الفصل الرابع "دعم ! "

14.2K 749 55
                                    

قضت "سديم" يومها مع "عاصم" الذي استمتع للغاية بالحديث معها و رأى نضوج و عقلانية واضحة داخل آرائها ومع نهاية اليوم و بعدما علم أن زوجته سوف تعود في صباح اليوم التالي قرر إبلاغ العائلة بما تحويه جعبته على طعام العشاء خارج المنزل عدا الجدة التي إلتزمت المنزل نظرًا لظروفها الصحية وحيث اجتمعت العائلة قال عاصم بنبرة معتدلة لكنها لاتحمل النقاش :

- آسر ! سديم هتنزل من بكرة الفرع اللي عندك عشان تشتغل معانا طبعًا الفترة الأولى هتكون تحت إشرافك !

لم يحدث جدل كما توقع الجميع بل أجاب "آسر" :

- تمام ياعمي زي ما تشوف !

رفعت عينيها أخيرًا عن صحنها و نظرت إليه لحظات قليلة ثم أعادت نظراتها إلى شوكتها التي تعبث بها منذ وُضع الطعام و قد لاحظت "نريمان" ذلك فقالت بلطف :

- سديم حبيبتي لو الأكل مش أوي ممكن نطلب غيره من الشيف وممكن تشرحيله اللي حباه يعملهولك ؟

توقف "عاصم" عن طعامه حين قالت "نريمان" ذلك ونظر إلى صحن ابنته وجده كما هو ! ليقول بقلق :

- إيه ياحبيبتي مش بتاكلي ليه ؟

ابتسمت لهما و قالت و هي تستقيم واقفة :

- بصراحة أنا مش جعانة ، بس محبتش أضايقكم أنا هقوم أقف هناك شوية .

و أشارت على طرف الباخرة المُطل على المياه ثم غادرت المجلس بهدوء ، كاد "عاصم" يتبعها لكن استقام "سليم" و هو يقول :

- خليك ياعمي أنا هشوفها !

هز "عاصم" رأسه بالإيجاب و تعلقت عينيه بابنته التى أولتهم ظهرها ووقفت تنظر إلى حركة المياه بأعين لامعة ، منذ أعوام كانت هذه الأماكن هي الأحب إلى قلبها حيث كان يصطحبها الأب الحنون يحتضنها و يغرقها بوابل من القُبلات فوق خصلاتها و جبهتها ، حيث علمها دروس الحياة النبيلة و الحفاظ على عقلها الراشد و أخبرها أنها حرة لا يجب أن تترك أحدهم يقود عقلها ، حيث أخبرها أنه معها أينما ذهبت ! وأنه لن يتركها ، لكنه خان العهد و تركها !

هنا ودعت طفولتها لكنها لم تتمكن من توديع مراهقتها ، عقدت حاجبيها حين استمعت إلى "سليم" يقف بجانبها قائلًا بدعابة :

- واضح ان القصة كبيرة أوي ، احكيها أنا بحب اسمع الحكاوي !

تحكمت بنبرتها و أخفت لمعة الدموع بعينيها بأعجوبة و قالت بهدوء :

- ولا قصة ولا حاجه أنا مصدعة و بصراحة أكلت من الكافتيريا قبل ما نمشي !

ابتسم لها وقال :

- آآه دا إحنا بنغير الموضوع بقا ، على العموم أنا مكنتش عايز أعرف انا أصلًا مبحبش الحكاوي !

ضحكت بخفة و مالت برأسها إلى الأمام ثم اعتدلت تواجهه و قد تطايرت خصلاتها برقة مع نسمات الهواء وقالت مبتسمة  :

أغلال الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن