القهوة الموجوعة

لماذا أصبح الأب مجنوناً ؟

كاد خالد أن يقع قبل أن يدخل إلى المستشفى .. كان يبدو بلا هيبة .. يبدو انه ليس هو ، شعره الرمادي غدا أشعثاً .، عينيه الذاهلة تُمسح المرضى والممرضين .. يقرأ اللافتات بغير هدى باحثاً عن جملة العناية المركزة ، وبعد تعب شديد ذهب ليسأل سكرتيرة تقبع في قسم الباطنية .، أخبرته عن المكان فأدرك انه غدا غبياً جداً في هذا الموقف لأن والدته رحمها الله قد تعالجت في هذا المستشفى وهو يعرف تمام المعرفة إين يتواجد ، لربما نسى .. البعض ينسى الأماكن التعيسة كيلا يعيش بها مراراً وتكراراً ، لكن يضطر البعض العيش بها .، عرفت السكرتيرة أن الرجل هذا الذي بدا بائساً هو ليس إلا أب يخاف فقدان روحه.، الأب هو كائن يصبح مجنوناً إذا تعرض لأبناءه سوء .، وأخيراً وصل إلى مكان اللعين وأخبرهم أنه والد هيام .، أومأت ممرضة السكن برأسها وأخبرته أن هيام بخير ، لكنها متعبة .، صرخ خالد عليها وقال : إذن لماذا العناية المركزة ؟ .، أخرجوا أبنتي من هنا أرجوكم ،وسأدفع لكم مليارات من الدراهم .، حاولت الممرضات أن يهدوءه .. فتقدم الطبيب الذي يرتدي نظارات سميكة وقال : أبنتك بخير ، لقد عالجنا النزيف وهي الآن في العناية المركزة .. لا تقلق لقد وصفنا لها أدوية ،وحمدلله على سلامة أبنتك .
أريد أن أرى أبنتي .
انتظر تستطيع أن تراها بعد قليل .
جاءت الممرضة أسيوية ووضعت عليه ملابس معقمة ، ثم دخل على هيام ويداه ترتجفان .
كانت كأنها هي ، بالكاد تَعرف عليها .، ترقرقت من عينيه الدموع بصمت .