برد

787 75 10
                                    


كدتُ أغفو حين طُرق باب نافذتي.
"ادخل, أنا لم أقفلها".

أطل مارك برأسه يؤنبني:"لماذا تتركيها مفتوحة, أخبرتك أن تنتبهي لنفسك ربما يدخل أحد ما".

تنهدت أعتدل بجلستي:"عرفت أنكَ ستأتي".

ابتسم بهدوء :"حسنا, أريد أخبارك بأنني سآخذك لمكان ما غدا".

نهضت بفضول: "إلى أين؟"

لكنه حرك حاجبيه كناية أنه لن يتكلم, رمقته بغيظ لكنه اقترب يسألني فجأة:"هل أنتِ بخير؟ أقصد ما تعرضت له اليوم لم يكن هينا".

-لم يكن كذلك, لكنني ممتنة أنها بخير وكان مجرد مقلب, بالمناسبة, أنا أعتقد أنه فعل هذا لكي يكشفنا, هل تظن ذلك أيضا؟

وافق:"بالطبع, لكني عاجز عن تخمين ما قد تكون خطوته التالية".
زفرت بقلق إذ أن الأمر سيان بالنسبة لي.
في تلك اليلة بقينا نتحدث عن الإحتمالات وعن المخاطر التي قد تواجهنا وماذا سنفعل بالمقابل حتى غلبني النوم, استيقظت وبالطبع لم يكن مارك بالغرفة, لا أدري متى ذهب ولا كيف غفوت وهو هنا...
سألتقي به في قت مبكر بما أن اليوم عطلة, بدأتُ أتجهز وقد بقي مصرا في الأمس على عدم إخباري وجهتنا, لكنه اكتفى بتوصيتي أن أرتدي ثيابا رياضية مريحة.

وقفت وسط تلك الغابة الواسعة والمليئة بالأشجار الضخمة, نظرت له بترقب:"هل نحن في رحلة استكشافية؟"

نفى برأسه بينما أخرج من المقعد الخلفي حقيبة ليست بكبيرة جدا, فتحها مظهرا لي السلاح:"هذا موضوعنا اليوم".

تراجعت أتصنع الخوف :"أتريد قتلي وإخفاء الجثة هنا؟ هل جدك أقنعك أخيرا".

رمقني بملل:"سأعلمك استخدامه".

-لماذا؟

"لا أدري, لتطبخيه ربما". قال باستخفاف يقلب السلاح بيده، لكن أكمل بجدية حين استدرت ذاهبة:"أريد منكِ أن تبقيه معكِ".

وضعت يدي على خصري أرمقه بحاجب مرفوع :"ألست تبالغ؟"

عقد حاجبيه:"بالطبع لا, أنا لا أحثك على القتل لكن عليك حماية نفسك حين تكونين وحدك بالمنزل وأنا بعيد, فدائما ما أكون قلقا مفكرا ماذا ستفعلين لو أتى شخص ما وأنا غير موجود, أبقيه بمكان آمن بمنزلك بحال احتجت له, أنت ترين كيف يصبح الأمر خطرا أكثر يوما بعد يوم".
لا يسعني القول إلا أنه محق, أنا قليلة الحيلة أمامهم حتى لو كنت متقنة لبعض فنون القتال.

بدأ بتعليمي عن مختلف أزراره, كيفية تفريغه من الرصاصات وكيفية ملئها, وطبقت كل هذا أمامه إلى أن بقي الأمر الذي وجدته الأصعب وهو أن أطلق النار, جرب مرة أمامي وكان صوته مدويا, حتى أنني شعرت به يتكرر عدة مرات داخل رأسي, ناوله لي يطلب مني أن أحاول إصابة الشجرة مكان طلقته, ثَبتُّه بيدي أحدد أين سأطلق فأتى من خلفي يحيطني ليمسكه فوق يداي ويهمس:"قوته تجعل كتفك يرتد للخلف, لذلك دعينا نمسكه سويا في التجربة الأولى".
أعاد تثبيته نحو الهدف قبل أن يشجعني حتى أضغط الزناد.
أخذت نفسا عميقا, وكما قال تماما, ما إن ضغط الزناد حتى شعرت به يندفع باتجاه معاكس حتى أنني عدت بجسدي كله للخلف ولكن مارك تلقاني, بينما صوته انتشر بأنحاء الغابة مسببا حالة من الصمت, أو هذا ما تخيلته. أعطاني بعض التعليمات بأن لا أخاف وأنني سأعتاد على التحكم به لكنه جفل حين أطلقت للمرة الثانية فجأة, ثم الثالثة, الرابعة, والأخيرة الخامسة. ضحكت أخفض يداي بإنهاك:"لقد أحببت ذلك".
إنه شيء غريب, كأني أفرغ طاقة غاضبة مني وأرسلها مهب الريح, لا أدري سبب إحساسي هذا, ربما لأنها تجربة جديدة.
ظهرت عليه الدهشة:"ما الذي...". لكنه ابتسم يربت على رأسي كأنني طفلة :"كالعادة, أنت دائما تكسرين توقعاتي... وأحب هذا".

BLODREINA | بلودريناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن