الجُزء الثاني : الفصل الثالث والأربعون "مُبَاغَتَة !"

8.2K 467 75
                                    


توجه "عاصم" إلى الشقة التي قطنت بها "سديم" وشقيقتها قبل هجرها العائلة ، فتح الباب بالمفتاح الذي أصبح بحوزته منذ رحيلهما و دلف إلى الداخل بهدوء ثم أغلق الباب خلفه و قبل أن يخطو خطوة واحدة إلى الداخل اتسعت عينيه حين استمع إلى بكاء أحدهم بشهقات مرتفعة و كلمات غير مفهومة !!

ازدرد رمقه و اقترب أكثر من مصدر الصوت بخطوات خفيفة ثم توقف في إحدى الزوايا يراقب بأعين متسعة "آسر" وهو يحتضن قطعة قماشية بين يديه وعلى الأرجح تخصها و يدفن وجهه بها متحدثًا إليها كأنها تجسدت أمامه وتستمع إلى عتابه لها وقد كانت كلماته تحمل اللوم والعتاب خاصة حين أردف بغضب وهو يغمض عينيه بقوة :

- حتى بُعدك مؤذي ليا ياسديم !!!

ابتلع غصته وهو يسرد لحاله الحقائق بعدم تصديق وبنبرة متألمة :

- أنا مكنتش عايز النهاية دي ، عارف إني أذيتك و ايوا كنت قاصد اوجعك بس والله كنت عايز وجعي يوصلك ، كنت عايزك تعرفي إني مش مستحمل قربك من مخلوق تاني غيري ، أنا .. آ أنا كنت بنتقم من نفسي مش منك !

وضع يده فوق صدره الذي يعلو و يهبط بقوة ملحوظة و قد أغرقت دموعه صدغيه و ظهرت لمعتها فوق لحيته ليواصل بألم معتذرًا منها :

- أنا آسف ، لو دا هيرجعك ليا  !

ازدادت شقهاته خاصة مع اعترافه الأخير بهجرها و اختفائها من حوله و يقينه أنه يتحدث إلى سراب ، قد سلك درب الغضب الأهوج الملئ بالضباب و الغيوم فتلاشت معالم عشقه لها و اكتفى بالانتقام من حاله وليس منها لقد دمر حياته معها بأفعاله و كلماته وتركها بمنتصف الطريق تعاني من ويلات حربه لها !!!

لم يحتمل "عاصم" رؤية إنهيار ابن أخيه وهرع إليه معلنًا عن تواجده معه بالمكان يجلس أرضًا جواره ويحتضن رأسه إلى صدره رابتًا فوق كتفه و ماسحًا دموعه يهمس له بألم :

- ليه كدا يابني !

استسلم إلى أحضانه و واصل البكاء بصوت مرتفع للمرة الأولى منذ صغره فقد اقسم "عاصم" داخله أنه يرى "آسر" الطفل وليس الرجل البالغ الذي حطم قلب زوجته دون تفكير ، كان على يقين أن نهاية طريقه الندم لكنه أيضًا لا يلومه بمفرده بل كل اللوم على شقيقه القاسي الذي تعمد التدخل بحياتهما إلى أن حطم العائلة بأكملها !!!

تألم "عاصم" لرؤية هذا الرجل بتلك الحالة خاصة بعد أن علم بمعرفته هو و"يوسف" حقيقة والدهم وقد نجح شقيقه بالتعبير عن غضبه و ألمه من والده وتعمد تحطيم جميع مقتنياته بينما وقف "آسر" يراقب بصمت تام إلى أن تراكم ألمه وتضاعف و خرج على هيئة انتقام من فتاة لا ذنب لها سوى أنها ترعرت قسرًا داخل بيئة بالغة السوء و أحبت رجل تحول إلى حطام نتيحة أفعال والده !!!

بدأ "آسر" يُعبر عن ألمه حيث أردف من بين بكائه بأحضان عمه :

- مش قادر أنسى نظراتها ليا في كل مرة وجعتها ، أنا مبقتش عارف أنام ياعمي !!!

أغلال الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن