خطوة أقرب

568 57 16
                                    

صدح صوت كعبي في الزقاق الهادئ والخالي. طرقت الباب قبل دخولي بفستاني القصير الأسود, شعري مصفف بترتيب للأعلى وأضع القليل من مساحيق التجميل, ما إن وقعت عيناي على القابع بالداخل كان يبادلني نظرات مندهشة:"ظننت أنني أتوهم في بادئ الأمر".
لقد التقط رائحتي قبل وصولي بالطبع... 

ضحكت أسمح لنفسي بالدخول:"هل هذا يعني أنك كنت تنتظرني".

"في أحلامك". قال يرمقني باستخفاف ثم أكمل:"وما بال هذه الثياب, تبدين مختلفة عن طبيعتك".

جلست أرمي الحقيبة بملل:"عليّ الظهور بمنظر أنيق أمام الشعب, لا أعتقد أنهم سيحبذوا قائدة بهندام المدرسة لكن ما بال عزلتك أنت, هل تستمتع هنا؟ هذه هي البداية التي تكلمت عنها".

زفر بنفاذ صبر:"إني أُعالج هنا, كما هل يمكنكِ أن تمحي ما قلته سابقا من رأسك فحسب, لماذا أنتِ هنا على أي حال؟ ظننت أني ابتعدت ما يكفي كي لا يصل أحد منكم لي".

حركت رأسي بفهم, إنه يعالج نسفه من رغبة التغذي على دماء البشر, ما أعرفه أن تناول ذلك الدواء المماثل لتركيبة الدماء كاف للإحتياجات الجسدية الخاصة بهم لكن من الناحية النفسية فعليه تعلم السيطرة على نفسه إذ أنه سيكون صعبا أمام الدماء البشرية خاصة لمن اعتاد التغذي عليها لفترة طويلة, كأنه يقلع عن التدخين مثلا.
استقمت أتكلم بجدية:"أنا بحاجة لمساعدتك".

وقف بتعبير ساخر:"دعيني أعطي وقفة إحترام لهذه الكلمة, أن أسمع شيء كهذا منك, أليس غريب؟"

"إنه جدي".

عاد يجلس بتعبير غير مبالي:"كلي آذان صاغية".
حكيت له عن كل ما حدث مع تلك المجموعة, كان مصدوما أن البشر استطاعوا الوصول وأذية مصاصي الدماء, لقد لاحظت أنه يستخف بنا دائما, ما السبب؟ ألم أكن له درسا كافيا؟
كانت مجموعة الأحرار التابعة لميرفي الأكثر احتكاكا بالبشر حيث راقبوهم للتغذي عليهم دون إثارة شبهات, لذلك أردت سؤاله إن كان يدري بأي معلومات عن الأشخاص الذين هاجمونا أو أن يساعدنا في التحري عنهم.
بدى أنه يفكر:"لقد لاحظَ أحد حراسي مرة وجود السلاح القاتل لنا مع أحد البشر الذي كان يتغذى عليه, هذا فقط وبالحكم على تلك الحادثة, إنهم مجرد أغبياء فهو لم يستطع الدفاع عن نفسه رغم إمتلاكه السلاح".

"أو أنه لم يفعل ذلك عمدا, هم راقبوا مصاصي الدماء ودفعوا نفسهم بالقرب منهم لجمع المعلومات". أجبت بشرود, أصبحت أتوقع أي شيء بعد معرفة حقيقة حبيب راشيل الذي تقرب منها عمدا, لا يمكننا الإستهانة بهم فلو كانوا خوّافين لما عاشرها تلك المدة عالما بهويتها.

رفع كتفيه بسخرية:"إنكِ تعطيهم أكثر مما يستحقون, لماذا تحتاجين مساعدة, لديك جيش كامل, ما الذي أملكه أنا؟ لا شيء, يمكن للجنود إنهاء أمرهم بغمضة عين".

"هذا بالتحديد سببي, لا أستطيع نشر خبرهم للعامة بعد, إن تملك الشعب الغضب وتحرك بشكل عشوائي بغية الإنتقام سينتج عدد ضحايا لا يحصى من الطرفين, كما سيُكشف عن سركم للعلن وهذا أكثر ما لا نحبذه في هذه اللحظة, نحن نخطط الآن مع مجموعتنا, إنهم موثوقون لكن عددهم قليل, نحتاج المزيد من الأشخاص كي ننفذ خطة هجوم مدروسة وننقذ الرهائن, خطرتَ أنت لي كونك معتاد على التعامل مع هذا النوع من الأمور, لقد أخفيت عددا لا بأس به من البشر دون أن ينطق أحدهم بكلمة وبالطبع أنت تملك بعض الحراس المخلصين الذي سيلبون نداءك".
أفصحت بسبب واحتفظت بالآخر فأنا تقصدت طلب العون منه, ربما هو ومارك يحتاجون فرصة للعمل سويا, قد يشكل هذا نقطة فارقة في مصير علاقتهم, لا يمكن أن يبقوا بهذه الحال.
نهضتُ تاركة ورقة أمامه تحمل موعد ومكان الإجتماع العاجل الذي سوف نعقده مع مجموعتنا لنقرر خطتنا نهائيا:"القرار لك".

BLODREINA | بلودريناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن