قبل أربعة أيام...
الدموع اختلطت بصفحات دفتري وكالعادة, أمي لم تخذلني يوما حين أطلب مساعتدتها فأثناء كتابتي خطرت لي فكرة أنقذت جزء من مخاوفي...
في اليوم التالي, حين كذبت على مارك أنني أريد قضاء الوقت مع والدي وحدنا, همست بأذنه حين عانقته:"تعال لمنزلي في المساء".
بدت على معالمه الارتباك لكنه مدرك بالفعل أني لست بخير لذلك فهم رسالتي وأكمل المشهد التمثيلي معي دون طلب توضيح.خيمت الخيوط السوداء على السماء رافقها مارك مطلا برأسه من نافذتي, كنت أنتظر دخوله فأشرت مسرعة أضع اصبعي على فمي كناية أن لا يتكلم شيء, التزم الصمت ونظر حوله بعدم فهم, بينما تحدثت بطبيعية أسأله عن حاله وعن سبب قدومه, أغلقت النافذة وأسدلت الستارة, لا بد أن حراس ميرفي يراقبونا, لا أهتم إن علم بقدوم مارك فهو من طلب أن أتصرف بطبيعية معه لكني لا أريد أن يروا ما سأفعل.
فتحت دفتري على صفحة كنت قد حضرتها سابقا بتدوين كل ما حدث بيني وبين ميرفي بالتفصيل عليها, تتضمن أننا محاصرون بجواسيسه ولا أستبعد أن تكون لديه طريقة للتنصت على هاتفي لذلك أخبره بكل شيء كتابة لذلك ليس عليه إصدار أي حركة تفضح أنه أصبح على علم بالأمر.
بدت علامات الصدمة الشديدة على وجهه, كان على وشك التكلم غاضبا فوضعت يدي على فمه بسرعة, شد قبضته مغمضا عيناه بقوة, أخذت القلم أكتب على صفحة جديدة:"علينا وضع خطة".
حرك رأسه للجهتين عدة مرات نافيا, تناوله من يدي يدون أيضا:"أي خطة! ليس علينا فعل شيء حياة والدك بخطر".
وضعت يدي على خصري أرمقه بغيظ, إنه لا ينتظر مني أن أنفذ ما يمليه عليّ ميرفي كالطفلة المطيعة, لا أريد تعريض أبي للخطر أيضا ولذلك أطلب خطة.
نتج عن مناقشتنا الكتابية هذه قرار بأن نتحدث بشأن هذه المسألة في مكان لن يخطر على بال ميرفي, وهو حمام مدرستنا حيث سيأتي مارك، نتأكد أن لا أحد يتبعنا أو قريب منا وهواتفنا لن تكون معنا.
هذا ما حصل, التقينا كما حددنا, كنت بالفعل فكرت بخطة ما, سألته عن الجواسيس الذين نستطيع وضعهم بين حرس ميرفي, نملك إثنان بالفعل في صفوفه هم ليسوا داخل منزله لكن إن بدلناهم بين إثنان آخرين في الداخل غير القريبين منه لن يشعر بشيء وسيظن أنها مجرد مناوبة, لذلك سنؤمن لهم دماء بشرية لتكون رائحتهم كالأحرار, سيبقوا منسلين إلى أن يمتلكوا الفرصة لتهريب والدي.
"أو يمكننا استعمال شيء آخر, صفي لي مداخل المنزل والوضع الذي يوجد به والدك, أنقلي الصورة بالتفصيل". طلب مارك وشعرت أن شيء ما خطر له.
حاولت رسم ما طلبه مني وأنا أشرح كي تتضح له الصورة, هز رأسه بشرود:"أتذكرين الرجل القديم الذي حاول تهديدك بسكين, أخبرتك حينها أنه من الأحرار بسبب رائحته, ثم تبين أنه من جنود جدي, تابعت الأمر لأعرف إن كان جنوده يتغذون على الدماء البشرية, لكنه كان تجربة دواء جديد توصل له علماؤنا, يمكنه جعل رائحتنا هكذا بمجرد دمجه مع قطرات من دماء أحدكم, وهدف هذا العقار إمكانية وضع جواسيس بينهم, شعرت بها ذلك الحين غريبة لكن لم يخطر لي أنها مزيفة, إحذري النسخة الجديدة منه ما الذي بإمكانها فعله؟"
انتظرت بترقب فاسترسل:"يمكنها جعل رائحة مصاص دماء كأنه بشري, تدوم لساعات فقط لكنها ذات نفع حقيقي, الوحيدون القادرين على تمييزها عن الحقيقية هم أنا وجدي, صنعها علماؤنا حتى نتمكن من التسلل برائحة دماء بشرية ونجذب الأحرار فنلقي القبض عليهم, لكن أعتقد أنها ستفيدنا الآن بشيء آخر".
شهقت بدهشة حين استوعبت قصده, وها هي الخطة النهائية, بعدما يتمكن جواسيسنا من أخذ أماكن بالداخل, سيحاولنا القيام بأي حركة تشتت النظر ثم يبدلون أبي بجسد آخر بعد حقن هذا الشخص بالعقار الممزوج بدماء والدي ليصبحوا نفس الرائحة وحقن أبي لجعل رائحته كالأحرار, أما أنا سأكمل العرض المسرحي حيث سأذهب كل يوم الإطمئنان على بديل والدي كأنه هو، ومع مارك الذي سيبقى يسألني بعض الأشياء أمام الكثير من الأشخاص وأجيبه بكذبات أختلقها عن قصد, بهذه الطريقة سيشعر ميرفي بأن كل شيء يسير وفق الخطة حين ينقلون جواسيسه ما يرون.
نعم, حادثة الحريق تلك كانت مفتعلة لكن في المطبخ وبطريقة مدروسة لدرجة أنهم ظنوه مجرد حادثا, ذهابي للإطمئنان على والدي أو في الحقيقة على بديله كان مقصودا, حيث أن الحارس الوحيد أمام غرفته كان في الحقيقة أحد التابعين لنا وكان ذلك مشهد تمثيلي آخر الغرض منها أن أتأكد أن عملية التبديل تمت بنجاح أثناء إنشغال الآخرين في الحريق, دخلت وكان جسد شخص آخر قابعا في الغرفة بنفس ملابس والدي والكيس على رأسه الذي طلبت إبقاؤه لهذا السبب بالتحديد, ذلك الشخص كان من مجموعتنا يمتلك مواصفات شبيهة لجسد والدي وقد قبل أن يتبادل معه لأنه بحكم كونه مصاص دماء سيتمكن من الدفاع عن نفسه والهرب في أسوأ الحالات وهي اكتشاف أمرنا.
المشكلتان التان كانتا مصدر خوف مارك أن لا يستطيع جواسيس مجموعتنا تنفيذ عملية الاستبدال, وهذا ما كنت أهابه أيضا وليس لدي أي طريقة لتجنبه, أما الأخرى فهي اكتشاف ميرفي للشخص الآخر الموجود في الغرفة لاحقا لكنها لم تقلقني شخصيا, في هذه الحال سيكون أبي بصحبة مارك آمنا وأدرك أن ميرفي لن يؤذيني حتى لو اكتشف خيانتي وأنا بمنتصف منزله, هو في النهاية عاجز عن ذلك لأنه يحتاج مساعدتي.
طلبت منه أن لا يخبر أي شخص ٱخر غير المعنيين بتنفيذ المهمة إلى حين يصبح والدي خارجا بمأمن, عندها يمكنه إدخال أشخاص آخرين, أمال برأسه بشك:"حتى أليكس؟"
فأشرت له نعم بحزن.
تنهد شاردا وبمجر تأملي لوجهه أدركت ما يجول بخاطره، رفعت سبابتي بوجهه:"أنتَ، أبعد تلك الأفكار من رأسك، لا شيء مما نمر به بسببك، إنها أفعال جدك وميرفي، كما أني أتعرض لهذه المواقف لأنني القائدة وقد ولدت بهذه الدماء، ليس لك علاقة بالأمر".
أنت تقرأ
BLODREINA | بلودرينا
Fantasyماذا لو اكتشفت أنك لا تدرك شيء عن العالم الذي تعيش فيه؟ وعن البشر المحيطين بك؟ أخبرني ماذا تفعل لأنني ضائعة... "أعلم أنك بائس، مستسلم وأسير سرابٍ من ماضيك، لكني بالرغم من كل هذا أجدك ورقة حياتي الرابحة الوحيدة..." بدأت: 9/5/2020 إنتهت: 31/12/2021 #...