الفصل الثالث والعشرون " سيئة ! "

12.2K 676 53
                                    

وقفت داخل غرفة نومها تعقد ذراعيها أسفل صدرها بهدوء تحدق به بنظرات مترقبة تنتظر رد فعله على رفضها الصريح أمام ابن عمه أن يتطلع على أمر يخصها و قد أعلنت أن الهدية بالفعل من المدعو "سامح" لكنها تخصها و هذا تعليل غير كافي لفعلتها أما عنه كان يحدق بها محاولًا انتقاء الكلمات حتى لا يتسبب بطعنة جديدة لها وإن كانت دون قصد لذلك أغمض عينيه و أطلق الهواء من رئتيه يردف بوجوم متذكرًا منع سـرها عنه و خص "سليم" فقط برؤيته يؤلمه شعور هجرها له  :

- ليه سليم ؟

رفعت حاجبها الأيسر بتعجب و صمتت تنتنظر تفسيره ليلبي لها رغبتها قائلًا بحدة ملوحًا لها بالهاتف الذي أغلقته بسرعة قبل أن يلتقطه من يدها بالخارج :

- سامح باعتلك دا هدية و حضرتك واقفة يتتفرجي عليها مع سليم براا ، حطي نفسك مكاني وقوليلي هتفسريها إزاي ؟!!

اتسعت حدقتيها و تحركت عينيها التي كانت ترتكز فوق الهاتف ثم توجهت إليه تردف بحدة مماثلة و نبرة متهكمة :

- والله ؟!! يعني مينفعش اقف مع سليم و حضرتك مسموح ليك تقعد من امبارح برا و تكمل يومك مع فريدة بتاعتك بعد ما عملتلي فيها مقموص وزعلان ؟!!!

ضيق عينيه و مال قليلًا تجاهها يسألها بهدوء مريب و قد حل عقدة حاجبية و ارتخت ملامحه نوعًا ما :

- وأنتِ عرفتي منين إني كملت يومي مع فريدة ؟!

ظهر الغضب فوق ملامحها و عقدت حاجبيها تسأله مستنكرة :

- يعني كملت يومك معاهااا فعلًا ؟!!!! و امبارح اختفيت معاها !!!!! هات اللي في إيدك دا خليني أمشي من وشك  عشان مرتكبش جناية فيك أنت و هي !!!

وضع الهاتف بجيب بنطاله قاطًعا المسافة الصغيرة بينهما بخطوة واحدة و احتلت يده خصرها متعمدًا جذبها إليه عنوة تزامنًا مع ارتسام بسمته العابثة فوق ثغره رغم تزاحم أفكاره و انزعاجه منها لكنها تجذبه إليها دون مجهود بشكل أو بآخر ، تأسره بعفويتها و خروجها عن طور البرمجة العقلية والمنطقية دون شعورها ، سارت عينيه المجهدة فوق ملامحها المتمردة الغاضبة و ثورة عينيها الآن تتناقض مع رفضها له المستمر ، علق مبتسمًا قبل أن يراودها الندم على رد فعلها العفوي الفاضح :

- و ترتكبي جناية ليه في واحد مش فارق معاكِ وعايزة تسيبيه ؟!

ازدردت رمقها بتوتر طفيف من تسرعها بالحديث و تبدلت ملامحها المنفعلة بأخرى مصدومة من اعترافها العفوي الفاضح لسبب انزعاجها من تواجد أخرى معه لم تحاول دفعه بعيدًا عنها حيث اختارت لذة شعور تواجدها بأحضانه خاصة بعد ما تعرضت له اليوم من رفض علني لها و لـروح تتمنى الخلاص من ذنوب لا تُغتفر ، هو فقط من حاول إنارة مصباح روحها المظلمة عدة مرات دون كلل و إلى الآن يكرر محاولاته دون كلل أو ملل ، رفعت عينيها عن صدره الملتصق بها و سارت فوق ملامحه بنظرات تائهة مرتعبة مما يدور حولها منذ صغرها أخبرها والدها أنها تركض إلى الأمور المحالة بشجاعة مفرطة و هو يخشى عليها رغم جسارتها و ها هي الآن تستكين و تهدأ بين أحضان المُحال بل و لم تمنع نفسها من تأمله و رفعت يدها تستقر بها فوق صدره منتظرة أن يتجاوز حدود وضعتها هي منذ ساعات ما الذي يدفعها إلى التخلي عنه لقد رأت اليوم جميع نماذج الخذلان حيث صديقها الذي يرغب بشقيقتها و أخ زوجها يرفضها بالعلن أمام عيني شقيقتها أيضًا و انتهت بحلقة جديدة داخل سلسلة خذلان والدتها و كذبها بأمر الهاتف و هو الآن يرحب بها من جديد بين أحضانه متناسيًا فعلتها بالخارج و احراجه أمام ابن عمه دون خجل بل وتركها الهاتف معه تتحرك إلى منزله ببرود مبالغ به ، أخرجها من حرب أفكارها حين مال برأسه و همس أمام شفتيها تزامنًا مع تملك قبضتيه من خصرها و دفعها إلى صدره مبررًا لها بلطف حين ظن أنها تتجنبه لأنها لا تثق به :

أغلال الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن