للقلب سلطان آخر
الجزء الثالث
من
أسيرة الشيطان
الفصل التاسع و الثلاثون
الجزء الأول
¤¤¤¤¤¤¤¤
انتفضت بكت وصرخت وتوسلته أن يبتعد ، توستله إلا يفتت حياتهم قبل حتى أن تبدأ ولكنه لم يستمع ، لم يستمع أبدا ، أغمضت عينيها تعتصر جفنيها من الألم ، وحين فتحت مقلتيها أبصرت حسين يجلس أمامها في السيارة يبسط كف يده أسفل ذقنه يستند إلى عجلة القيادة ينظر إليها ساخرا قبل أن يتمتم يتهكم منها :
- ها اغتصبك كام مرة ؟!
جعدت جبينها مستنكرة ما يقول تنظر لنفسها وللمكان حولها لا تفهم ما الذي حدث توا ، التفتت برأسها هنا وهناك قبل أن توجه أنظارها إليه تصرخ فيه :
- أنت عملت فيا ايه يا حيوان ، بابا مش هيسيبك ، أنا هخليه يموتك
ابتسم حسين ساخرا يومأ برأسه يتهكم مما تقول من جديد :
- وهتقوليله ايه بقى ، اقتله يا بابا عشان اغتصبني في الحلم ! ، چوري أنا قولتلك ألف مرة بطلي فُرجة على مسلسلات وأفلام تركي ، أهي لحست دماغك
لم تقتنع بما يقول الوغد يحاول خداعها ، كورت كف يدها تصدمه على صدره بعنف كبير تصرخ بلا توقف :
- أنت فاكر أنك هتعرف تضحك عليا ، فاكر أنك هتوهمني إني كنت بحلم ، أنا هوديك في ستين داهية وهرفع قضية وهقدم فيك بلاغ ، وهقول لبابا أنك خدتني بيتك المهجور دا ، وقطعت هدومي واغتصبتني ، والطب الشرعي هيثبت دا
ظل ينظر إليها مدهوشا مما تقول يتأوه من ألم ضرباتها العنيفة على صدره ، إلى أن مل مما تقول أمسك بقبضتيها بين كفيه يصرخ فيها لتتوقف عن الصراخ :
- بس خلاص ، ااايييه بلاعة واتفتحت ، ولا خدوهم بالصوت عشان ما أحاسبكيش عل المصيبة اللي عملتيها ، بيت مين يا أمي أنا أقسملك بالله لسه ما جبت شقة حتى نتجوز فيها ، وهدومك عليكي أهي هقطعهالك إزاي ، مش أنا قولتلك بطلي فرجة على تركي ، شوفي البيت دا في أنهي مسلسل بقى
صمتت فجاءة وهدأت موجة غضبها أخيرا ، حين تذكرت شيئا واحدًا فقط ، أن ذاك البيت الذي أخذها حسين إليه هو نفسه البيت الذي رأته في حلقة مسلسل الأمس الذي اعتدى فيه الشرير على البطلة المسكينة ، ابتلعت لعابها متوترة تُخرج كفيها من بين كفي حسين ، رفعت يدها إلى رأسها تشعر بالصداع الشديد لتتأوه متألمة حين لامست يدها رأسها ، شعرت بألم شديد ، فتحت حقيبة يدها تُخرج مرآة صغيرى نظرت من خلال لترى كدمة قوية ، في منتصف جبينها تحتل جزء كبير من جبينها ، نظرت إلى حسين تسأله :
- هو أنا اتخبطت إزاي
تنهد هو السبب في تلك الكدمة القوية في رأسها ، توتر يتهرب بعينيه منها قبل أن يقول مرتبكا :
- أنا ما كنش قصدي أنا كنت سايق العربية على سرعة عالية ووقفت فجاءة بسبب الإشارة ، جسمك اتحدف على قدام واتخبطتي في دماغك واغمي عليكي
كدمة رأسها أفضل بكثير من حُلمها البشع تنهدت مشوشة تغمض عينيها تحاول أن تتخلص من بقايا ذلك الحلم السيء الذي علق برأسها ، انتفضت في الثانية التالية حين تحدث غاضبا :
- أديكِ فوقتي وحمد لله على السلامة وطلعت في الآخر المغتصب الشرير ، ممكن تقوليلي بقى ايه القرف اللي أنا شوفته دا ، أنتِ إزاي تسيبيه يبوسك يا هانم يا محترمة يا بنت الناس
انتفضت غاضبة منه ، التفت قليلا ناحيتها تُشهر سبابتها أمام وجهه تصرخ فيه:
- ما اسمحلكش يا حسين ، لو شاكك واحد في المية أن أنا مش محترمة اتفضل طلقني حالا ، الحيوان دا باسني بالعافية وأنا كنت بزقه وببعده عني لما أنت جيت ، أنت لو بتشوف أصلا ، كنت شوفت إني بزقه وبضربه مش حضناه وببوسه يا أعمى البصر والبصيرة
توسعت حدقتاه ذهولا چوري سليطة اللسان تشتمه ، ولكنها محقة هو لم يرها تقبله رآها تدفعه وهو من يمسك برأسها يجذبها نحوهه ، الوغد يشعر أن ما فعله معه ليس بكافيا ، سيعود ويحطم عظام جسده أجمع ويطحنهم إلى فتات ، تنفس بعمق مسح وجهه بكف يده قبل أن ينظر إليها ابتلع لعابه يتمتم يعتذر منها :
- أنا آسف !
توسعت عيناها هي الأخرى لم تكن تظن أنه سيعتذر هكذا ببساطة ، تشعر بالغضب الشديد منه بسبب الحُلم ، ولكنه لم يفعل شيئا وها هو الآن يعتذر ، تنهدت هي الأخرى تومأ برأسها تتحدث بهدوء :
- حصل خير ، هو الحيوان دا من البداية ما كنتش نيته سليمة وأنا اللي كنت مخدوعة فيه ، وأكيد هو عمل كدة عشان تشوفنا ويخرب علاقتنا
حرك رأسه يوافق ما تقول ، يقسم أن ما فعله لن يمر مرور الكرام أبدا ، سيعمل على طرد الوغد من عمله بعد أن يحطم عظامه ، نظر إليها مقررا أن يبدل دفة الحديث ، مد يده برفق يتحسس الكدمة على جبينها لتتأوه متألمة تنكمش بعيدا عنه ، اضطربت حدقتيها خوفا ليتنهد يتحدث يائسا :
- چوري والله العظيم كان حلم ، وبعدين أنتي دماغك مش كويسة عشان تحلمي بيا حلم زي دا يا قليلة الأدب
توسعت عيناها ذهولا تنظر إليه حانقة وقبل أن تصرخ ارتسمت إبتسامة عابثة على شفتيه يحرك حاحبيه يشاكسها :
- وبعدين في نظرية في علم النفس بتقولك ان الأحلام تفريغ لرغبات الإنسان اللي مش عارف يحققها ،يا قليلة الأدب
شهقت بعنف ، قبضت على حقيبة يدها بعنف تصدمه بها مرارا وتكرارا تصرخ فيه غاضبة :
- أنت اللي قليل الأدب ، طلقني بقولك طلقني
ضحك عاليا يدير مُحرك السيارة يكمل طريقه إلى منزل أبيها ، وهي تصرخ فيه طوال الطريق أن يطلقها ، وهو يضحك يسخر منها ، حين وصلوا إلى حديقة المنزل ، رأت سيارة أبيها تقف ورأت يوسف ومعه صديق أبيها ذلك الرجل بات جزءًا لا يتجزء من حياتهم ، يخرجان من السيارة سريعا ، يُسندان أبيها ، هنا شهقت بعنف نزلت من السيارة تهرول صوب أبيها وقفت أمامه تنظر إليه مذعورة تسأله :
- مالك يا بابا ، حصل ايه ؟ ماله بابا يا يوسف
ابتسم جاسر في وهن ، قبل أن يقطب جبينه قلقا ينظر لكدمة رأسها مد يده يتحسسها بخفة يسألها :
- مالك يا حبيبتي أنتِ اتخبطتي ولا إيه
كادت أن تقول شيئا حين سمعت صوت حسين يأتي من خلفها يبرر بدلا منها :
- اتخبطت في العربية يا عمي وأنا سايق كدمة بسيطة ما تقلقش
حركت رأسها سريعا تدمع عينيها ، لتشعر بيد أبيها تمسح على تلك الكدمة في رأسها برفق شديد ، لتمسك بيده سريعا تُقبل كف يده تبكي ، ربت على وجنتها برفق يحادثها :
- يا حبيبتي ما تعيطيش أنا كويس أنا بس تعبت شوية ، چوري أنا عاوز أفرح بيكِ بقى ، أنتِ وحسين اتصالحتوا الحمد لله ، فيها ايه لو عملنا فرح كبير
توترت مما يقول أبيها ، زفاف بتلك السرعة ابتلعت لعابها تحاول أن تقول شيئا :
- ايوة يا بابا بس اصلا لسه ما جابش شقة ، ولسه الشقة ونختار ديكوراتها والعفش وكل الكلام دا محتاج وقت
حرك جاسر رأسه للجانبين بخفة يبتسم يطمأنها :
- لا يا چوري ، مش محتاج وقت وبعدين مالكوش انتوا دعوة بموضوع الشقة ، اتجوزوا وسافروا شهر العسل ولما ترجعوا هكون أنا وعاصم ومامتك ومرات خالك ظبطنا كل حاجة ، عشان خاطري يا حبيبتي أنا عاوز أفرح بيكي قبل ما يجرالي حاجة
توسعت عينا چوري ذعرا تحرك رأسها للجانبين بسرعة تتمتم خائفة :
- ما تقولش كدة تاني أرجوك ربنا يديك الصحة وتفضل دايما معانا
ابتسم جاسر يحرك رأسه قبل أن يعاود الإلحاح من جديد علها توافق :
- ماشي مش هقول كدة تاني ، بس أنا بردوا عايز أفرح بيكِ ، ولا أنت عندك اعتراض يا حسين
نظرت چوري صوب حسين لتراه يحرك رأسه للجانبين يتحدث متلهفا :
- والله أنا لو عليا اتجوز النهاردة ، فاللي تشوفه يا عمي أنا موافق عليه
ابتسم جاسر يومأ برأسه نظر لابنته يغمغم مبتهجا متعبا في الآن ذاته :
- بعد اسبوع أو 10 أيام بالكتير كويس أوي أكون استرديت صحتي ، مبروك يا حبيبتي
وتحرك إليها يقبل جبينها بخفة يربت على وجنتها برفق ، لف ذراعه حول كتفيها يطلب منها يمازحها:
- يلا تعالي طلعيني أوضتي ، أنا هسند على چوريتي حبيبتي يلا امشي أنت وهو من هنا
ابتسمت في وجه أبيها حزينة متوترة ، تتحرك معه لأعلى استأذن حسين وغادر وتحرك البقية لداخل البيت ، أبصر نصار مريم تجلس في منتصف الصالة تضم كفيها تنظر للفراغ شاردة ، تحرك يقف أمامها لترفع وجهها إليه تنظر له متوترة ، بينما أبتسم هو يحادثها مبتهجا :
- بقولك إيه ، چوري أختك هتتجوز هي وحسين ابن خالك دا تقريبا بعد 10 أيام على حسب كلام جاسر ، ما تيجي نعمل خطوبتنا مع فرحهم أو نخليها خطوبة وكتب كتاب ، قولتي ايه ، عشان هطلع دلوقتي أفاتح جاسر ، جاسر تعبان بجد ومحتاج أننا نكون جنبه ونفرحه على قد ما نقدر
_______________
في صباح اليوم التالي
أمام مطار القاهرة الدولي ، تقف هي بسروال من الجينز الأسود وسترة زرقاء تلملم خصلات شعرها للخلف تضع نظارة سوداء على عينيها في إنتظار خروجه ، ابتسمت ما أن رأته ترفع يدها تلوح له ليبتسم هو الآخر يرفع يده سعيدا يلوح لها يُسرع خطاه إليها ، إلى أن باتت أمامها شاب طويل القامة عريض المنكبين أصلع الرأس لديه طبقة خفيفة من الشعر ، ولحية مهذبة ، في بداية حياته حين كان لا يزال طالبا في الجامعة كان يعمل عارض أزياء لحُلل الرجال الباهظة ،وكان نجم العروض الأساسي لوسامته اللافتة للنظر ، إذا لا داعي لوصف مدى قدر وسامته ، ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيه يحادثها مبتهجا :
- طرق وحشتيني أوي ، أنا حقيقي مبوسط إني سمعت صوتك إمبارح ، ومبسوط جداا أنك أنتي بنفسك الي مستنياني في المطار
مدت يدها تزيح النظارة من فوق عينيها تضعها فوق رأسها تحادثه وهي تبتسم :
- وأنت اي حد بردوا يا ظافر ، حمد لله على سلامتك نورت ، اتفضل معايا أوصلك لكمال بيه ، تحب تسوق أنت ولا أسوق أنا
ابتسم يأخذ منها مفتاح السيارة فتح الباب المجاور للسائق ينحني لها قليلا بحركة مسرحية تقليدية مبتذلة يردف :
- لاء طبعا أنا اللي هسوق وأنتي هتقعدي أميرة ، اتفضلي يا أميرة
ضحكت طرب بخفة تدخل إلى السيارة ليغلق الباب عليها ، يضع حقائبه فيها ألتف حول السيارة يجلس على المقعد المجاور لها يدير محرك السيارة لف رأسه إليها يحدثها مبتسما :
- أخبار يونس إيه صحيح ، أشتقتله كتير
ابتسمت طرب بخفة تومأ برأسها تردف :
- كويس كبر شوية صغيرين هتشوفه لما نوصل ، هو كمان بيحبك أوي
ابتسم ظافر يحرك رأسه ، وجه أنظاره للطريق أمامه لعدة دقائق قبل أن يزفر أنفاسه متضايقا يسألها :
- نسيت أسألك صحيح ، أخبار جوزك إيه ، كنتي بتقولي في بينكوا مشاكل هتتحل ، عملتي ايه
- أنا ورعد هنتطلق قريب يا ظافر
قاطعته وقالتها بنبرة هادئة قاطعة ؛ لتشخص عيناه يوقف السيارة سريعا التفتت لها يسألها متلهفا :
- أنتِ بتتكلمي بجد ؟!
حركت رأسها بالإيجاب تؤكد ما تقول ، لترى إبتسامة واسعة سعيدة تشق شفتيه ، عاد يدير محرك السيارة من جديد ينطلق في وجهته يحدثها مبتهجا :
- جبتلك معايا هدايا كتير أوي ، أنا واثق أنهم هيعجبوكي أنا حافظ ذوقك كويس
ابتسمت تُخرج الهاتف من حقيبتها تحادثه وهي تبتسم :
- تعالا ناخد سلفي وننزلها على بيدج الشركة على الانستا
أوقف محرك السيارة مرة أخرى يقترب منها ليظهر معها في الصورة وهو يبتسم ، رفعت طرب الصورة على صفحة الشركة ، وعلى صفحتها الشخصية لتتأكد أن رعد سوف يراها !!
_____________
أما هناك في منزل زينب ووالدها ، قضت ليلة بشعة من البكاء المتواصل لساعات ، وحين استيقظت صباحا وخرجت لترى أبيها رأته يجلس بكل هدوء واريحية في صالة منزلهم وكأن شيئا لم يحدث بالأمس إطلاقا ، فاغتاظت بشدة تحركت صوب المطبخ حيث يوجد أبيها وقفت أمامه تتحدث منفعلة :
- بابا لو سمحت خليه يمشي طلعه برة أنا مش عاوزة أشوفه
التفت أبيها لها يحادثها مترفقا بحالها :
- اهدي يا زينب ، شريف حكالي على كل حاجة ، وهو يا ستي جاي يعتذر ، وحلفي لي أنه مش هيكرر اللي قاله دا تاني أبدا ، ما كنش يعرف أنه كدة بيضغط عليكِ حركت رأسها للجانبين تنهمر الدموع من عينيها يرتجف صوتها ألما :
- وأنا مش عيزاه ، مش عايزة اعتذاره مشيه يا بابا خليه يطلقني ويبعد عن حياتي بقى
أقترب أبيها منها يعانقها برفق يربت على رأسها بخفة :
- يا حبيبتي اهدي ، ما تعلميش في نفسك كدة ، يا حبيبتي والله شريف جدع طيب وابن حلال وهو ما كنش قاصد ، وبعدين أنتي خدتي حقك منه وكسرتي عربيته
ابتعدت عن أحضان أبيها تحرك رأسها للجانبين بعنف تُغرق الدموع وجهها ضربت على قلبها بكف يدها تصرخ من الألم :
- وهو كسر قلبي ، وكسر نفسي ، أنا مش عوزاه ، يا ريتني ما قابلته ولا عرفته ولا حبيته !
وتحركت تخرج سريعا لتعود لغرفتها ؛ وقف أمامها سريعا يعترض طريقها ينظر إليها نادما يود فقط أن يعتذر ويطمع في أن تقبل إعتذاره ، ابتلع لعابه يهمس نادما :
- زينب أنا آسف أنا بجد آسف حقك عليا
ولكنها لم تدعه يكمل هرعت إلى غرفتها توصد الباب عليها بالمفتاح من الداخل ، لحق بها سريعا يحاول فتح باب غرفتها يدق على سطحه يحادثها نادما حزينا :
- زينب أنا آسف ، والله ما هكلمك كدة تاني ، أنا عارف أني ضغطت عليكِ زيادة عن اللزوم ما كنش قصدي يا زينب ، أنا بس كنت عاوزك تبقي أنشف من كدة ، زينب عشان خاطري أخرجي خليني أشوفك طيب قبل ما أسافر ، والله العظيم ما بضحك عليكِ أنا مسافر مأمورية طويلة ، ومش عارف هرجع امتى ، ومش عارف هرجع حي ولا لاء ، آخر مرة كنت بين الحيا والموت ، عشان خاطري يا زينب افتحي الباب
ولكنها لم تفعل ، قاومت بكل ذرة فيها ولم تفعل ، جلست أرضا تستند إلى الباب المغلق تضم قدميها لها تبكي بحرقة ، أما هو فظل يلح عليها ولكنها لم تستمع إليه ، إلى أن شعر بالإحباط ليتنهد يحادثها حزينا :
- ماشي يا زينب ، على راحتك ، أنا آسف
وإن شاء الله لو كان ليا عُمر أشوفك لما أرجع
، طب مش هتخرجي دقيقة واحدة طيب أشوفك قبل ما أمشي
ولكنها لم تفعل ، جلست تصارع ذكريات الماضي وشعورها الدائم بالخوف والنقصان والحرمان ، أغمضت عينيها تنساب الدموع منهم ، لم تعد تريد ذلك الحب لم تعد تريده أبدا
أما شريف فأعتذر من أبيها ونزل لأسفل يجلس في سيارة لأكثر من نصف ساعة علها تخرج لشرفة غرفتها ويراها ، في خضم ذلك دق هاتفه برقم مجدي يطلب منه الحضور في الحال لأنهم على وشك المغادرة فما كان منه إلا أن غادر نظر لشرفة غرفتها قبل أن يرحل يتمتم حزينا :
- مع السلامة يا زينب
________________
في شركة رعد في مكتبه الخاص
يجلس رعد على سطح مقعده خلف مكتبه ينظر لأوراق آخر صفقة أقتنصها من براثن شركة مهران رغما عن الجميع ، دُق باب غرفة مكتبه ودخل المساعد الخاص به وبجوزته ملف ، وضعه على المكتب أمامه يحادثه :
- رعد باشا دي كشوفات مرتبات الموظفين محتاجين بس امضتك عشان يتم صرفها
اومأ رعد برأسه فتح الملف وأمسك بقلمه ، ألتقط هاتفه يطلب رقم ما ، وضع الهاتف على أذنه وبدأ بتوقيع الأوراق ، يقرأها جيدا قبلا ، إلى أن أجاب من على الطرف الآخر ؛ ليتحدث رعد سريعا :
- ايوة يا دكتور حامد ، كل دا بتحضر الورق ، أنا عارف أنك مش عاوز تجيب ورق مضروب عشان ما يتكشفش في المحكمة بس أنت طولت أوي ، أنجزني بالله عليك وليك اللي تطلبه كله ، آه أنا عاوز القاضي
أول ما يشوف الورق يحكملي على طول ، تطلعه بقى متخلف مختل بياكل في المشباك مش فارقة معايا ، المهم إني أكسب قضية الحجر وهديك ضعف اللي متفقين عليه ، ماشي مستنيك سلام
أغلق معه الخط ووقع الورقة الأخيرة يعطيها لمساعده الذي بدا على وجهه الذهول والصدمة أثر ما سمع ، ابتسم رعد ساخرا يصرفه بإشارة من يده ، خرج المساعد سريعا من مكتب رعد توجه إلى مرحاض الموظفين تأكد أن لا أحد هناك ليغلق على نفسه الباب الرئيسي ، وقف جانبا يتحدث في الهاتف بصوت خفيض للغاية :
- ايوة يا نصار بيه ، رعد دلوقتي كان بيكلم دكتور اسمه حامد عشان يخلصله الورق اللي هيحطه مع القضية عشان يتحكمله في القضية ، دا عيل جاحد وقليل الأدب وزبالة ، لو تشوفوا وهو بيتكلم عن أبوه وأنه عايز يطلعه مجنون بأي شكل عشان ياخد مكانه ، حاجة ما عدتش على رباية والله ، ماشي يا نصار بيه لو عرفت أي حاجة تانية هبلغك بيها ، سلام
وأغلق معه الخط ، يخرج من المرحاض كأن شيئا لم يكن
أما في غرفة مكتب رعد ، اضجع رعد إلى ظهر مقعده يعبث في هاتفه ، حين وقعت عينيه على صورة طرب بصحبة ذلك الرجل الذي لم يره قبلا ، نظر لما كتبت أسفل الصورة ، ربما يكون أخاها وهو لا يدري مثلا ليجدها كتبت
« بصحبة الوسيم ، الشريك الجديد »
بالطبع كلمة الوسيم ليست اسما له بل هي صفته ، زوجته المصون تتغزل برجلٍ آخر سينتزع رقبتها ويرتاح نهائيا وبعدها سيطمس ملامح ذلك الوسيم ، نظر للصورة من جديد يُمعن النظر إلى ما ترتدي طرب ، لم تعجبه ثيابها ، لم تعجبه إطلاقا وذلك المخنث لما يقترب منها هكذا ، ولما لم يخبرها رجاله أن زوجته خرجت بصحبة رجل آخر ! ، قام غاضبا ألم تكن هي من ألقت عليه محاضرة في الأخلاق ليلة أمس والآن تخرج بصحبة رجل آخر وتنعته بالوسيم أيضا ، خرج من مكتبه غاضبا يتوجه إلى سيارته يقودها غاضبا مسرعا إلى حيث بيت كمال ، أوقف السيارة بعد نصف ساعة تقريبا قفز خارجها يتحرك إلى الداخل بخطى سريعة ؛ ليبصر ذلك المخنث يقف في منتصف الحديقة يحمل طفله الصغير يقذفه لأعلى والصغير يضحك سعيدا ، يبدو أن يونس الصغير يراه وسيما هو الآخر كما تفعل والدته ، تحرك إليهم غاضبا يأخذ الصبي من بين يديه يصرخ فيه:
- أنت مين ، وإزاي تلمس ابني وفين طرب هانم؟
بكى الصبي مذعورا بسبب صوت صراخ أبيه الغاضب ، في حين خرجت طرب تهرول من الداخل رأت رعد أمامها يقف أمام ظافر ويبدو في قمة غضبه ... تحركت بخطى واسعة إليهم تأخذ الصبي من بين يدي رعد تحادثه منفعلة :
- أنت اتجننت أنت بتعمل ايه هنا اصلا
ولتزيد غضبه أعطت الصغير لظافر ليميل برأسه على صدره ظافر يغمض عينيه يخرج منه شهقات خافتة بعد أن هدأ كثيرا ، فاشتاط رعد غضبا من نفسه ومن الصغير ومنها ، قبض على رسغ يدها يهزها يصرخ فيها :
- مين دا يا هانم ، وإزاي تتصوري معاه وهو مقرب منك كدة ، وايه القرف اللي كتباه دا ، هو أنتي فاكرة نفسك متجوزة تور
هنا أعطى ظافر الصبي لإحدى الخادمات لتدخل به إلى داخل البيت وتحرك يقف أمام رعد بينه وبين طرب ابتسم يتحدث ساخرا :
- سيب ايدها وخلينا نتكلم راجل لراجل
ضحك رعد ساخرا يُفلت رسغ يد طرب من يده فعادت تقف خلف ظافر وكأنها تحتمي به وتلك الحركة جعلت نيران غضبه تتأجج ، تحتمي بذلك الوغد منه !! صرخ فيها :
- أنتِ اتجننتي بتقفي وراه بتتحامي فيه مني
ابتلعت لعابها متوترة يبدو أن الوضع على وشك أن يخرج عن السيطرة وربما خرج ، كادت أن تقول شيئا حين أردف ظافر يستفزه بكل هدوء :
- ما هو طالما إنت شايف نفسك بلطجي وداخل تتهجم علينا بالمنظر دا ، يبقى من حقها تتحامى منك ، لما تزعق بالمنظر دا وأنت شايل طفل عمره شهور لدرجة أنه يتفزع ويعيط يبقى من حقها تتحامى منك ، وبعدين هو أنت مش خلاص هطلقها ماتطلقها وتحل عن سماها بقى
الوغد استطاع ببضع جُمل ان يجعله ينفجر قبض على تلابيب ثيابه يقربه منه يصرخ فيه:
- أطلقها دا لما تشوف حلمة ودنك أنت وهي
وتحرك إلى البيت يدخل من الباب المفتوح أخذ الطفل من الخادمة حمله يتحرك به صوب سيارته لتصرخ طرب مذعورة تركض خلفه :
- أنت رايح فين هات يونس ، هات ابني ، الحقووووني دا بيخطف الولد !!
______________
زين استفاق ، معلومة جعلته ينتفض يمسح الدموع التي غزت مقلتيه منذ الأمس ، وقف متلهفا يود الدخول لرؤية أخيه ، ولكن الطبيب خرج من غرفته يوجه حديثه لجاسر :
- دكتور جاسر باشمهندس زين عايز يشوفك لوحدك ، بس أرجوك ما تجهودش في الكلام لأنه لسه تعبان جدااا
اومأ جاسر برأسه يتحرك إلى غرفة زين ، بينما وقف عمار في حيرة من أمره ما الذي يريده زين من جاسر .
دخل جاسر إلى غرفة زين ؛ ليرى الأخير مسطح إلى الفراش يلتف شاش أبيض حول رأسه ، ارتسمت على شفتيه ابتسامة متعبة للغاية يطلب من جاسر أن يتقدم منه ، أقترب جاسر يتحدث يعتذر عما فعل :
- زين أنا بجد آسف على اللي حصل ، وصدقني اقسملك بالله أنا مستعد أروح دلوقتي حالا أبلغ عن
اللي عملته فيك في أقرب قسم ، أنا بجد مش متخيل أن أنا السبب في رقدتك دي
حرك زين رأسه للجانبين ليتأوه متألما يهمس بصوت خفيض :
- لا يا جاسر اوعى تعمل كدة ، أنا عارف إن اللي حصل دا كان من غير قصدك أنا بس ليا رجاء عندك ، أرجوك نفذهولي
حرك جاسر رأسه يوافق وهو شبه يعرف ما يريد زين تحديدا ، ابتلع زين لعابه يُكمل مجهدًا :
- أبعد عن عمار ، أنا عارف أنه غلط في حق أختك ، بس أنت ضربته بالرصاص وغيرك حاول يقتله ، دا كفاية أنك اتجوزت مليكة ، أنت مش عارف هو عايش في عذاب إزاي ، عمار بيتنفس حب مليكة ، أنا ما بقولكش كدة عشان تطلقها ،ولا أخرب ما بينكوا ، أنا قصدي أقولك أنك واخد حقك منه تالت ومتلت ، وهو مش هيرجع القاهرة تاني مش هتشوفه تاني ، أبعد عنه أبوس إيدكتنهد جاسر يشعر بالغضب الشديد لينفعل يحادث زين غاضبا :
- أخوك دا مؤذي ، لازم يتحط في مستشفي المجانين بدل ما يأذي ناس تانية مالهمش ذنب
طرفت عيني زين الدموع رافضا ما يسمع خرج صوته منفعلا ضعيفا للغاية :
- أنا ما ببررلش ليه غلطه ، بس أقسملك هو مش هيعمل كدة تاني ، هو كان مجبور على كدة ، أنت ما شوفتش اللي هو شافه ، عمار شاف العذاب ألوان ، أنا سرقت المفكرة بتاعته مرة من وراه ، وقريت إللى خلاني بتنفض من الوجع من مجرد التخيل ، أقولك أبسط حاجة في اللي حصله ، عمار كان بيترمي يجري فريسة ووراه كلب مسعور وهو طفل عنده 8 سنين يا دكتور ، في الوقت اللي كنت بتروح فيه المدرسة مع زمايلك في الباص هو كان بيجري حافي عريان ووراه كلب مسعور ، أنا مش هقولك حاجة من اللي شافها تاني ، كل اللي أنا عاوزه منك ، أرجوك أبعد عنه
______
خلص الفصل
أنت تقرأ
أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالث
Mistério / Suspenseبريئة اوقعها القدر بين براثن شيطان لا يرحم ، حاول ايذائها فتأذي هو