سوارة هـ

80 1 0
                                    

كنت قابعة ذات مساء على سريري الوثير بفرشه الأصفر المزّين بفسيفساء مطبوعة بلون الأحمر والأصفر والزهري في تركيبتها ، كان ظهر كتاب العم توم على يدي أحاول فك أسرار صورة الغلاف التي يتصدرها العم توم نفسه بقسماته التي تمتلك شفرات المعاناة ، فمن يقرأ هذه الرواية يتملك لديه إحساس في شغاف قلبه أنّ ما يخاله من ألم لا يتعدى قطرة عرق أمام بركة آلامه .، القرن التاسع عشر في أمريكا زمن العبودية التي  كانت الزنوج يروّجون فيها كالسلعة البشرية تُباع بثمن بخس دراهم معدودة .. وعم توم الذي تغرّب عن أهله ورب عمله الطيب الذي باعه بسبب وعكة ماليه .. وقابل أشد تعذيب من قِبل رب عمله الجديد الذي راح يلذعه بالسوط على وجهه!، كان الرواية مؤلمة بحق.. لقد بكيت كثيراً عندما توفيت الفتاة الصغيرة التي كانت صديقة العم توم .. أوه لقد أفسدت عليكم الأحداث :-o ، على كلن سمعت وقع أقدام قادمة بمحاذاة غرفتي .. لربما كانت الخادمة بشرة أو أبي .. لا أعلم.
طرق الباب ثلاث طرقات ، فقلت تفضل بلا اكتراث مني ، رفعت رأسي لمعرفة من القادم لأصدم أنه .... .. ع علي ، كيف هذا ؟ ، عيناه الواسعتان تلمعان ،وتتوسدان حمرة طفيفة كعادتهما ، كان شعره مقصوصاً بضعة سنتمترات ، شخصت ببصري على ساعديه المفتولين قليلاً ثم رأيت علبة العدسة في يده اليسرى النافرة بعروقها ، طبعاً دقات قلبي تضخ دمي بإزماع قاتل، شعري مكشوف يا للهول ، أجزاء جسدي ، حتى فخذي جزء منه مكشوف :( ، رغبت بالأختباء تحت الأرض كالأرانب وجحورها ، تقدم ناحيتي وانا لا أزال ثابتة من وقع الصدمة ، احاول ان انحني قليلاً لأختبىء ،ولكن هيهات ، تقدم حتى أصبحت أنفاسه تهز شعري الذي رُطب حينئذ ، تفصد العرق في علوية جبهتي حتى بلغ وجنتّي ، وضع العلبة على سريري ناحية رواية العم توم مقلوبة ، ثم قال بصوت يحمل الأنين والحنين : هيامي لقد نسيته ،واحضرته لك .، وضع يده في جيب بنطاله الأسود الجينز وأخرج شيئاً وهو يقول : هيامي لقد أحضرت لكٍ هدية .، شاهدتها بتوتر وإذ ها هي سوارة من ذهب وفصوصها ألماس تتوسطها حرف هـ على شكل وردة ، اندهشت لجمال التصميم ، شعر بدهشتي ووضع السوار بحرص على يدي ، عندها خدرت أطرافي كلها ، كني لُطمت من هول الأمر برملته ، وحالما فَرَغ تقدم ناحيتي ولمس ذقني ، نظرت إليه بخجل ، تقدم اكثر فحاولت ردعه لكنه قاومني وقبلني قصراً ، كانت قبلته أشد من الأولى على جبهتي ، حاولت ان اتصداه ،وَلَكِن هيهات ، هذا رجل يفوقني طولاً وقوة ، وانا بلا حول مني ولا قوة ، لكنني دفعته بأعجوبة وانا غارقة بالحرارة والعرق ، تراجع يتأوه ألماً ، صرخت فيه :اخرج ، قال : لماذا يا هيام ؟ أنا احبك أرجوك اقبلي ان أتزوجك عاماً ، من أجلي ، انا لا أستطيع ان أعيش من دونك .. أرجوك .، قلت والغصة تلتاع فيّ وأنا أنظر إليه: يا علي أبي غاضب جداً من هذا الحل ، و غير راضي عنه ، ثم اطرقت رأسي وأكملت : انت لا تحبّني يا علي .. لو كنت تحبّني لأبتعدت عني ، لما آذيتني

.. أنت تريدني أن أتعلق بك وحينئذن سأكون معك عاماً فقط .. ماذا لو اخلفت ولداً معاقاً!.، ماذا سيحدث له في المستقبل ؟ ، ماذا عني ؟ سيُكتب لي اسم مطلقة وانا حتى لست في العشرين ، جدك غير راضي ، أرجوك يا علي فكر .. اقسم بالله اني لأحبك لهذا سأحاول ان لا احتك بك أبداً، انت جميل وطيب .. الجميع يحبك .. ستجد من تحبك.. انت تريد وانا اريد والله يفعل ما يريد .، انهرت أمامه أبكي .. فجاء ناحيتي فأنزلق على ركبتيه ... وتأوه وقال وسط نشيجه الذي لم أرى قسماته حين إذن إثر الماء المسكوب من عيني : هيامي أنا أعشقك ، لا أستطيع من دونك .. لا اتخيل حياتي مع واحدة غيرك .. لقد تملكتي جميع حواسي وقلبي .. لقد وعدوني انك لي منذ الصغر ، تخيلتك دائماً زوجتي .. بفستانك الأبيض ! :( ، ماذا افعل اخبريني ؟! كيف لا احبك ؟! كيف لا اشتاق إليك ؟! كيف اكفف دموعي الآن ! كيف لا تحرقني دموعك الآن ؟! كيف أنساك .. وانت تسكنين في كل ثانية من تفكيري ومشاعري!، اخبريني وانا أعدك ان ارى حياتي ، لأنني أعمى من دونك .. الحياة من دونك معدومة ..3  سنوات وانا اغالب دمعي لآراك...  تقدم يحتضنني بين أضلاعه التي لم أُخلق من إي منها .. يمسح شعري ووجهي ، ويقول : لقد كسرتيني عندما قلتي انك لن تحتكي فيَ أبداً أو ان ارى حياتي مع من تحبّني .. انا لا اريد غيرك .. أف لكٍ .. احتفظي بهديتي لا تلقيها أرجوك ، ثم رحل مخلفاً ذكرى سوداء ترهقني نفسياً :'( ، وسوارة (هـ) ثمينة !.

القهوة الموجوعة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن