السادس والثلاثون الجزء الثاني

48K 2.3K 366
                                    

للقلب سلطان آخر
الجزء الثالث
       من
أسيرة الشيطان
الفصل السادس و الثلاثون 
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤
- ودا تسميه ايه يا دكتور يا محترم ، صدقني إنت خطر على الناس لازم يشبطوا اسمك من النقابة ، ايه الصور دي يا قذر ؟!
غضب بشدة مما قالت ، تحرك إليها ينتزع الصور من بين يديها ينظر لما فيها وفهم لما تبدو ثائرة لتلك الدرجة فالصور أمامه هي تلك الصور التي أخذها من حاسب عمار ، صور الفتيات التي كانت يمارس عليهن طقوسه المريضة ، رفع يده يمسح وجهه بكف يده ، قبل أن ينظر إليها يسألها :
- هو مش أنا يا بنت الناس عرضت عليكِ ناخد شقة تانية وأنتِ قولتي لاء ؟
لم تفهم ما علاقة سؤاله بما تقول ، هل يحاول أن يداري على جريمته ، حركت رأسها بالإيجاب رغم ذلك ، ليتنهد بقوة يكمل ما يقول :
- واصريتي أننا نقعد هنا ، وقولتلك خلاص يا مليكة أنا هغير عفش الشقة كلها ما عدا المكتب بتاعي عشان فيه ورق مهم ، بتاع كل الحالات
الصور اللي أنتِ خدتيها من درج المكتب وأنا مش فاهم ايه اللي يخلي عروسة تدخل مكتب جوزها يوم الصباحية وتفتش فيه ، صور متاخدة من لاب توب مريض نفسي بيضحك على البنات ويأذيهم وكنت بجهز الورق كله عشان أقدم فيه بلاغ ، ومن ضمن الورق كان الصور اللي أنتي روحتي شوفتيها ، وجيتي دلوقتي تصرخي في وشي أنهم لازم يرفدوني من النقابة واني شخص قذر !!! على حد تعبيرك

أصفر وجه مليكة ، تسرعت كثيرا وألقت عليه الاتهامات البشعة جزافا ، ولكن ما ان رأت تلك الصور في مكتبه ، ظنت أنه يخدعها كما فعل عمار ، خافت حد الذعر ، والآن هل سيقبل جاسر إعتذارها لا تظن ذلك !!
اقتربت منه خطوة وأخرى تبتلع لعابها متوترة ، حمحمت تود أن تعتذر منه ؛ ليرفع كف يده يرفض إعتذارها قبل أن تقوله :
-إعتذارك مرفوض يا مليكة ، أنا ما بقبلش الإهانة وما بسامحش عليها
والتف يخرج من الغرفة لتهرول خلفه تلحق به سريعا وقفت أمامه تحادثه متوترة تعتذر منه :
- جاسر أنا آسفة بجد آسفة ، أنا بجد مش عارفة إزاي قولت كدة ، أنا كنت جيبالك هدية وقولت أحطاهالك في المكتب عشان لما تفتحه تتفاجئ ، بس لما فتحت أنا الدرج اتصدمت وافتكرتك كنت بتخدعني وهتعمل فيا زي ما عمار عمل ، ساعتها اتصدمت وحسيت بذعر شديد أوي ، أنا آسفة يا جاسر بجد آسفة عشان خاطري ما تزعلش مني أرجوك
ظل إليها للحظات ، يتذكر مقطع الفيديو الذي رآه لها على حاسوب عمار ، كانت تعاني وتبكي تتوسله أن يرحمها ... حاول أن ينظر لما حدث من جهتها هي ليجد لها عذرا ، ووجدها محقة ولكنه لن يسامح على إهانته التي وجتها إليه
، رفع سبابته أمام وجهها يتحدث :
- رغم أن عاذرك ، بس أنا بردوا ما أقبلش الإهانة يا مليكة وما أقبلش أنك تشككي فيا وتقولي عليا دكتور قذر لازم يتشطب اسمي من النقابة ، رغم أنك شوفتيني في جلساتك مع صاحبتك
