للقلب سلطان آخر
الجزء الثالث
من
أسيرة الشيطان
الفصل الثالث والاربعون
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤¤
حين استيقظت بين أحضانه كان الليل قد أسدل أستاره بالفعل ، نظرت إليه لتراه يبتسم يطيل النظر لوجهها ، ارتسمت ابتسامة حزينة شاحبة على شفتيها تنهدت بقوة انتصفت جالسة تلملم خصلات شعرها نظرت إليه تسأله قلقة :
- هو يونس فين يا رعد ؟
قام من الفراش وتوجه لخارج الغرفة عاد بعد لحظات وهو يحمل الصغير النائم أعطاه لها وجلس أمامها ، أخذت الصغير بين أحضانها وعانقته تتذكر جملة والدتها ، فابتسمت
شعرت بيد رعد يمسح على رأسها برفق يقول فجاءة :
- أنا قررت أغير اسمي ، أنا ما بحبش اسم رعد دا ، الله يسامحها عمتي هي اللي اختارته وعشان بابا وماما بيحبوها أوي ما رضيوش يزعلوها
توسعت حدقتيها تحرك رأسها للجانبين رافضة مد يدها تمسك بكف يده تحادثه سريعا :
- لا يا رعد ، عشان خاطري ما تعملش كدة أنا بحب اسمك
ابتسم لها تنهد يحرك رأسها موافقا :
- حاضر عشان خاطرك بس ، قومي يلا عشان نرجع البيت أنا قايلهم من بدري أننا راجعين النهاردة يا حبيبي ، هاتي عم يونس على ما تغيري هدومك
وأخذ الصغير من بين أحضانها وتركها وخرج من الغرفة يغلق الباب عليها ، قامت من الفراش تنظر حولها تعلقت عينيها بصورة كبيرة تضم والديها وهي وملاك حين كانا صغار ، توجهت إليها وقفت على المقعد وأنزلتها ، أغمضت عينيها تحتضنهم جميعا ، لم يعد لها سوى ملاك ولن تجعلها تضيع من بين يديها أبدا ، تحركت تبدل ثيابها أخذت الإطار الكبير الذي يحتوي على الصورة وخرجت من الغرفة قطب رعد جبينه حين رأى ما تحمل ولكنه لم يعقب ، ظل ينظر إليها وهو يبتسم ، اقترب منها يعطيها الصغير أخذ الإطار من بين يديها وضعه على الأريكة الخلفية وجلست هي بالأمام جواره تحمل الصغير بين أحضانها تشم رائحة غريبة مألوفة لا تعرف مصدرها ، جلس جوارها وأول ما فعله أنه مال بجسده إلى الأريكة الخلفية والتقط منها حقيبة صغيرة الحجم وضعها على قدميها ، نظرت له مدهوشة تتمتم :
- جبت كبدة ؟
ضحك يحرك رأسه لأعلى وأسفل يُكمل :
- وسجق
ابتسمت تشكره فتحت الحقيبة في يدها تخرج منها إحدى الارغفة قربته لفمها تأكله ، مد يونس الصغير يده يحاول الوصول لما تأكل والدته يصرخ معترضا على ما يحدث ، ضحك رعد يردف :
- واضح أنه هيطلع بيحب أكل الشارع زي أمه
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها تومأ برأسها ، ألتقطت زجاجة الحليب حاولت أن تطعم الصغير ولكنه رفض ودفعها بعيدا وشب بيده من جديد صوب ما في والدته يحاول الوصول إليه بشتى الطرق الممكنة فما كان من طرب إلا أنها وضعت ما في يدها في الحقيبة وأعطتها له تقول :
- خد بسرعة شبطان ومش راضي خالص ياخد اللبن
ضحك رعد يعيد الحقيبة للخلف شب يونس يحاول الوقوف على قدمي والدته أمسكت طرب به أما هو فبدأ يشير بيديه ، حركت رأسها تتمتم يائسة :
- هيطلع عنيد أوي
ضحك رعد يومأ برأسه بعد مدة وقفت السيارة أمام منزل جاسر مهران في الحديقة ، نزلت طرب من السيارة تنظر للمكان حولها لم تأتي لهنا منذ عام ونصف تقريبا ، فُتح الباب ورأت والدة رعد تهرول إليهم ، تحركت إليها أولا تعانقها بكل حنان أغمضت عينيها تشعر بالسكينة ، رفعت رؤى يدها تمسح على رأسها برفق تحادثها :
- أخيرا رجعتي بيتك يا بنتي ، وحشتيني أوي يا طرب ، اعملي حسابك ما فيش مشيان من هنا تاني خالص
ابتعدت طرب عنها تبتسم في وجهها تومأ برأسها ، نظرت رؤى إلى الصغير يدق قلبها فرحا لرؤياه ، تلمع عينيها حين لاحظت طرب نظرات رؤى ، اقتربت منها تعطيها الصغير تحادثها مبتسمة :
- مش عاوز تروح لتيتا يا يونس
ابتسمت رؤى سعيدة تأخذ الصغير منها أدمعت عينيها فرحا حين بات بين أحضانها ، نظرت لطرب غص صوتها من بكائها السعيد تردف :
- ربنا يخليهولكوا يا بنتي ، صدقيني دا فرحة البيت كله ، تعالوا يلا إحنا كلنا مستنيكوا على العشا
تحركت رؤى تسبقها ، اقترب رعد منها يلق ذراعه حول كتفيها يتحرك بها للداخل يتحدث ضاحكا :
- شوفتي أمي ولا كأنها تعرفني ، خدتك أنتي ويونس بالحضن وأنا لقيط واقف
ضحكت ،حين دخلا للمنزل هرولت ملاك من مكانها ترتمي بين أحضانها تعانقها بكت بين أحضانها فبدأت طرب تهدئها :
- وحشتيني يا ملاك ، خلاص يا حبيبتي بطلي عياط عشان خاطري
رفعت وجهها لشقيقتها ، مدت طرب يدها تمسح الدموع عن وجه ملاك برفق :
- خلاص بقى يا ملاك لو بتحبيني بطلي عياط ، وبعدين أنتي امتحاناتك بدأت ولا لسه
حركت رأسها للجانبين وجهت نظرة خاطفة صوب يوسف قبل أن تحرك رأسها للجانبين تتمتم :
- هتبدأ قريب ، وأنا أوعدك أني هجيب تقدير كويس
ابتسمت طرب سعيدة تتنفس الصعداء اعتقدت للحظة أن شقيقتها ستخبرها أنه لن تذهب للامتحانات من الأساس ، انتبهت على صوت باب يُفتح ، رأت باب مكتب جاسر والد رعد يُفتح وخرج جاسر لهم ، ابتسم ما أن رآهم ، أما رعد فتركها وتوجه إلى أبيه عانقه بكل قوة
ورأت جاسر يبتسم سعيدا يربت على ظهره يتحدث :
- نورت بيتك ياض ، اوعى خليني أسلم على طرب
تنحى رعد جانبا وتحرك جاسر وقف أمام طرب يبتسم لها ، ترقرقت الدموع في عينيها اقتربت منه تعانقه انفجرت في البكاء بين ذراعيه ربت جاسر على رأسها برفق يواسيها :
- ربنا يرحمها ويغفرلها يا حبيبتي ، نورتي بيتك من تاني والمرة دي ما فيش خروج أبدا ، الواد دا لو فكر بس يضايقك تقولي لي وأنا انفخه
خرجت ضحكة صغيرة من بين دموعها تومأ برأسها ، رفعت يديها تمسح الدموع عن وجهها في حين تحدث رعد يعترض عما يحدث:
- أيوة ايوة ماما تاخدها بالحضن وأنت تقولها أنفخه يعني أنا ابن مين دلوجت
ومن ثم نظر لطرب يغمزها بطرف عينيه يردف ضاحكا :
- شوفتي حفظت قفشات أفلام اهو
حين توجهوا إلى طاولة الطعام ، وضعت رؤى الصغير على قدميها وبدأت تطعمه بعض الأرز ، توسعت حدقتي طرب تتمتم مذعورة :
- لا يا ماما ما بياكلش
نظرت رؤى إليها تسألها :
- هو عنده كام شهر
توترت طرب تنظر لصغيرها الذي يبدو مستمعا بطعم الأرز تتمتم :
- 6 شهور وكام يوم
أكملت رؤى ما تفعل تعاتبها :
- وأنا أقول الواد خاسس كدة ليه ، 6 شهور يا طرب ولسه ما دخلوش أكل بصي شكله جعان إزاي اللبن لوحده ما بقاش لا هيشبعه ولا هيغذيه وخصوصا أنه بيرضع صناعي ، ما تخافيش يا بنتي أنا مش هضره
اومأت طرب متوترة ، تنظر لصغيرها الذي يبدو أنه أحب جدته كثيرا لأنها تطعمه
___________
فتحت عينيها فجاءة تشهق بعنف نظرت للمكان حولها لتكتشف أنها في غرفتها في الكوخ الذي يحتجزها فيه المختل زوجها ، لحظة واثنتين وثلاثة وبدأت تتذكر ما حدث صباحا ، توسعت حدقتيها فزعا ، بسطت يديها على بطنها كادت أن تهب من فراشها حين رأته يدخل إلى الغرفة يحمل صينية طعام وكوب عصير ، ما أن رأته هبت واقفة دفعت ما في يده بعنف ليسقط أرضا قبضت على ثيابه تصرخ فيه :
- عملت في ابني ايييييه ، موته مش كدة، قتلت ابني ، بقى مشوه بسببك وأنت بإيدك اللي قتلته يا مريض
نظر جاسر متضايقا للفوضى التي أحدثتها ، زفر أنفاسه يبتعد عنها نزل أرضا يلملم بقايا الطعام وأجزاء الأطباق المكسورة يضعها على سطح الصينية ، أما هي فصرخت فيه بعلو صوتها :
- رد عليا ، رد عليا يا حيوان ، عملت إيه في إبني ، خدرتني وعملت فيا ايه وأنا مش في وعي
رفع وجهه إليها لعدة لحظات قبل أن يعود لما كان يفعل كادت أن تصرخ فيه حين تحدث هو بهدوء :
- مليكة أنتِ عارفة أن أنا بكره الزعيق ولو مش عاوز أقولك حاجة مش هتعرفيها لو زعقتي ل100 سنة لقدام ، فبطلي زعيق أحسن
وقفت مكانها تنظر إليه حاقدة لا تعرف إن باتت تكرهه أم أنها حزينة للغاية مما فعل ، انتهى من تنظيف الفوضى التي حدثت وغاب عن الغرفة عدة دقائق حين عاد كان يحمل في يده طبق به عدة شطائر وكوب عصير ، وضعه على الطاولة يتحدث بهدوء :
- بقالي ساعة بحضرلك في العشا بس أنتِ قلبتيه على بعضه ، كلي السندوتشات واشربي العصير ، تصبحي على خير
والتفت ليغادر هكذا ببساطة ، فقط خطوتين وشعرت بالخوف الشديد من أن يكن قد قتل الطفل ، ارتعش صوتها تهمس باسمه :
- جاسر ، أرجوك
ألتفت لها ليرى عينيها تملأها الدموع وجسدها يرتعش بعنف ، تنهدت بعنف اقترب منها خطوة وأخرى نظر لوجهها مشتاقا يدق قلبه بقوة تنهدت يتحدث يطمأنها :
- أنتِ حامل يا مليكة الجنين ما حصلوش حاجة ، كل اللي حصل أننا عملنا كل الفحوصات اللي قال عليها الدكتور ولسه النتيجة هتطلع بعد كام يوم
ابتسمت في بادئ الأمر تضع يدها على بطنها تربت عليه برفق ، قبل أن تتسع عينيها قلقا حين أكمل ما يقول ابتلعت لعابها تسأله خائفة :
- جاسر لو طلع في حاجة إحنا مش هنسقط الجنين صح ؟
زفر أنفاسه يشعر بالاختناق يعتصر روحه من مجرد التفكير في الأمر ، أمسك بكف يدها يجذبها برفق لتجلس جواره على حافة الفراش تنهد يحادثها :
-طب أنتِ هتكوني سعيدة يا مليكة ، لما تخلفي طفل مشوه بسبب أبوه ، هتتعذبي وهو هيتعذب وأنا هعيش عمري كله بذنبه ، ليه نجيب طفل صغير يتعذب ، هيلومنا لما يكبر يا مليكة ، هيقول انتوا اللي جبتوني الدنيا ، وبعدين ما تفترضيش السيء ، بنسبة كبيرة الطفل هيبقى سليم
انهمرت الدموع من عينيها حركت رأسها لأعلى وأسفل حاولت أن تجمع رابطة جأشها تحادثه بحرقة :
- لو الفحوصات أثبتت أن الطفل مشوه يا جاسر ، أنا موافقة أنك تجهضه بس بعدها هنتطلق ودا قرار نهائي ومش هرجع فيه لو خطفتني وروحت آخر العالم عشان أنا عمري ما هسامحك على أنك السبب في اللي حصل للطفل ، إنما لو الطفل كان سليم ساعتها هتبقى فرصة تانية لحياتنا
انقبض قلبه يشعر به يتنفض بعنف ، ابتلع غصته يومأ برأسه موافقا ، مد يده نحوها ودون كلام جذبها إلى أحضانه يعانقها بكل ذرة به تشعر بالألم علها تستكين ، أغمض عينيه بالكاد خرج صوته :
- حاضر يا مليكة ، أوعدك هنفذ اللي قولتي عليه
شعر بالدموع تنزل من خلف جفنيه المغلقين ، إلى أن بدأ صوت بكائه يعلو رغما عنه دون إرادته ، توسعت حدقتيها ذهولا حين سمعت صوته وهو يبكي بتلك الحرقة أرادت أن تبتعد عنه لتراه و لكنه رفض وبشدة ظل يعانقها يشدد عليها بين أحضانه شعرت بالشفقة عليه أما هو فبدأ يتحدث بألم شديد :
- أنا ما كنتش عاوز كل دا يحصل ، أنا غلطت سيبت فكرة الانتقام تعمي قلبي وعقلي ، بس فوقت ، فوقت قبل ما أضرك أو كنت فاكر كدة ، أنا بحبك والله يا مليكة ، إنتِ البت الوحيدة اللي حبها قلبي ، فاكرة أنه سهل عليا إني أعرف أن ممكن الجنين يبقى مشوه بسببي ، فاكرة إني ممكن أعيش حياتي بعد كدة طبيعي بعد ما يجضهوا إبني ، أنا آسف وياريت في أيدي حاجة تانية غير آسف يا مليكة ، بس أنا واثق في كرم ربنا ، أنا ساعدت ناس كتير اوي لوجه الله ، وربنا مش هيسيبنا يا مليكة ، الجنين هيبقى كويس أنا واثق من دا
شعرت بالشفقة ودق قلبها ألما على حاله، رفعت يديها تعانقه تمسح على رأسه برفق تهمس تطمأنه :
- هيبقى كويس يا جاسر إن شاء الله هيبقى كويس
_____________
رحل عريس مرام وأشقائه الشاب لطيف للغاية ويبدو أنه يحب مرام وهي أيضا تحبه ، غريب ما حدث مرام كانت تحب شريف ولكن علاقتهم تداعت حد الانهيار والآن عرفت أن شريف تزوج ، وها هي مرام وقعت في الحب كما لم تفعل من قبل ، نظرت لانعكاس صورتها في المرآة تحب شكلها بالفستان كثيرا ، مرام أهدته لها كما وضعت لها زينة وجهها وكأنها هي عروس الليلة ، مرام تغيرت كثيرا
لم ترد أن تخلع الفستان كل عدة دقائق تتوجه إلى المرآة تقف أمامها تلتف حول نفسها تبتسم سعيدة قبل أن تعود إلى مكتبها تُكمل مذاكرتها ، بسطت يدها أسفل ذقنها وارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيها تنهدت حين تذكرت نظرة جواد لها حين رآها ، كيف لمعت عيناه ، ألقت القلم من يدها وقررت أن تقم من مكانها نزلت إلى الحديقة تحمل كتاب في يدها ، نزلت لأسفل جلست أسفل شجرة كبيرة تُمسك رواية صاحب الظل الطويل بين يديها أستعارتها من مرام والاخيرة لم ترفض ، فتحت الرواية تقرأ غافلة عينيه التي سُحرت برؤياها ودقات قلبه التي أعلنت عليه حرب العشق ، لم يستطع سوى أن ينزل إلى أسفل هو الآخر تحرك إليها ، حين أقترب شعرت به فرفعت رأسها أحمر وجهها وابتسمت خجلة حين رأته ، نزل يجلس على ركبيته أمامها ينظر إليها مشتاقا ، تنحنح يسألها :
- إيه اللي مصحيكِ لحد دلوقتي ؟
رفعت كتفيها لأعلى قليلا اخفضت أنظارها تهمس متوترة :
- أبدا مش جايلي نوم ، فقولت أنزل أقرأ شوية ، الرواية دي حلوة واخدها من مرام
اعتدل في جلسته يربع ساقيه أمامه أخذ الكتاب من يدها نظر لعنوانه ولم يهتم و لكنه عاد ينظر إليها يتحدث سريعا :
- لو بتحبي الكُتب ولا الروايات ، تعالي نروح انا وأنتِ وأجبلك كل الكتب اللي أنتِ حباها
ابتسمت تومأ برأسها تشكره :
- بعد الامتحانات
تنهد يحرك رأسه موافقا ظل يجلس أمامه ينظر إليها دون ملل أما هي فكانت تنظر أرضا متوترة خجلة للغاية ، مد يده أسفل ذقنها يرفع وجهها لتنظر إليه برفق تنهد بعمق حين تلاقت مقلتيها بعينيه قبل أن يهمس :
-تعرفي أنك جميلة أوي ، مش عشان الفستان خالص أنتِ أي حاجة بتلبسيها بتكوني فيها جميلة ، بس أنا النهاردة أول مرة أشوف إبتسامة حلوة زيك على وشك
توترت بشدة ولكنها ابتسمت أثر كلماته اللطيفة ، وتوترت أكثر حين رأته يقترب منها ولكنها لم ترفض لم تبتعد عنه وإنما أغمضت عينيها ولكن جواد لم يفعل ما كانت تظن ، إنما فقط طبع قبلة صغيرة على جبينها وهمس جوار أذنيها :
- تصبحي على خير ، نامي كويس
فتحت عينيها سريعا رأته يبتسم في وجهها قبل أن يقم من مكانه يتحرك للداخل
_______________
جاء الصباح ، قام من فراشه يفرك عينيه متعبا والده منذ الصباح الباكر وهو يحاول إيقاظه لسبب لا يفهمه ، قام واغتسل وبدل ثيابه حين خرج رأى حلم زوجة أبيه تضع الفطور أمامهم على الطاولة ابتسمت في وجهه تردف :
- صباح الخير يا عمار اقعد يا ابني افطر ، معلش عصام بيحب يصحى بدري مش عارفة مكدرك معاه بدري ليه كدة
ضحك عاصم يربت على كتف عمار يوجه حديثه لحلم :
- عايزه في مشوار يا ستي ، يلا يا عمار كُل عشان ننزل
تناول الإفطار سريعا وهو يفكر شاردًا ، إلى أن شعر بيد أبيه تنبهه نظر إليه يبتسم متوترا
انتهيا من الطعام وتحرك خلف أبيه إلى سيارته يتأفف متضايقا خفية ، ما الشيء الهام الذي لأجله أضطر للاستيقاظ في السابعة ، طال الطريق وكلما اقتربا من غايتهم توتر عمار أكثر
ما أن توقفت السيارة في حديقة المستشفى توتر ، نظر لأبيه يسأله :
- بابا هو إحنا هنا ليه ؟
ابتسم عاصم يربت على كتفه قبل أن يخرج من السيارة :
- جاي أقابل واحد صاحبي ليا عنده خدمة ، مش هتأخر
وتركه وغادر ، تنهد متوترا يبدو أن والده لا يعلم أنه كان يعمل هنا قبلا لا يعلم أنه من هنا استدرج أريج شقيقة جاسر ، نزل من السيارة يلحق به :
- يا بابا استنى أرجوك اسمعني
صوته المميز لفت انتباهها وكيف تنسى صوت ، لفت رأسها إلى حيث الصوت لتتسع حدقتيها تشهق بعنف ، ها هو الوغد الذي دمرها أمام عينيها ، شعرت بالخوف والغضب والقهر ، قامت من مكانها تحمل المقعد التي تجلس عليه تتحرك ناحيته بخطى سريعة ، انتبه عمار يشعر بمن يقترب منه وحين لف رأسه صرخ حين هبطت بالمقعد على رأسه بكل قوتها ، تعثر وسقط أرضا يضع يده على رأسه يصرخ من الألم أما هي فكانت تنظر للوغد الذي آذاها تشعر بغضب لا مثيل له ، صرخت تركله بحذائها في وجهه ومعدته وقدميه ، سقط عمار أرضا لم يحاول الصراخ مرة أخرى حين علم من تكون ، لم يحاول الدفاع عن نفسه ، يجب أن تأخذ بثأرها هو من آذاها وعليه أن يدفع ثمن ذلك ، ولكن من حوله تجمع وحاولوا إبعاد أريچ ولكن أريچ كانت غاضبة لدرجة كبيرة كانت تدفع كل من يقترب منها ،إلى أن خرج عاصم ومعه ياسر حين أخبرت أحد الممرضات ياسر أن ابنته تضرب رجل بالخارج ، اندفع ياسر يركض بقوة وخلفه عاصم ، حين رأى عاصم أن ولده هو من يُضرب ركض إليه يحتضنه يغمغم مذعورًا :
- عمار أنت كويس ؟
ومن ثم نظر لأريچ يصرخ فيا :
- أنتِ إزاي تعملي كدة ....
أوقفه عمار حين أمسك بذراعه بيده الملطخة بالدماء يهمس له بصوت ضعيف جدا:
- أنا آذيتها ، آذيتها أوي بأمر من نصار ، ما تلومهاش هي بس كانت بتاخد حقها ، وصدقني حقها أكبر من كدا بكتير
توتر عاصم حين سمع ما قال عمار ينقل أنظاره بينه وبين الفتاة التي ترتجف بين أحضان أبيها يسأله متوترا بصوت خفيض :
- أكون تكون اعتديت عليها يا عمار
حرك عمار رأسه للجانبين ، هنا تحدث ياسر مصعوقا :
- إيه يا أريج اللي أنتي عملتيه دا ، وإزاي تعملي كدة
لم ترد عليه نظرت إلى عمار تراه ضعيفا غارقا في الدماء ، تشعر بالانتصار على كابوس مرعب ظل يؤرقها طويلا ، تركت أبيها وتحركت سريعًا صوب غرفة مكتب أبيها ، أما ياسر فقطب جبينه يُمعن النظر لوجه عمار يوجه حديثه لعاصم :
- ابنك إزاي ، دا دكتور عمار كان شغال هنا من فترة طويلة وفجاءة ساب المستشفى ، على العموم دلوقتي لازم يتنقل طوارئ بسرعة وأنا هروح أشوف اللي هببته أريچ هانم
حمل الممرضين عمار إلى غرفة الطوارئ وتحرك عاصم خلفهم سريعا ، أما ياسر فتحرك إلى مكتبه
هناك كانت تقف أريچ ترتجف تبكي ، تمسك هاتفها ويديها تنتفض بعنف تحادث شقيقها تشهق في البكاء بعنف :
- عمار يا جاسر ، عمار جه المستشفى ، بس أنا خدت حقي منه وضربته ، ضربته جامد أوي
تنهد جاسر متوترا يشعر بضغط شديد على أعصابه حاول أن يهدأها يقول مترفقا بحالها :
- أريچ ممكن تهدي وتسمعيني ، عمار ضحية هو كمان ، هعرفك التفاصيل كلها لما أجي ، هو كمان كان متهدد عشان يأذيكِ ، صدقيني الواد دا حالته تصعب على الكافر ، أنا ما بلومكيش أنتِ كان لازم تاخدي حقك ، أنا لما أرجع هفهمك كل حاجة ، لو بابا سألك قوليله أنه كان اتحرش بيكِ قبل ما يمشي من المستشفى
أنهت المكالمة مع شقيقها ترتجف بعنف تنهمر الدموع من عينيها بحرقة أغمضت عينيها وحاولت أن تتذكر مشهد بشع مما فعله ولكن جاسر عمل جيدا على إقصاء تلك المشاهد بعيدا حتى لا تستطيع تذكر تفاصيلها كل ما تتذكره صورة مشوشة للغاية ، انتفضت وفتحت عينيها على صوت الباب يُفتح ورأت أبيها ومعه سما ، اقترب والدها منه انفعل يصرخ في وجهها :
- أنتِ إزاي تعملي كدة يا أريچ ، كنتي هتموتي الراجل ؟ ممكن أفهم هو عملك ايه عشان تعملي كدة
انتفضت أريچ تختبئ بين أحضان سما التي بادرت تقول تهدئ أبيهم :
- بابا ممكن تهدا ، أكيد حصل حاجة كبيرة
تمسكت أريچ بأحضان شقيقتها حركت رأسها ابتلعت لعابها تحاول أن تقول ما قاله جاسر أن تقوله :
- هو يا بابا ، كان بيتحرش بيا وبيقولي كلام وحش أوي وأنا هددته إني هقولك قبل ما يسيب المستشفى ولما شوفته كنت عايزة أخد حقي منه ، أنا الأول كنت جبانة وما قدرتش أخد حقي إنما دلوقتي لاء ، عشان كدة ضربته
هدأ غضب ياسر كثيرا ، تنفس بعمق يومأ برأسه مسح وجهه بكف يده يتحدث :
- كنتي قوليلي يا أريچ ، كنتي قوليلي من أول مرة وأنا كنت ولعت فيه ، بس خلاص أنا مش متضايق منك ، هو الكلب دا يستاهل ومش هيرجع المستشفى واضح أن أبوه ما كنش يعرف أصلا أنه كان شغال هنا
خرج ياسر من الغرفة وظلت أريچ بين أحضان شقيقتها تحاول أن تهدأها :
- خلاص يا حبيبتي اهدي وبطلي عياط ، أنتي جدعة بجد ، خدتي حقك منه ، مرت عدة دقائق حاولت أريچ فيها أن تهدأ قليلا إلى أن دُق الباب وتلك المرة دخل سامر وهو يلهث بقوة ، أخبره جاسر بأن عليه أن يكن بالقرب من أريچ الآن ، وأن أريچ رأت عمار ، ولا يفهم كيف ولكنه أخبره أن ذلك العمار الوغد ضحية لاقت أضعاف مما يتخيل ، وألا يقوم بإيذائه بأي شكل كان ، وأنه سيشرح له كل شيء حين يعود ، اقترب سامر من أريچ لترتمي بين أحضانه تجهش في البكاء ، مسح سامر على رأسها برفق يهمس يطمأنها :
- اهدي يا أريچ ، اهدي يا حبيبتي ، كل حاجة هتبقى كويسة
ابتسمت سما قبل أن تقول تمازحهم علها تخفف حدة ما يحدث :
- ايوة يا عم أحضن براحتك ما إنت خلاص كاتب الكتاب ، أنا هروح أشوف خطيبي فين
وخرجت من الغرفة وتركتهم ، أمسك سامر بيدي أريج لتجلس أمامه على أحد المقاعد ، احتضن كفيها بين يديه يبتسم سعيدا يتحدث متفاخرا بها :
- جاسر كلمني وقالي اللي حصل ، قبل ما أجي عندك روحت أشوفه ، ايه الجمدان دا ضربيته ضرب وشه مش باين ، جدعة يا أريچ خدتي حقك منه ، جاسر بيقولي أنه مظلوم وضحية ، أنا مش عارف إزاي بس أكيد أخوكي عنده معلومات تانية ولازم هعرفها منه ، المهم أنتِ ما تعيطيش أبدا ، في عروسة فرحها خلاص أهو تعيط ، أنتي مش متخيلة أنا فخور بيكي إزاي
مد يديه يمسح الدموع عن وجهها برفق ، ارتسمت ابتسامة صغيرة ترتعش على شفتيها تومأ برأسها ، قام سامر يمد يده لها يجذبها لتقف تحدث سريعا :
- يلا يا روچا عندنا حاجات كتير لازم تخلص قبل الفرح
_____________
هناك عند عاصم وعمار ، خرج الطبيب من غرفة عمار يوجه حديثه لعاصم :
-الحمد لله رضوض وكدمات ، هو بس جرح رأسه اللي احتاج أربع غرز ، وهيحتاج راحة كام يوم وهيبقى أحسن ، أنا كتبتله المسكنات اللازمة ، اتفضل
أخذ عاصم الورقة من الطبيب يشكره ، تنهد يمسح وجهه بكف يده ، رأى ياسر يقترب منه وقف أمامه وتحدث بنبرة جافة :
- بص يا باشمهندس عاصم ، أنا ما أعرفش هو ابنك ازاي ومش حابب أعرف ، كل اللي عايزك تعرفه أن ابنك اتحرش ببنتي قبل كدة ، ولو ما كنتش تعرف أبنك كان شغال هنا دكتور من اكتر من سنة وساب الشغل فجاءة ودلوقتي أنا عرفت هو ليه ساب الشغل ابنك كان بيتحرش ببنتي وهي خافت تقولي ولما شافته كانت عاوزة تاخد حقها ، أنا آسف أنت عارف غلاوتك عندي ، بس ابنك ما ينفعش يشتغل هنا تاني عن إذنك
وتركه ياسر وغادر ، أغمض عاصم عينيه يمسح وجهه بكف يده دخل للغرفة فرأى عمار ممدد على الفراش يلتف شاش حول رأسه عينه اليسرى متورمة وكدمة قوية في فكه ، تنهد يجلس جواره على حافة الفراش يخفي وجهه بين كفيه أراد قول الكثير ولكنه لم يعرف ما يقول ، فابتسم عمار وقال :
- ما تشيلش نفسك الذنب يا بابا ، بالعكس أنا مبسوط أنها خدت حقها ، كنت شايل ذنبها ، يلا يا بابا نقوم نروح
قام عاصم يسند عمار ليقف تحرك عمار وهو يستند على أبيه للخارج رأى على مرمى بصره أريچ بعيدا بصحبة شاب ما يفتح لها باب السيارة يضحك سعيدا وهي تبتسم له ، تحرك بخطى بطيئة بصحبة أبيه إلى سيارته ما أن تحرك عاصم بالسيارة ألتفت عمار له يقول فجاءة :
- بابا أنا عاوز أخطب رقية !!
هنا توقف عاصم بالسيارة فجاءة التفت إليه مدهوشا ضحك رغما عنه يقول :
- يعني لازم تضرب عشان تقول عاوز أخطب ، جيت في جمل أخطبهالك دلوقتي ، بس اشمعنى دلوقتي
شردت عيني عمار قبل أن يتنهد بقوة يلف رأسه إلى أبيه يردف :
- رقية مرت بتجربة صعبة وعاشت بها حياة مش سعيدة ، فأنا عايز أعوضها عن التجربة دي ، عايز أحس أن أنا عملت حاجة كويسة ، مش بقولك أن أنا بكرها أنا معجب بيها بس مش لدرجة الحب ، الحب ممكن يجي بعدين ، عشان كدة أنا بطلب من حضرتك تخطبلي رقية
_______________
فتحت عينيها صباحا ولم ترد مغادرة الفراش لسبب ما ،السيدة صفاء والدة محمود منذ عودتها وهي تلازمها ليل نهار لا تذهب لشقة ولدها والغريب في الأمر أنها لا تأتي بسيرة محمود أبدا ، وهي لا تعرف ما بها ولكن ذلك الطفل الصغير ابن أبيه على ما يبدو فهي مؤخرا تشتاق لمحمود بشكل سخيف ، تشتاق لرؤياه لرائحته لعناقه ، نفضت تلك الأفكار السخيفة من رأسها ونفضت الغطاء عنها وقامت تتحرك للخارج قبل أن تصل لصالة البيت أغمضت عينيها حين ضربها رائحة عطره فجاءة ، تحركت تدخل للصالة هنا توسعت حدقتيها حين رأته يقف أمامها في صالة البيت يحمل باقة أزهار كبيرة وجواره على الطاولة كعكة صغيرة ، اقترب منها خطوة وأخرى وابتسم وقال :
- كل سنة وأنتي طيبة ، أنا مش هقدر أعيش ولا يوم كمان من غيرك يا فاطمة ، أنا عارف أننا كل ما نقرب حاجة تحصل وتبعدنا ، بس المرة دي لو انفجر بركان في النص بينا هتحرق فيه ومش هبعد عنك ، ممكن تديني آخر فرصة ، فرصة أخيرة مش طالب غيرها ، ومش هقبل الرفض أنا بحبك من وأنتي عندك 16 سنة ، لما كنتي لسه حتة عيلة مفعوصة كدة فلو سمحتي سامحيني
ضحكت بخفة على طريقته الظريفة وهو ينهي حديثه ، تخصرت تسأله متهكمة :
- ولو ما سمحتكش هتعمل إيه
ابتسم هو الآخر توجه صوب الطاولة ألتقط السكين الكبير جوار الكعكة يضعها على عنقه :
- هموت نفسي ، وابقى شهيد الحب العنيد أنا تعبت بقى ومش مستعد أكمل يوم كمان من غيرك
توسعت حدقتيها فزعا مما يفعل المجنون هدرت سريعا :
- نزل السكينة يا محمود بطل جنان
حرك رأسه للجانبين رافضا ، رأته يقرب نصل السكين من رقبته أكثر لتصرخ مذعورة:
- خلاص مسمحاك والله العظيم مسمحاك ، نزل السكينة بقى
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيه يرمي السكين من يده تحرك إليها يفتح ذراعيه على اتساعهما يعانقها بكل قوته ، واشتمت رائحته وباتت بين أحضانه كل ما كان يرغب فيه الصغير حدث ، شعرت به يركلها بقوة ، ويبدو أنه شعر هو الآخر بحركته ابتعد عنها قليلا ينظر إليها سعيدا يتحدث :
- أنا حسيت بيه والله ، استني
نزل على ركبيته أرضا يضع أذنه على بطنها المنتفخ يحادث صغيره :
-الو سامعني ، يا أنس الدنيا عندك تمام جوا مش محتاج أي حاجة ، لو تمام رد عليا
شعر بركلة الصغير فضحك يقول :
- طب تمام طمنتي عليك ، بطل خبط بقى عشان ماما ما تتعبش يا حيوان
___________
الفصل الجاي عندنا 3 أفراح وخطوبتين مرة واحدة
أنت تقرأ
أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالث
Gizem / Gerilimبريئة اوقعها القدر بين براثن شيطان لا يرحم ، حاول ايذائها فتأذي هو