رينا نوفمبر 2020
شهقت بفزع للقامة التي تقف على مقربة، رفع يديه: "اهدئي، اهدئي".
"هل أنتَ مجنون؟!" صرخت بمارك الذي يرتدي سترة جلدية سوداء وبنطال أسود ومع طول قامته كان يبدو كالمجرمين في الأفلام.
إثر صراخي ظهر إثنان من خلفه يرتديان شيء مشابه بلون أسود أيضا، أشار مارك لهما فعادا لمكان إختبائهما.
أزال قبعته الرياضية عن رأسه: "لم أقصد إخافتك".
رمقته بغضب: "إذا لم يكن بقصدك وهذا حدث، أتساءل ماذا كنت ستفعل لو كنت تقصد".
ابتسم بخفة ثم نظر حولنا:"أريد التأكد من أمر ما".
نظرت مثله وهمست:"ما هو؟ إن كنتُ سأصاب بسكتة قلبية أم لا".
زفر قبل الاقتراب عدة خطوات ويخبرني بصوت منخفض:"نتوقع تحركا من الأحرار، الوضع خطر قليلا الأن لذا سأبقى هنا بعض الوقت، ربما ساعة أو اثنين فقط".
"أي هنا تقصد؟" استفهمت ليشير للممر بين البنايات.
سألته باستغراب: "ستبقى ساعة في الشارع هناك؟"
هز رأسه موافقا فقلت:"لدي فكرة أفضل".تحدثت بصوت عالٍ لمارك الذي يجلس على الأريكة بينما بدأت بتسخين الطعام:"لا يمكنني الطبخ، لذلك أحضرت شعيرية سريعة التحضير وسأقوم بتسخين الطعام الذي تركه والدي لي لنتقاسمه بيننا".
-لا تزعجي نفسك لا داعي لذلك.
تقدمت نحوه بانزعاج: "لا تزعجني بكلامك أنا أشعر بالكآبة".
قال بنبرة هادئة: "لاحظت ذلك".
تعجبت من كلامه قبل أن أتذكر:"بسبب الرابط؟"
"لا الرابط ينقل المشاعر المفاجئة والقوية كالهلع، إذا فاجأكِ أحد مثلا أو أصابتك سعادة شديدة، ألم شديد هكذا..." شرح.
إذا كيف لاحظ؟ هل يبدو علي الكآبة؟
لحظة! ليس هذه المرة أيضا! لقد نسيت الطعام على النار.
ركضت على المطبخ ألحق بهم قبل أن يحترقوا.وضعت طبق الشعيرية سريعة التحضير أمام مارك وآخر أمامي، أما الطعام الخاص بوالدي فوضعته في المنتصف وسكبت كأسين عصير.
أخبرت مارك أن يأكل ووضعت البعض بفمي فأخذ قطعة من طعام والدي يمضغها، كنت أراقب ملامحه متقصدة لأرى ردة فعله لكنها بقيت طبيعية، استغربت ذلك فسألته: "إنها لذيذة أليس كذلك؟"
أجابني موافقا.
شبكت يداي أمام صدري: "إنه اكتشاف جديد."
رفع نظره لي بحاجبين معقودين فاسترسلت:"لديكَ جانب لطيف، أظهره للآخرين لا تكن أنانيا وتحتفظ به لنفسك".
أكملت طعامي بينما هو بقي متصنما قليلا، هذه المرة تقصدت قول هذا لأنني لاحظت طريقة مارك في إخفاء مشاعره ونواياه عن الآخرين، يُظهر لهم فقط جانبه الغير مبالي والذي قد يظهر أناني وهو في الحقيقة يساعدهم في الخفاء، قد يرى البعض أن هذه الطريقة أفضل لكنها الأسوء، فكم شخص أصبح سيء لأن محيطه يعتقد أنه كذلك، نحن بطريقة ما -شئنا أم أبينا- نصدق ونتبنى ما يُقال عنا في نهاية المطاف، لذلك أعتقد أنه من الصواب أن أوضح له أن شخص ما يلاحظ جانبه الحقيقي.
كم سيصمد وهو يقوم بأفعال جيدة بدون تلقي أي شكر أو ثناء؟ وأحيانا يُلقى عليه اللوم أيضا، هذا كفيل بتحويل أي شخص آخر لمجرم حقيقي.سند رأسه على يده:"ما المناسبة فجأة؟"
أشرت للصحن: "أعلم أن طعمه سيء، لقد احترق قليلا معي لذلك أصبح طعمه سيء، لكنك أخفيت هذا".
تنفست بعمق: "يحدث هذا معي كثيرا حتى بدأت أعتاد نكهة الطعام المحروق، أخبرتك أني لا أنفع للمطبخ، أولا بسبب مرضي أبتعد عن كل شيء له علاقة بالتقطيع والسكاكين، و هذا يزيل عددا كبيرا من الأطباق، وثانيا لأنني فاشلة بهذا المجال، ما إن أضع يدا على طبخة ما حتى تُخرب و كأن ساحرة ألقت لعنة ما علي لكي لا أستطيع الطهو". أنهيت كلامي بضحكة ساخرة أتذكر عدد المرات التي جربت بها تطبيق وصفة كعك ومع أنني أتبع الخطوات بحذافيرها إلا أنه ينتهي بها الأمر في سلة النفايات.
ضحك هو الآخر:"لكنت طهوت لكِ، لكنني لست بحال أفضل منك".
"ليس عليك هذا، فأبي يجلب لي معه الطعام من المطعم الذي يعمل به أو يطهوا لي، إنه طباخ وليس أي طباخ إنه الأفضل، لديه وصفات لا تجدها بأشهر المطاعم العالمية، لكنه لم يحصل على فرصة لإظهار موهبته". انتبهت لصوتي الذي علا بانفعال في نهاية جملتي فحمحمت أضع لقمة في فمي.
"حقا؟" تعجب لأهز رأسي موافقة: "نعم، وهذا كان سبب لقاؤه بوالدتي، فمن بين الأشياء الكثيرة التي ورثتها منها، كان لعنة لطبخ هذه، لهذا كانت تذهب كل يوم عند رجل مسن يمتلك مطعم صغير تأكل عنده بعد إنهاء دراستها وصادف أن أبي يعرف هذا الرجل وكان يذهب أحيانا حين يهرب من المنزل يساعده في المطعم ويمارس هوايته، لفتت أمي إنتباه أبي بكونها زبونة دائمة وبعد أن تعرّف عليها وقع في حبها، وأصبح يطهو لها دائما، وقف الناس والظروف بوجه أمي وأبي لكنهما بقيا متمسكان ببعضهما، توفت أمي منذ تسع سنوات لكن أبي لم ينظر حتى لمرأة أخرى".
أخفض نظره:"أنا آسف..."
قاطعته: "لا تتأسف، أنا أعتز بقصتهما وأرويها كلما سنحت لي الفرصة، إنهما دليل لوجود حب حقيقي في هذه الحياة". أخذت نفسا عميقا مجددا: "على أي حال، لم تخبرني لماذا تتوقعون تحرك من الأحرار وما طبيعة هذا التحرك؟".
بدى وكأنني ذكرته بأمر يغضبه: "اليوم شعرنا بهم يقتلون العديد من البشر ويتغذون على دمائهم، نميز هذا من رائحة الدماء في الهواء تصبح واضحة ونشعر بقوتهم تزداد بسبب العدد الكبير الذي قتلوه و تغذوا على دمهم، في العادة هم يفعلون ذلك استعدادا لهجوم علينا لأن ذلك يقويهم جسديا، لكن الغريب هذه المرة أنهم حتى الآن لم يقوموا بأي هجوم، أتساءل سبب فعلهم لهذا لو كانوا لا يريدون الهجوم".
"و ما شأني أنا؟" فأنا لم أفهم حتى الآن لمَ أتى لهنا ومعه حراس.
-في هذه الحالة يصبحوا الأحرار همجيون، يخطفوا كل من يظهر أمامهم لذلك كان علي التأكد من أنكِ بخير وبأنهم لن يقتربوا من منزلك.
ابتسمت لا إراديا، لفكرة أنه أتى لحمايتي...
"إذا هل زال الخطر؟" استفهمت من مارك الذي نفى:"ربما هم يماطلون عن قصد لكي يشتتونا، لكن لا تقلقي إذا ذهبت سأبقي حراس إلى جانب منزلك".
الحقيقة أنني لم أكن قلقة على نفسي، تذكرت صورة أليكس اليوم حين ذهب مسرعا والقلق بادي عليه، إذا كان الهجوم عليهم فإذًا جميع من في المنزل في خطر، أتمنى من قلبي أن لا يصيبهم أي ضرر...*****
مرحبا جميعا.
قد تجدون البارت ممل اليوم و لكنني كنت مجبرة على القيام به بهذه الطريقة لأوضح عدة أمور و أحضر لأخرى...
رأي؟ نقد؟ توقعات؟ أي تعليق؟
مارك و لطافته ؟ رينا و صراحتها؟ -تضحك بفخر-
البارت القادم فيه مفاجأة جميلة...نلتقي في البارت القادم...♡
أنت تقرأ
BLODREINA | بلودرينا
Fantasyماذا لو اكتشفت أنك لا تدرك شيء عن العالم الذي تعيش فيه؟ وعن البشر المحيطين بك؟ أخبرني ماذا تفعل لأنني ضائعة... "أعلم أنك بائس، مستسلم وأسير سرابٍ من ماضيك، لكني بالرغم من كل هذا أجدك ورقة حياتي الرابحة الوحيدة..." بدأت: 9/5/2020 إنتهت: 31/12/2021 #...