ذكريات حزينة

722 74 9
                                    

"رينا صغيرتي، أو أنكِ لم تعودي كذلك، لقد كبرت بسرعة أيتها الشقية". قالت بحنان مصتنع تمد يدها للمس وجهي فعدت للخلف تلقائيا أتجنبها.
رَتَبَت شعرها تحاول إبتلاع الإهانة التي شعرَت بها ثم شقت المنزل بعنفوان رغم عدم طلبي منها الدخول، جلست تضع قدما فوق الأخرى وعيناها تجول في المكان كأنه ليس بقيمتها. ثيابها ومساحيق التجميل التي تضعها تجعلها تبدو أصغر بعشرة سنين من عمرها الحقيقي.

بقيت واقفة وسألتها بجدية:"ما الذي أتى بكِ؟"

-عزيزتي، لا أصدق كيف تسأليني هذا، ألا يحق لي القدوم ورؤية إبني وحفيدتي.

تشنج فكي في محاولة مني للبقاء هادئة، بدلا من التقدم وكسر كعبها هذا فوق رأسها علها تتوقف عن التصنع وتخبرني بهدفها الحقيقي.
"وهل أصبحنا كذلك فجأة؟ أم أن ذاكرتك المفقودة عادت  تخبركِ أنكِ تمتلكين إبنا وحفيدة". حاولتُ تقليد نبرتها المثيرة للأعصاب.

ميزت الغضب الذي اعتلاها، لكنها بقيت تتكلم بنفس الوتيرة:"أليس عليكِ إحترام الأكبر سنا وخاصة جدتك؟ لا أعتقد أن والدك سيقبل بهذا أيضا".

قهقهت بصوت عالي:"هل تظنين بأن والدي كان سيقبل بجلوسك هنا في الأصل".

زفرَت بنفاذ صبر:"ألا زلتِ تحملين ضغينة من الماضي؟ تعلمين أنه كان سوء فهم..."

جملتها أشعلت كل خلية بجسدي وجعلتني أفقد السيطرة القليلة التي كنت أضبط بها أعصابي.
"ما الذي تتفوهين به بحق الجحيم؟ سوء فهم! إن كان كذلك فلا تظني أنه تم حله، ولن يتم ذلك أبدا، هل تفهين ما أقول؟ إن أموالك لن تستر على أفعالك الشنيعة، ألا تستوعبين أن كل من حولك يكره تصرفاتك". صرخت إلى أن شعرت بحنجرتي تنكزني، فقفزت من مكاني كالمجنونة أحمل تلك الأكياس التي أحضرتها وأرميها خارج المنزل:"إرحلي ما دمت أسيطر على نفسي".

كانت تشاهدني بأعين متسعة إلى أن انتهيت، حمحمَتْ تلملم نفسها واقفة:"لدي عرض لكِ، سمعت بأن علاماتكِ جيدة وأنك فتاة ذكية، يمكنني إدخالك لجامعة مشهورة، تعليمك وتدريبك لتصبحي قادرة على تولي منصب في شركتنا".

لم أنبس ببنت شفة، كنت لدقائق غارقة أحاول معرفة ما الذي تنويه هذه المرأة، لكني تذكرت أمرا وضح لي الصورة كلها فضحكت بسخرية:"أرى أنك بائسة لدرجة لم يبقى لديك حل غيري، لكن عرضك هذا وكل ما يأتي منك أرفضه، لو كنت أغرق ويدك هي الوحيدة الممدودة لي، سأفضل الموت وبكل سرور".
أشرت لها نحو الباب مرة أخرى، حملت حقيبتها تذهب متمتمة بكلام لم ألقي بالا لأعرف ما هو.

أغلقت الباب وراءها وألقيت نفسي على الأريكة بإنهاك غير مصدقة ما حدث للتو.
صوت ناداني برفق، رفعت نظري نحو مارك:"أما زلتَ هنا".
كنت قد نسيت وجوده بسبب ما حصل.
-آسف لأنني سمعت هذا، لم أرد التطفل لكني لم أرغب بتركك وأنتِ بهذه الحال.

BLODREINA | بلودريناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن