قفزت بحماس امام الحارسيين اللذين وقفا يحرسان البوابة.
"أريد ان انظم للكروتلانديين ، اسمح لي بمقابلة سيدك" قلت بحماس و جدية
وجدت الحارسان ببشرتهما الحنطية و عيناهما المائلة للون الرمادي يرمقاني بإستغراب، كان للكروتلانديين ملامح متشابه لم احد في حياتي كروتلاندي مختلف بإستثناء بلاكسون و عينيه الغربيتين.
وجدت احد الحارسيين يقول بحزم و جدية:" ابتعدي من هنا يا صغيرة و الا ناديت من بالأبراج ليطلقوا عليكِ السهام"
نظرت له بغضب:" لا أخاف الموت افعل ما شئت لن أتحرك من مكاني الا اذا حققتم مطالبي"
كنت اتصرف بشكل غريب نفسي لا افهمه اصرار عجيب جعلني اتجرأ بشكل عجيب عكس جبني المعتاد.
وجدتهم بدأو بإطلاق بعض الأسهم لإخافتي و لكن صوتها اخترق مسامعي فتفاديتها بسهولة ، وجدتهم انصدموا فهم لم يتوقعوا ان ان تتفادى الأسهم طفلة صغيرة.
سمعت الحارس يهمس لصابحه بصوت منحفض" اتركها ستمل في آخر المطاف، انها مجرد طفلة غير مؤذية"
بقيت واقفة امامهم لثلاث ساعات حتى نالني التعب و قررت ان اجلس في مكاني، كانوا يرتدوت جلود حيوانات ثقيلة بينما انا بقيت بثوبي الخفيف اشعر بالبرد القارص يلتهم جسدي، كان الوقت قد شارف على الغروب.
"متى ستسمح لي بالدخول"قلت و انا اضع يدي اسفل ذقني ساندتاً اياها على فخذي بعدما تربعت براحة
"في أحلامكِ البعيدة"قال الحارس بسخرية.
جاء الليل و وجدت ان المناوبة تبدلت ، جاء الحارسان الجديدان و سأل احدهم:"من هذه الصغيرة"
"مختلة عقلياً تقول انها تريد ان تنظم الينا، و تقول انها لن تتحرك الا اذا ناديت سيدي، و كأنني ابله لأستمع لكلام طفلة صغيرة" قال الآخر و هو يهم بالرحيل
وجدت الحارسان يرمقانني بينما بقيت في مكاني لا اتحرك وجدتهم اشعلوا ناراً ليتدفأوا وصلني شئ من هذا الدفئ فلقد تربعت أمام الباب تماماً.
"ما هو اسمكِ يا صغيرة !؟" احد الحارسيين بود و الذي بدا انه شعر بالملل فأراد ان يطرد نومه
"دراقون، دراقون مارسي" قلت بملل
"دراقون"قال الحارس و هو يلقي نظرة على صاحبه ، وجدتهما يضحكان بشدة، ففون شعري و لون عيني كانا متناسبان مع اسمي المتصابي و لكني لم اكره اسمي يوماً لأن اخي هو من اختاره لي.
"و لماذا تريدين الإنضمام إلينا!؟ تعلمين اننا لا نقبل بالغرباء"
"لا شأن لك بأسبابي فقط دعني اقابل سيدك و انا سأقنعه" قلت بثقة
و بقيت ارابهم بملل و هو يثوثرون على رأسي بأحاديث مملة عن رحلات صيدهم، و في غمرة حديثهم غلبني النعاس، فنمت في مكاني، استيقظت صباحاً على صوت الحارس من المناوبة الأولى و هو يصرخ
"تباً ما زالت هنا هذه المجنونة"
استيقظت و انا امدد جسدي، وقفت قليلاً لأحرك جسدي فقد غدى يؤلمني من جلستي تلك و من الرحلة البارحة و من البرد، و لكن سرعان و ما عدت و جلست في مكاني.
و انا جالسة هناك وجدت الباب يفتح و خرج منه كالدويل كروتلان وجدته يرمقني بتعجب بنظراته الجامدة و هو يقول:"لا أصدق انكِ لحقتي بنا كل هذا الطريق، ما الذي تفعلينه هنا!؟"
"لن ابرح مكاني حتى اقابل سيدك" قلت بحزم
وجدته يرفع حاجبه بغرور
"انها لا ترغب بالتزحزح من مكانها سيد كالدويل" قال الحارس بإنزعاج
"فلتفعل ما تشاء" قال و هو خارج و سيفه معه
"اتمنى لكَ صيداً ثميناً سيد كالدويل" قال احد الحراس
وجدته يلوح بيده دلالة على انه
لم يعد كالدويل الا مع المغيب بينما أنا بقيت هناك حتى الليل و تبدلت المناوبة للمناوية الليلية، فكان الحارسان الآخران.
"صديقتنا دراقون ما زالت هنا" قال بمرح احد الحارسان
"ماذا هل حدثت سيدك عني" قلت بحماس
"انتِ الا تتعبين، هنا خذي قطعة لحم و بعض النبيذ فهو كل ما املك حالياً" قال الحارس بإنزعاج و هو يقدم لي طبق اللحم الصغير و الذي بدى بالنسبة لي اكثر من الكافي.
"شكراً، و لكن لا أريد النبيذ"
"ماذا هل انتِ جبانه لهذه الدرجة تخافين شرب النبيذ!؟" قال بسخرية
"لماذا لا تشربه انت!؟" قلت له بغضب
"مستحيل يجب ان ابقى في وعيي لأنني في مناوبتي"
"و انا ايضاً يجب ان ابقى في وعيي لأقابل سيدكم" قلت بفخر
"اراهن انه الكأس الأول في حياتكِ"قال بسخرية
"لا يجب على الفتيات ان يتفاخرن بعدد أكواب النبيذ التي يشربنها"قلت بحزم و اكملت:"كن كريماً اجلب لي بعض الماء "
و بالفعل نفذ طلبي، فقد قام بإطعامي كرماً منه، بالطبع كنت ممتنه له و لكن لم اكن لأستسلم ابداً فلقد قررت ان لا ابرح مكاني، وجدت الحارس الآخر فيما بعد يزودني بفرو لتدفئتي.
"هل تريين نعاملكِ كملكة هنا، لذا كوني لطيفة و غادري " قال احد الحارسيين
رمقته بضييق، لم أكن أعلم في ذلك الوقت ان الكرم و اكرام الضيف كان من عادة الكروتلانديين، فمهما كان هذا الضيف يؤذيهم او يكن لهم العداء فهم سيكرمونه بما يستطيعون، و بالنسبة لي كرمهم هذا كان اكثر من المطلوب.
بالطبع نمت في مكاني و في الصباح وجدت ان المناوبة تغيرت، وجدت الحارسان يرمقانني بضيق ، رحت بدوري انظر اليهم بملل،و قلت :" ماذا مل غير سيدكم رأيه!؟"
"اصبحتِ حديث كروتيلان يا فتاة، فالجميع يتحدث عن الجاسوسة ذات الشعر الأحمر التي تهدد أمن كرووتيلان، لقد وصل أمركِ للزعيم و لا يبدوا الأمر جيداً " قال الحارس يضييق
شعرت بسعادة غامرة فبقائي أمام الباب لليلتيين جاء بمعفول جيد و ها هو زعيمهم يتحرى بشأني، بقيت حتى العصر وجدتهم يقدموت لي الغداء، تناولته بنهم، و انا انتظر ربما؟ ربما؟ يغير زعيمهم رأيه.
و مع المغيب وجدت الباب يفتح و كان هناك يقف بلاكسون بطوله الفارع و هو يأشر لي بيده:" تعالي معي ، هيا ستدخليين اخيراً"
نظرت له بصدمة و كانت صدمة الحارساان أكبر من صدمتي، و اكمل حديثه:" جدي يرغب بلقاؤكِ"
جده أي زعيم الكروتلانديين، وقفت بسرعه و مشيت خلفه بالرغم من تعبي، و كانت أمامي أخيراً كرووتيلان ، بأناسها المتشابهوون،كانت مدينة أقرب للقرية، بيوت أهلها صنعت من الحجارة الغامقة، مشيت خلف بلاكسون و انا ارمق الكروتلانديين و الذين بدى و كأنهم يتمتعوون بحياة هادئة فطغى ذلك على محياهم ، و لكن نظرتهم لي كانت غريبة و كأنهم ينظرون إلى كائنٌ غريب، فقد بدوت و بالفعل من خارج القطيع ففهمت ما حاول بلاكسون عمه إيصاله لي بوقت سابق و لكن لتعجبي بلاكسون نفسه لم يكن يشبه الكرولانديين كثيراً فقد بدى شاذاً عنهم.
لاحضت مع تشابه البيوت و المباني كان هناك تشابه لنوع شجر معين وجدته مزروع هنا و هناك و اكتشفت فيما بعد انه شجر اللوز و عرفت ايضاً ان الشجرة في علمهم هي هذه الشجره التي ارتبطوا بها بشكل غريب.
كان الطابع الغالب على المدينة هو اللونان الأبيض و الكثير من الأسود و لكن لم يكن تواجد الأسود كئيباً انما بدى فخماً بشكل او بآخر.
لحقت ببلاكسون حتى وصلنا لقلعة متوسطة الحجم، و هنا سأقابل زعيمهم و سأقنعه أن يضمني لهم.
"فقط انتقي كلماتكِ امام جدي و كوني مهذبة" قال بحزم
"حاضر يا أمي" قلت بسخرية و تهكم
"انني لا امزح انا فقط انبهك" قال بغضب
انه فعلاً لم يكن وقت المزاح و السخرية و لكني كنت متوترة، لاحضت ان القلعة بلونها الرمادي الفخم بأبراجها الدائرية المتواضعه قد وقفت امامي بشموخ فالقلعة كانت فخمة و متواضعة في نفس الوقت، دخلناً و التمست مدى تواضع هذه المدينة من قلعتها، احببت البساطة فيها عكس ابهة قصر حركة حقوق الشعب.
مشينا في ممرات كثيرة و كان الخدم و الحاشية بعددهم القليل يتجولوون هنا و هناك في القلعة المضلمة و التي انيرت بمشاعل نار متواضعة.
حتى وصلنا لبوابة عملاقة هناك وجدت قاعة اجتماعات و على طاولة مستديرة جلس مجموعة اشخاص يصرخون في وجه بعضهم
" كالدويل يجب ان تفكر قليلاً انك تتصرف بطيش لا يتناسب مع عمرك"
كنت قد ميزت الكروتلاندي الذي يصرخ لقد كان نايجل كروتلاند الأخ الأكبر لكالدويلذا العينين الأنانيتان
بينما جلس كالدويل هناك بهدوء لا يهتم بما يقوله اخوه الأكبر
"توقف يا نايجل لا تتعب حنجرتك، ان الأحمق قد عاشر الغرباء حتى تلف عقله" قال أحد الجالسيين بهدوء كان على عكس الكروتلانديين هزيل الجسد بدا في بداية الأربعيين من عمره ، ارتسمت على ملامحه الحنطية آمارات و الخبث و الذكاء و الغرور،
"و لكن يا دوقال ان اخيك الأصغر يتصرف بتهور" صرخ نايجل مجدداً
"اهدأ يا أبي لا تتعب نفسك ان عمي اكثر عناداً من الحجارة" قال الشاب الذي يجلس بجانبه
"ماك لا تتدخل"صرخ فيه نايجل
و كانت في الجلسة امرأة واحدة بملامح حادة ارتسمت بعض التجاعيد البسيطة على وجهها ، كانت ذات شعر اسود مموج طويل و عينان خضراوتان و بشرة حنطية، كانت طويلة و ضعيفة و جداً و كأنها غصن شجر، حمل وجهها قسوة كبيرة، خمنت بأنها أم ماك و زوجة نايجل.
"اجلس يا بني ولا تدخل نفسك في معارك أعمامك" قالت بهدوء
كان المكان كالسيرك
و وسط كل هذا الصراخ سمعت دوي احدهم و هو يصرخ:" اصمتوا جميعاً"
كان المتحدث رجل ضخم بملابس سوداء يكسوها الكثير من الفرو ، كان بشعر ابيض طويل و و لحية سوداء طويلة، كانت التجاعيد قد ملأت وجهه الحنطي و لكن مع ذلك بقيت فيه شئ من القوى و خصوصاً في بنيته.
"اعتذريا ابي و لكن ابنكَ..."قال نايجل بتبرير
كان يبرر للنفسه و يشتكي اخيه عند ابيه كالأطفال
"اصمت يا نايجل، كيف تنوي ان تحكم من بعدي و انت بهذه العصبيه، تصرخ دون حكمة و تقكير"قال الرجل الكبير بحزم
و أكمل بذات الحزم:"كالدويل هل انت واثق بما تقوم به!؟"
وقف كالدويل بإحترام و حيا ابه و هو يضرب قبضته بكفه، و قال بهدء:" أجل يا أبي كل الثقة"
"لقد احضرت الفتاة"صرخ بلاكسون
وحدت اعين الجميع تتجه نحوي ، فكانت اغلب العيون حاقدة و غاضبة، و لكن لم اكن انوي الإستسلام الآن فقط بسبب زوج من العيون الغاضبة.
"تعالي يا فتاة اجلسي على الكرسي" قال الزعيم، اقتربت من اقرب كرسي لي و جلست و قلبي ينبض من شدة التوتر، فالرجل الكامن امامي بالرغم من كبر سنع الا انه كانت له هيبة و حضور فرض احترامه علي من النظرة الأولى لم يكن خوفاً منه و انما احتراماً له.
"لماذا تريديين الإنضمام لقبيلتنا!؟" سأل الزعيم بهدوء
" لأني كشفت أوراق حركة حقوق الشعب لذا انا ملاحقة منهم و من جنود الملك على حدٍ سواء لذا اريد ان اكون تحت جناحكم لتحموني منهم و اقدم لكم يد العون بالمقابل" قلت بثقة
وجدت النظرات الساخرة تحيط بي و لكنه اكمل الزعيم بقوله:"ما نوع الخدمة التي قد تقدمينها لنا؟!"
"أنا أجيد الحدادة كما انني كنت باحثة حينما كنت مع حركة حقوق الشعب و اجيد القتال"
"حسناً، سنضمكِ لنا و لكن لست راضياً عن وجودكِ هنا فلا مكان للغرباء بيننا" قال بشدة و اكمل:"و لكن كالدويل تلاعب بنا جميعاً هنا"
رحت انظر لكالدويل بإستغراب، ماذا يعني ذلك!؟
و اكمل و هو يتنهد:" بحسب القانون الكروتلاندي لا ينظم لعشيرتنا الغرباء الا بحكم الزواج و هذا امر نادر الحدوث فنحن لا نتزوج الا من جلدتنا، او بحكم التبني"
"تبني؟!" قلت بإستغراب
"أجل لقد قرر أن كالدويل أن يتبانكِ لتكوني ابنة له بالقانون " قال بهزيمة لا تتناسب مع مكانته
"ماذا!؟" صرخت و انا اراقب كالدويل و الذي بدوره رمقني بهدوء .
"أجل يجب ان توقعي على ورقة التبني" قال الزعيم و أكمل:" ماك قدم لها الورقة لتوقع"
وجدت الشاب يقف و هو يقدم لي الورقة بحنق و غضب ، قرأت ما كتب فيها و كانت اقرار بأن أكون ابنة لكادويل، و لأكون ابنة لكادويل يعني ان اتخلى عن اسمي اتخلى عن لقب عائلة مارسي و احمل لقب عائلة كروتيلان ، وقعت الورقة بشئ من التردد و لكن هذا هو الحل الوحيد أمامي.
-----------
فصل جديد سريع و قصير بعض الشئ على غير العادة
ما الذي تتوقعون سيحدث بعدما اصبحت دراقون كروتلاندية!؟
و لماذا قام كالدويل بتبنيها بالرغم من رفض بقية اسرته!؟
كيف ستتعامل دراقوون مع اسرتها الجديدة!؟
هل سيتقبلها الكرووتلانديين!؟
هل سيكون لها دور فعال في كروتيلان!؟
و ماذا عن بلاكسون !؟ ما هو سره!؟
و كيف رأيتم الكروتلانديين!؟ هل هم بالسوء و القسوة التي يوصفوون بها !؟
اتمنى ان تستمتعوا بالفصل الجديد أصدقائي
أنت تقرأ
النار التي لا تنطفئ
Historical Fictionاللحظات الحلوة تمضي سريعاً ، و هذا درس قاسي تعلمته من الماضي ، ماضيي لم يكن الأفضل ، و لكني كنت احمل الأمل دائماً كالعقد في عنقي ، كان لي أخ كان هو كل عائلتي ، اصبح لي مستقبل و لكن لا احب ان اتحدث عن مستقبلي من دون ان اذكر ماضيي . #مسابقة_أفضل_كاتب_...