زمن بعيد

826 77 6
                                    

نقل مارك نظره بيننا بحاجب مرفوع لكنه في النهاية استدار قائلا أنه سيذهب.
"تكلم". طلبت من أليكس الذي يقف مطأطأ الرأس.

أرجع شعره عن عينيه:"لنذهب للمكتبة، لا أريد أن يسمعنا أحدا ما".

كان يجلس أمامي والإرتباك بادي عليه، أخيرا قرر الإفصاح عن ما بداخله:"حسنا، أنا لاحظت الأمر على نفسي منذ فترة طويلة لكني كنت أحاول تجاهل وركن تلك المشاعر بآخر زاوية من عقلي مقنعا نفسي أنها مجرد تراهات، لكن الآن لم أعد أستطع التحكم بالأمر، وخاصة حين طلبت مني البقاء حول كارين لحمايتها، إني حقا معجبا بها، وربما أكثر من ذلك".

أمسكت رأسي بإنهاك حيث قال ما كنت خائفة منه.
"لقد أدركت هذا بالفعل، وكنت خائفة من اليوم الذي ستأتي به هذه اللحظة، إني أعي كل مخاوفك وأملك مثلها، لذلك لا أعرف بما علي أن أنصحك..."

قاطعني بدهشة:"كنت تعرفين! كيف اكتشفت ذلك؟ أكنت أظهره بوضوح؟" 

صوتا آخر أجاب عوضا عني:"لا تسأل هذا لرينا، هذا إختصاصها، كانت تكشف أسراري واحدا تلو الآخر ككتاب مفتوح، حتى أنها اكتشفت سرنا كأنه ليس سر".

استدرنا برأسينا نحو مارك بدهشة فابتسم بجانبية :"في الحقيقة، لم أمنع نفسي من التنصت، إنك تكلم شريكتي بموضوع مهم، هذا يثير فضولي".

رمقته بغضب فرفع يديه ضاحكا:"أمزح، لقد كنت هنا قبلكم بالفعل لكن حين أتى أليكس ظننت أنه لاحظ وجودي ومع ذلك دخل، فاستنتجت أنه ربما لا بأس لي بالبقاء".

"لم أنتبه لرائحتك أبدا". نبس أليكس يسند رأسه على كف يده:"لكن نعم لا مشكلة بوجودك، لا أعلم لماذا ذهبت في الأساس".

تبادلت نظرة ذات معنى مع مارك:"يبدو أنه منغمس جدا بالتفكير بأمر آخر".

وافق بحماس:"بالطبع، فقد اعترف للتو أنه واقع لفتاة".

تذكرت فجأة أني أمزح وأصنع من الأمر الذي يرعبني نكتة، أنزلت رأسي لأسنده على الطاولة بحيرة لكن يد مارك أتت حائلا بيني وبين الطاولة حتى أضع جبهتي عليها فابتسمت بامتنان.
فكرت أنه علي إيضاح سبب قلقي له و لأليكس على الرغم من إعتقادي أنهم يدركون بالفعل.
"كما تعلمون، نحن الٱن ببداية طريقنا لكفاح سياسة ماركوس وحماية البشر من الأحرار، بالتالي لسنا بالقوة الكافية لحماية من نريد وهذا من الأسباب التي تجعلني أخفي حقيقتكم عن كارين، لذلك أنا الٱن في حالة لا يمكننا بها إتخاذ موقف محدد، لا يمكنني تشجيع أليكس على الذهاب والتقدم في علاقته معها فهذا محموم بالخطورة، من جهة أخرى لا أستطيع إقناعك بإخفاء مشاعرك والإبتعاد عنها لأنها ربما لو كانت تعلم بالقصة كاملة كانت ستختار الطريق الخطر والبقاء بجانبك، الخلاصة أنني لست من يمكنه أخذ قرار كهذا يمكنه التأثير على مصير حياتها لكن فقط يمكنني القول أني أحفل بحياة كارين أكثر من خاصتي وسأشجع أي قرار تأخذه".
وجدت عينا مارك وقد غلفهما حزن غامض، ربما هي ذكرى صديقه القديم أو الحالة التي يعيشها قومه خائفين حتى من مشاعرهم.
عكس توقعاتي، ابتسم أليكس:"شكرا لصدقك معي، لقد إتخذت قراري، أولا، لا أستطيع محاولة بناء علاقة بيننا دون إخبارها بحقيقتي، وإلا سأكون غامضا دائما أمامها وهناك جزء مني لن تفهمه إذا كنت سأخفي طبيعتي، لذلك سأنتظر اليوم الذي أتأكد به بأن مجموعتنا أصبحت قوية بما يكفي، سأخبرها من أنا دون خوف وسيكون القرار بيدها، ومهما كان هذا القرار هي لن تتعرض للخطر، أنا أثق بكم وبأنكم ستجعلون يوما كهذا يأتي".

BLODREINA | بلودريناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن