قد كان ليلاً طويلاً. لكنه لم يتوقف.
كل شيء في الخارج يمر في لمحة، أعمدة الإنارة والأشجار والقمر، في لحظة هنا، في الأخرى هناك. ربما كانت السرعة فوق المائة والخمسين، أقل أو أكثر، لكنه لم يتوقف.
لا أعلم كم انقضى من الوقت، دقائق أو ساعات؟ لم يكن معي هاتفي، ولو كان لما تكبدت عناء إلقاء نظرة على شاشته.
ڤانيا لم يتكلم، لم يلتفت إلي ولم يرفع عينيه للمرآة الأمامية مرة. ربما هو أيضاً لا يريد تكبد عناء إلقاء نظرة.
لكن النهاية أتت، والسيارة توقفت، وكلانا لم يتحرك.
أمام نفس مركز الرماية، كان حارس وحيد ومصباح كذلك، ثم ترجل ڤانيا أخيراً وفتح الباب الخلفي لي، ينتظر بصبر ولا يتعجلني، ولا يمد يده ليقيل عثرتي. دخل وتبعته بصمت، هذه المرة لا أحد على مكتب الاستقبال، الساعة الجدارية كانت تشير لمنتصف الليل، وموظف وحيد نصف نائم ونصف منزعج أرشدنا لنفس قاعة الرماية بعد أن سلم ڤانيا حقيبتين صغيرتين.
هناك أمام قمرة الرماية، وقفت مع سماعات الرأس أراقب الإندفاعات النارية تخترق الهدف الذي لم يكن هدفاً. أتسآءل كم هدفاً غيره كان في نفس هذا الوضع..مخترقاً باندفاعات نارية من مسدس يضغط ڤانيا زناده.
عندما انتهى، لم يضغط زر سحب الحزام في الأعلى ليرى كم تفوق على هدفه، لا، بدل ذلك أعاد تلقيم الخزنة، وأفرغها في الدقيقة التالية، ثم عبأ خزنة المسدس الأخف ومده لي.
لم أفكر. كانت حركتي أكثر سلاسة مما لو كنت أفعل. أخذ الأمر ثلاث دقائق على الأقل لتفرغ خزنتي.
هاتف ڤانيا رن، لكني لم أسمع أي شيء تحت حاجب السماعات وانفجارات البارود. وجهه انقلب ما إن رأى الشاشة، وبدا وكأن أصابعه تجمدت حول الجهاز النحيل، ثم تدارك نفسه وأغلق ملامحه على ما أظنه خوفاً لا يريد أن يعترف لنفسه به وأعاده لجيبه.
تركته ينهي المعاملات الورقية ويعيد الأسلحة ويدفع ما يفترض به أن يدفعه وخرجت، كان الشارع هادئاً جداً، لم تمر سيارة منذ دقائق وإضاءة الطريق خافتة. كان مضربي في السيارة، ورغم الراحة التي يخلفها ذلك لمفاصلي وعضلاتي، إلا أنها حقيقة جعلتني أعقد قبضتي في جيبي سترتي وأبذل جهدي لأسيطر على أنتظام أنفاسي عندما رأيت الآتين من الطرف الآخر للطريق.
أربعة ذكور نصف سكارى ونصف ثرثارين يتجهون لجانبي من الطريق.
لماذا؟
لا يتعلق الأمر دائماً بجانبك من الطريق عزيزتي.
ربما، لكنهم لا يزالون يقتربون، ينظرون إلي ويحادثون بعضهم حديثاً لا أستطيع استيعابه لأن دماغي بالكاد يحافظ علي نوبة هلعي داخل رأسي.
- مرحباً هناك، هل يمكنك أن تدلنا على طريق البيت؟
ترنح أحدهم في الجهتين ثم ضحك، الآخرون يحاولون موازنة أنفسهم والضحك في نفس الوقت، لكنها لم تبد مهمه سهلة.
أنت تقرأ
The WOMAN from the other Side
Mystery / Thrillerإيرا زايتسيڤ ليست طبيعية، تعلم ذلك ولا تحاول تغيير تلك الحقيقة، تعيش حياة معكوسة ولا تتفاعل مع الكثير من البشر. دماغها لا يعمل بالضبط حسب الطريقة النمطية، لذا عندما فتحت باب غرفتها ظهر يوم إجازة إستعداداً للنوم لتجد نفسها تجلس على سريرها تحدق لها به...