ℭℌ:48

184 31 9
                                    


"أريد المفك"

كان خطها سيئاً. يعلم الرب كم كان خطها سيئاً. لكن سوء خطها لم يكن ما جعله يحدق باللوحة السوداء لأكثر من دقيقة متصلة. نظر إلى وجهها، ولم ير أي عاطفة مختلفة. لقد كانت نفسها.

عندما رفعت له حاجبيها، تدير السبورة لتنظر لما فيها ثم تعيدها جهته كما لو كانت لا تفهم مالذي كان يعطله عن الإستجابة، سألها أخيراً.

  - لماذا.

كان يتوقع أي شيء. شيء غريب خصوصاً. لكنها عندما أشارت بيدها لشيء خلفه، تجعله يدير رأسه للحاسوب المطبق فوق مكتبها الذي كان الغبار قد كساه بالفعل لم يكن ذلك واحداً من الأي شيء الذي توقعه.

كان يستطيع أن يخبرها أنه غير موجود. أن المشفى تخلص منه بعد استخراجه من حلقها. حتى وهو يحتفظ به في كيس معقم في درج خزانة سريره منذ شهرين ونصف الآن. لكنه لم يفعل. لقد أراد أن يرى عينيها في تلك اللحظة التي ترى فيها المفك. أن يرى ما ستراه في الشيء الذي كان اختيارها غير المنطقي لفعل شيء كان بنفس القدر يصدِق ولا يصدق أنها فعلته حقاً. كانت تلك أكبر معضلة إنقسام رأي شخصي مرت به في حياته. لأن إيرا، كانت كلا الإثنين. كانت إنتحارياً بائساً، وكانت وغداً يرفض الموت ولو وجد رقبته في المشنقة.

لذا أحضر لها المفك. ليرى أيهما كانت في ذلك الصباح في مطبخ بيت والدها. راقبها تخرج المفك الدموي من الكيس الشفاف، رآها تقلب النصل الذي شوه الدم الجاف لونه تحت ضوء النهار المغيم القادم من باب شرفتها الزجاجي، وراقبها وهي تشم المعدن ثم تلوي وجهها إشمئزازاً، تكبح رد فعل لا إرادي كاد يغادر حلقها، قبل أن تهوي برأس المفك فوق المسمار في ظهر الحاسوب الذي كانت قد جلبته لحجرها عندما غادرها.

كان يفترض به قول شيء ما. يعلم ذلك. مابين صفع رأسها الذي تهشم مرة وبين الصراخ عليها وبين انتزاع المفك منها. لكنه لم يفعل ولم يقل شيئاً. يراقبها تفك المسمار تلو الآخر قبل أن تفتح الغطاء الخلفي للجهاز، تتأمل التوصيلات تحته كما لو كانت تفهم أي شيء قبل أن تومأ لنفسها وتلتقط هاتفها الجديد الذي اشتراه لها نيكولاي عندما غادرت المشفى لأن القديم قد "ضاع"، ثم تبدأ مشاهدة فيديوهات يتحدث فيها هنود إنجليزية كادت تضحكه.

من يفك مسامير حاسوبه المعطل بالمفك الذي غرسه في رقبته محاولاً قتل نفسه قبل أقل من ربع سنة؟!

إيرا. كان الجواب سهلاً حقاً.

***

كان قد مضى نصف شهر فقط منذ بداية السنة. لكن أمهما، لأسباب لا يعلمها إلا الرب، أخبرتهما أن يأتيا للعشاء والمبيت الليلة تحت أي ظرف. حتى لو غزت الكائنات الفضائية البلاد. ولم يكن السبب بالتأكيد حقيقة وجود ابن خالته الكبرى الأصغر في بيتهم حالياً. لأنه كان في بيتهم بقدر ما يستطيع أن يتذكر. ولم تكن هذه الأشهر استثناءًا.

The WOMAN from the other Sideحيث تعيش القصص. اكتشف الآن