وداع

1.5K 132 0
                                    


رينا نوفمبر ٢٠٢٠:

"اتضح أنني لست بحاجة لمساعدتك". أخبرت مارك الذي اتفقت معه أن نلتقي في موقف منزلهم بعد أنتهائي من الحديث مع جده.
"ماذا تقصدين؟". سألني بملامح مستغربة.
اتسعت ابتسامتي: "أقصد أن جدك وافق برحابة صدر-ولا أنكر تفاجئي بهذا-".
اليوم كنت أنوي وأخيرا التحدث مع جد ميلينا بخصوص قدومها ودراستها في منزلي من غدا وصاعدا ولأنني لم اتوقع أن يكون حديثنا يسيرا، أخبرت مارك بالأمر وبأنني قد أحتاج مساعدته في حال رفض جده، توصلنا في النهاية أن أكلمه أولا وإن لم يقبل سنضع خطة نطبقها لاحقا. وما حدث أنني كلمته لكن وافق ولم نعد بحاجة لخطة.
بدا عليه التفاجؤ: "كيف أقنعته؟!"
رفعت رأسي بغرور:"أولا ألقيت التحية باحترام، ولم أنسَ المقدمات التي يحبها المسنين ثم أخبرته بطلبي متخذة ذريعة أنني بدأت أتعب بالتنقل عدة مرات وبأنني سأكون مرتاحة أكثر إذا درستها بمنزلي، وأنني أعاني من الهيموفيليا وأبي يقلق علي بشدة حين أبقى خارج المنزل، بالإضافة إلى أن السيدة كلارك لا تمانع وما ننتظره هو موافقته، فلم يتركني أتكلم أكثر وقال أنه يقبل بالطبع".
"إذا ربما أنا من عليه أن يطلب المساعدة منك في هذا المنزل وليس العكس". قال ممازحا.
رتبت شعري بتباهي: "لأنني شخص نبيل، بأي لحظة تحتاج فيها لمساعدتي لأكون وسيطة مع جدك، لا تتردد بطلب هذا، لن أردك مخذولا".
عقد حاجبيه بتشوش قبل أن يفهم ما أرمي إليه فأطلق ابتسامة عريضة تحولت لقهقهة صغيرة حين رآني أمشي بتعجرف كأحد الأميرات، كانت ضحكة صادقة، وليست ساخرة أو مزيفة فاستدرت أتصنع الصدمة:"اكتشفت أمرا!".
حول تركيزه لي ولما سأقوله.
همست وكأنني أقول سرا: "إتضح أن بإمكانك الإبتسام، والضحك أيضا! لم أعلم بهذا".
أمال رأسه وعلى وجهه تعابير غريبة: "أنا أيضا، لم أكن أعلم".
إجابته كانت كصفعة أيقظتني.
ماذا قلت للتو؟ يا إلهي ماذا دهاني لأتفوه بهذه الكلمات؟
لا بد أنه يظن أنني غريبة الآن..
استدرت أنظر لكل شيء إلا عينيه، وغادرت بعجلة، سمعته يناديني، إلتفت له فأشار بيده للجهة الأخرى:"السائق ينتظرك من هنا".
"آه، نعم". نقلت نظري للأرض وحولت سيري للجهة المقابلة.
ابتعدت عدة خطوات ثم تذكرت أمرا فاستدرت لأنادي مارك، كان لا يزال يقف بمكانه.
"وداعا". قلت مبتسمة.
قطب حاجبيه: "لماذا تودعيني؟ ما الأمر".
ضحكت على ردات فعله القلقة دائما: "لا شيء، لكن إن كان اليوم آخر يوم آتي به إلى هنا لأُدَرِّس ميلينا، فأعتقد أننا لن نلتقي كثيرا في الأيام القادمة".
أخبرته ما أفكر به بصدق، ففي الفترة الأخيرة كنت أراه كل يوم تقريبا ونتابدل أحاديث مختلفة، كما أننا وصلنا للموت معا ثم نجونا، لذلك أعتقد أننا لم نعد مجرد غرباء.
حين تصبح ميلينا تدرس في منزلي ستكون لقاءاتنا نادرة، إن حدثت... نستحق وداعا لائقا بعد ما مررنا به.
أخفض نظره: "نعم، أنتِ محقة". أخذ نفسا ثم لوح بيده: "وداعا، إنتبهي على نفسك".
لوحت له في المقابل: "حسنا، وأنتَ أيضا ولا تثر المشاكل مع جدك على مائدة الطعام، إنه ليس الوقت المناسب للمشاكل".

BLODREINA | بلودريناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن