٧٥-«تَبَّدد مَخاوف»

327 27 18
                                    


أدهـم:

في كُل مُشكلة مررتُ بها، كُنت أضع فكرة بثنايا عقلي وإيمان بروحي، ويقين لا يُخالطه شَك بأنني سأنجو
ولم أخف علىٰ نفسي مرةٍ، ولم أقلق بشأني لو لساعةٍ
لأنني في رحابة الله أترُكني، وأموري بيدهِ وأمره جميعها
إلا عليه؛ فإنَّ الكلام هُنا يَختلف، أقصدُ ضياء..

ورغمَ إنني علىٰ ثقة تامة بأقدار الله والخير الذي يكمُن خلفها، وأؤمن بلُطف الله الذي يواسي حتىٰ في أشد الظروف بؤسًا، إلا أنني أجدني دائمًا مفزوع الروحِ،
قَلِق البال، وجلٌ، تُخالطني الظنون والشكوك، والوساوس خوفًا عليه، ولأجله، وبسببه.. لايهدأ لي بال
وطالما هو بعيد عني، لاتراه عيني؛ فأنَّ قلبي يأبىٰ أن يطمئن، ولايغمضُ لي جفن إلا بعد أرقٍ طويل فيه

لكنني أُخبئ هذا داخلي، ولا أبتغي أزعاجه بخوفي
ولا أريد جعله يشعرُ إنني أراه صبيًا لايزال متهورًا
أود أن أطمئن عليه، وأكون جواره بخفة نسيم يلاطفه
أريد أن أستمع إليه حتىٰ يتعب من الحديث
وأبعثُ الطمأنينة في قلبه، وأربت علىٰ كتفه ولو كان هناك مسافة بيننا وبُعد؛ لأن روحنا واحدة.

لكن معرفة إنه فعل فعلته التي أرهقت عقلي وأزعجتني
جعلتني بهمومٍ تتزايد، ومخاوف تتجدد، ووساوس تولد
ومن جديد، أخافُ عليه أن يُفتضح أمره، أن تُفتح سجلات فارس، وأن يُكشف تورطه معه، وأنًّ كُل تلك الجرائم التي نساها العالم، ولم يفعل ضياء ولا أنا
ستكون مرئية للعالم، ويُعدم ضياء، وأُعدم أنا..
وينتهي كُل حلم خططنا لأجله
وكُل طريق نوينا السير فيه..

هذه نبذة عن مخاوفي، ولن تزول إلا حينما أتأكد أنه صارَ بقربي، وأكون حوله، وأراقب تصرفاته وأطمئن
لو إنه يسألني فقط، يستشيرني على الأقل!
لكنه يفعل كُل شيء يأتي برأسه، وأيهم هو من يؤيده.

أقبل بكل شيء، إلا أن يُصيبه أذىٰ

لا أريد خيبة أخرىٰ وكَسر فؤاد إضافة لخيبتي
بأنَّ شعوري بالوله والحُب لأول مرة...
إتجاه الفتاة التي كرهتني بأستمرار أنتهىٰ بالرفض.

وجدتني أحسُ بخيبة محمود درويش الآن
حينما قال: رُبما لم يكن شيئًا مهمًا بالنسبة لكِ يا ريتا
لكنهُ كان قلبي.

يتراءىٰ لي، ذلك اليوم، حينما كُنا ذاهبين في مهمة
أنا وضياء، حينها تحدث عن قصة محمود درويش مع ريتا، وكم إنه أحبَّ قصائده، وأحبَّ سماعها بصوت مارسيل الذي سبب لرأسي الصُداع لوقت طويل بسببه

لازلت أتذكر حواراتنا آنذاك رغم قصرها وندرتها
وأنَّ كُل حديث صادر  من ضياء كان عيبًا أن يُسمىٰ ثرثرة، كانت ولازالت أحاديثه مليئة بالعاطفة والشعور
بالرهافة والرحمة والإحساس، وإنَّ روحه كانت متعلقة بكُل ما هو نادر ورائع! وأنا فقط لم أكن أعرف ما الذي يتحدث عنه، والآن أفهم أهمية تلك الأحاديث..

حُفرة الشَيطان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن