لماذا كان هنا؟
لقد أراد أن يعرف. أراد أن يعرف الكثير من الأشياء. ولم يجد إلا نفسه واقفاً أمام بابها غير المقفل، يدير مقبضه ويقف مواجهاً للظلام الذي استقبله خلفه.
لم كانت غرفتها مظلمة لتلك الدرجة؟ لم كان الهواء ساكناّ وبارداً وعديم الرائحة لتلك الدرجة؟
لم يكن ليعرف قط.
خطا داخل الحيز المظلم البارد وترك يده لتغلق الباب خلفه. كان في حاجة للحظة خلوة لا تقطعها ساشينكا ولا أي من أبناءه الذين ظلوا يتناوبون على غرفة المشفى تلك مابين مواعيد وظائفهم ومدارسهم.
في اللحظة التي سمعت أذنه الباب يقفل خلفه بينما يحدق في الظلام محاولاً مد يده تجاه قابس الضوء دون أن يتعثر بالاشيء. مادت الأرض تحت قديمه للحظة، وتشوشت رؤيته كعدسة كاميرا غير مركزة فوق صورة بها الكثير من التفاصيل، ثم اتضحت على مشهد قد يحتاج الباقي من حياته ليفهم كيف انبثق فجأة في هذا الفضاء المظلم والبارد.
كانت غرفة إيرا. يعرف ذلك. لكن تلك لم تكن جدران غرفة إيرا. لم تلك ستائر إيرا أو طاولة زينة إيرا أو المصباح العمودي الجانبي لإيرا. وبالتأكيد، لم تكن الأنثى التي انتفضت فوق السرير تضم غطاء سريرها فوق كتفيها العاريين في الغرفة الدافئة أي شيء كإيرا.
- مالذي تفعله أبي! لا يمكنك أن تدخل فجأة دون أن تطرق الباب! أنا لم أعد في السادسة كما تعلم.
احتاج لدعامة. احتاج أي شيء يستند إليه بينما ينظر للفتاة التي كانت مألوفة الملامح لحد مؤلم. صوتها يرن في أذنيه كما فعل للعشرين سنة الماضية. صوت كان دائماً ساخراً بلا سبب. صوت سيعرفه من بين مليون صوت في أي لحظة من أي يوم. صوت كان لا يعرف كان سيسمعه مرة أخرى أبداً.
الفتاة التي حدقت إليه بتوتر بينما وجهها ممتلىء القسمات يتشنج في محاولة القيام بأي تعبير لا يبدو كنظرة عيناها.
وجد ظهره الباب خلفه ليلقي بثقله عليه. يراقب الفتاة التي تملمت بتوتر بينما تدير ساقيها خارج السرير في محاولة لكسر شيء من السكون غير المريح الذي لم تكن تفهم سببه بعد. ساقين رآهما نيكولاي في بنطال ضيق. ساقي أنثى تحمل ثلث وزنها دهوناً جاعلة كل طرف مثالي الشكل كما يُتوقع منه أن يكون.
ساقين لم تكونا لإيرا. ساقين لن تكونا لإيرا. إيرا التي كانت آخر مرة رأى فيها شكل أي طرف منها كان قبل خمسة عشر سنة ربما. إيرا القابعة الآن في غيبوبة فوق سرير مشفى قد لا تغادره إلا لقــ
خنق وعيه الفكرة قبل أن تتشكل كاملة. لقد كان الأسبوع الماضي سلسلة متصلة من شبيهات تلك الفكرة. وقد قاومها جميعاً واحدة واحدة كما لو كانت ستقتله. وهي غالباً كانت ستقتله. ليس ثقة منه، وإنما خوفاً من أن يصدق الفكرة فيتأقلم معها. أن يتقبلها، ثم في النهاية يرضى بها.
أنت تقرأ
The WOMAN from the other Side
Mystery / Thrillerإيرا زايتسيڤ ليست طبيعية، تعلم ذلك ولا تحاول تغيير تلك الحقيقة، تعيش حياة معكوسة ولا تتفاعل مع الكثير من البشر. دماغها لا يعمل بالضبط حسب الطريقة النمطية، لذا عندما فتحت باب غرفتها ظهر يوم إجازة إستعداداً للنوم لتجد نفسها تجلس على سريرها تحدق لها به...