مر شهر ونصف ولازالت تتجنبه بطريقة غريبة منذ تلك الليلة التي تركته بها بين ظلمات الظنون والشكوك و بالرغم من ذلك هو لا يصدق أنه شديد التناقض إلى هذا الحد يلازمه الهدوء و السكينة بحضرتها و في ذات التوقيت النظرة داخل متاهة عينيها تكاد تدفعه إلى الجنون من فرط تشابك الأحاديث الصامتة داخلها !
لاحت بسمة صغيرة فوق شفتيه حين تجسد أمام عينيه الآن تصرفاتها هادئة و جلستها أغلب الوقت مع عمه و ابنته الصغيرة "نورهان" التي أصبحت مسحورة بها و تعلقت بها بشكل مريب و بالرغم أنها لا تحاول العبث معه لكنه لا يمنع حاله من محاولات صغيرة بغرض مشاكستها و إثارة غضبها بالحديث أمام الجميع و هذا أيضًا أصبحت تتجاهله حين أدركت أنه يتعمده ولكن سؤال الجدة ليلة أمس بعد رؤيتها إياه أخيرًا بصحة جيدة يدور داخل عقله حيث قالت ببسمة ماكرة :
- حمدلله على السلامة ياآسر ، مشوفتش سديم من الصبح بسأل عليها مش موجودة !
نظر إليها عاقدًا حاجبيه و أجاب بدهشة وهو يبحث بعينيه عن أثرها خلف زجاج غرفتها : لا مشوفتهاش ، بس مش موجودة إزاي يعني ! سألتي عمي عليها ؟!!
ابتسمت له و قالت بهدوء : اهدى ياحبيبي اتخضيت كدا ليه ، هي أكيد مش هتهرب مننا ، كنت فاكراها عدت عليك الصبح ولا هي لسه بتتجنبك ؟
عقد حاجبيه و استقام واقفًا يقول باقتضاب :
- لأ مش بتتجنب ولا حاجه كل الحكاية إنك عارفاني مش بتكلم غير في شغل معاها و هي أكيد زهقت !
ابتسمت له بلطف ثم همست بحزن : عندك حق أنا عارفاك !
ألقى نظرة خاطفة عليها ثم انصرف من أمامها و الآن تذكر الحديث و النظرات !!! ما الذي تقصده الجدة بالتحديد !!!!
وقف فجأة حين خطر على باله أنها أصبحت شديدة القرب لها ، إنها "سديم" غريبة الأطوار هل يمكن أن تتبادل معها الحديث بشأنه ؟ جدته ليست ساذجة و من الممكن أن تكشف ما يدور حولها بأي لحظة !!!!!
أسرع يخرج من مكتبه و يتجه إلى غرفة مكتبها ثم فتح الباب فجأة لكنه وجد المكان فارغ و هذا ما أشعل النيران بشكل كبير داخله و قال بغضب :
- أكيد عند سليم !!
و بالفعل سار بخطوات غاضبة وكأنه يأكل الأرض حيث تراقص الإنفعال الشديد على ملامحه إلى أن وقف أمام غرفة ابن العم متجاهلًا المساعدة التي كادت تتحدث معه وفتح الباب فجأة ليتصاعد غضبه و يتضاعف حين وجدها تضحك بقوة و ابن عمه "سليم" يحاول تثبيت وجهها و بسمة مشرقة تتراقص فوق شفتيه مسلطًا عينيه على عنقها من الجهة اليمني ، عقد حاجبيه وواصل سيره إليهم ينظر إلى يديه و قد وجد أنامله تعبث عند طرف أذنها و يده الأخرى يضعها أسفل ذقنها يحاول تثبيتها و هي تقبض على يده بقوة وتعض شفتيها ولازالت بسمتها تزين شفتيها بينما يحذرها هو ضاحكًا :
أنت تقرأ
أغلال الروح
Lãng mạnمقدمــــة جميعنا هناك ! خلف بوابات الألم حيث تتوارى أجساد و تُنتهك قلوب و تُغتصب أرواح قيدتها أغلال ! أما عن أغلال روحي ؛ دعني أخبرك أنها صُنعت من نيران الألم ولهيبها لم ولن يخمد إلى الأبد !!!