كانت الواحدة وخمس عشرة دقيقة في الساعة الجدارية العملاقة التي أصرت أمي على إبقاءها رغم أن كلنا نظنها قبيحة. في طريقي للأعلى سمعت الباب يُفتح، تتبعه خطوات ڤانيا الذي فقدت أثره منتصف طريق العودة. عندما ظهر في المدخل، رفع وجهه إلى حيث وقفت على الدرج، جامد الملامح لأنه تُرك في الخلف ليضل طريقه، وصفق الباب مستديراً لغرفته بعد أن تأكد من منحي تحديقة طويلة يعرف أني لن أراها خلف عدساته المظلمة.
كان يفترض بي أن أصعد للغرفة، لكن ساقاي التصقتا بالدرج، تسحبانني لأجلس هناك، في المنتصف حيث لا أحد سينزل أو يصعد، لا صوت في أي مكان، الضوء الوحيد يأتي من قمر نافذة المدخل المغيّم..وداخل رأسي تضارب كل شيء معاً، لا فكرة واضحة، لا شعور محدد..فقط فوضى عارمة.
على مقياس واحد لعشرة، كم تستحقين الخلاص؟
صفر.
بالضبط..صفر.
كيف وجد نيكولاي ڤانيا؟..متى كانت اللحظة الفارقة في وجوده؟ اللحظة التي قبلها لم يكن هناك ڤانيا، وبعدها هناك واحد ليس حقيقياً؟
من هي أم ڤانيا؟ أين ومتى عرفها نيكولاي؟ كان متزوجاً؟ طفل غير شرعي؟
لمَ أخفاه عنا طوال ذلك الوقت؟ أكان ليخبرنا على الإطلاق لو لم يجد ديميتري شهادة الميلاد تلك؟
لماذا ڤانيا..؟
ارتخت رأسي على القضبان الحديدية المشغولة لحاجز السلم..دوار نقص الأملاح طفا لدقيقة ثم رحل، ثم حل مكانه صفير ممتد لم ينقطع حتى نقرت أذني. الدرجات الخمس أسفلي تلاشت، والمدخل المظلم تحول إلى طريق مقفر ينيره عامود كهرباء واحد..وذراع حول كتفاي أبقاني مقيدة..محتجزة..وآمنة.
لماذا؟
أتسائل..لماذا.
كان أول كائن حي يلمسني بذلك القرب منذ ثلاث عشرة سنة..لذا، لمَ لم أفقد عقلي جراء ذلك بعد؟!
لم أحتج حتى لمحاولة استعادة الذكرى أو الشعور..كان كل شيء حياً ونابضاً في عقلي أكثر مما كان يوم حدث. الخدر الذي أصاب جلدي عندما رأيته..السكون الذي اجتاح كل شيء عندما حشرني في حضنه..كما لو انقطع الخيط الأخير الذي كان يحملني ثم لم أسقط..لم أشعر، لم أسمع، ولم أرى سوى عينين متداخلتي اللون تنظران إلي وتعرفان كل شيء..تفهمان كل شيء وتعدان وعداً لا أعرف ما كان، لمَ كان..وإن كان يوماً سيوفىَ به.
يديه لم تلمس سوى كتفي، جبيني، وكل شيء آخر كان داخل معطفه..لكن ليس أبداً تحت يديه.
أكان يعرف؟
كيف له! هو قاطع الطريق الذي يضرب الناس ليفوا بديونهم إليه.
أنتِ تفعلين ذلك مجدداً. وهذه المرة..لن يصدقكِ الباقون.
أنت تقرأ
The WOMAN from the other Side
Misteri / Thrillerإيرا زايتسيڤ ليست طبيعية، تعلم ذلك ولا تحاول تغيير تلك الحقيقة، تعيش حياة معكوسة ولا تتفاعل مع الكثير من البشر. دماغها لا يعمل بالضبط حسب الطريقة النمطية، لذا عندما فتحت باب غرفتها ظهر يوم إجازة إستعداداً للنوم لتجد نفسها تجلس على سريرها تحدق لها به...