حركت رأسها سريعا تصدق على ما قال ، اقتربت منه فرأى الدموع تلمع في عينيها قبل أن تهمس سريعا تعتذر منه تكاد تبكي :
-جاسر أنا آسفة بجد حقك عليا ، أنا أكيد ما كنش قصدي أقول كدة ، وما كنش قصدي يحصل كدة تاني يوم جواز ، عشان خاطري يا جاسر لو بتحبني
يحبها ، نعم يفعل ويؤلمه قلبه لأنها تكاد تبكي بسببه ، تنهد بعمق يحاول أن يبتسم كي لا تبكي ، تحرك إليها خطوة واحدة يحملها بين ذراعيه دون مقدمات يتحرك صوب غرفة نومهم يتحدث عابثا :
- أنتِ عارفة أن سيجموند فرويد قالك أن شخصية الإنسان بتكون من 3 عناصر الهوية والأنا ، والأنا العليا ، تعالي أنا هشرحهملك بالتفصيل
___________
استيقظت على صوت بكاء طفلها الصغير ، فتحت عينيها تنظر للمكان حولها ، شقة رعد جلبها هنا بالأمس ، قامت من مكانها صوب فراش الصغير تحمله تهدهده ، توجهت إلى المطبخ لتجد علبة الحليب على طاولة المطبخ وزجاجة لإطعام الصغير ، أعدت له الحليب وجلست على أحد المقاعد في الصالة تطعمه وهو بين أحضانه قبل أن تشرد فيما حدث بالأمس
Flash back
تحرك بالسيارة بعد أن أخبره أبيه أن عليه العودة للبيت ، ينظر أمامه يبدو شاردا يفكر ، أما هي فكانت تجلس جوار ملاك التي لم تتوقف عن البكاء ، أبعدتها طرب عن أحضانها برفق تكوب وجهها بين كفيها تحادثها مترفقة :
- ما تعيطيش يا ملاك هو اللي خسرك مش أنتِ اللي خسرتيه ، إنتِ ما اذيتهوش في حاجة ، ولا أنتِ حق مكتسب ليه عشان يعاملك بالأسلوب دا ، طالما ما بيحترمكيش يغور في داهية  ، مش من حقه يهينك ، مش من حقه يقلل منك ، الحب من غير إحترام مالوش لازمة
كانت تقصد يوسف ورعد معه ، نظر رعد لها من خلال مرآة السيارة الأمامية ، تتحرك عيناه على قسمات وجهها ، اختلفت طرب كثيرا عما يعرف، يشعر بالندم على ما اقترفت يداه في حقها ، وقف أمام منزل كاملا والدة ملاك ، نظر لملاك يطلب منها النزول :
- ملاك ممكن تنزلي عاوز اتكلم معاكي كلمتين
تحركت ملاك من جوار طرب تنزل من السيارة وفعل رعد وقفا بالقرب من السيارة فاستطاعت طرب سماع ما يقوله رعد لها :
- ليه ما قولتليش يا ملاك ، وازاي تسكتي على اللي كان بيعمله أنا كنت دايما بكلمك ودايما بقولك اللي حصل بيني وبين طرب ، مش هيغير أنك زي مريم ، صدقيني أنا هحاسب يوسف ، زمان بابا نفضه أصلا ، ادخلي يلا ارتاحي وأنا هاخد طرب ونروح لبابا
نظرت ملاك لطرب تحاول أن تبتسم قبل أن تومأ برأسها تلوح لها ، لا ترغب سوى في أن ترتمي على فراشها وتبكي
عاد رعد للسيارة يقودها متوجها إلى منزله الخاص ، لتقطب طرب جبينها تسأله مستنكرة :
- أنت رايح فين ، بيت عمي جاسر مش من هنا ، هو مش قالك روح ملاك وهات طرب وارجع البيت
لم يلتفت لها بل أكمل طريقه لمنزله يتحدث لامبلايا :
  -والله أنا حر ، أنا مش عيل صغير ، أنتي بترضعي يونس طبيعي ولا صناعي ؟
شعرت بالخجل من سؤاله ؛ لتقطب جبينها تسأله مستنكرة ما يقول :
-وأنت مالك بتسأل ليه اصلا
تأفف يمسح وجهه بكف يده يسخر منها :
-طرب بالله عليكي اليوم مش ناقص غباء ، عشان لو بترضعيه صناعي نقف قدام أي صيدلية نجبله اللبن
فهمت لما سأل ولكنها تضايقت من طريقته لتحتد نبرتها تردف :
- لاء بقولك إيه إحنا بينا إتفاق ، وما تكلمنيش بالأسلوب دا أنا مش غبية ، إحنا اتفقنا 3 شهور زي ما قولت يا تخليني اسامحك فيهم يا تطلقني وتتنازلي عن حضانة الولد خالص وهاخده وأسافر ومش هتشوفني ولا هتشوفه تاني
رأته كف جز على أسنانه يعتصر المقود بين كفيه بعنف يحاول أن يهدأ على ما يبدو ، أدار محرك السيارة ووقف أمام أقرب«صيدلية » نظر إليها يطلب منها أن تخبره باسم الحليب وفعلت ، نزل من السيارة وغاب لبضع دقائق قبل أن يعود وفي يده حقيبة بها علبة الحليب وزجاجة حليب صغيرة ، أكمل طريقه لتعلق هي ساخرة :
- هو إحنا رايحين ، أنا ما عييش هدوم لا ليا ولا ليونس
أكمل طريقه دون أن يلتفت إليها إلى أن وصلا إلى شقته ، نزل من السيارة يلتقط الحقيبة التي بها الحليب ، توجه إلى الباب الخلفي يحمل الصغير منها ، نزلت تلحق به وقفت جواره في المصعد ، أرادت أن تأخذ الصغير منه حتى تضايقه فقط ولكنه رأته ينظر له يبتسم سعيدا ويونس كان يبتسم هو الآخر يحرك هو الهواء يمسك بوجه أبيه بكفه الصغير ، فابتسمت سعيدة لم ترد أن تُفسد الصورة السعيدة أمامها بل أرادت أن تلتقط لهم صورا ولكنها لم تفعل ، حافظت على ملامح وجهها هادئة إلى أن وصلا إلى الطابق المطلوب ، تقدمها يفتح الباب ، دخلت إلى شقته تنظر حولها متضايقة ، تكره هذا المكان فهنا كان يتفنن في إشعارها بالاحتقار والإذلال أثر كلماته السامة المؤذية ، صحيح أن المكان يختلف كثيرا عما تتذكر فيبدو أنه قد بدل أثاث البيت بأكمله حتى ألوان الحوائط ولكنها لا تزال تكره المكان ، حاولت ألا تبدو متضايقة أمامه ولكنه كان يعرف أنها متضايقة سمعته يقول :
- أنا اتواصلت مع سمسار النهاردة وهيشوفلنا شقة تانية وهبيع دي ، وجودنا هنا مؤقت ، ادخلي الأوضة اللي قدامك
وفعلت تحركت صوب الغرفة المقابلة لهم ، فتحت المقبض ودخلت أول ما جذب أنظارها كان فراش أطفال صغير موضوع في جانب الغرفة والعديد من الحقائب الموضوعة على الفراش ومن ثم سمعت صوته يقول من خلفها :
-أنا جبت سرير ليونس وجبتله هدوم عندك على السرير اهي ، وهدومك في الدولاب ، خدي دش لو حابة وغيري هدومك ، هطلب أكل
التفتت له ترفض اقتراحه الأخير :
- لاء الوقت اتأخر جداا وأنا ماليش نفس ، أنا عاوزة أنام ، هات يونس أغيرله
اخذت منه الصغير بدلت ثيابه ونظفته ووضعته في فراشه بعد أن نام ، ومن ثم التقطت منامة من القطن توجهت إلى المرحاض اغتسلت وبدلت ثيابها ، وقفت أمام مرآة المرحاض تتنفس بعمق تحاول أن تهدأ ، لن تدعه يضع إصبعا عليها ، لن تستلم له .. خرجت من المرحاض لتراه يضجع إلى الفراش يعبث في هاتفه فلم تستطع سوى أن تعلق ساخرة :
- ويا ترى بقى بتكلم مين الفجر ، الهانم اللي كنت جايبها تعملك مساچ
ابتسم ولم يعقب ، توجهت إلى الفراش تنام بعيدا عنه توليه ظهرها ، شعرت به يتسطح خلفها ، انتفضت لف ذراعه حول خاصرتها يقربها منه ؛ لتنتفض هبت جالسة ترفض اقترابه منها :
- إيدك ما تتحطش عليا ، وما تلمسنيش يا رعد
يا أما هقوم أنام في اي أوضة تانية
قلب عينيه يبتسم ساخرا قبل أن يوليها ظهره ، ظلت تنظر إليه لعدة لحظات في حدة قبل أن ترفع الوسادة تصدمه بها بعنف ، التفت إليها يقطب جبينه غاضبا كاد أن يصرخ فيها حين ابتسمت تقول بوداعة :
- سوري كنت بعدل المخدة ما كنش قصدي ، لو سمحت أقفل النور
Back
أجفلت على صوت دقات عنيفة على باب المنزل ، توجهت لتفتح فسمعت صوت رعد يحادثها :
- استني أنا هفتح ، مين اللي بيرزع على الصبح كدة
وتوجه إلى باب المنزل فتحه ليُبصر وجه أبيه يشتعل غضبا ، دفعه في صدره بقوة ؛ ليدخل إلى المنزل يصفع الباب بعنف يصرخ في وجه رعد بعلو صوته :
- هو أنا مش قولتلك تجيب مراتك وترجع البيت ، إنت ما بتسمعش الكلام ليه ؟
ابتسمت طرب في خبث قبل أن تردف سريعا تُشعل
نيران غضب جاسر :
- أنا قولتله يا عمي ، قولتله عمي جاسر قالك تروح ملاك عند مامتي وتجيب طرب وترجع البيت ، زعق فيا وقالي أنا حر ، أنا راجل ، أنا أسد ، أنا نمر ، أنا فهد وكلام كدة كله حيوانات وما رضيش يسمع كلامك
توسعت عينا رعد ينظر إليها مدهوشا أما هي فاحتضنت يونس إليها تنظر لرعد تبتسم في خبث ، أما جاسر فاشتعل غضبا .. نظر صوب طرب يطلب منها:
- خدي يونس وخشي جوا يا طرب
حركت رأسها بالإيجاب دون تردد فهي الابنة المطيعة المهذبة هنا على ما يبدو ، دخلت للغرفة تضع الصغير على الفراش ومن ثم توجهت إلى الباب تفتح شق صغير تنظر لما يحدث في الخارج وقد كان كالآتي ، اقترب جاسر من رعد يقبض على تلابيب ثيابه يصرخ فيه:
- هو أنت فاكر عشان سيبتلك الحبل شوية تعمل ما بدالك ، إني هسيبك كدة على طول ، أنا سيبتك تجرب وتعيش ولقيتك أول حاجة عملتها ، دورت على الغلط وعملته ، كدة أنت راجل بقى صح
فما كان من رعد إلا أنه أنتزع نفسه من بين يدي والده عاد عدة خطوات للخلف يلتقط علبة التبغ من فوق الطاولة خلفه ، أشغل سيجارة ينفث دخانها بهدوء نظر لأبيه يبتسك ساخرا :
- ما تبطل بقى ، هو أنت فاكر أن أنا كدة هنهار وأقول إزاي أنا وحش كدة ، إنت اللي عملت كدة واديك بتحصد اللي زرعته ، تقدر تقول ذنبك ربنا بيخلصه منك ، هو أنت فاكر اللي عملته زمان دا هيعدي بسهولة كدة ، فلو سمحت خليك بعيد عن بيتي ومراتي وابني
زي ما أنا بعيد عنكوا ، شرفت يا جاسر باشا !! ، نتقابل في المناقصة الجاية
وقف جاسر مكانه ، للحظة شعر بأنه وهن وبات هرما ، رعد يطرده خارج منزله ، الوقح كيف يفعل ذلك ، شعوره بالغضب يدفعه بأن يبرحه ضربا حتى لا يفكر حتى في فعل ذلك من جديد ، لا يعرف حتى كيف يتمالك زمام نفسه ، ربما لأنه المخطئ منذ البداية ، ربما لأن ما يحدث الآن بفعل يديه ، ربما لأن رعد عانى منه كثيرا ، الكثير من الاحتمالات منعته من أن يصفعه حتى ، نزر إليه يبتسم في هدوء يحرك رأسه موافقا :
- نتقابل في المناقصة يا رعد باشا
وتحرك للخارج يجذب الباب خلفه وارتمى رعد إلى المقعد خلفه يدهس سيجارته في الطاولة المجاورة له يشعر بغصة عنيفة تلكم صدره ، رفع كفيه يخفي وجهه خلفهما يتنفس بعمق ، يشعر أنه يتحرك إلى الهاوية يريد تلك اللحظات التي كان يعيش فيها مع أبيه وهما على وفاق ، مر أمام عينيه سريعا ما حدث منذ أن علم بالحقيقة يوم الحفل حتى اللحظة الحالية ، حين رفع وجهه رأى طرب تقف أمامه ترميه بنظرة حادة قبل أن تردف تنهره على ما قال :
- مبسوط لما طردت والدك ، تعرف يا رعد أنا لو بابا كان عايش ما كنش حصلي اي حاجة من اللي حصلتلي دي ، كان زماني لسه طرب هانم المهدي ، أقولك على حاجة والدك لما عرف مكاني فضل يلح عليا عشان ارجع مصر وأنا كنت رافضة وكنت بتحايل عليه ما يقولكش مكاني ، لحد ما في مرة لقيته بيكلمني وبيترجاني اني أرجع ، وبيحكيلي على العك اللي أنت بتعمله ، عشان خاطره رجعت ، رعد أنت مش ملاحظ أن كل اللي بيحبك وبيدور على مصلحتك أنت بتدور ازاي تأذيه ؟! ، أنا رايحة عند ماما عن إذنك
وتوجهت إلى الغرفة من جديد تصفع بابها بعنف وظلت جملتها تتردد في رأسه بعنف ، ظل هكذا إلى أن رآها تخرج تحمل طفلهم الصغير تتحرك صوب الخارج ، أمسك بكف يدها لتنزعه من كفه بعنف ، أعطته نظرة عتاب طويلة تحادثه محتدة :
- لما ترجع رعد اللي أنا عرفته وحبيته ، وتروح تعتذر لوالدك ، أنت عارف مكاني
وتركته وخرجت من المنزل تصفع الباب عليه وحيدا !!
_____________
أستقل سيارته يتحرك متوجها إلى جامعتها ، وليد محق ووالده محق لا يصدق أنه كان لعبة خيوطها في يد الشيطان !! ، تذكر ما حدث مع والده صباحا
Flash back
قبل ساعتين من الآن كان في غرفته ينظر للفراغ شاردًا عينيه تائهة سابحة في بوتقة بعيدة ، مخطئ جاني ، نعم هو كذلك ولن يسامح نفسه على ما فعل في حقها ، انتبه حين فُتح باب غرفته ودخل أبيه ، بسط كفيه على سطح الفراش ينتصف جالسا توقع وصلة توبيخ أخرى من أبيه ، إلا أن جاسر اقترب يجلس أمامه على الفراش ينظر إليه دون أن يتحدث ؛ ليشعر لأول مرة أن عينيه تخجل من النظر لعيني أبيه ، تنهد بحرقة أما جاسر فمد يده يربت على كتف يوسف يحادثه متضايقا :
- كنت فاكرك أذكى من كدة ، كنت شايفك ناضج وعاقل بقول دايما أن يوسف سابق سنه ، ما كنتش متخيل أن الشيطان يضحك عليه بالبساطة دي
قطب يوسف جبينه مستنكرا جملة أبيه الأخيرة ، رفع وجهه إليه يتمتم متعجبا :
- الشيطان!
حرك جاسر رأسه بالإيجاب يتحدث من جديد :
- ايوة ، هو أنت فاكر أن الشيطان وظيفته يقولك اسرق ، اكدب ، اقتل ، غش
دا كان زمان يا يوسف ، الشيطان دلوقتي بيتطور مع تطورات العصر ، وشايفك عمال تقفل الأبواب قدامه وشق صغير اتفتح باللي حصل بين أخوك ومراته فدخلك منه عشان يشكك في ملاك ، عشان ينغص عليك عيشتك ، عشان تتصرف معاها بالعنف والأسلوب دا ، مين أداك حق أنك تعنفها تزعق وتشخط فيها ، تحطها دايما في موضع شك ، تمد إيدك عليها وأنا مش قادر استوعب أنك فعلا عملت كدة ، يوسف اللي بحكي وبتحاكى بأخلاقه استقوى بعضلاته على بنت صغيرة قضت نص عمرها على كرسي متحرك ، نفسها تخرج وتتفسح وتشوف الدنيا اللي اتحرمت منها ، راجع مع نفسك اللي عملته يا يوسف وصدقني هتصغر أوي في عينك ، زي ما صغرت في عيني ، أنا رايح لأخوك أنا مش عارف ايه اللي جرالكوا يا ولاد مهران
Back
انتبه فجاءة حين شعر بدموعه تحرق خديه ، أوقف السيارة على جانب الطريق نظر لوجهه من خلال مرآة السيارة الأمامية ليرى أنه كان يبكي وبحرقة ، شعر بمدى كونه ضئيلا كما قال أبيه ، تذكر وجه ملاك في كل مرة كان يقسو فيها ، تذكر ابتسامتها وبراءتها ، تذكر إلحاحها عليه لتسافر لتخرج لترى العالم الذي حُرمت منه لسنوات ، وهو كان وغدًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ... مسح وجهه بكفيه يدير محرك السيارة ينطلق بها سريعا إلى الجامعة ، وصل بعد مدة قصيرة توجه ليصف سيارته ليقطب جبينه حين رأى نصار يتوجه إلى سيارته يتحدث في الهاتف يبتسم يتحدث:
- خلاص يا حبيبتي مش زعلان ، أنا كنت جاي اشوفك ما قولتليش إن ميعاد محضرتك اتغير ودا مش عادتك يعني ، هكلمك لما أوصل عشان أشوف هنتقابل تاني إزاي
وأغلق الخط مع من كان يتحدث ومن ثم أدار محرك سيارته وغادر ، في تلك اللحظة شعر يوسف بشعور سيء للغاية واستوطن عقله فكرت فكرة واحدة أن نصار كان يحادث مريم !! ، الفكرة مقززة للغاية وربما هي فقط وهم من الشيطان ليؤرق حياته كما فعل مع ملاك ، تنهد ينزل من السيارة ، دخل إلى الجامعة يبحث عنها رأى مريم تجلس على مقعد في المقهى حيث اعتادت ، وملاك ليست هنا اقترب من مريم يسألها بهدوء:
- هي ملاك ما جاتش ولا ايه
حركت مريم رأسها للجانبين توجه أنظارها للكتاب أمامها ، نظر يوسف إلى هاتفها يسألها فجاءة :
- أنتِ موبايلك كان مشغول ليه ، بتصل بيكِ بقالي فترة مشغول
ابتسمت في هدوء تفتح هاتفها أمامها، حركت شاشة هاتفها أمام وجهه تتحدث ببساطة :
- ما كنتش بكلم حد ، الموبايل اهو قدامك ، هتروح تاخدني معاك ؟
اومأ برأسه ، تعجب أن مريم لم تسأله عما حدث بالأمس ، مريم في الفترة الأخيرة باتت غريبة منعزلة عن الجميع بشكل مبالغ فيه ، لل تهتم سوى بنفسها حتى ملاك لم تعتد تهتم بها كصديقة ، تحرك جوارها لف رأسه إليهل يحاول أن يبتسم يسألها :
- بقالنا كتير أوي ما قعدناش مع بعض ، مريم أنتِ بتبعدي عني ليه ، دا احنا كنا أقرب اتنين لبعض ، مريم أنتي اتصلتي بملاك تسألي عليها ؟
توترت مريم لعدة لحظات قبل أن تحرك رأسها للجانبين ، ابتلعت لعابها تهمس متوترة :
- ها ، لاء هكلمها لما أروح كان عندي محاضرات كتير النهاردة
وقف يوسف أمام مريم يبتسم يحادثها متلهفا :
- تعالي يا مريم نرجع زي ما كنا أنا حاسس إن الموجة جرفتنا أوي ، نرجع يوسف ومريم نرجع لكل حاجة قديمة فاتت ، دا إحنا كنا أصحاب أكتر من كونا أخوات ،  نرجع تاني نذاكر مع بعض ، وتفضلي أنتي فاردة الورق على الترابيزة وأنا واخد مساحة 2 سم حاطط فيهم كتاب بالعافية ،.. مريم أنا حاسس أننا بقينا غُرب ودا إحساس وحش أوي
طرب رجعت وهترجع هي ورعد البيت ، وكل حاجة هترجع زي ما كانت قولتي إيه
لم تكن لترفض فهي ايضا اشتاقت لتلك الحياة التي يحكي عنها يوسف ، ابتسمت تحرك رأسها موافقة لتتسع ابتسامته يود أن يعانقها ولكنهم في منتصف الجامعة ، الخطوة القادمة ستكون إعادة ضم الأطراف القديمة وأولهم مراد وملاك ووليد
_________
وصلت سيارة الأجرة إلى منزلها ، نزلت منها بعد أن حاسبت السائق تتوجه للداخل فتحت لها سيدة لم ترها قبلا وعرفت أنها مساعدة والدتها في المنزل ابتسمت لها تسألها :
- اومال ماما وملاك فين
بدت السيدة متوترة قليلا لسبب لا تعرفه طرب ، حمحمت تخبرها :
- الآنسة ملاك نايمة غرقانة في النوم ، ومدام كاملا في أوضتها ، عنك يا بنتي أوديه أوضتك
أعطت طرب يونس للسيدة أمامها تبتسم تشكرها ، صعدت لأعلى قاصدة غرفة ملاك ولكن جذب انتباهها صوت رجل يأتي من غرفة والدتها ، جعدت جبينها مستنكرة ما تسمع ، تحركت إلى غرفة والدتها بدلا من غرفة ملاك ، وضعت أذنها على باب الغرفة تسمع ما يحدث بالداخل لتتسع عيناها ذهولا حين سمعت والدتها تقول :
- عُدي امشي قبل ما ملاك تصحى أو طرب ترجع ، لو سمحت اتفضل يلا
شعرت بالغضب الشديد والدماء تندفع بين أوردتها تتذكر كل لحظة عانت فيها بسبب عُدي والآن هو هنا في بيتها ، في غرفة نوم والدتها ... فتحت الباب بعنف دون مقدمات لترى والدتها تقف أمام عُدي في منتصف الغرفة شهقت كاملا حين رأت طرب ، أما طرب فتحركت إلى عُدي تدفعه في صدره بكل قوتها تصرخ فيه بشراسة :
- أنت ايه اللي جابك هنا ، إزاي تدخل البيت دا ، إزاي تسمحيله يدخل أوضتك ؟!
ابتسم عُدي ساخرا يكتف ذراعيه أمامه نظر إلى كاملا يتحدث متهكما :
- ما تقوليلها يا كاملا ، هتقوليلها ولا اقولها أنا
ومن ثم نظر إلى طرب يتحدث ساخرا:
- كاملا هانم كانت بتخون جلال باشا مع أخوه الصغير دي حتى ملاك تبقى .....
_____________
في الموقع الخاص بالبناء
وقف چوري أمام رسم هندسي لنادي رياضي
وجوارها ذلك المهندس المدعو بعمر ،الذي التفت لها يسألها:
- من ساعة ما جيتي وأنا بحاول أسألك بس الشغل كان كتير ، قولتي لوالدك إني عاوز اتقدملك
ابتسمت في وجهه كادت أن تقول نعم حتى رأت حسين يقترب منها يبدو غاضبا بشكل لم تعهده منه قبلا ، اقترب منها يمسك بكف يدها يجذبها لتسير معه بعيدا عن عمر ، الذي صرخ فيه :
- أنت اتجننت يا حسين ، ايه الهمجية دي سيب ايدها ، دي تعتبر خطيبتي دلوقتي
توقف حسين فجاءة وترك يد چوري والتفت إلى عمر تحرك إليه يقبض على تلابيب ثيابه يقربه منه يصرخ فيه :
- دي مرااااتي
الجملة صدمت كل من كان واقفا ، چوري أصابها الذهول أثر ما سمعت منه ، أما هو فدفع عمر بعيدا وتوجه إليها يتحرك بها إلى مبنى بعيد عن الأنظار ، أما هي فكانت بين أمواج صدمة ما قالت ، إلى أن توقف بها بعيدا ، هنا بدأت تستيقظ نظرت إليه تصرخ فيه :
- مراتك إزاي ، إنت مش طلقتني ، دا احنا مطلقين بقالنا أكتر من سنة ، إنت بتقول اي كلام
وقف حسين أمامها يحرك رأسه للجانبين ، بدا منفعلا هو الآخر يصيح بعلو صوته:
- لاء يا چوري ما بقولش أي كلام أنتي مراتي ، عمي جاسر وقتها قالي ما اطلقكيش وهو هيقولك إني طلقتك ، وأحاول تاني اكسب ثقتك ، مع إني ما كسرتهاش اولاني ، كنت ضحية زيي زيك ، روحت قدام ابوكي قولتله اعتبرني اعتديت عليها وحاسبني أنا هي مالهاش ذنب ، وكنت مبسوط طاير من الفرح ، وأنا شايف علاقتنا بتتحسن وأنا شايفك غيرانة عليا ، بس أنتِ قررتي تحمليني الذنب لوحدي
طول السنة اللي فاتت وأنا ناقص بس اتشقلب عشان تسامحيني على ذنب أنا ما عملتوش اصلا ، وفي الآخر عمر جاي يخطبك، البيه بيقولي دي خطيبتي دلوقتي ، تخيلي أنا سايب مراتي واقفة مع راجل غريب معتبرها خطيبته ، ايه رأيك القرون ماشية مع القميص
بصي يا چوري أنا دايما بقولك إني بس عاوزك تكملي في علاقتنا وأنتي راضية وسعيدة ، بس طالما فيها خطيبتي بقى فتبقي راضية مش راضية وحياة أمي وأمك اللي هي تبقى عمتي لهتكملي في العلاقة دي ، حسين الهادي العاقل خلاص راح ، أنتِ ضربتي البرج الفاضل في دماغي ، عارفة يا چوري لو شوفتك واقفة مع اللي اسمه عمر دا تاني ، هتروحي تلاقيني نايم في أوضتك وهخليكِ تتفاجيء بباقي التفاصيل
ومن غير سلام
___________
وقفت أمام مكتب جواد دقات قلبها على وشك أن تحطم صدرها وتفر من الخوف ، تشجع نفسها على أن تمضي قدما أخذت نفسا تليه الآخر قبل أن تدخل للداخل ما أن فعلت رأت شاب لا تعرفه يقترب منها يحمل صينية على سطحها كوب من القهوة يغمغم سريعا متلهفا :
- أنتِ جيتي يا رحمة ، دا باشمهندس جواد على آخره وقالب عليكِ الدنيا ، أدخلي وديله القهوة بسرعة
ووضع الصينية بين يديها ورحل كاد أن تصرخ فيه أن ينتظر ولكنه اختفى من أمام عينيها دون مقدمات ، هي حتى لا تعرف أين مكتب جواد ، اقتربت منها فتاة أخرى بعد عدة لحظات تغمغم سريعا :
- يا رحمة اتحركي واقفة ليه ، يلا يا ماما افتحي الباب اللي قدامك دا ، مالك متسمرة كدة ليه
تنفست بعنف تكاد تبكي ، يا ليتها لم توافق على خطة أبيه حركت رأسها تتحرك صوب الباب أمامها، دقت الباب لتسمع صوت جواد يأتي من الداخل ، انتفضت كل ذرة بها لا تصدق أنها ستراه بعد كل تلك المدة ، دخلت إلى مكتبه كل ذرة بها ترتجف رأته يجلس خلف مكتبه دق قلبها بعنف حين وقعت عيناه عليها ، اختلف عما تذكر ، وجهه بات أكثر هدوءً ولكن ملامح وجهه باتت أكثر حزنا ، اشتاقت له لدرجة تجعلها تنتفض ، انتبهت حين سمعته يقول :
- كنتي فين يا رحمة واتأخرتي كدة ليه وطالما هتتأخري ما اتصلتيش تبلغيني ليه
لم تستطع أن تتحدث ، جرت قدميها إلى مكتبه تضع الصينية على الطاولة لتسمعه يقول :
- أنتِ لسه زعلانة بقى عشان زعقتلك إمبارح عشان كدة مش عاوزة تردي عليا ، طب تعالي في حضني وأنا هصالحك
توسعت عيناها تنظر إليه مذهولة ، أما هو فضحك بخفة يردف ساخرا :
- ايه يا بنتي ، مالك النهاردة وبعدين اقلعي النقاب هو أنا غريب ، دا أنا جوزك!!!

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن