ℭℌ:27

340 46 14
                                    

Anonymous POV

تخيل المشهد معي.

كانت عائلتها في جهة، وهي في الأخرى. واقفة أمام كومة من الشظايا التي شرّحت ظاهر قدميها بالفعل، إلا أنها لم تشعر بأي شيء.

كان يدور كل شيء في دماغها..في نفس الوقت وبنفس السرعة، يجعلها لا تدرك حتى ما كانت تفكر فيه.

والدها لم يحرك عيناه عنها..وهي لم تعرف أين تنظر إلا هناك.

كانت تعالج ببطء شديد قناعة ذاتية نمّتها في نفسها منذ كانت طفلة..وهي أن أحداً لا يهتم. والدها لا يهتم.. وبالتحديد، والدها لا يهتم حد أن يترك عمله وسفره منتصف عام دراسي ويعود..لأنها طلبت منه ذلك.

إن نظرت إلى وجه نيكولاي لفترة كافية، ستعرف أنه كان ينتظرها أن تدرك وتتقبل الحقيقة التي كانت العكس تماماً..أنه يهتم..وأنه ترك عمله وسفره وعاد لها..لأنها طلبت منه ذلك.

قطع دقيقة الصمت صوت انفتاح باب المنزل، يمر رومان خارج مدخل المطبخ ويراها متجمدة فوق بركة من الشظايا وأصابع الخضراوات المخللة.

لدى رومان مخزون عال من التوقعات السيئة، لاشك أنك أصبحت تدرك ذلك الآن. بعد حادثة أليكسندر ثم ڤانيا، كان يتوقع المصيبة قبل أن يبلغها. لكنه عندما دخل المطبخ راكضاً مع حقيبته مستعداً ليهشم بها وجه المصيبة، وجد عائلته مجتمعة حول طاولة الطعام في الزاوية البعيدة من المطبخ، يرى أمه تنهض مع ابتسامة كانت تخصه بها، ويشاهد والده يغادر مقعده مفسحاً المجال لساشينكا أولاً لتلفه بين ذراعيها، يدرك رومان أخيراً تحت وطأة عطر أمه الخفيف ودفئ جسدها أن كل ذلك حقيقة تتنفس، ويشعر بأمان يغمر روحه كان قد فقده منذ أشهر كثيرة.

إن تراجعت للخلف قليلاً، إن وقفت في الزاوية وراقبت بصمت..سترى إلى أي مدى كان التفاوت لا منطقياً.

يمكنك أن ترى المفارقة حية وحارقة وبالغة الاتساع. إيرا التي لم تحادثهما حتى، ورومان الذي كان بين أحضانهما..والأخوين الآخرين في الخلفية يراقبان بصمت. أكبرهما يترك المفارقة تأكله، وأصغرهما يراقب أخته التي لا يملك لها من كل هذا شيئاً.

لم أقابل ديمتيري يوماً، لكني أعلم..بينما أعيد تخيل المشهد كما حُكي لي، أنه كان في الواقع يغبط أو يحسد الطفل بين ذراعي والديه على ما كان قد فقده هو عندما كان في سنه. سواء اعترف بذلك أو لا، ديميتري كان يريد أيضاً تلك العاطفة التي حرم نفسه منها عندما أخطأ تقدير حدود نيكولاي.

لكني كنت أعرف كوستيا. الإنسان الذي كان مزيجاً من الشيء وعكسه، الذي لم يكن شيئاً وكان كل شيء. وكنت أعرف أن كوستيا كان قد انتزع نفسه منذ وقت طويل من حضن أمه..لأجل إيرا.

لأن أمه لم تعامل إيرا يوماً كما كانت تعامله، وعوض أن يكتسب هذا الإمتياز ويحتفظ به، نكره ونبذه وألقاه جانباً ثم ذهب ليجلس في زاوية النبذ قرب أخته.

The WOMAN from the other Sideحيث تعيش القصص. اكتشف الآن