مصير

571 65 10
                                    

مارك كانون الثاني ٢٠٢١

بعد حادثة والد رينا والحالة التي دخلت بها كانت العديد من الأفكار تهاجمني، شعرت بالذنب لرؤية إشراق رينا الذي أحبه ينطفئ، كان هذا خوفي من البداية، أن تتلوث يديها بما غرقنا فيه، لكن طلب والدها العون مني شخصيا لإخراجها من هذه الحالة جعلني أشعر بشيء لم أعتد عليه بعد، لدي دور مهم حولها، مسؤوليتي أن أقف بجانبها وإمساك يدها بدل الجلوس بحسرة. 
الغريب أن هذه العثرة أشعرتني أني أكثر قربا من رينا ومن والدها أيضا.
الآن أنا أجلس بجانبها على الطاولة التي أعد أغراضها والدها، عند رؤية مديرها تذكرت ذلك الحديث مع جدي، بعد أن علمت بماضي رينا وما عانته ذهبت واقتحمت مكتبه أسأله عن السبب الذي منعه من تقديم يد العون لهم بطريقة ما فأنا متأكد أنه كان يبقي عينا عليها منذ صغرها يحرص على سلامتها، أجابني حينها بما أثار دهشتي:"ماذا تتوقع أن تكون ردة فعلها حين تكبر وتعرف حقيقة كل شيء وتتوصل أننا قدمنا مساعدة مالية لها في صغرها؟ هل رينا التي تعرفها ستكون راضية بذلك؟"

"لكنها القائدة، أي أن مالنا هو مالها، ربما كان سيساعد في شفاء والدتها أو على الأقل بقائها على قيد الحياة فترة أطول". اعترضت رغم يقيني أنه محق، رينا لن تحبذ ذلك أبدا.

حرك رأسه نافيا:"إنه قدرها وكانت ستعيشه مهما فعلنا، شخصية رينا التي تراها اليوم وتحبها نتيجة كل تلك التجارب التي قاستها، أتريد أن تعلم شيء صادم ٱخر؟ رغم كونها القائدة أنا لم أستعمل نفوذي حتى ترتاد المدرسة التي نستولي عليها بل فقط رشحت اسمها بين العديد ووقع إختيار المدير عليها تلقائيا نسبة لعلاماتها، مصيركم أن تلتقوا وأنا فقط وثقت بقوة رابطتكم".
رمقته بشك ورحلت أضرب الباب بقوة ورائي لكني في نقطة ما في داخلي أدركت أن كلامه ليس خاطئ، إنها فكرة غريبة أن أظن ماركوس محق بشيء، ليتني عرفت رينا منذ كنا صغارا...  
لم أخبرها بأي من حديثنا هذا، إقتصرت على أن مديرها من شعبنا.
رمقت الأغراض الموضوعة على الطاولة المقابلة لنا، وقعت عيناي على شيء لطيف وعزمت على شرائه رغم ترددي، لا أدري إذا كان سيعجب رينا، استدرت أخبرها أني سأذهب لوقت قليل لكني لم أجدها جانبي، بحثت عنها بعيناي على الفور، كانت متجهة لإحدى الطاولات، هل تريد شراء شيء ما؟
بالمناسبة، إنها وأصدقاء صفها يرتدون زيا موحدا مخصص بأيامهم الأخيرة، والتنورة الخاصة به قصيرة حقا، لا أشعر بالإرتياح وهي ترتدي شيء كهذا أمام الآخرين لكني امتنعت عن إخبارها فأعلم أن هذا كالتقاليد المهمة بالنسبة لطلاب السنة الأخيرة، لا أريد إزعاجها كما قد تفهمني بصورة خاطئة.
بقيت أشاهدها من بعيد، لماذا أشعر بأن شيء ما خاطئ؟
فجأة رأيت ما جعل كل جسدي يرتجف بغضب، لا أدري من هذا الرجل لكنه يتجرأ ويلمسها بطريقة غير لائقة، كورت قبضتي وتماسكت حتى أتحرك بصورة طبيعية وليس بسرعتنا التي تثير الشبهات، أقسم أني سوف أسحق أصابعه ثم معصمه بأكمله، فقط دعني أسحبه للخارج أولا.
تجمدت بمكاني وبلحظة تطاير جزء كبير من غضبي عندما أمسكت رينا بيده وأدارتها حتى أصبح عاجزا عن تحريكها، صرخ بها:"هل أنتِ مجنونة؟"
شدت عليه أكثر فتأوه وقد أصبح متكورا على بعضه في محاولة للتخلص منها:"ربما، خاصة مع الحثالة مثلك،ج أخبرني بأي قرن نحن الآن؟ كل هذا التطور وما زلت تظن أنه بإمكانك لمس فتاة وفعل ما تريد دون إذن؟ ماذا؟ هل تشعر بالخجل كونك تتعرض للضرب من فتاة بعمر ابنتك لكنك لم تخجل من نفسك عندما تحرشت بفتاة أخرى بنفس السن؟ هل تعتقد أنه لا بأس بهذه الأفعال طالما أنك تمتلك بعض النفوذ؟"
شقت ابتسامة غير إرادية وجهي، إنه غير قادر على مقاومته، أخبرتني سابقا أن والدها جعلها تتعلم فنون الدفاع عن النفس، كان خائفا عليها لأنها تمضي أكثر وقتها وحدها بعد وفاة والدتها لكني لم أرى ذلك قط، موقفا كهذا لا يتطلب مهارة فحسب، بل الجرأة، وهنا أتكلم عن رينا التي جابهت مصاصي الدماء باستخفاف، أراهن أنه مثل لعبة بالنسبة لها، أشعر بنوع من الفخر الشديد وأجهل سببه.
تجمع العديد من الأشخاص حولهم إثر الصراخ الذي ملأ المكان بينما شق المدير وبعض المعلمين طريقه نحوهم بسرعة يبعدها عنه، بدأ يؤنب رينا بسرعة مما أثار غضبي أكثر، وقفت حائلا بينهما أواجه نظراته.
"إنه متحرش، ماذا تنتظر منها أن تفعل معه؟ بل السؤال هنا هو ما الذي ستفعله أنتَ معه وهو يتصرف بهذه القذارة داخل مدرستك؟ فأولويتك هنا كمدير حماية الطلاب والحرص على سلامتهم ليس إقامة علاقات دبلوماسية مع حثالة". تكلمت بنبرة جدية ممرا تهديدا مبطنا له، لم نمنحه هذا المنصب ونأمنه على الطلاب ليتصرف بهذا النحو.
عندها بدّل المدير نظره نحو الآخر الذي كان يرمقنا باستنكار كأنه سيعترض.
"إذا قمتَ بشيء كهذا فسيكون علينا إتخاذ إجراءات بحقك".

"أوافقك الرأي". أجبت المدير ثم همست لرينا:"سأذهب لأتحدث مع الحقير على إنفراد قليلا، لا تبتعدي عن أليكس وكارين إلى أن أعود".
بقيت تحدق بي بعدم فهم وتملكتني رغبة شديدة في عناقها، نظرتها هذه لطيفة جدا لكن هناك شيء أهم الآن.
أمسكته من كتفه أجره للخارج إلى أن وصلت لأقرب منطقة خالية، رميت بجسده فحدق بي مرعوبا:"ما الذي تريديه مني؟"

انحنيت أمامه بابتسامة:"أريد أن أسألك شيء واحد فقط".
رمقني بانتظار فاسترسلت:"لكم من الفتيات قمت بهذه الأفعال الشنيعة, هل تذكر عددهم؟"

اتسعت عيناه بفزع:"أنا لم أفعل شيء، تلك الفتاة تكذب كنت فقط أخبرها أن تبتعد عن طريقي فاختلقت هذه..."
لم أستطع سماع الباقي من جملته فقد لكمت وجهه بقوة، سألته عن شيء ما بوضوح لماذا عليه أن يأتي بسيرة رينا على لسانه القذر، وماذا؟ هي تكذب؟ فليتحمل عواقب أقواله...

للأسف انتهى الأمر بفقدان هذا الرجل لأحد أسنانه فقد تشبث بكذباته قليلا، عندها أفصح عن قصصه المقرفة بكل صدق، حينها كسرت يديه لكن هذا ليس كفيلا لاسترداد حق الفتيات وهنا كانت فائدة المقطع الذي صورته سرا، سأدخل هذا الرجل بيدي للسجن وإن لم تتكفل الشرطة بذلك سأجزه بمكان آخر تابع لنا، وهو أكثر متعة بالطبع.
إنتهيت منه ويمكنني الٱن العودة لرينا مرتاح البال.

*****

رأيكم؟
نقد؟
مارك الحلو؟

لا تنسوا إضاءة نجمة في عالمي
وذكر شيء تؤجرون عليه.

نلتقي في البارت القادم...
كل الحب

BLODREINA | بلودريناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن