الفصل الثاني "جمرات ! "

17.3K 743 28
                                    

دارت "سديم" داخل تلك الغرفة الهادئة بذلك المنزل الأنيق ، تراقب الأثاث و التحف الصغيرة بفتور واضح ثم أطلقت أنفاسها بإرهاق و توجهت إلى الزجاج الذي يطل على الحديقة و شردت بماضيها حيث اجتماعها بعائلتها في الماضي منذ عشرة أعوام !

دمعت عيناها حين مر على عقلها الآن والدها و وصاياه و أحاديثه الشيقة ، ذكرى جميلة أعاد شعورها بها اليوم "عاصم" دون قصد  ، لكنها دنست طهارتها و قُضي الأمر !

Flash back ...

جلست "سديم" في منزل خالها بجانب والدتها "نبيلة" تستمع إليه يقول مبتسمًا :

- ماشاء الله يا نبيلة ! بنتك كبرت و احلوت أوي !

ابتسمت نبيلة بتكلف و قالت :

- آه سديم ماشاء الله عليها و شاطرة و ذكية يعني مش هتغلبك !

هز رأسه بالإيجاب و قال بلطف :

- قاعدة مكسوفة كدا ليه ياسديم دا أنتِ في بيت خالك ياحبيبتي ! تعالى جنبي هنا !

تسمرت بمحلها لحظات قبل أن تستقيم واقفة بابتسامة صغيرة زينت ثغرها بعد إشارة من عيني والدتها  ، توجهت "سديم" إليه و جاورته بمجلسه ليُحيط "سامح" كتفيها بذراعه قائلًا :

- أنا زي بابا ياسديم اوعي تتكسفي تطلبي مني أي حاجه في يوم من الأيام ، أنا ربنا مرزقنيش بعيال آه ، بس أنتِ مولودة على ايدي و زي بنتي ، الله يسامح اللي فرقنا بقاا !

ألقى نظرة عتاب تجاه والدتها "نبيلة" التي علقت بحزن قائلة :

- أهو ربنا جمعنا تاني ياسامح ، و إحنا اللي محتاجينك اهو !

عقد حاجبيه و أردف بخشونة :

- محتاجة دا إيه يانبيلة ! دا أنتِ وبنتك فوق راسي و حتى جوزك اللي مش بيطيقني عنيا ليه وقت الزنقة !

اغضبها حديثه عن والدها و ازداد غضبها حين صمتت والدتها و رسمت تلك البسمة المنكسرة فوق شفتيها ، تعرف تلك البسمة عن ظهر قلب ، منذ حادثه والدها و فقدانه البصر و الحركة و جلوسه فوق مقعد متحرك و لم تفارق تلك البسمة محياهما وكأن كل واحدة منها تخادع الأخرى بصمود واهي !

لاحظ "سامح" شرود "سديم" و نظراتها الغاضبة اللوامة الموجهة ناحية أمها و كأنها تعاتبها بصمت على أقوال الرجل المجاور لها و الذي عرفت أنه خالها منذ ساعات قليلة و من الواضح أن والدها على خلاف معه !

كسر "سامح " الصمت و قال بضحكة خفيفة :

- انتوا بقا هتتغدوا الأول و بعد كدا نتفاهم !

صاحت فجأة "نبيلة" بتوتر :

- لا لااا غدا إيه احنا مش عايزين نأخر على أسامة و نيرة أنت عارف ظروفه دلوقت و نيرة صغيرة مش هتعرف تقعد معاه أكتر من كدا !

أغلال الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن