٤٧-«مِنْ دُونَك»

517 42 17
                                    

ضياء:

أخشىٰ أن أغمض عيني، وأفتحها فلا أجـده
أن يكون مُجرد حِلم حِلو وسط مرارة كوابيسي
أن يكون لحظة فزع من بعد أطمئنان كبير
أن يكون غريبًا وهو أقرب من النبض لي
مخاوفي تزداد، والسعادات تَقل.. والأمان يتلاشىٰ
رغم معرفتي بأن حُفرة الشيطان لم يعد لها وجود
إلا أنها موجودة داخل رأسي، بأمكاني الأحساس بتحرُك العِظام وصوتها، داخل أذني.. بأمكان جسدي أن يُصاب بالحكة لتذكره الديدان والحشرات وملمس أقدامها الخشن على بشرتي وجِلدي..

لن أنسىٰ، وأن حاولت أن أفعل كُل شيء يذكرني
حتى الأسم.. أسم أركان المحفور على صدري
وكأنه بفعلته أراد أن يظلُّ خالدًا للأبد..
هل كان يشعر بنهايته؟ أو لديه فوبيا النسيان..

أنا لا أخاف أن أُنسىٰ، أحبُ أن أكون منسيًا
أحتاج ألايعرفني أحد، أن أتملص من الذكريات
أن أفقدني، وأضيع بعيدًا عني، فلا أجدني..

وأنت معي، أشعُر أن جفني يخافُ..
يخافُ أن يغلق فتغيب..
كيف أخبرك بهذا، والكلمات تتردد برأسي..

كيف أخبرك بمخاوفي وأنت تتحدث وتضحك الآن؟
كيف أخبرك أن تظلُ هنا دون أن أعرقل طريق أحلامك؟
كيف أنجو من دونك؟ حياة من دونك كيف تُعاش!
لاشيء له معنى في غيابك.. أقسم لك بخالقنا
حتى الضحكات باهتة،  لاتخرج من أعمق الأعماق
غيابك.. يمحوني، ينهشني، يُهمشني، يُهشمني..

أراهُ وهو يضحك مع سرمد،  بداخلي أخبر ذاتي
ماذا لو تقبّل أدهم حقيقة أننا نُعتبر من عائلة واحدة
أن لايمحو أننا ننتمي لبعضنا، أحتاجُ أن يعترف بي..
أن يشملني بذكر أن العائلة التي تخصه تخصني..
وأنني.. أنني أكون له بمثابة أخ..
أن يتحدث عن أمه ويقول أمنا
ويتحدث عن اباه فينطق أبانا
ويتحدث عن أخاه فيقول أخانا..
أحتاجُ أن يضعني في رف واحد معه
في ترتيب واحد.. أحتاج أن يعترف بي..

أعترف بي..

«بمَّ أنتَ شاردًا؟»
فرقع اصابعه لأرمش بعيناي وأبتسم
الكلام الذي بصدري كيف يُقال

«فيك»
أجبته مكتفيًا..

ضحك وهو يسند مرفق ذراعه على الوسادة
يده تحت وجهه،  ينظر لي أبتسامة على وجهه
نصف القمر بارز بشدة، وذقنـه كان بشعيرات خفيفة.

«أيرضيك يا ضياء؟  سرمد يقول يجب من الآن أن نقدم الشاي لك وكل شيء بأكواب بلاستيكية»

نطق وضحكتُ،  رأينا كيف يعرج على قدمه
وكيف هي مُضمدة،  وعرفت أنه كسر كاسة شاي أخرىٰ
لكنني لم أعرف بعد سبب الشِجار وغضبه،  وأعي أنه لن يغضب هكذا إلا عندما يتم المساس بشيء غالٍ عنده..

حُفرة الشَيطان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن