١٨-"مَواسَاة رُوحِيَة".

592 53 59
                                    

أدهــم:

تجهزتُ سريعًا، أختياري للقميص الأزرق تحديدًا
وأخبار جدي بأنني سأخرج، قيادتي للسيارة بسرعة كبيرة،  خشيتُ ألا أصل، أو أن أصل مُتأخرًا وألا أراه وأطفاله، قفزت الفكرة على عقلي، رغبة بلقاءه ورؤية الاطفال وأخبرته بمكان مدينة الالعاب، خشيتُ أن يعاندني أو لايذهب للمكان، لكنني شعرتُ بأن روحي تطير وتلامس النجوم،  عندما رأيته يجلس بحضنه أحد أولاده، والآخر يلعب بجانبهم على الأرجوحات.

لوحتُ له، لكنه بدا مصدومًا، هلعًا
واضح ذلك بنظرة عينيه بأنقعاد حاجبيه
بالرجاء، والحاجة الواضحة داخل نظرته.

أقتربتُ وأنا أراه ينهض ينزل أبنه على الأرض
ويمد يده ليصافحني، وأمسكتها باردة كالثلج وترتجف
سحبتهُ قبّلت وجنته، وعانقته،  كم كان مرتجفًا وخائفًا..

أبتعدتُ وأنا أحدق فيه، نظراته مشتتة
وأنفاسه سريعة، ويأخذ النفس لداخله بصعوبة.
ويده تمسح على صدره.

"هل أنت بخير؟"
سألته وأنا أمسك يداه أدلكهما بين يداي

"لا أدري"
يقول ويضحك بعدها،  ضحكة حارة مكسورة
وخشيت أن هناك ما أصابه،  لكنه أخبرني إنه سعيد وأنه بخير قبل أن أجيء إليه.

أشحت عيناي من عليه، وتركتُ يداه
نظرتُ للذي يقف يحدق بوالده وعيناه مليئة بالدموع
كانَ يشبه ضياء كثيرًا،  العينين الخضراء الواسعة، الرموش السوداء الكثيفة والطويلة،  البشرة البيضاء الصافية،  وتورد الوجنتين،  نسخة طبق الأصل عنه.

"تعال إلى هُنا يا جميل".
أخبرته وأنا أجلس أمام ضياء
وهو أقترب بتردد ينظر لوالده

" حبيبي إنه صديقي يدعى أدهم
أدهم هذا أبني الأكبر نزار".
يتحدث ضياء بهدوء صوته مرتعش وضعيف
وقلقي يزداد.

يمد يده نزار لي، وأنحنيتِ برأسي أقُبلها
ثم قبلت وجنته التي كالقُطن، ورائحته مليئة برائحة والده،  رائحة ضياء المُواسية للقلب.

"أذهب وقم بمناداة ذلك الصغير لأراه".
أخبرت نزار وأنا أبعثر شعره الأشقر
وتورد وجنتيه أزداد خجلاً، وهو يسير بهدوء تجاه أخاه.

أبتسمتُ وأنا أحدق بهما، وأعيد نظري لضياء الذي لايبتسم وجهه شاحب،  ولايزال يتنفس بصعوبة.

جاء يركض إليّ، طفلٌ ببشرة سمراء ظريفة
وعينين واسعتين سوداويتان كبيرتا البؤبؤ.

أبتسامة على وجهه وهو يمد يده لي رفعته أجلسه بحضني أُقبل وجنته، وشعره الأسود المتطاير رائحته عانقت فؤادي، أهي وراثة كُل اللطف والجمال يحملانه من والدهما..

حُفرة الشَيطان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن