٤٢-«أنهيار آخر»

572 50 83
                                    


اليوم التالـي
السادسة وخمس دقائق صباحًا.

«الهاتف لم يَصمُت، قمت بأغلاقه بعد ذلك، وعند سماعي إنـه مُخترق أبعدتـه عني قدر ما أشاء»
تحدث سرمد وهو داخل سيارته، وضياء كان قد أسند ذراعيه على نافذتهـا، بينما مروان ونزار يتحدثان بالخلف.

«خيرًا فعلـت، بعد الظهيرة تعال هنا لنركب الحصان»

أبتسم سرمد.
«تلك المرة سقطت وتألمت بشدة، لكن لابأس نحاول مرة أخرى»

«لاتقلق أنا تعلمت كيف أتحكم به، تعال ورافقني»

تحدث ضياء وهو يبتعد عن السيارة ليهز سرمد رأسه بالأيجاب.

«أراكَ لاحقًا إذًا»

«أراك لاحقًا أوريو»
تمتم ضياء وهو يقوم بتشغيل هاتفه ينتظره أن يضيء
سارَ وهـو يرى سبع مكالمات من أيهـم، وأحد عشر مكالمة من أدهم، تنهد يزفر أنفاسـه، وشهق بخفـة عندما أرتطم قدمـه بحافة السرير الحديدي الذي في الخارج، بلل شفتيه، ترك الهاتف، وجلس على السرير ثم رفع قدمـه لحضنه، يتفحص أصابعـه، وعينيه تلطخت بالدموع لوهلـة، ولكنه تنفس بعمق زافرًا الهواء لايود أن يعطي ذاته فرصة للبكاء والأنهيار منذ الصباح، فمنذ أن حاول أن ينام وأغلق هاتف سرمد، كوابيسه زارتـه حتى منعته النوم. وظلَّ يفكر بأدهم وبغضبه عليه وبأيهم وخوفه من غيابه وصمته ونوايـاه، والآن عندما رأى مكالمات منـه، شعر أن هناك شيء ما قادم.

«سيدي هل أنت بخير؟»
سألت جورجينا التي كانت ترتدي ثوب بسيط من ثياب فاطمة، وشعرهـا كان بشكل ظفيـرة، وجهها مُبتهج وأبتسامتهـا آسِرة..

لم ينظر ضياء نحوها، وأجاب
«فقط دعي سيدي هذه»

«حسنًا سيدي»
قالت جورجينا بلا وعي
لتلتقي عيني ضياء بعينيها المتسعة ووجنتيها المتوردة.

رأس ضياء كان مُنخفض، إلا أن عينيه رُفعت تجاه جورجينا، حاجبيه أنعقدا، والشمس أنعكست على جمال عيناه، لتتوه جورجينا وسط هذه النظرة.

«ماذا؟»
هز ضياء رأسه لها لترمش بعينيها

«ماذا أناديك إذًا؟»
سألت تشابك أصابعها.

«ضياء فقط»

«لكن..»

«حاولي ذلك»
نطق ضياء ثم بعدها سارَ مُبتعدًا عنها
وهي تقدمت بقلب نبضاتـه صاخبـة كي تحمل الأغطية من فوق السرير، ومن بينها غطاءهُ..

. . . . .

أعاد الأتصال بأيهـم وهو يقف أمام فجر يده تُلامس خصلات شعره الناعمـة، فجر قد أعتاد على ضياء الذي لم يتوقف عن البقاء جواره، رغم ذلك الحصان كل حين وآخر كان يبكي، ويصدر صهيل كما لو أنه يُعبر عن شكواه، شبّه ضياء ذاته بـفجر، الفقد ذاته، والشعور.

حُفرة الشَيطان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن