعتهم يتحدثون عن همج الجبل"
"همج الجبل هذا يعني انهم يتحدثون عنا" قال ريجينالد
اخبرتهم ما دار من حديث و ما سمعته بالحرف
"و لكن من من كرووتيلان قد يحاول اذية اهله!؟" قال روبارت و هو يفكر
" نستطيع ان نناقش هذا الموضوع مع عمي حينما يعود" قال بلاكسون و هو يفكر
بعد تلك المهمة مرت عدة أسابيع و في تلك الفترة عاد كالدويل من رحلته ، فقد كنا في القاعة الكبرى في قلعة الزعيم ننتظره و كنا في الأساس نقضي بعض الوقت هناك فقد كانت تقام هناك جلسات القضاء و يقوم الزعيم بحل مشاكل الناس.
و ذلك اليوم دخل كالدويل كانت على وجهة أمارات التعب و الضيق، حينما دخل ذلك اليوم وجه انظاره لبلاكسون.
----------------------
حسناً قد لا يكون في هذا الجزء الكثير من الأحداث و لكنه يمهد للكثير و اتمنى لكم قراءة ممتعة
ما رأيكم بالأحداث حتى الآن!؟
من في اعتقادكم يقف خلف قطاع الطرق!؟ و لماذا!؟
لماذا عاد كالدويل في هذه الصورة!؟
لماذا كان ينظر إلى بلاكسون !؟
ما رأيكم بدراقون و تغير شخصيتها؟!

النار التي لا تنطفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن