"تكلمي ستيلا .."
أبعدت نظري عنها وأنا أنظر لإصبعي الذي ينقر على الطاولة منتظراً إجابتها لتقول بهدوء "السرطان يفتك بجسدي منذ ثلاث أشهر ."
حين نطقت رفعت نظري لها ، ظننتها تكذب فأنا لم أكن أنظر لها ، شددت يدي وقلت بهدوء "أعيدي ما قلته .."
ركزت بعينيها لأعلم صدقها من كذبها ، لتتنهد وتجيب "ليوناردو ، أصبت بورمٍ خبيثٍ منذ ثلاث أشهر ، أو بالأصح اكتشتفه منذ ثلاث أشهر ولا أعلم كم لبث في جسدي ..
أخذت جرعةً واحدة للعلاج الكيميائي ورفضت أن أكمل ، شعرت بألمٍ شديدٍ جداً ."
أشاحت بنظرها وتمتمت "الألم في قلبي يزداد يوماً وراء يوم ، أنظر ليدي اليمنى الخالية من أي وشم وأتذكر أني تركتها هكذا لأنه مات وهو يمسكها ، كنت أروج وأبيع المخدرات ، صرت أتعاطاها ، في الواقع ليوناردو .. لا يمكنني تحمل ألم جسدي ونفسي معاً لذا توقفت بعد أول جرعة كيميائية ، وأيقنت أني ضعيفة أمام الألم الجسدي ، فالألم النفسي أخذ طاقة احتمالي كلها ."
كنت أنظر لها بصدمة ، لم تكذب بحرف ، كل علامات الصدق مرسومة على جسدها بوضوح ، سألتها بقلق واضح "بحق الجحيم ، أنت توقفتي عن أخذ العلاج ."
"الطبيبة صارحتني ، معدل شفائي شبه معدوم ، الورم في رأسي ومنتشر بشكلٍ كبير ، وكوني أتعاطى المخدرات يزيد الأمر سوءاً طبعاً ."
"لكن ستيلا .."
"أعلم أني يجب أن آخذ الجرعات ، لكني أعلم أيضاً أن الموت مصير محتم أهرب منه ، ولا فائدة من الهرب من المصير .. لذا توقفت ليوناردو ."
أخفضت نظري عنها وقلت "لكن هذا .."
"بم تشعر الآن ؟"
تنهدت وأنا أعبث بشعري ، لم يكن هذا ما أريده أبداً ..
"كيف أجعلك تفهمين ما أشعر به وأنا نفسي لا أعلم ؟!! أنت مشكلة بالنسبة لي ستيلا ، لم أعد أحبك ، لكني لا أكرهك ، لا يمكنني أن أحقد عليك أو أتمنى لك سوءاً ، ولكن بنفس الوقت حين أفكر بك لا أقول أنني أتمنى لك كل خير ..
شعوري نحوك معقد ، أنت لست حبيبة ، ولا عدوة ، لست صديقة ولا زميلة ولا غريبة ، أنت بالنسبة لي شخصٌ مبهم في حياتي ، لا أستطيع أن أجد له اسماً !!
لا يمكنني حتى أن أقول أنك حبيبتي السابقة ، فأنت لم تحبيني يوماً ، شعوري نحوك يشكل مشكلةً بالنسبة لي ."
"وأنت عليك أن تتخطى تلك المشكلة .."
قالت بهدوء لتذكرني بما قالته لي من قبل (الطريقة الوحيدة لحل مشاكلك هي مواجهتها)
تنهدت "حين أعرف الآن أنك مصابة بالسرطان يؤلمني هذا ، يؤلمني جداً ، ولا أفهم السبب ."
ابتسمت وقالت "شكراً لك ليوناردو .."
أحنت رأسها وضمت ركبتيها لصدرها للتكور على نفسها ، كطفلٍ يحتمي من العالم الخارجي ، تساقطت دمعة من عينيها.. ثم أخرى.. يلحقها سيلٌ من الدموع ، لا مجال لإيقافها بالمواساة ، تعابير الشفقة كانت مرسومة على وجهي ، وشعورٌ معقد لا أستطيع فهمه تشكل بداخلي مجدداً .
حين أقف أمامها هكذا ، لا أستطيع إخبارها أن كل شيء سيكون بخير ، وأنا متأكد أنها ستموت قريباً ، لا أستطيع أن أخفف عنها بشيء ، أتمنى لو أحتضنها وأحتوي دموعها ، ولكن عقلي يمنعني من ذلك .
كانت أحد المرات القليلة في حياتي جداً التي أخرست بها عقلي واقتربت منها ، لأحيط بها بين ذراعي وأسمح لها أن تبكي مسندةً رأسها على صدري ويداها تشد على سترتي ، كانت أحد المرات القليلة التي أرى بها ستيلا تبكي ، وربما أول مرة .
كانت ضعيفة ، هشة ، بدت لي كفتاةٍ مكسورة رميت كأنها نكرة ، كأنها لا شيء ، مع أن شخصاً مثلها يستطيع أن يكون شيئاً كبيراً .
ستيلا دمرت حياتها كلها لأن حبيبها مات أمامها ، تذكرني قليلاً بأسيل ، لكن أسيل كانت أقوى منها وتجاوزت الأمر .
كانت متناقضة ، ترتفع كثيراً بغرورٍ لا فائدة منه ، وكنت أعلم أن سقوطها سيؤلمها جداً .
وبنفس الوقت تغوص عميقاً في بحر أحزانها ، وكنت أعلم أيضاً أن انتشالها سيكون صعباً جداً !!
وهي بين ذراعي الآن ، تبكي بحرقة ، تتحسر على حياتها ، وعلى كل ما عاشته ، لم أكن أنا قادراً على حمايتها من حدة السقوط ، ولا انتشالها من عمق الحزن .. فقط كنت صامتاً أسمح لصخبها بالظهور قبل أن يفجرها من الداخل .
"لا أريد أن أموت .."
همست وهي تتنفس بسرعة جراء بكائها الشديد ، أأخبرها أن الأمر لن يحصل ؟ لم أستطع الكذب عليها ..
"اهدأي ستيلا .."
"لم تكن حياتي شيئاً يفتخر به ، لا أريد أن أموت ليوناردو .."
"أعلم .. فقط خذي نفساً عميقاً ."
"أريد أن أعتذر من كل شخص بعت له المخدرات ودمرت حياته ، لا أريد الموت ليوناردو .. لا أريد الموت .."
شددت على عناقها أكثر وهسمت لها "أعلم أنك لا تريدين الموت ، أعلم ستيلا ، لكنه القدر .."
"ماذا فعلت في حياتي ؟ لم أنجز شيئاً سوى الخراب ، وسألقى حتفي قريباً ."
ابتعدت عني ونظرت لي بعينيها ذات اللون الأحمر وقالت بجدية "ليوناردو ، قطعت كل المسافات وأتيت إليك لسببٍ واحد ..
لأني أعلم أن كل الأشخاص الذين تعاملت معهم كانوا سيئين جداً ، كانوا يستغلونني وحسب ، لكنك الوحيد الذي أحببتني حقاً ، حين أموت ، أردتك أن تكون موجوداً ، فأنت الوحيد الذي سيهتم لأمري ويصنع لي قبراً .."
"ستيلا .."
قاطعتني وأردفت "أنت الوحيد الذي سيهتم لجسد فتاةٍ ميتة قبل أن تلتهمها الكلاب الضالة ، أنت الوحيد الذي لن تشمت بي ، الذي لن تحزن على أموالك لأني مت ..
أنا لجأت إليك لأني أعلم أنك الوحيد في هذه الحياة الذي أحبني بصدق ..."
To be continued
R.M
أنت تقرأ
Addicted | مدمن
Romanceهي سقطت كورقة خريفٍ ميتة لا يراها أحد ولا يلتفت للونها أحد..! "أحبك بحجم قذارة هذا العالم ." مدمن.. "ليوناردو رادكليف" R.M